جوهرة الطرب بدوي زبير
احمد يسلم خميس زبير الملقب << بدوي>> من مواليد شبام ــ حضرموت عام 1950 م وترتيبه الخامس من بين اخوانه العشره .
له 4 ابناء 3 من الذكور هم صالح وخالد وطارق وبنت .
درس الابتدائيه والمتوسطه بشبام .
عمل موظفا بعد الدراسه بالقطاع الحكومي في شركة المياه ، ثم ادارة البريد في شبام لينتقل بعدها موظفا بوزارة الثقافه فنان متفرغ حتى وفاته في 18/11/2000 م .
بدأت ميوله الفنيه أثناء الدراسه ليظهر تفوقا في الانشطه والمشاركات التي تنظمها المدرسه الى جانب نبوغه واجتهاده كما يصفه اساتذته في التحصيل والمواظبه .
تعلم العزف اولا على الشبابه << المدراف>> فالآلات الأخرى كالعود ، الكمان ، الايقاعات ، وبالمران والممارسه الدائمه صقل نفسه بنفسه مستأنسا بآراء كل من عبدالله عمر باعبيد اطال الله بعمره وهو عازف عود متمكن من شبام وبالمرحوم عمر خمور والمرحمو عوض باجيده <خال الفقيد> وعازف عود واول من اهدى بدوي عودا ،،، وفي ضاحية شبام ــ السحيل الشرقي ــ كان بدوي يخلو بنفسه في منزلين <بنقلتين> ـ جمع بنقله ـ خاليتين بين اشجار النخيل ولأوقات طويله بين جنباتها مكتشفا ذاته الفنيه ، وفي السنوات الخمسه عشره الاخيره يخلد ليستلهم الألحان والشعر ويغني بموقع بين جروب النخيل <سقيفه> منزل طيني متواضع أثر في حياته الفنيه واكتسبه ثراءا فنيا كبيرا .
اواخر 1971 م تأسست فرقه موسيقيه على مستوى مركز شبام وموقعها احدى البناقل وبعد سنوات انتقلت الى مجمع الدوائر الحكوميه ــ مدرسة 26 سبتمبر حاليا ــ وبدوي من ابرز مؤسسيها ومعه بعض الشخصيات الفنيه منهم المرحوم حداد بن حسن الكاف <بوعاشور> عازف عود وكمان ومغن ايضا ، عاشور مبارك <ايقاع وناي > ، وفضل احمد الحبشي <كمان> ، وصالح عمر الحداد <ايقاع> والشاعر محمد عمر بن طالب ،، ورافقه هؤلاء فتره طويله لأحياء الحفلات الفنيه بشبام وساهموا في تدريب اعداد لابأس بها من المواهب الشابه .
اول ظهور لبدوي في حفل فني امام الجمهور مغنيا وعازفا كان بشبام بحفلة زواج 1972 م .
عضوا بأتحاد الموسيقيين والفنانين اليمنيين عند التأسيس 1972 م بالمحافظه الخامسه ـ سابقا ـ <حضرموت> فرع المديريه الشماليه ــ سيؤن حاليا ــ وعضوا بجمعية فناني حضرموت للموسيقى والتراث الغنائي ومقرها المكلا ومن اوائل المنتسبين اليها عند تأسيسها عام 1996 م .
ذاع صيته من البدايه في مختلف مناطق المحافظه ودعي للمشاركات في المناسبات الوطنيه بمدن المحافظه واحياء حفلات الزواج ومن اوائل العازفين معه آنذاك من سيؤن <كمانات وعود> على سبيل الذكر هم علي السقاف <بنقاله> ،عبدالله الهادي ، حسن طالب العامري ، احمد باجبير ، عبدالمولى يسر <قانون> ومن الايقاعات عرفان باجردانه ، عبد كرامه حنشي ، سعيد بن سويد ، وفي تريم ابوبكر مهدي الكاف ، صالح عبد القادر الكاف ، وسالم حسان <كمانات> علي باحشوان <ايقاعي> ومن القطن حسن بامطرف <كمان> والمرحوم عوض باسيف وعوض عبود باحشوان وسالم سعيد الهجري .
اول مشاركه جماهيريه له بساحل حضرموت بمدينة المكلا كانت مع افتتاح جسر المكلا عام 1973 م واول تسجيلات له لأستوديوهات الساحل عموما كانت عام 1973م بمنزل المرحوم حسن بن طالب .
اوئل العازفين معه من المكلا آنذاك وبقوا متواصلين معه ابرزهم من الكمانات سعيد سالم باشريف ، زين احمد عبدن، عمر عبدالرحمن العيدروس ، سالم سعيد بن همام ، احمد صالح مولى الدويله، ومن الايقاعات المرحوم سعيد عبيد نسيم <الفن> وعوض دويل وضارب الدف سالم الدخن ، وفي الثمان سنوات الاخيره رافقه ايضا عازف الناي حسن عبدالله سواد في كافة حفلاته الفنيه بحضرموت وحتى وفاته .
ومن محافظة حضرموت الى مختلف المحافظات اليمنيه شارك بدوي في الاحتفالات الرسميه التي تقام آنذاك بين السنتين الاخيره من السبعينات ومنتصف الثمانينات في مهرجانات الاغنيه بعدن مع عازفين من الفرقه الموسيقيه التابعه لفرع الثقافه بسيؤن والفلاقه الموسيقيه بالمكلا وشارك في حفلات وجلسات غنائيه بالعاصمه صنعاء .
آخر مشاركه على المستوى الوطني في مهرجان الاغنيه الحضرميه بالمكلا قدم في الافتتاح اغنيه من اشعاره وتم تكريمه في اختتام المهرجان بشهاده تقديريه عام 2000م .
وصلت شهرته الى الخارج واصبح له جمهور في دول الجزيره والخليج وتداول المغتربين في السعوديه والامارات اغانيه بواسطة الكاسيتات واشرطة الفيديو وانهالت عليه بعدئذ الدعوان لأحياء حفلات الطرب في كل من الكويت والمملكه العربيه السعوديه التي سافر اليها اول مره عام 1985م وظل مترددا عليها بدعوات من المغتربين واول زياره له للامارت العربيه المتحده في اكتوبر 1987م ودعي اليها مرات آخرها عام 2000م كما مثل اليمن في احتفالات ومناسبات وطنيه في الجماهيريه الليبيه واثيوبيا عام 1982م .
وغنى بدول اجنبيه وتلقى دعوات الى فرنسا وبريطانيا ، وآخر مشاركه له كانت في الولايات المتحد الامريكيه لمده تزيد عن اسبوع بدعوه من المعهد الموسيقي العالمي في مارس 2000م.
غنى الفنان بدوي زبير لشعراء الدان الاوائل وشعراء الغناء التراثي في بداياته امثال الشاعر الكبير الفقيد حسين ابوبكر المحضار الذي ارتبط بعلاقه متميزه معه واستمر يغني قصائد المحضار حتى وفاته وفي بداياته ايضا ومابعدها غنى ايضا للشعراء عبدالقادر الكاف ، محفوظ باحشوان ، محمد عمر بن طالب وآخرون .
له تسجيلات عديده في مختلف استوديوهات الوطن وفي اذاعة صتعاء والبرنامج الاول والقناه الفضائيه اليمنيه واذاعة عدن البرنامج الثاني والقناه الثانيه <عدن> وتحتفظ المكتبه الاذاعيه بكل من اذاعتي المكلا وسيؤن المحليه بأغان عديده له واجرت معه بعض الصحف المحليه لقاءات قبل وفاته وبمجلة الفنون عام1985م وبصحيفة الايام عام 1992م وبمجلة معين عام 1999م وغيرها ، واعدت اذاعة عدن برنامجا خاصا عنه بعد وفاته بأيام اعده الكاتب شكيب عوض وكذلك اذاعة سيؤن ، كما ان له تسجيلات في البلدان العربيه والاجنبيه التي زارها كما سجل له التلفزيزن الالماني في فبراير 1992م 3اغاني كما استضافته اذاعة مونت كارلو اثناء زيارته لأمريكا واستضافته منتديات ثقافيه محليه كمنتدى الخيصه ومنتدى سيؤن .
وللفقيد مميزات اخرى ومهارات ابداعيه متنوعه اذ اشتهر بعلاقات اجتماعيه انسانيه لو عددناها تفصيلا لاحتجنا لمطبوعا آخر . فكثير من الوقائع تحكي عنه احياء حفلات فنيه للأعراس بدون اجر كأعانه ومساعده والى جانب مشاركته في الافراح والاتراح كخدمه يقدمها لأصدقائه واهل منطقته بدون مقابل . كما انه لطيف المعشر ومرح ويميل للمواساه والعطف على من يستحقون . كما انه ايضا شاعر وملحن مبدع ، ايضا لايشق له غبار في مجال النقش والزخارف على الخشب ومتقنا لفن الزربادي وكون فرقه خاصه به ظلت حتى وفاته .
لقد تعددت انشطة هذا البدوي ــ كما اسلفنا ــ في الغناء والعزف على آلة العود والكمان والنفخ على المدراف <الناي المحلي> والنقر والضرب على الآلات الايقاعيه المختلفه . وتعدى ذلك الى الازميل والخشب ليبدع وحدات زخرفيه نباتيه وهندسيه وغيرها كشبابيك المنازل والابواب والدواليب الجداريه ، ليس هذا فحسب بل تجاوز ذلك الى مهارات ادق وارق كصناعة آلة الطرب فيكفيه فخرا ان يصنع القنبوس <العود القديم> ويعزف عليه .
لقد عاد بنا هذا العبقري الى اصول الاغنيه الحضرميه بألوانها المختلفه الطربيه ، الشرحيه والوان الصوت والوان السماع الشعبي والصوفي ، واجاد رحمه الله كل الوان الغناء اليمني ، فأذا كان لايبارى في اداء الاغنيه الحضرميه ، فهو كذلك ايضا في الاغنيه الصنعانيه واليافعيه واللحجيه والعدنيه وتعداها احيانا الى الاغنيه المصريه وبعض البلاد العربيه ، واذا كان كثير ممن سبقه من الفنانين الحضارمه قد اجادوا صناعتهم ولانستطيع في مقامنا هذا ان نبخسهم ما استحقوه منا ، فأننا نستطيع القول اننا شاهدنا وسمعنا وتذوقنا الفن من مغنيه . وتأكدنا من فرادته ومميزاته ومواهبه . فكان في مقدورنا القول انه نسيج وحده ، خذ مثلا لقد سمعنا كثيرا من الاغنيات التي نقلت اصلا من مجالس الصوفيه ومن شعرائها كهذه الاغاني.......
يامن فتنت به يااحسن الناس لأبي منصور الحلاج.
مملكتموا عقلي وطرفي ومسمعي لأبي النوث التلمساني .
مرضي من مريضة الاجفاني لأبن عربي .
غيري على السلوان قادر لعمر بن الغارفن .
عيني لغير جمالكم لاتنظر لعبد الغني النابلسي .
وغيرها .
فأننا متأكدون من انها تؤدى لدى ارباب الطرق الصوفيه بغير ما يؤديها اهل المغنى والطرب ، لكننا وجدنا الفنان بدوي زبير يأخذ من معين الشعر الصوفي الوان ويقدمها بنفس اللحن والادى عند ارباب الطرق الصوفيه هنا في حضرموت ثم يفرضها على الطرب وما ذلك الا لحسه الفني وجراءته ، فجاء عمله ابدع مما كان متوقعا ومنها ما يحضرني الآن مثل ..............
قال الفتى الحبشي شجاني صوت الطرب .
ياخو عمر حس وقت الأنس سبر يطيب .
باتقرع الباب والمولى عليه العطيه .
اخشى على مهجتي في العشق لاتتلف .
قد قسم الله مقاصيدنا .
وغيرها .واذا كان هناك من غنى مثل هذه القصائد الغنائيه الصوفيه وسجلها على اشرطه كاسيت فأنه قد اتبع الفنان الراحل بدوي والفضل للمتقدم .
لقد لاحظ الشاعر الملحن حسين ابوبكر المحضار ما يتمته به الفنان بدوي من امكانيات وقدرات قد لاتوجد مجتمعه في غيره ، فأرتبط به ارتباطا فنيا وشكلا ثنائيا رائعا على الصعيد المحلي خاصه في الفتره الاخيره من عمريهما ولو اعطى الاعلام في بلادنا فرصه كامله للفنان بدوي وهو يصدح بأغاني المحضار وغير المحضار لما تطاول احد بعده على سرقة اغانينا ولما ادعى بعضهم بنسبة تلك الاغاني اليه .ففي احدى زياراته للملكه العربيه السعوديه وكان المحضار حينها هناك قدم الشاعر للفنان بعض من اغنيات لكننا نذكر هذه على وجه الخصوص ، قال المحضار
ايش اخبار لي من عندهم جيت يابدوي
عاد اصواتهم في الحيد موجب زمن تدوي
لي ليالي ولي ايام ونا ماسمعت الصوت
كل شي يقتبل الافراقش يابلادي حضرموت
عاد حد قال<طاب الانس في دار بو علوي>
عاد شي عندهم من لي يسلي ولي يدوي
من لحون الاغاني تسلي على المكبوت
كل شي يقتبل الافراقش يابلادي حضرموت
ورغم ان لهذه الاغنيه ابعاد اخرى فأننا نلاحظ ان المحضار هنا سأل عن اخبار الفن عند الخبير به .
رحم الله الفنان بدوي الذي لن ننساه ابدا فقد كان كل منا يشعر عندما يستمع اليه وهو يؤدي اللون الحضرمي وكأنه في مكانه يغنيه وحده فقط دون غيره ، بتلك النكهه الفريده التي تعبق بالتاريخ والاصاله والتراث المميز للأغنيه الحضرميه.