أبوعوض الشبامي
04-15-2010, 07:11 PM
.
(( مول شوعة وقب )) عنوانا لكلمات اغنية من الأغاني المحضارية التي تمايلنا طربا لكلماتها وانتشينا ثمالة لألحانها ، وربما أن معظم من استمعوا لتلك الاغنية اطربهم اللحن اكثر من الكلمة ، وربما بعضهم اطربتهم كلماتها وانشتوا لها ، وأنا جمعت ذوق الفريقين إذ أن كلمات والحان هذه الأغنية لاقت قبولا حسنا في نفسي ، وأثارت شجونا كثيرة ولكن ليست شجون عاشق ملتاع ، ولا شجون مفارق محب ، خاصة بعد أن أسر لي أحد الذين كانوا مقربين من المحضار من أقاربه المهاجرين بمدلولات كلمات تلك الاغنية الحضرمية الجميلة كما سمعها من المحضار ...!!
كتب من كتب عن شعر المحضار مستشهدا بتأثير البيئة البدوية على شعر المحضار ، واستشهد بكلمات هذه الأغنية وبالذات عبارة (( مول شوعه وقب )) . ولكن مع هذا وذاك الاهتمام من لدن جميع المتلقين لهذه الأغنية ، يبقى البحث عن مدلولات تلك الكلمات والغوص في المفردات وعبارتها ناقصا ، وربما مجاهل بعض الكلمات التي تتخذ من بطون قائليها مستودعا لأسرار لاتظهر ولو بعد حين .
فمطلع تلك الاغنية مكوّن من كلمتين (( شوعة وقب )) احيلت الى صاحب لها (( مول )) ، وهذه العبارتين ستبقى غامضة إلى حدّ ما وتحتاج إلى شيء من كدّ الذهن لاستيعاب مدلولها الحقيقي (( شوعة
وقب )) فالمعنى اللغوي في لغة أهل حضرموت أن (( الشوعة )) هي قرون حيوان الوعل ، وذاك أمر ليس محل خلاف ، فلقرون الوعل اسماء وأوصاف محببة عند الحضارمة ، منها على سبيل المثال (( مول القرون الجليلة )) و (( حامل ثمانيين )) أي يحمل قرنه ثمانون عجرة ، ومدلولات هذه الأسماء والأوصاف لقرون الوعل تحيلنا الى أهمية الوعل في الثقافة الشعبية الحضرمية ، حيث يحظى الوعل بهالة من الاهتمام والتقدير ويحظى بنصيب وافر ، ويحيلنا دائما الى وصف الرجل الذي يعرف بالإباءة والشموخ والكبرياء بأنه (( وعل )) .
نحاول جاهدين حلحلة مفردة وعبارة ((مول شوعه )) والتي تأتي كوصف لوعل قرونه منحنية مستديرة خلف رأس شامخ ، وهي تحاكي الهلال الذي يبدو في السماء شبه مستدير، وللهلال نصيب من الاهمية في الحضارة الحضرمية القديمة حيث يتراء الوعل مقدسا عند تلك الاقوام يرمز للأله (( سين )) القمري ، ولازلنا ايضا نطلق على ضوء القمر الشوع :
(( لك فيها اصحاب .....يذكرونك إذا شع القمر أوغاب ))
(( ولا سمر لا الشهر شوع وهــل ....... بعيــــــد عن اهــــلك واهلي )) .
فلاغرابة أن يتمسك الناس في بادية حضرموت بكلمة (( مول شوعه )) دون إدراك منهم بمدلولات هذه الكلمة منذ الأزمان القديمة حين كان الوعل رمزا مقدسا للإله سين الأله القمري الذي تنتشر معابدة في حضرموت القديمة . ايضا نشير إلى أهمية معرفة أن في فقه اللغة الحضرمية تستخدم كلمة (( مول )) أو مولى بمعنى صاحب الشئ . وتستخدم للعاقل فقط أي الانسان ، ولغير العاقل يقال (( ابو للمذكر )) و (( أم للمؤنث )) فيقال للحيوان (( الشاة أم القرون الطويلة )) أو (( التيس ابوالقرون الطويلة )) ولايقال التيس مول القرون الطويله أو الثور مول القرون .
والعبارة الثانية التي ارتبطت بوصف الشوعة هي (( قب )) و(( قب )) كما ذكرت سابقا مأخوذة من الأقب ، والأقب جاء بمعنى دقيق الخصر قال الشاعر العربي يصف جارية :
بَيْضاءُ ذاتُ سُرَّةٍ مُقَبَّـبه ...... كأَنها حِلْـيةُ سَيْفٍ مُذْهَبَهْ
وايضا جاءت قواميس اللغة العربية بتخريجات كثيرة لمعاني كلمة (( قب )) من أهمها (( والقَبُّ: رئيسُ القوم وسَيِّدُهم؛ وقيل: هو الـمَلِكُ؛ وقيل: الخَليفة؛ وقيل: هو الرَّأْسُ الأَكْبر. ويُقال لشيخ القوم: هو قَبُّ القَوْمِ ))
من هنا نقترب في توضيح (( سيميا العنوان )) لهذا الموضوع ولتلك الأغنية (( مول شوعه وقب )) ، والذي هو المدخل لتكوين الانطباع الأولي حول كلمات تلك الأغنية ، والتي عبث بعض العابثون بالتراث الحضرمي والجاهلون بفقه اللغة الحضرمية بكلماتها ، ونستدرك لماذا وظف شاعرنا الكبير حسين المحضار في مطلع خطابه المباشر في هذه الأغنية خطاب بصيغة المذكر ، والخطاب بصيغة المذكر هو بطبيعة الحال أسلوب مستعمل منذ القدم للتورية ، وللإيحاء للمتلقي نحو فهم تلك المفردة والعبارة بأن للأغنية معاني تواري خلفها الشاعر وهي ايضا تأتي للتورية ، وأن الشاعر حسين المحضار حين أراد أن يكون (( مول شوعه وقب )) هو الخطاب المباشر وبصيغة المذكر قصد به لأهمية هذا الشخص (( الرجل )) الذي كان الخطاب موجها له وكما علمت بأن هذا الشخص اسمه (( علي بن سالم الغرابي )) من قبائل الحموم وكان (( القب )) في قومه إذا أخذنا بتفسير القب هو رئيس القوم وسيدهم والرأس الأكبر فيهم . وقصة علي الغرابي وموقفه من حكومة اليمن الجنوبي وسياسة التنظيم السياسي الجبهة القومية قصة معروفة عند اهل بادية المشقاص ، وهذا الذي عرضه في مطلع السبعينيات من القرن الماضي الى مواجهة مسلحة في قرية يقال لها (( حلفون )) في شرق المشقاص . حيث حوصرت تلك القرية من قوات المليشيا الشعبية بغية اعتقاله واعدامه ولكنه (( ماتوطى من مكانه غلب )) وفر هاربا نحو جبال (( الغلاغيل )) باملشقاص حتى توفاه الله بعد حين .
ولكن بقي أن نشير الى نقطة سابقة حول تأثير البيئة البدوية على شعر المحضار واتخذ البعض من (( شوعه وقب )) نموذجا علل به ماذهب إليه . والحقيقة التي لا يدركها الجميع أن المحضار تأثر بالمخزون الشعري لمن سبقوه من بدو وحضر ، وتأثر بمفردات وعبارات منها على سبيل المثال (( مول شوعه وقب )) التي استطيع أن جزم أنها ليست ابتكارا محضاريا ، خاصة بعد أن سمعت هذا التسجيل في اليوتيوب ارفقه مشكورا احد المهتمين بالتراث ، وسمعت أن شاعرا اسمه (( بن سبيتي)) وكما اكد لي اخينا ابامحمد الشحري في رسالة خاصة أن اسمه (( عوض بن عبدالله السبتي توفي سنة 1383هـ (1963م) )) وسمعت في الرابط الذي تجدونه اسفل الموضوع قوله في مساجلة :
ياحيليتي وامتحاني ..... يوم بغيت النخب يامول شوعه وقب
عدا عالنخب يسره .....من غزال الصيد لا منصبتنا بين لبعاد منثوب
http://www.youtube.com/watch?v=DKGL0SLPf0o
.
(( مول شوعة وقب )) عنوانا لكلمات اغنية من الأغاني المحضارية التي تمايلنا طربا لكلماتها وانتشينا ثمالة لألحانها ، وربما أن معظم من استمعوا لتلك الاغنية اطربهم اللحن اكثر من الكلمة ، وربما بعضهم اطربتهم كلماتها وانشتوا لها ، وأنا جمعت ذوق الفريقين إذ أن كلمات والحان هذه الأغنية لاقت قبولا حسنا في نفسي ، وأثارت شجونا كثيرة ولكن ليست شجون عاشق ملتاع ، ولا شجون مفارق محب ، خاصة بعد أن أسر لي أحد الذين كانوا مقربين من المحضار من أقاربه المهاجرين بمدلولات كلمات تلك الاغنية الحضرمية الجميلة كما سمعها من المحضار ...!!
كتب من كتب عن شعر المحضار مستشهدا بتأثير البيئة البدوية على شعر المحضار ، واستشهد بكلمات هذه الأغنية وبالذات عبارة (( مول شوعه وقب )) . ولكن مع هذا وذاك الاهتمام من لدن جميع المتلقين لهذه الأغنية ، يبقى البحث عن مدلولات تلك الكلمات والغوص في المفردات وعبارتها ناقصا ، وربما مجاهل بعض الكلمات التي تتخذ من بطون قائليها مستودعا لأسرار لاتظهر ولو بعد حين .
فمطلع تلك الاغنية مكوّن من كلمتين (( شوعة وقب )) احيلت الى صاحب لها (( مول )) ، وهذه العبارتين ستبقى غامضة إلى حدّ ما وتحتاج إلى شيء من كدّ الذهن لاستيعاب مدلولها الحقيقي (( شوعة
وقب )) فالمعنى اللغوي في لغة أهل حضرموت أن (( الشوعة )) هي قرون حيوان الوعل ، وذاك أمر ليس محل خلاف ، فلقرون الوعل اسماء وأوصاف محببة عند الحضارمة ، منها على سبيل المثال (( مول القرون الجليلة )) و (( حامل ثمانيين )) أي يحمل قرنه ثمانون عجرة ، ومدلولات هذه الأسماء والأوصاف لقرون الوعل تحيلنا الى أهمية الوعل في الثقافة الشعبية الحضرمية ، حيث يحظى الوعل بهالة من الاهتمام والتقدير ويحظى بنصيب وافر ، ويحيلنا دائما الى وصف الرجل الذي يعرف بالإباءة والشموخ والكبرياء بأنه (( وعل )) .
نحاول جاهدين حلحلة مفردة وعبارة ((مول شوعه )) والتي تأتي كوصف لوعل قرونه منحنية مستديرة خلف رأس شامخ ، وهي تحاكي الهلال الذي يبدو في السماء شبه مستدير، وللهلال نصيب من الاهمية في الحضارة الحضرمية القديمة حيث يتراء الوعل مقدسا عند تلك الاقوام يرمز للأله (( سين )) القمري ، ولازلنا ايضا نطلق على ضوء القمر الشوع :
(( لك فيها اصحاب .....يذكرونك إذا شع القمر أوغاب ))
(( ولا سمر لا الشهر شوع وهــل ....... بعيــــــد عن اهــــلك واهلي )) .
فلاغرابة أن يتمسك الناس في بادية حضرموت بكلمة (( مول شوعه )) دون إدراك منهم بمدلولات هذه الكلمة منذ الأزمان القديمة حين كان الوعل رمزا مقدسا للإله سين الأله القمري الذي تنتشر معابدة في حضرموت القديمة . ايضا نشير إلى أهمية معرفة أن في فقه اللغة الحضرمية تستخدم كلمة (( مول )) أو مولى بمعنى صاحب الشئ . وتستخدم للعاقل فقط أي الانسان ، ولغير العاقل يقال (( ابو للمذكر )) و (( أم للمؤنث )) فيقال للحيوان (( الشاة أم القرون الطويلة )) أو (( التيس ابوالقرون الطويلة )) ولايقال التيس مول القرون الطويله أو الثور مول القرون .
والعبارة الثانية التي ارتبطت بوصف الشوعة هي (( قب )) و(( قب )) كما ذكرت سابقا مأخوذة من الأقب ، والأقب جاء بمعنى دقيق الخصر قال الشاعر العربي يصف جارية :
بَيْضاءُ ذاتُ سُرَّةٍ مُقَبَّـبه ...... كأَنها حِلْـيةُ سَيْفٍ مُذْهَبَهْ
وايضا جاءت قواميس اللغة العربية بتخريجات كثيرة لمعاني كلمة (( قب )) من أهمها (( والقَبُّ: رئيسُ القوم وسَيِّدُهم؛ وقيل: هو الـمَلِكُ؛ وقيل: الخَليفة؛ وقيل: هو الرَّأْسُ الأَكْبر. ويُقال لشيخ القوم: هو قَبُّ القَوْمِ ))
من هنا نقترب في توضيح (( سيميا العنوان )) لهذا الموضوع ولتلك الأغنية (( مول شوعه وقب )) ، والذي هو المدخل لتكوين الانطباع الأولي حول كلمات تلك الأغنية ، والتي عبث بعض العابثون بالتراث الحضرمي والجاهلون بفقه اللغة الحضرمية بكلماتها ، ونستدرك لماذا وظف شاعرنا الكبير حسين المحضار في مطلع خطابه المباشر في هذه الأغنية خطاب بصيغة المذكر ، والخطاب بصيغة المذكر هو بطبيعة الحال أسلوب مستعمل منذ القدم للتورية ، وللإيحاء للمتلقي نحو فهم تلك المفردة والعبارة بأن للأغنية معاني تواري خلفها الشاعر وهي ايضا تأتي للتورية ، وأن الشاعر حسين المحضار حين أراد أن يكون (( مول شوعه وقب )) هو الخطاب المباشر وبصيغة المذكر قصد به لأهمية هذا الشخص (( الرجل )) الذي كان الخطاب موجها له وكما علمت بأن هذا الشخص اسمه (( علي بن سالم الغرابي )) من قبائل الحموم وكان (( القب )) في قومه إذا أخذنا بتفسير القب هو رئيس القوم وسيدهم والرأس الأكبر فيهم . وقصة علي الغرابي وموقفه من حكومة اليمن الجنوبي وسياسة التنظيم السياسي الجبهة القومية قصة معروفة عند اهل بادية المشقاص ، وهذا الذي عرضه في مطلع السبعينيات من القرن الماضي الى مواجهة مسلحة في قرية يقال لها (( حلفون )) في شرق المشقاص . حيث حوصرت تلك القرية من قوات المليشيا الشعبية بغية اعتقاله واعدامه ولكنه (( ماتوطى من مكانه غلب )) وفر هاربا نحو جبال (( الغلاغيل )) باملشقاص حتى توفاه الله بعد حين .
ولكن بقي أن نشير الى نقطة سابقة حول تأثير البيئة البدوية على شعر المحضار واتخذ البعض من (( شوعه وقب )) نموذجا علل به ماذهب إليه . والحقيقة التي لا يدركها الجميع أن المحضار تأثر بالمخزون الشعري لمن سبقوه من بدو وحضر ، وتأثر بمفردات وعبارات منها على سبيل المثال (( مول شوعه وقب )) التي استطيع أن جزم أنها ليست ابتكارا محضاريا ، خاصة بعد أن سمعت هذا التسجيل في اليوتيوب ارفقه مشكورا احد المهتمين بالتراث ، وسمعت أن شاعرا اسمه (( بن سبيتي)) وكما اكد لي اخينا ابامحمد الشحري في رسالة خاصة أن اسمه (( عوض بن عبدالله السبتي توفي سنة 1383هـ (1963م) )) وسمعت في الرابط الذي تجدونه اسفل الموضوع قوله في مساجلة :
ياحيليتي وامتحاني ..... يوم بغيت النخب يامول شوعه وقب
عدا عالنخب يسره .....من غزال الصيد لا منصبتنا بين لبعاد منثوب
http://www.youtube.com/watch?v=DKGL0SLPf0o
.