المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ماذا جرى في اليمن ولها؟!!


يماني وشامخ كياني
10-03-2014, 04:36 PM
ماذا جرى في اليمن ولها؟!!


خبر للانباء - جمال شيبان*:


http://khabaragency.net/system/uploads/news/10-02-14-6153981.jpg




ارتأيت أن أتريث قبل تناولي للشأن اليمني خصوصاً ما يتعلق بالأحداث الأخيرة والمتعلقة بتصدر الحوثيون (أنصار الله) للمشهد بعد قيام حكومة الوفاق الوطني (المشكلة من كافة القوى بعد اتفاق التسوية السياسية في 2011) بدق آخر مسمار في نعشها من خلال رفع أسعار المشتقات النفطية أو كما تزينه بــ "تحرير أسعار المشتقات النفطية" أما الشعب المطحون فكان له تسمية أخرى فرضها على أرض الواقع وهي "الجرعة" في إشارة إلى تجرعه المُر بسبب هذا القرار الذي وصفته الحكومة بالضروري لإنقاذ الاقتصاد والبلد من الإفلاس، وبالتالي ذهب اليمنيون بقيادة الحوثيون إلى الموجة الثانية من العبث المسمى "ثورة"، والتي ابتليت به البلدان العربية منذ 2011 تحت مسمى الربيع العربي بدلاً من "الفوضى الخلاقة" التي كانت هي المُسمى الحقيقي لما يُخطط للقيام به في الوطن العربي بهدف تمزيقه وتشتيته لصالح إسرائيل في المنطقة ونهب خيراته لصالح الدول الكبرى وهو ما تم بالضبط من بداية الأحداث في 2011، وإن كان هناك بعض الأخطاء والقصور قامت بها الأنظمة التي حكمت هذه البلدان وهي الثغرة التي نفذت منها هذه الفوضى..

رئيس التحرير وأنا.!!

رغم إلحاح الأخ رئيس تحرير وكالة أنباء الصحافة العربية والإفريقية الأستاذ أيمن عبدالمجيد عليّ بإرسال أخبار أو تقارير عن ما يحدث وكان عنده كل الحق لأن اليمن قفزت إلى صدارة الأحداث وعادت لتصدر المشهد الإعلامي إلى أني أقنعته بالتريث، كون المشهد متداخل وقد فضلنا الانتظار إلى النهاية
كونها ستكون غير متوقعة، وهنا لا يفوتني أن أقدم له شكري وتقديري على تقبل الفكرة.

ماذا يحدث في اليمن؟!!

كانت فكرتي أن الأحداث في اليمن هي ليست بالضبط ما تنقله شاشات الفضائيات سواء تلك التي تصنع وتختلق الحدث أو التي تتظاهر بالمهنية وكل له حساباته وضغوطات مموليه حتى أن أحد أشهر هذه الفضائيات كانت تسمي آلاف من الشعب اليمني "بالمتمردين" وإلحاقهم بالحوثيين وهو توصيف سيء ومخل جداً بالمصداقية والمهنية "الممتهنة منذ أحداث 2011" كما أنه ظالم للأول وداعم للثاني وربما كانت اللعبة هنا..!!
كانت نظرتي للأحداث من زاوية أن اللاعبون كُثُر في هذا البلد الطيب الذي خرج بأفضل النتائج من دمار الربيع العربي (قبل ثورة 30 يونيو في مصر)
من خلال تسوية سياسية انتصرت لليمن واليمنيين من خلال إبعاد شبح الاقتتال والحرب الأهلية أو النموذج السوري والليبي..

ثورة اليمنيين إلى أين؟!!

وأنا هنا لست بصدد إعادة توصيف ما حدث في 2011 وإن كان ما يحدث حالياً هو من تداعياته، ولمن يرغب في الإلمام بالمشهد اليمني منذ ذاك فقد كتبت تحليلاً عن ذلك للقسم العربي في صحيفة الأهرام أثناء دراستي في معهد الأهرام الإقليمي للصحافة بعنوان: "ألهمتها ثورة الياسمين وأشعلت جذوتها ثورة الــ 25- ثورة اليمنيين إلى أين؟!!" قدمت فيه تحليلاً عن ما حدث في اليمن وخلصت إلى سيناريو خروج اليمن بتسوية سياسية (المبادرة الخليجية) قبل موافقة الأطراف
عليها وتوقيعها في نوفمبر 2011. وقد نشرته عدد من المواقع الاليكترونية.
وهنا سأقتصر في تحليلي على الأحداث الأخيرة أي من بعد رفع أسعار المشتقات النفطية وهي السبب المباشر لما حدث وإن كانت كما وصفها
المناوئين للحوثيين بأنها كلمة حق يراد بها باطل إلا أن السياسة لا تعترف بهذا التوصيف وتفضل "الغاية تبرر الوسيلة" على ذلك.

شرارة الثورة!!

رفعت الحكومة أسعار المشتقات النفطية أثناء إجازة عيد الفطر بما يُقارب 60% من السعر الحالي وقد اختارت التوقيت بعناية فمعظم اليمنيون يقضون هذا النوع من الإجازات في الأرياف نتيجة لطبيعة المجتمع اليمني (أكثر من 70% قبلي) وبهذا ضمنت عدم وجود ردة فعل قوية، وعندما خرج البعض للتعبير عن سخطهم قوبلوا بردة فعل قوية وتم قمعهم وفض تظاهراتهم على قلتها بالقوة المفرطة، حتى يكونوا عبرة للبقية، وقد قامت الحكومة قبل رفع الأسعار بتعمد إخفاء المشتقات النفطية واعتماد سياسة الطوابير الطويلة لفترة تجاوزت 5 أشهر واتهمت من خرجوا للتظاهر في حينها بأنهم يخططون لانقلاب عسكري وراحت أبواقها تنشر سيناريوهات الانقلاب الذي خطط له النظام السابق وعلى إثره قامت بإغلاق قناة "اليمن اليوم" التابعة لحزب الرئيس السابق ورئيس الجمهورية الحالي
(عبدربه منصور هادي- الرئيس الحالي- هو النائب الأول لرئيس المؤتمر الشعبي العام وأمين عام الحزب)..

فرصة ذهبية!!

تلقف الحوثيون هذه الفرصة التي كانوا ينتظرونها للتوسع والاقتراب أكثر من عاصمة القرار بعد أن تم تجاهلهم منذ أحداث 2011 الذين كانوا شركاء فيها حيث غدر بهم شركاؤهم (الإخوان المسلمين) واستولوا على كل شيء في البلد رغم أن المبادرة الخليجية نصت على التقاسم فقد احتكروا (المناصب والقرار السياسي والاقتصادي والعسكري) باختصار تم تسليمهم البلد شأنهم شان الإخوان في بلدان الربيع العربي، رغم أن الحوثيون هم الفصيل الوحيد في ما سُمي بثورة 2011 الذي رفض المبادرة الخليجية ولم يوقع عليها (حتى اللحظة) ولا يزال أتباعه حتى هذه اللحظة متواجدون في ساحة الاعتصام منذ ذاك ولم يبارحوها رغم أن الجميع غادروها
بعد التوقيع على التسوية التي ضمنت لهم تقاسم الحكومة مع النظام السابق إلا أنه جرى تهميش الحوثيين والشباب وبقية الفصائل.

الإخوة الأعداء!!

اتفق الحوثيون (الشيعة) مع الإصلاحيين (الإخوان المسلمين) على إسقاط نظام علي عبدالله صالح رغم الاختلاف الأيديولوجي والعداء الكبير بينهما فالأول يتهم الثاني بالتآمر عليه في الحروب الست التي شُنت عليه بين 2004- 2010م من خلال قيادات الأخوان العسكرية التي كانت مخترقة للنظام السابق ودفعته لشن هذه الحروب العبثية التي راح ضحيتها آلاف من اليمنيين من الطرفين (الحوثيين والجيش) وعلى رأس هذه القيادات اللواء علي محسن الأحمر- قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية- قائد الفرقة الأولى مدرع الذي كان كما قال في مقابلة له بعد أن أعلن انشقاقه وتأييده للثورة "كنت الرجل الأول في النظام السابق" وبالفعل كان له تأثير كبير
في معظم القرارات، وكان هذه الانشقاق إيذاناً بخروج جماعي للإخوان من النظام وتأييدهم للثورة حسب توصيفهم
(وزراء- سفراء- قادة عسكريون- مسئولون من مختلف الدرجات عسكرية ومدنية).
وما أن وصل الإخوان إلى السلطة حتى قاموا بإقصاء وتهميش الكل وإحلال منتسبيهم في الوزارات والمصالح التي سيطروا عليها
وباستخدام قرارات رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء في البقية الباقية، وكل ذلك كان يتم تحت تهديد "الثورة" والعودة إلى الميادين في حال الرفض

حروب عبثية!!

استولى الحوثيون على كميات كبيرة من الأسلحة بعد سقوط محافظة صعدة في أيديهم عام 2011 كما أنهم استولوا على أسلحة أثناء الحروب الستة ومنها أسلحة من القوات السعودية التي قامت بمهاجمة الحوثيين حيث كبدوا الجيش السعودي خسائر كبيرة في المعدات والأرواح (صعدة هي مسقط رأس الحوثيين وتقع في شمال الشمال لليمن على الحدود الجنوبية للسعودية)، كما تقول المصادر الرسمية أن إيران تمد الحوثيين بالمال والسلاح والتدريب وقد صرح بذلك رئيس الجمهورية في أكثر من لقاء ومقابلة حيث طالب إيران بعدم التدخل في الشؤون الداخلية لليمن ودعم الحركات المتمردة فيها (تدعم إيران أيضاً بعض فصائل الحراك الجنوبي التي تطالب بالانفصال) بدورهم استولى الإخوان على كميات كبيرة من أسلحة الدولة بعد مهاجمة المعسكرات أثناء أحداث2011 تحت مبرر الثورة وحمايتها، وقد استخدموا نفس المصطلح الذي تبنته قناة الجزيرة في معظم بلدان الربيع العربي (قوات صالح- قوات القذافي - قوات الأسد) كما أُطلقوا على قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة
وهي قوات النخبة في الجيش اليمني بـ " الحرس العائلي " كون قائدها هو ابن الرئيس السابق وبالتالي تم مهاجمتها.
وقد دخل الحوثيون والإخوان المسلمين في العديد من الحروب العبثية في عدد من المحافظات ومنها (حجة وعمران والجوف وبعض المناطق في محافظات أخرى) بغرض التوسع والسيطرة، وقد تمكن الإخوان من خلال سيطرتهم على القرار من جعل الجيش يقاتل إلى جانبهم بدعم من القائد علي محسن الأحمر مستشار الرئيس هادي لشئون الدفاع والأمن كما ضخوا إلى الجيش والشرطة الآلاف من إتباعهم وأنصارهم كمكافأة لهم على تأييد ثورتهم في 2011، وكان ذلك أحد أسباب
عجز الموازنة الذي اضطرت معه الحكومة إلى رفع أسعار المشتقات النفطية بالإضافة إلى الفساد
الذي تجاوز حدود ما كان موجوداً في عهد النظام السابق.

رياح المعارك تخذل سفن الإخوان!!

خسر الإخوان في كل معاركهم الحربية ضد الحوثيين تقريباً، كما خسروا الرديف الشعبي وشركاء الثورة بعد أن أقصوا الجميع واستفردوا بالقرار حسب كثيرون، وقد أداروا البلد بشكل سيء للغاية قضوا من خلال ذلك على آمال اليمنيين في التغيير وتحسين مستوى المعيشة ومكافحة الفساد وهي الوعود التي قطعوها على أنفسهم ووعدوا الشعب بها عام 2011، كما خسروا الدعم الدولي بعد أن تلقوا أقوى ضربة لهم في مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013 والتي برأي العديد من المراقبين لم تقصم ظهر الإخوان في مصر فحسب ولكن على مستوى بلدان العالم ومنها اليمن، وبهذا انقلب السحر على الساحر وتحول الدعم الدولي لهم منذ 2011 إلى وبالٍ عليهم بعد أن فشلوا في الأدوار التي رُسِمت لهم، وهناك رواية أخرى مفادها أنه تم تصديرهم إلى بداية المشهد بغرض إحراقهم والتأكد
من قواهم التي كانت كامنة ولم تُختبر بعد، وأياً كان فالنتيجة واحدة وهي السقوط الذريع والسريع للإخوان.

الطريق إلى صنعاء!!

كانت أولى حروب الإخوان بالوكالة والتي قربت الحوثيين من صنعاء هي تلك التي خاضتها مع داعمهم الرئيسي الشيخ الإخواني حميد الأحمر (شيخ قبلي يمتلك إمبراطورية مالية ضخمة- شركة اتصالات- بنوك- مقاولات- شركات نفطية- وكالات وغيرها) وفي معاقل قبيلة آل الأحمر حاشد (أكبر القبائل في اليمن وأكثرها فاعلية في الحياة السياسية) والتي يتزعمها أخوه الشيخ صادق الأحمر شيخ مشائخ حاشد وبقية أخوته، لا يفوت الشيخ حميد الأحمر الفرصة في أي مقابلة بالمجاهرة أنه صانع ثورة 2011 ضد نظام صالح وممولها (تحدثت وثائق ويكيليكس عام 2007عن اتفاقه مع الأمريكان على إسقاط نظام صالح عن طريق المظاهرات والاعتصامات) وفي إحدى المقابلات قال أنه خسر في الثورة أكثر من نصف ثروته وبعد تشكيل الحكومة التي كان يمتلك فيها شخصياً إلى جانب رئاسة الوزراء حقيبة المالية والداخلية وكانت هذه الجهات السيادية تُدار بقرار منه، بالإضافة إلى سطوته على وزارات حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين) وترهيب بقية الوزراء، وقد جرى تعويضه بإعفاءات ضريبية تُقدر حسب بعض المصادر بالمليارات، كما تم منحه العديد من عقود النفط والطاقة لتعويض ذلك، إضافة إلى الدعم القطري والتركي الكبير الذي كان يصل إلى ساحات
الاعتصامات والمظاهرات عن طريق حميد الأحمر وحزب الإصلاح (الإخوان).

الشرارة الأولى!!

بدأت شرارة الحرب بين أولاد الشيخ الأحمر وبين الحوثيين وهم بمثابة غرماء تقليديين عندما قام أتباع الأول بقتل أسرة من جماعة الحوثي كانت تتناول الطعام في أحد المطاعم في محافظة عمران حسب بعض الروايات، عندها اندلعت المواجهات بين الطرفين خلالها تمكن الحوثيون من السيطرة على معظم مناطق آل الأحمر وقاموا بتفجير بيوتهم ومنها تفجير منزل والدهم الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر شيخ مشائخ اليمن والذي كان بمثابة بيت أبو سفيان من دخله فهو
آمن وله رمزية قبلية كبيرة، غير أن الحوثيون لم يقفوا عند هذا الحد بل قاموا بتفجير
كل بيوت أولاد الأحمر التي وقعت بين أيديهم وسووها بالتراب أمام مرأى ومسمع الجميع.

لقيت حرب الحوثيون ضد آل الأحمر والإخوان تأييداً من قبل معظم قبائل حاشد رغم أنهم أبناء قبيلتهم وكان من المفترض أن يقفوا إلى جانبهم أو على الأقل لا يسمحون للحوثيين بالدخول إلى حدود القبيلة حسب العرف القبلي، وبالتالي سقطت كل مناطق القبيلة في يد الحوثيون الذين لم يكتفوا بذلك بل راحوا يتوسعون لإسقاط محافظة عمران وقد خاضوا حروباً دامية مع الإخوان سقط فيها المئات من الطرفين ومثلهم جرحى، وقد سقطت المحافظة بالفعل في 8 يوليو بعد اقتحامهم لمعسكر اللواء 310 وقتلوا قائده العميد الركن حميد القُشيبي الذي كان يقاتل بإيعاز من الإخوان وبتوجيه مباشر من اللواء علي محسن الأحمر- مستشار الرئيس ضارباً بعرض الحائط توجيهات وزير الدفاع ورئيس الجمهورية- القائد الأعلى للقوات المسلحة، والذين رفضوا بعد ذلك إرسال مدد أو حمايته من الحوثيين بحجة أنه يُقاتل بدون أوامر .

بعد ذلك اتجه الحوثيون إلى محافظة الجوف وهي من معاقل الإخوان أيضاً وخاضوا ولازالوا حروباً ضاريةً تدخل على إثرها الجيش
ووجه لهم بعض الضربات الجوية، لكنهم ما لبثوا أن انتصروا ودارت أيضاً معارك على أطراف محافظة مأرب وحُسمت لصالحهم.

الجرعة.. مسمار جحا!!

بعد أن اتخذت حكومة الوفاق قرارها برفع أسعار المشتقات النفطية كما ذُكر سابقاً، ألقى قائد جماعة الحوثي- أو (أنصار الله) التسمية السياسية لهم، أو قائد المسيرة القرآنية كما يُطلق عليه أنصاره- ألقى خطاباً شعبياً طالب فيه الحكومة بإلغاء القرار متهماً إياها بالفساد والعمل على إفقار الشعب مطالباً بإقالتها وقد أمهلهم مدة أسبوعين لتنفيذ ذلك، وقد لاقى هذا الخطاب ترحيباً واسعاً كونه كان ملبياً لمطلبهم الرئيس وهو إلغاء الجرعة السعرية التي قصمت ظهورهم، ومن تحليل هذا الخطاب يتضح جلياً أن الحوثي وجماعته أصبحوا هم الرافعة للمشروع الشعبي الرافض للجرعة والذي أسماه بـ "الثورة الشعبية".

الآلاف يلبون نداء السيد!!

مرت الفترة المحددة للحكومة للتراجع عن قرارها غير أن شيئاً لم يحدث، وقد ردت على ذلك بتسخير برامج التلفزيون لشرح فوائد وضرورات هذه الجرعة في الوقت الذي بدأ الشعب يرمي بنفسه في أحضان من تبنى مطالبه، وقد زاد الخبراء الذين استضافتهم قنوات الحكومة- عبر مذيعين مخصصين لتلميعها انتقتهم بعناية منذ تشكيلها- زادوا الطين بلة بقولهم أن تحرير أسعار المشتقات النفطية سيسهم في تخفيض أسعار السلع والخدمات، في حين أن السوق له قول آخر فلهيب الأسعار كانت ظاهرة للكل وقد أحرقت الجميع بلا استثناء، عند هذا التزييف خرج آلاف البسطاء الذين لم تكن تربطهم أي علاقة بالحوثي أو بالسياسة وربما لم يعد لديهم رغبة في ممارستها بعد نكسة 2011- إلا أنهم وجدوا فيه المعبر عن مطالبهم والقادر على إجبار الحكومة على إلغاء القرار القاتل لهم ولأسرهم؛ خصوصاً وقوة الحوثي على الأرض تزداد يوماً بعد يوم- خرجوا تلبيةً لنداء السيد حسب التعبير الشعبي، وقد زادت هذه المظاهرات من قوة موقف الحوثي السياسي والتفاوضي في مواجهة الحكومة والرئاسة بعد أن أنضم رئيس الجمهورية إلى صفوف المدافعين عن الجرعة بل وربطها به شخصياً حسب بعض الحاضرين للقاء جمعهم به، كما قام الرئيس بتشكيل لجنة للرد على مطالب الحوثي مبدياً موافقته على إقالة الحكومة عارضاً الشراكة في الحكومة القادمة، لكن دون التراجع عن أسعار المشتقات النفطية، وقد قوبلت تلك العروض بالرفض القاطع من قبل زعيم جماعة الحوثي، وبدوره الرئيس والحكومة قاموا بمظاهرات عارمة تحت مسمى الاصطفاف الوطني وفي الضمن الموافقة على إجراءات الحكومة لكنها لم
تثني أبناء الشعب عن التظاهر والانضمام إلى جماعة أنصار الله حتى تتحقق المطالب.

الثورة الرابعة!!

عرف اليمنيون ثورتين سابقاً -وهما محل إجماع كل الشعب بمختلف أطيافه- هما ثورتي 26 سبتمبر 1962م التي انتصر فيها النظام الجمهوري على حكم الأئمة في الشمال، وثورة 14 أكتوبر 1963م على الاحتلال البريطاني لجنوب الوطن، وهما الثورتان التين غيرتا وجه اليمن وأعادتاه
إلى خريطة الاهتمام العالمي بعد أن كان منغلقاً على نفسه في الشمال ومحتلاً في الجنوب.
كما عرف اليمنيون ثورة الربيع العربي 2011 والتي فشلت وحلت محلها التسوية السياسية (المبادرة الخليجية) وقد أعادت البلد إلى الوراء عشرات السنين ولا تزال تداعياتها الخطيرة تهدد أمن واستقرار ووحدة البلد التي تحققت في 22 مايو 1990م، والآن وبموجب دعوة الحوثيون وقيادتهم يدخل اليمنيون على الثورة الرابعة والتي حملت نقاط واضحة ومحددة تمثلت في "إلغاء الجرعة السعرية- إقالة الحكومة- تنفيذ مخرجات الحوار الوطني التي توافق عليها اليمنيون"
فهل تستطيع إخراج اليمن من مأزق 2011 وتحافظ على وحدته هذا هو المؤمل.

اتسع الخرق على الراتق!!

فشلت كل اللجان والوساطات التي ذهبت إلى صعدة لإقناع الحوثيين بشروط الرئاسة نظراً لأنها لم تتناول تخفيض أسعار المشتقات النفطية كما كانت تعلن الجماعة؛ في حين تقول اللجان أن الحوثيون يرفعون سقف المطالب، وقد حملت الإغراءات الحكومية زيادة عدد الحقائب الوزارية للحوثيين والمشاركة في القرار غير أنهم كانوا الأذكى فموافقتهم كانت ستفقدهم الزخم الشعبي على الأرض وكانت دعواتهم للتصعيد تزداد بمرور الأيام، كما حدد زعيم الجماعة بنفسه مواقع الاعتصامات الجديدة أمام أماكن حيوية مثل وزارة الداخلية والكهرباء والمواصلات وعلى خط مطار صنعاء الدولي، كما توافد على العاصمة العديد من رجال القبائل ونصبت خيام أخرى في جميع مداخل العاصمة، كانت هذه الاعتصامات سلمية بطبيعتها، لكن السلاح كان متوفراً بكثرة. وكانت الضغوطات تزداد على الحكومة والرئاسة ولم تنفع معها المعالجات التي قدمتها بما فيها تخفيض جزئي لأسعار المشتقات النفطية ولم يوافق الحوثي ولم تلقى المبادرة قبولاً شعبياً بل على العكس زادتهم إصرار على المضي والاستمرار في مطالبهم.

بداية السقوط!!

أصدر وزير الداخلية (صعد إلى هذا المنصب باعتباره أحد ثوار 2011 المحسوبين على الإخوان) أصدر توجيهاته بفض الاعتصام الموجود أمام وزارة الداخلية وقد سقط خلال ذلك أول ضحيتين والعديد من الجرحى غير أنه فشل في ذلك حيث تم الاستيلاء على عربات مكافحة الشغب وأعلن عدد من الجنود انضمامهم إلى المتظاهرين، إلا أن الطامة الكبرى حدثت أثناء محاولة المعتصمون نصب خيام لهم بالقرب من مجلس الوزراء للضغط على الحكومة لكنهم فوجئوا بإطلاق بعض الجنود الرصاص الحي عليهم بشكلٍ مباشر مما أدى إلى سقوط حوالي 8 قتلى وعشرات الجرحى، وكانت تلك هي رصاصات الرحمة التي أُطلقت على السلمية، وقد لاقى هذا التصرف استهجاناً واسعاً بين اليمنيين، وهنا خرج زعيم الحوثيون بخطاب يتعهد فيه بملاحقة من قاموا بهذا التصرف وبأن الدولة تسقط السلمية بمثل هذا التصرف
وبأنهم لن يقفوا مكتوفي الأيدي في حال تكرر الاعتداء على المتظاهرين السلميين حسب وصفه.

لا بد من صنعاء!!

أقدم الحوثيون على نصب خيام لهم داخل أحد أحياء شمال العاصمة يُسمى "مذبح" وهو ليس بعيد من منزل الرئيس هادي، لكنه قريب جداً من مقر "الفِرقة الأولى مدرع" المقر العسكري للواء على محسن الأحمر أهم غرمائهم (تم صدور قرار جمهوري بتحويل الموقع إلى حديقة عامة بعد إقالة محسن وتعيينه مستشاراً للرئيس وحل الفِرقة الأولى مدرع إلا أنه رفض تسليمه حتى استولى عليه الحوثيون)، وقعت معركة طاحنة على تخوم العاصمة من ناحية الشمال بين الحوثيين والإخوان مدعومين ببعض الجنود المنتمين إليهم عقائدياً ومعظمهم من أتباع محسن أو ممن تم تجنيدهم لصالح الإخوان مؤخراً؛ قُتِل في هذه المعارك العشرات من الطرفين، وقد استطاع الحوثيون أن يحسموها لصالحهم، وبعد ذلك بدأت معاركهم في صنعاء وكأن لسان حالهم هو بيت الشعر "لا بد من صنعاء وإن طال السفر" أو طال القتال حسب مفهومهم.

الفِرقة مرة أخرى!!

بعد ذلك انتقلت الاشتباكات إلى داخل شوارع العاصمة في محيط التليفزيون الذي تم السيطرة عليه من قبل الحوثيون بحجة أن القوات المتمركزة هناك تعتدي على موقع الاعتصام في شارع المطار، بعد ذلك دارت رحى الحرب في محيط الفِرقة الأولى مدرع وهو هدف متوقع للحوثيين الذين ينظرون إليها أنها المكان الذي خرجت منه قرارات الحروب ضدهم، بالإضافة إلى جامعة الإيمان التابعة للشيخ عبدالمجيد الزنداني وقد دافع اللواء محسن بشراسة حيث عاد لمقر الفرقة وخاض آخر حروبه مع الحوثيين من هناك، قبل أن يضطر لمغادرتها متوجهاً إلى منزل الرئيس هادي ليطلب منه التوجيه إلى سلاح الجو بضرب الحوثيين إلا أن الأخير رفض مما أضطره إلى المغادرة إلى جهة غير معلومة، غير أن أخباراً سُرِبت أنه فر إلى السفارة السعودية، وفي اليوم التالي نُقِل على متن طائرة عسكرية إلى الحديدة حيث نقلته طائرة عسكرية سعودية إلى المملكة ولم تثبت أو تنفي السعودية ذلك حتى تاريخه، وهناك مصادر تُفيد بأنه في جيبوتي، وأخرى تفيد بأنه وأفراد أسرته حصلوا على تأشيرات دخول إلى فرنسا، أما الفِرقة وجامعة الإيمان فقد سقطتا في يد الحوثيين بعد قتال شرس سقط فيه حسب مصادر حوالي 70 حوثياً والعديد من الجنود، وقد نشر الحوثيون فيديوهات لهم وهم في مكتب قائد الفِرقة بعد أن استولوا عليها.

سقط النظام!!

في مساء الـ 21 من سبتمبر وفي مشهد يعيد للأذهان سقوط العاصمة العراقية بغداد في العام 2003م سقطت معظم المرافق الحيوية والحساسة في يد



allahakbr