![]() |
اقتباس:
طالما نحن في سياق الغربة والغرباء علينا التعمق والتقصي لمفهوم وفلسفة معاني (( الغربة )) بشمولية تثري الموضوع ، وتضيف له روافد جديدة. فهناك عدة مفاهيم ومعاني لغوية لمعنى الغربة ، وقد أجتهد أحد العلماء بأن وضع مصنفا سماه(( كشف الكربة في وصف أهل الغربة )) للمؤلف أبي فرج الحنبلي ... وصاحب هذا الكتاب شأنه شأن علماء الأمة وفقهاءها ، الذين يرون أن الغربة هي غربة الدين ، وذلك من معطيات نصوص احاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد قال صاحب الكتاب المذكور في مقدمة كتابه: (( اخرج مسلم في " صحيحه " من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ ، فطوبى للغرباء » . وخرجه الإمام أحمد وابن ماجه من حديث ابن مسعود بزيادة في آخره وهي : « قيل : يا رسول الله ! ومن الغرباء ؟ قال : النزاع من القبائل » . وخرجه أبو بكر الآجري وعنده : « قيل : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : الذين يصلحون إذا فسد الناس » . وخرجه غيره وعنده : « قال : الذين يفرون بدينهم من الفتن » . وخرجه الترمذي من حديث كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم : « إن الدين بدأ غريبا ، وسيرجع غريبا ، فطوبى للغرباء الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي » . وخرجه الطبراني من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي حديثه : « قيل : ومن هم يا رسول الله ؟ قال : الذين يصلحون حين فساد الناس » . وخرجه أيضا من حديث سهل بن سعد بنحوه . وخرجه الإمام أحمد من حديث سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي حديثه : « فطوبى يومئذ للغرباء إذا فسد الناس » . وخرج الإمام أحمد والطبراني من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « طوبى للغرباء ، قلنا : ومن الغرباء ؟ قال : قوم قليل في ناس سوء كثير ، من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم » . وروي عن عبد الله بن عمرو مرفوعا وموقوفا في هذا الحديث : « قيل : ومن الغرباء ؟ قال : الفرارون بدينهم يبعثهم الله تعالى مع عيسى ابن مريم عليه السلام » . قوله : « بدأ الإسلام غريبا » يريد به أن الناس كانوا قبل مبعثه على ضلالة عامة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عياض بن حمار الذي أخرجه مسلم : « إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم ، عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب » . )) لعل صاحبنا الحسيني أمام مفاهيم عقدية لمصطلح الغربة ، وفق رؤية اسلامية ، وربما سيمعن النظر في معاني الاغتراب الحقيقي . وحين كتبت سابقا عن (( غربة الروح )) ذلك عند وقوفي يوم أمس على شعر غربة الروح للشاعر العراقي بدر شاكر السياب، وربما تكتمل الصورة لمفهوم الاغتراب بين تفسير العلماء والفقهاء وبين نظرة الشعراء يقول السياب :
|
اقتباس:
الغربة في السابق تحددت بالجغرافيا والمسافات ، ولذلك شكوا آلام الفراق في النّثر وفي الشّعر: ابن رزيق البغدادي:
لا تعذليه فإنّ العذل يولعه = قد قلت حقّا ولكن ليس يسمعهُ
إلى قوله:إ
استودع الله في بغداد لي قمرا = بالكرخ من فلك الأزرار مطلعهُ ودّعته وبودّي لو يودّعني = صفو الحياة وإنّي لا أودّعهُ وقال إعرابي وهو يودّع زوجته:
عدّي السّنين لغيبتي وتصبّري = وذري الشّهور فإنّهنّ قصارُ
أجابت:
واذْكر صبابتنا إليك وشوقنا = وارّحم بناتك إنّهنّ صغارُ
تحددت الغربة في هذا البعد والعمق: المكاني والتأثيري ، غير أنّها اليوم تختلف فقد تجد غريبا لم يغادر مكانه قط معانٍ جميلة مسخت قادت إلى غربة تجنّب الأخ أخاه قست قلوب بعض الأبناء على الوالدين إنتشرت ثقافة الكراهيّة أزهقت الأرواح بدم بارد نضحك والجروح تنزف
عندما تجد نفسك بين الغرباء وتفقدها بين أهلك فتلك هي أسوأ حالات الإغتراب |
اقتباس:
هناك نقطة أودّ ذكرها لأهمّيتها حسب اعتقادي ، وهي: أننا كثير ما نلجأ في الإستشهاد إلى ما قيل في الماضي البعيد ( في الأثر ـ باب الرؤى والإجتهاد )، دون إضافات رؤى واجتهادات المتأخّرين كاستشهادنا بما قيل عن الإغتراب في السابق وهو صحيح إلا أن حالات الغربة تشعّبت وتعقّدت وكان لزاما أن يواكبها خلال مراحل تشعبها بعض الرؤى النابعة من الظرف الزماني والمكاني. ظللنا نقول: سافر ففي الأسفار خمس فوائد ..... الخ دون أن نزيدها شيء أو في المقابل نقول شيء عن السّلبيات. فما رأي سيدّي وحبيبي نجد الحسيني في هذه النقطة التي يثيرها: العبد لله وعلى مسئوليته؟ |
الساعة الآن 05:56 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir