كلاب مسعورة في حديقة السبعين بصنعاء
بسم الله الرحمن الرحيم خنازير برية في حديقة السبعين أو عندما تكون شحاتاً بثياب عسكرية يوم الأحد، 17 كانون الثاني، 2010 كنت في حديقة السبعين جالساً في أمان الله مع عائلة على كرسيين منفصلين تحت إحدى المظلات المقابلة للبقالة الموجودة في الحديقة. لم نكن متعانقين تحت شجرة, ولا متحاضنين خلف بعض الشجيرات المتقاربة. أيضاً لم نكن موشكين على الدخول أو الخروج معاً من إحدى الحمامات العامة. لم نكن مختليين في خيمة. لم تتلامس يدانا حتى. بل كنا في كرسيينا تفصل واحدنا عن الاّخر مسافة تصل إلى حوالي المتر. وبينما كنا نتحدث إذ بي أسمع صوت خنزير الحديقة لابس الميري الأصفر المميز: "يا وليد.." ألتفت للخلف لأرى هذا الوضيع يؤشر لي بالمجيئ. أ أنا يؤشر لي عسكري!! يبدو أنني سأتعود على هذا في المتنسفات الخانقة بهذا البلد. "يا الله مخرجك" قلت لنفسي. هززت رأسي بالرفض. فأنا أعرف مسبقاً ما يريد, فلم يمضي شهر على تشريفي له بإجابته في موقف مشابه اّنذاك. لم يعجبه رفضي, فأتاني نابحاً: "المرة الأولة شفتك مع واحدة حامل." طبعاً بعد فاصل مختصر من الردح بسبب هزة رأسي. "الكلب مسعور اليوم." قلتها لنفسي. وصل وأنا أناول العائلة نوتتها الصغيرة التي كانت بيدي. فأسقطها أرضاً وداس عليها جاهلاً بمحتواها. طبعاً فالعسكري بليدٌ كما صدق الزبيري ذات حين. إرتفع زعيقه. كنت قد علقت: "لا, محمول مش حامل!" الاّن حول الحامل إلى صغيرة: "شفتك مع واحدة صغيرة قبل أسبوع." أيكونون قد شرعوا قانوناً بإلتزام الخروج مع أحجام معينة غير قابلة للتبديل؟ "مو دخل أمه؟" قالت لي نفسي, فهي أكثر سوريالية في إختيار مفرداتها. كذبته, وبدأ يستخدم يديه في دفعي ومحاولة إستفزازي بأنكر الأصوات_ خذوهم بالصوت. أ جربتم الحوار مع ماشية؟ يلبس بدلة صفراء كبذلات الصاعقة_ لا زلت لا أميز بين الأزياء العسكرية في هذه الإمبراطورية, ولكني أفهم إنه لا دخل للابس الصفراء بمراقبة سلوكيات رواد الحدائق (علمت فيما بعد إنه, وفق ما يرتديه, يتبع ما يسمى بهيئة أمن المنشاّت.) طلبت ما يثبت هويته وعمله فإزداد نعيقاً. إحدى الكلاب المسعورة, كان بمرافقته, تدخل بإستخدام إشارة اليد التي تعني فلوس. أهااا.. والقات غالي هذي اليومين. رفعت سبابتي اليمنى إلى السماء. "على الله."قلت. لا أدري لمَ لم أقل "الله كريم." عندها بدأ الخنزير وكلبه بدفعي ولكمي على كتفي "طالباً" مني الخروج من الحديقة. أ"يأمرني" هذا اللاشيئ بالخروج بعد أن "تبلى" علي بحامل وصغيرة!! "مانش خارج" قلتها وأنا أحاول دفع الأيدي النجسة التي أمتدت إلى كتفي. فإزدادت هذه اللاأشياء ضراوة, ودفعت العائلة, التي حاولت تهدئة الأمور بمطالبتي بالخروج, موقعةً أياها أرضاً. قمت بأخذ العائلة لنخرج من الحديقة, وألتفتُ للبهائم أقول لها: "شرجع.". ولكن ما كدنا نبعد بمقدار خطوات حتى صاحت العائلة "أوبه!" فإستدرت لأفاجأ بلكمة شديدة تنقض على كتفي من الحشرة الصفراء, ثم ب"هجوم مزدوج" من حثالات الجبن والخسة أوقعني أرضا" على ركبتي التي إنجرحت (لليوم الثاني وأنا أسجد في صلاتي على رجل واحدة.) بعد دقائق من هجوم "الأشاوس", والذي تمكنت من عدم جعله مظفراً, وصلت مجموعة من رواد الحديقة ليقولو لل"فندم" (أو فان دام) خلاص, ويقولوا لي إمش. "الفندام المغوار", والذي لم ينل بغيته, أخذ يصيح من خلال بالوعته بالسباب والشتائم المستخدمة, وفق أرجح ظنوني, في وصفه وأسرته وقريباته (أذكر طرفةً تقول إن شخصاً ظرط في حضرة جحا, فأخذ يضرب الأرض بنعله. فما كان من جحا إلأ أن قال: "إذا أخفيت الصوت, فماذا تفعل بالرائحة.) لم أتمكن من كبح جماح غيظي حينها, فصحت بأعلى صوتي: "شحات. يشتي خمسمية قرش (أو ريال. لا أتذكر تماماً)." ثم, قبل أن أتوجه للخروج: "شحااااااااااات. شحات. شحات." و بينما نمشي خروجاً لاحظت أن بنطلوني والبيجامة قد تمزقا من الركبة (يصل ثمنهما مجتمعين إلى حوالي ربع قيمة لابس الصفراء هذا, أو, إن قيمناها من زاوية أخرى, قبلية ربما, يصبح ثمنهما بسعره حوالي مئة مرة أو بقيمة مئة من أمثاله.) قررنا أن نسلك طريقنا لنقدم شكوى عند من قد يكون مسئولاً متواجداً في البوابة. وبينما نحن ماشيان نرى عصابة الذئاب نازلة من جرافة أقلتهم وقد أصبحوا ثلاثة. ومستغلين عدم تواجد أي من الرواد في ذلك الجزء من الحديقة, هاجمنا قطيع الذئاب الثلاثي باللكم والدفع من الكتف صائحة بعواء الشتائم والسباب والتهديد بالترحيل إلى خلف الشمس إن فكرت مجرد التفكير بالعودة للحديقة. حاولوا إبتزازي وتهديدي ولفظت بلاليعهم أقذع الصفات في حقي وحق العائلة التي حاولوا إبقائي بعيداً عنها حيث حاولوا إنتزاع حقيبتها اليدوية عنوة. وعندموا أيقنت الحشرات القميئة بأني لن أقوم بحك جيبي, وفشل محولاتهم للوصول إلى أكثر من ورقة من ذوات المئتين والخمسين (جذبتها عندما صارت بيد الثالث لابس المدني وقطعت ماوقع في يدي منها), عند ذلك قال العسكري إمشي معانا الإدارة وعنوريك شغلك هاناك أنت وال"...." يا برغلي يا "....." ونوريك كيف تقل لي شحات. أجبت بأني كنت في طريقي إلى هناك. أعتقدت إما إنهم يريدون إبتزازي لأدفع لهم حتى لا يدخلوني "الإدارة", أو ليثنوني عن الذهاب للإدارة لأني سأكون متهماً بخلع صفة محسنة عليهم. وأبت عليهم عقلياتهم النتنة إلا سب الأصل والمنبت. ولكن هذا السخيف صغير العقل أخذ يلعن وكلابه شرعب وأهلها بما ينطبق عليه هو وأهله على ما أعتقد. وكل ذلك عدم تفريق عقله القاصر بين كلمتي "شرعب وحوشب". (قبلها بأكثر من شهر حاول القيام بإبتزازي بسؤالي بطاقتي, ثم عن لقبي لأنه غير مكتوب فيها, فقلت له "الحوشبي". يومها لم أخلص منه إلا بعد عشر دقائق مع أني أخبرته أن من أمشي بجواره هي زوجتي, فأخذ يقول إنه يشبه علي باّخر يشتغل في مطعم كذا وإنه يراه كل مرة مع "واحدة" مختلفة.) أخذت العصابة الثلاثية بعدها تدفعني معها بإتجاه بوابة الخروج, ولم تسمح لي بالكلام مع العائلة. وبينما نحن هكذا ما بين شد وجذب وصلت سيارة مزدحمة بركابها, فإندفع الكلب الأصفر نحوها بعد أن أخذت أقاوم أكثر للإفلات مع محاولتهم جعلي أمشي بهدوء. أخذ يخاطب شخصاً يبدو عليه الشيب والإحترام يركب في الكرسي الأوسط, ويقول له: "يا دكتور فلان (محمد, على ما أعتقد) هذا يقول إنو ،حنا شحاتين". كانت السيارة قد توقفت, فنزل منها الدكتور, وأخذنا إلى جانب من الطريق وهو يقول: "خير. تعالوا.." فيعود لابس الميري لفسقه: "هذا أشوفه كل مرة مع واحدة." كان قد توجه بهذا الكلام للعائلة قبل ظهور السيارة, كمن لا يريد أن يخرج خالي الوفاظ ولو بالـ"تحريش فيما بيننا. وما إن شرعت بالحديث إلى "الدكتور" حتى "نبت" شخص منفوخ الوجه, بالكاد يصل بطوله إلى جزء محدد من جسدي, وشرع بالنباح: "إخرج. إخرج يللا!" أستفزني فكدت أقول له: "إيش دخلك أنت؟!", ولكني "تذكرت" العائلة وأن ماقد حدث يكفي. هززت رأسي بإستخاف ومضيت. في طريقنا للخروج ناداني من خلفي بعض رواد الحديقة: "كنت تدفع له ألف قرش وتسكه نفسك الأذوة", "هذا كان يشتي له حق القات اليوم ويروح." أجبت بأنني لست على خطأ, وماناش دافع فلس, وبيننا القسم لو مانفعتش إدارة الحديقة. قالوا: "روح لك خلاص. هذولا كلهم عسكر محد شقوم على الثاني, وعيرجعوك أنت الغلطان." في البوابة سألنا عن المسئول هنا, فقالوا راح يتغدى. "روح العائلة وإرجع إشتكي." ولم أجد لدى الثلاثة المتواجدين في البوابة المقابلة لنفق السيلرات رقم مسئولهم, فقررنا الذهاب حتى وقت اّخر. وبما أن دوامي يأخذ كل يومي, فلم أعد إلى الحديقة منذ ذلك اليوم. بخلاف هاتين المحاولتين الإبتزازيتين لهذا القميئ, كانت المحاولة الأولى من طرف أحد حراس الحديقة. كنت والعائلة جالسين تحت المظلة الأخرى المواجهة للبقالة, أكثر مكان إنكشافاً فيها, وعلى كرسيين كعادتنا. ذهبت لأرى مايبغيه ذاك الحارس. اسمك, بطاقتك, من إين أنت, إيش تقرب لك... يللا الإدارة. "إيش من إدارة بهذي الجهة اللي تشتيني أمشي معك منها؟! الإدارة هناك مش هنا!" وعندما وجد إنه "ما منيش", أخذ يتكلم بصراحة: "أحسن لك صاحبني. عتحتاجني. هات لنا حق القات.." يا إلهي كم أحتقرته ساعتها! كان يحترم سنه على الأقل. قلت له لو أنا غلطان إعمل ما بدا لك, لكن لو تشتي تتشطر روح لعند ال"جالسين" تحت الشجيرات والمتحاضنين على الكراسي. أصبح يحلو لي إصطناع الضحك ووضع ساق على ساق كلما مر بنا في أي مكان ذاك اليوم. لم أزر الحدائق كثيراً خلال العام الماضي, وكانت أغلب زياراتي لحديقة الثورة بصحبة كتاب أو مجلة أقرأها تحت شجرة. وزياراتي الخمس لحديقة السبعين تعرضت في ثلاث منها للإبتزاز والإعتداء الجسدي. العسكري الشحات يستخم زيه لإبتزاز الناس, وخاصة من لا يلاحظون أن الكراسي حواليهم أصبحت شاغرة, ما يجعلهم لقمة سائغة تسيل لعاب هؤلاء البلاطجة. فلا شهود ولا منقذون من هذه الوحوش التي أستغلت تدريباتها العسكرية للإعتداء "الفني" على ضحاياها في الرؤوس والأعناق والظهور والأكتاف, مستعينة بالـ"إنقضاض" المفاجئ والغدر المتأصل في لاثقافة بيئاتها الهمجية النتنة. فكيف يأمل الإنسان في هذه البلاد العيش بمأمن من حماتها ناهيك عن لصوصها إن كان قد إجتمع الإثنان في واحد؟ كل هذه الوحشية والهمجية لا تفسح مجالاً إلأ للأساليب البدائية والإحتماء بالأصل والمنطقة والإستعانة بالقبيلة, سؤاءً لأنتزاع حق أو لدفع ظلم والأخذ بالثأر. فهل من صحوة وإنصاف قبل أن لا رجوع؟ أنا بهذا لن أكف عن الذهاب إلى حديقة السبعين, ويكفي أن إدارة الحديقة قد أخذت علماً بما جرى, وستكون مسئولة عمَ قد يحصل فيها من إبتزاز أو إيذاء من أي كلاب مسعورة قد تتواجد فيها, وتتحمل تبعات ذلك أياً كان. أما الإدعاء الكاذب بالحرص على "الأخلاق" العامة في الحديقة, فيكذبه واقع الحال فيما يحدث تحت الشجيرات وخلف الأشجار وداخل الخيام "الممنوعة". أتحدث فقط عن ما رأته عيناك, وأتجاوز عن ما سمعته عن ما يجري في حمامات الحديقة من أناس جازمين. |
الساعة الآن 08:50 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir