سقيفة الشبامي

سقيفة الشبامي (http://www.alshibami.net/saqifa//index.php)
-   سقيفة الأخبار السياسيه (http://www.alshibami.net/saqifa//forumdisplay.php?f=56)
-   -   ترسيخ الوحدة اليمنية ليس باختلاق الوقائع وتشويه التاريخ "نجيب قحطان الشعبي (http://www.alshibami.net/saqifa//showthread.php?t=80036)

حد من الوادي 01-06-2011 05:04 PM

ترسيخ الوحدة اليمنية ليس باختلاق الوقائع وتشويه التاريخ "نجيب قحطان الشعبي
 

ترسيخ الوحدة اليمنية ليس باختلاق الوقائع وتشويه التاريخ "نجيب قحطان الشعبي

(1-2)2011/01/06 الساعة 16:26:52

[مما أفرزته الحرب الأهلية اليمنية في 1994م بروز الزعم بأنَّ راجح لبوزة توجه من شمال اليمن إلى جنوبها بالاتفاق مع السلطة بصنعاء لتفجير ثورة لتحرير الجنوب من الاحتلال البريطاني وأن صنعاء قدَّمت لتلك الثورة (ثورة 14 أكتوبر) المال والسلاح والرجال! (وأضاف اللواء علي محمد عبد المغني الذي فندت مزاعمه بمقالي السابق، أضاف "السيارات" إلى قائمة ما قدمته صنعاء!)، ومثلما بيَّنت بأكثر من مقال فإنَّ ثورة 14 أكتوبر لم تتلق من السلطة اليمنية بصنعاء ريالاً واحدًا أو طلقة رصاص، فظهرت عدة مقالات بالصحف المكتوبة وبالمواقع الإلكترونية – يبدو أنها موجهة - يتوهم كـُتـَّابها ومن يوجههم أنـَّها ردود على الحقائق التي كتبتها وما هي بردود ولكن شبه لهم, فهي إما هجوم شخصي عليَّ أو ترديد للتخريف نفسه عن عودة لبوزة للجنوب باتفاق مع صنعاء ودعم صنعاء لثورة أكتوبر وواحدية الثورة اليمنية، ولكن أحدًا لم يستطع بالطبع تقديم دليل واحد يثبت صحة شيئ من ذلك.

فإذا تساءلنا عن سبب إفراز تلك المزاعم بعد حرب 1994م فسنجد أنَّ ذلك يحدث من منطلق أوهام أهمها أن إلغاء تاريخ الجنوب وضمه إلى تاريخ الشمال سيؤدي إلى كسر الكبرياء والاعتزاز بالتاريخ الوطني لدى الجنوبيين وإشعارهم بالدونية كمواطنين من درجة أقل من درجة المواطن من أبناء الشمال وبذا تتولد فيهم روح الخنوع فتترسخ الوحدة القائمة! ولكن ظهور الحراك الجنوبي وصمود كثير من قياداته وأفراده حتى اليوم وبروز الدعوات الانفصالية بقوة أثبت أنّ الوحدة اليمنية لم تترسخ بعد في نفوس كثير من الجنوبيين بل معظم الجنوبيين، وأنَّ هذه الوحدة ليست راسخة رسوخ جبال شمسان وعيبان، بدليل أنَّ جميع خطابات رئيس الجمهورية لم تعد تخلو من الهجوم على الحراك الجنوبي والتأكيد على رسوخ الوحدة وهو ما يؤكد أنّ هناك استشعارًا لدى السلطة بأنّ الوحدة لم تترسخ بعد وهذا ما يفهمه أي مشتغل بالسياسة أو لديه اهتمام بها.

وملتقى, أول أعماله شرك بالله!

ومؤخراً تأكد مرة أخرى تزعزع الثقة برسوخ الوحدة وذلك بتشكيل ما يسمى بملتقى ابناء الشهداء الذي صدر عنه في 29 ديسمبر الفائت بيان تلاه واحد من الجيش الجرار المكون من وكلاء محافظة لحج (نجل راجح لبوزة) وكلمة القاها واحد من جيش وكلاء محافظة عدن (نجل سالم ربيع) وهدد البيان وكلمة وكيل محافظة عدن بالتصدي والضرب بيد من حديد كل من "تسول له نفسه" المساس بالوحدة اليمنية! فهل صارت دولتك يا سيادة الرئيس تعاقب الناس على ما يجول بخواطرهم؟ فالله نفسه جل جلاله لا يعاقب الناس على ما تسوله لهم أنفسهم وقد نسخ إحدى الآيات خصيصاً ليطمئنهم إلى أنه لن يؤاخذهم بما تسوله لهم أنفسهم من آثام ومعاصي ما داموا لم يقدموا على التنفيذ.

ومن جهة أخرى أتسائل : ما هي إنشاء الله وسيلة هذا الملتقى لمعرفة ما توسوس به نفوس الناس حتى يضربهم بيد من حديد؟ طبعاً لا شيئ ولكنه التهريج والمزايدات الفارغة وكان يجب على الإعلام الرسمي حذف كل العبارات التي تتوعد بمعاقبة "من تسول له نفسه" فهي شرك بالله إذ لا يعلم ما تخفي الصدور إلا الله وحده سبحانه وتعالى, لكننا نجد أن الإعلام الرسمي حذف العبارة من كلمة الوكيل فيما نشرها ضمن بيان الملتقى والسبب ليس مسألة الشرك وإلا لحذفها من الكل فالسبب في تقديري هو أنه وجد في ترديد الوكيل للعبارة, مع تكراره لها, وإكثاره من التهديدات, تكبيراً للذات خاصة انه وصف نفسه بشبل من ظهر أسد! فحذف الإعلام الرسمي كل ذلك من كلمته

(والفضل لصحيفة "الطريق" في تعريف الناس بكامل كلمة الوكيل فيما تجاهلت تماماً بيان الملتقى, ومن المعروف أن ناشر ورئيس تحرير "الطريق" الأخ أيمن هو ابن الصحافي القدير والمناضل محمد ناصر محمد أحد شهداء الجريمة القذرة التي أقدمت عليها السلطة بتفجير طائرة الدبلوماسيين في 1973م) كما ألقى الرئيس كلمة إلى الملتقى مهدداً بفتح ملفات الماضي السياسي لمن لن يعودوا إلى جادة الصواب, وهو ما يشير مجدداً إلى أن الوحدة اليمنية ليست في رسوخ الجبال! وأظنني سأعود للكتابة حول هذا الملتقى خاصة أنه ليس كل القتلى شهداء فهناك من أجرموا بحق الشعب والوطن وقتلوا آلاف الأنفس بغير حق وسحلوا علماء الدين حتى الموت ثم لقوا مصرعهم في صراع على كرسي الحكم فتجيئ دولة الوحدة الآن لتعتبرهم "شهداء" وينضم ابنائهم لذلك الملتقى بدلا من أن يتواروا خجلا من تاريخ آبائهم المشين! فيالها من عدالة وإحترام لشهداء اليمن الأبرار! ثم أن هذا الملتقى يطل علينا بمظهر شطري جنوبي فيما يتوارى أعضاؤه من أبناء الشهداء من الشمال اليمني (لكنهم يحتكرون مواقعه القيادية وهذا طبيعي فحتى شهداء الجنوب لابد أن يكونوا شهداء من الدرجة الثانية!).

النكاية بالحزب الإشتراكي اليمني!

أما الوهم الثاني والهام لدى السلطة فهو أنَّ كل تلك المزاعم حول تفجير الثورة ودعمها والواحدية انما ترددها نكاية بالحزب الاشتراكي اليمني الشريك في تحقيق الوحدة والعدو في حرب 1994م، وبوهم أنَّ ذلك سيجرد الحزب من تاريخ جنوبي كان مشرفـًا ومشرقـًا، فهنا تخطئ السلطة فمزاعمها لن تستطيع أصلاً أن تلغي ذلك التاريخ، كما تخطئ لأن ذلك يفصح عن أنـها تعتبر الحزب الاشتراكي امتدادًا للجبهة القومية التي فجـَّرت وقادت ثورة 14 أكتوبر (وليس لبوزة الذي يصر الإعلام الرسمي على أنـَّه فجَّر 14 أكتوبر بسلاح صنعاء ومالها ورجالها وسياراتها، فلبوزة لم يفجِّر ولم يقد الثورة بل لم يُشارك فيها أصلا، وحقائق التاريخ "الموثقة" تثبت بأنـَّه قـتـل في يوم 13 أكتوبر 1963 أي قبل انطلاق ثورة 14 أكتوبر 1963م.. وحتى أفحم هذا الإعلام الرسمي وغيره من مزوري تاريخ الجنوب، فإنني سأنشر بالمقال بعد القادم بإذن الله وثيقة رسمية هامة تثبت أن راجح لبوزة قـتل في 13 أكتوبر 1963م).

فالسلطة تنطلق من كون الحزب الاشتراكي هو إمتداد للجبهة القومية وهذا غير صحيح سياسيـًا وتاريخيـًا وإلا ما كان للحزب مؤسس يختلف عن مؤسس الجبهة (وهذا كتبه بوضوح منذ سنوات أحد قادة الحزب وهو الأخ محمد حيدرة مسدوس)، وفي رأيي أن الفكر الذي قام عليه الحزب الاشتراكي يثبت بأن الحزب امتداد لاتحاد الشعب الديمقراطي بقيادة عبدالله باذيب وهم الشيوعيون الحقيقيون منذ ما قبل الإستقلال الوطني في 1967م بنحو عشرة أعوام وليس من أرتدوا مسوح الشيوعية بعد الإستقلال متوهمين أن ذلك يكسبهم صفة التقدمية (الاتحاد هو من الفصائل الثلاث التي تشكل منها الحزب الاشتراكي اليمني في عام 1978م).

ثمَّ أنَّ الحزب الاشتراكي لا يستمد وجوده ونشاطه الحالي من كونه امتداد للجبهة القومية، ولكن من مشروعيته كحزب قانوني، إضافة إلى أنـَّه الشريك المناصف في تحقيق الوحدة اليمنية في 1990م فلا يمكن للسلطة أن تحله تحت أي مبرر, نعم يمكنها إضعافه وقد قامت بذلك, لكنها لا تستطيع أبداً أن تحله.

وفي الجزء الثاني من هذا المقال سأبين كيف أن رسوخ الوحدة اليمنية لم يظهر في عيدها العشرين الذي أجرت فيه السلطة إستفتاء لسكان عدن على الوحدة اليمنية من دون أن تقصد ذلك أو ترغب فيه! فإلى اللقاء بإذن الله في الأسبوع القادم.

حد من الوادي 01-13-2011 12:26 AM


ترسيخ الوحدة اليمنية ليس باختلاق الوقائع وتشويه التاريخ (2-2)

2011/01/12 الساعة 17:52:31 نجيب قحطان الشعبي

أشرت في الجزء الأول من هذا المقال إلى عدم رسوخ الوحدة اليمنية وأن الإعلام الرسمي وجميع خطابات رئيس الجمهورية تهاجم الحراك الجنوبي وتؤكد على رسوخ الوحدة وهو ما يفصح عن شعور السلطة بأن الوحدة ليست راسخة (وهذا طبيعي بسبب المظالم التي يعيشها الجنوبيون بشكل عام في ظل الجمهورية اليمنية التي ليس للجنوبيين فيها إلا تمثيل شكلي, كما أن إستخدام القوة في الحفاظ على كيان دولة الوحدة يثبت أن الوحدة ليست راسخة رسوخاً حقيقياً يقوم على رضاء ابناء الجنوب وأبناء الشمال كل على حدة). وفيما يلي أواصل حديثي عن عدم رسوخ هذه الوحدة.

رسوخ الوحدة اليمنية لم يظهر في عيدها!
قلت في الجزء الأول من هذا المقال أن الوحدة اليمنية لم تترسخ بعد في نفوس كثير من الجنوبيين، بل معظم الجنوبيين، ومنذ أن كتبت منذ أشهر مقال "عيد بلا فرحة" في الذكرى الأخيرة لقيام الجمهورية اليمنية (الذكرى 20) وأشرت إلى أن هذا العيد أظهر نتيجة استفتاء للجنوبيين حول الوحدة اليمنية ووصفته بأنه استفتاء أجرته السلطة من دون أن تقصد، فمنذئذ يلح علي بعض القراء للكتابة حول ذلك الاستفتاء ونتيجته، وهاأنذا ألبي.

فقبيل 22 مايو 2010م وزعت الدولة على تلاميذ وتلميذات مدارس عدن الآلاف من أعلام الجمهورية اليمنية وأرفقت بكل علم عصا لتحمل في طرفها العلم، وكنت أظن أن عدداً من التلاميذ والتلميذات وأهاليهم سيقومون بتعليق الأعلام على نوافذ وشرفات مساكنهم لترفرف في 22 مايو، لكن خاب ظني فأثناء تنقلي بالسيارة في كثير من الشوارع الرئيسية والفرعية بمحافظة عدن قبيل وخلال يوم 22 مايو 2010م كنت أطالع المساكن لأرى مدى انتشار علم الدولة فوقها فلا أجد مسكنـًا واحدًا يرفعه!

حتى كبار الموظفين بمحافظة عدن من جنوبيين وشماليين أو من يسمون بالسلطة المحلية لم أجد أحداً منهم يرفع فوق بيته علم الجمهورية اليمنية في عيدها العشرين! فإذا كان هؤلاء لم يرفعوه فإنه يكون منطقياً أن لا يرفعه المواطن العادي أو البسيط أو رجل الشارع وهو يفتقد "العدالة" في كل جوانب حياته في ظل علم الجمهورية اليمنية, وهنا أتذكر عبارة عظيمة للقبطان ستافورد هينز قائد الحملة العسكرية لإحتلال عدن في 1839م وأول حاكم لها, ففي اليوم الرابع لإنتزاع عدن من سلطنة لحج ووقوعها تحت الإحتلال البريطاني كتب هينز إلى صهر سلطان لحج طالباً السلام والصداقة ومطمئناً إياه وبقية أبناء لحج بقوله "حيث يرتفع العلم البريطاني فلا خوف من الظلم".

في عيد الوحدة كانت أعلام الجمهورية اليمنية منكسرة حزينة فهي مرفوعة على مباني المرافق الرسمية فقط, لكن علمـًا واحدًا لم يرتفع على أي مسكن بعدن, والمعنى واضح لا يحتاج لذكاء. لقد حدث ذلك رغم أن كثيرًا من سكان عدن لم يكونوا بحاجة للقيام بمشوار لشراء العلم أو تكليف أنفسهم دفع مبلغ زهيد كثمن له، فالدولة أحضرته لهم على طبق من فضة فوزعته على آلاف التلاميذ والتلميذات مجانـًا بل ومعه العصا التي تحمله! ولا أعلم من هو "الذكي" الذي اقترح, و"الذكي" الآخر الذي قرر توزيع تلك الأعلام بعدن! ويبدو أن هناك "ذكي" ثالث اقترح توزيع العصي التي تحمل الأعلام للتسهيل على سكان عدن برفع الأعلام على نوافذ وشرفات وسطوح مساكنهم!

وكم أضحك كلما جال بخاطري أن فكرة توزيع تلك الآلاف من الأعلام والعصي ربما كان ورائها عملية "هبر" لكنه "هبر" ورط الدولة توريطة جسيمة بإجراء استفتاء على الوحدة لم تقصده ولا ترغب فيه أبداً! وهذه هي نتيجة التسيب والفهلوة والسرقة والرشوة المعاشة في الجمهورية اليمنية فحيث يرتفع علمها على أي مرفق رسمي تغيب العدالة!

3 ملاحظات حول "الأعلام"

ملاحظة1: لأن الشيء بالشيء يُذكر، فإنـه أثناء خليجي 20 بثت فضائية يمنية برنامج عن معالم مدنية عدن وتاريخها وقد حفل بالأخطاء ومن ذلك أنـه أثناء ترديد مقدم البرنامج لبيت شعر عن عدن يجيء فيه عبارة "رأيت ذرى الأعلام في عدن" قام المخرج "الجهبذ!" ببث لقطة لمجموعة من أعلام الجمهورية اليمنية وهي ترفرف! إنـه جاهل فالشاعر يقصد بأعلام عدن "جبال عدن" وليس "رايات عدن" بل أن المخرج - والعاملين معه - لم يلاحظوا حتى كلمة "ذرى" أي "قمم" فهل للرايات قمم يا أبو جهل؟

ملاحظة2: وخذوا عندكم أيضـًا الضيف الخليجي الذي قال بأنـه زار أحياء التواهي والمعلا وعدن الصغرى، فأراد المذيع التلفزيوني (الصنعاني المعروف) أن يستعرض معرفته بعدن فقال للضيف: أرجو أن تزوروا أيضـًا مدينة الشعب والبريقة!! فهو أبو جهل آخر لأنه يجهل بأن البريقة هي نفسها عدن الصغرى! وهذا من نتائج التهميش أثناء خليجي 20 للإعلاميين والرياضيين من أبناء عدن.

ملاحظة3: بعض مناضلي ثورة 14 أكتوبر المقيمين بعدن يرفعون العلم المذكور على شرفات منازلهم مع كل ذكرى لثورة 14 أكتوبر والاستقلال الوطني في 30 نوفمبر، لكنهم لا يرفعونه في ذكرى قيام الجمهورية اليمنية أو 26 سبتمبر، وقد يتساءل بعض القراء: كيف يرفعون علم الجمهورية اليمنية في ذكرى 14 أكتوبر و30 نوفمبر ولا يرفعونه في ذكرى قيام الجمهورية اليمنية نفسها التي يخصها هذا العلم؟ والجواب بسيط وهو أنهم إنـَّما يرفعون علم الجبهة القومية (فعلم الجمهورية اليمنية هو نفس علم الجبهة القومية التي يحاول البعض إلغاء انتصاراتها الأعظم : ثورة 14 أكتوبر، الاستقلال الوطني، توحيد الجنوب).

تنويه: كنت أرغب أن أُبيِّن في هذا المقال زيف ما يحاول الإعلام الرسمي تكريسه في أذهان الناس بوجود مراسلات تبودلت بين الضابط السياسي البريطاني المدعو "ميلن" ولبوزة وأدت إلى تفجير لبوزة للثورة بدعم من صنعاء!! كما كنت أرغب أن أبين كيف أن ثورة 14 أكتوبر هي الثورة الأم لحركة 26 سبتمبر, إلا أن مقالي سيطول أكثر فارتأيت تأجيل ذلك للمقال القادم والذي يليه بإذن الله فلست متعجلا, بل أنه من الأفضل تلقين هواة تزوير التاريخ الجنوبي دروساً قاسية على جرعات ليظلوا مصدومين ومجروحين لأطول فترة.

حد من الوادي 01-21-2011 12:28 AM


لبوزة .. أكاذيب نكشفها بحقائق

2011/01/20 الساعة 17:27:20 نجيب قحطان الشعبي

منذ أسابيع وأنا أهيئ القارئ عبر مقالات كثيرة للوصول إلى هذا المقال، فتاريخ ثورة 14 أكتوبر المجيدة تعرض كثيرًا للتزوير بهدف تشويهه وأسهم إعلام دولة الوحدة منذ ما بعد الحرب الأهلية اليمنية 1994م بالجزء الأساسي من ذلك التزوير لتكريس أكاذيب فحواها أن راجح بن غالب لبوزة توجه من الشمال إلى ردفان بالجنوب بالاتفاق مع القيادة السبتمبرية لتفجير ثورة لتحرير الجنوب من الاحتلال البريطاني وأن الثورة تفجرت على يديه فعلا في 14 أكتوبر بل أنه قادها!

ويهدف إعلام السلطة وخطابها إلى ترسيخ أكذوبتين في أذهان الناس, أولاهما أن صنعاء وبواسطة لبوة فجرت وقادت ثورة تحرير جنوب اليمن المحتل، وأن الجبهة القومية لا شأن لها بذلك (وكل هذا لأن الجبهة القومية اسسها وقادها جنوبيون إلى ما بعد تحقيق الانتصار العظيم في 30 نوفمبر 1967م يوم الاستقلال الوطني الناجز للجنوب وتوحيده في دولة واحدة، ولم يكن لصنعاء شرف الإسهام بدعم ثورة 14 أكتوبر عسكريـا أو ماليـا!).

وسبق أن أكدت على حقيقتين هما :
- أن لبوزة قـتل في يوم 13 أكتوبر 1963م, وبالتالي يكون من المضحك الزعم بأنـَّه فجَّر ثورة تحرير الجنوب في يوم 14 أكتوبر 1963م وأنـه قادها.


- أن الزعم بوجود مراسلات بين لبوزة والضابط السياسي البريطاني المدعو "ميلن" وتتضمن المطالبة بأن يسلم لبوزة ومجموعة العائدين معه من الشمال أسلحتهم ودفع غرامات, ورفض لبوزة في رده على "ميلن" تلك المطالبات مرفقاً بالرد طلقة رصاص كتحدٍ للسلطات البريطانية، ومن ثم هاجمت القوات البريطانية لبوزة ومجموعته في 14 أكتوبر 1963م واستشهاد لبوزة في تلك المعركة... كل ذلك سبق أن نفيته مرارًا وأنـه ليس فيه أي شيء صحيح، فلا وجود لتلك المراسلات ولا مطالبات ولا رد مشفوع بطلقة رصاص ولا معركة وقعت في 14 أكتوبر ولا هم يحزنون فكل تلك فبركات (أي اختلاقات لوقائع لم تحدث فعلاً).

وقد وعدت القارئ بأن أقدِّم له ما يثبت الحقيقتين المذكورتين، وقد حانت اللحظة المنتظرة.

مقتل لبوزة كان في 13 أكتوبر 1963م


وعدت القارئ بأن أنشر له وثيقة رسمية هامة تثبت مقتل لبوزة في 13 أكتوبر 1963م، وهاأنذا أفي بوعدي.

الوثيقة هي البيان الرسمي الصادر في 17 أكتوبر 1963م عن حكومة الاتحاد الفيدرالي للجنوب العربي، الذي أُذيع ونـُشر في حينه ويبيِّن الأحداث التي وقعت في ردفان في يومي 12 و13 أكتوبر 1963م، وقد سبق أن ذكرت مرارًا في مقالاتي بأنـه لم تقع أي معركة في 14 أكتوبر 1963م في ردفان بين أهل ردفان وقوات بريطانية أو اتحادية وإنـَّما المعركة وقعت في 13 أكتوبر 1963م عندما جردت الحكومة الاتحادية حملة عسكرية من قوات مسلحة اتحادية (عربية وليست قوات بريطانية مثلما ينشر المزورون) لتأديب مجموعة لبوزة بعد أن حاولت مجموعته في اليوم السابق 12 أكتوبر 1963م اغتيال نائب أمير الضالع في مشيخة القطيبي الشيخ محمود حسن علي لخرم (آل قطيب هم أكبر جماعة تنتمي لردفان).

وعن بيان حكومة الاتحاد سبق أن كتبت بأن العقيد محمد عباس ناجي الضالعي نشره في كتاب له (طبع بمطابع التوجيه المعنوي للقوات المسلحة في 2002م وإن كان الكتاب تجنب الإشارة لذلك!).

وللأسف تصرف الأخ محمد عباس في محتويات بيان الاتحاد فقد حذف منه الجزء المهم الذي في بدايته ويبين ما جرى في 12 أكتوبر وأدى إلى معركة اليوم التالي 13 أكتوبر!!

فالكتاب أراد أن يكرس في ذهن القارئ أن المعركة التي قتل فيها لبوزة وقعت في 14 أكتوبر وليس 13 أكتوبر وبالتالي يمكن الزعم بأن لبوزة فجر الثورة في 14 أكتوبر 1963م! وقد زعم الكتاب ذلك صراحة بعد أن تصرف في محتويات بيان حكومة الاتحاد!!

أما بيان حكومة الاتحاد فيجيء فيه الآتي :

"وكمثال على المشاكل التي يتحتم على النائب محمود أن يواجهها ما حدث يوم السبت 12 أكتوبر الماضي عندما أطلقت على النائب وحرسه أثناء زيارته لوادي مصراح النار من عصابة من أفراد القبائل المرتزقة الذين عادوا مؤخرًا من اليمن، وبعد أن صد النائب هذا الهجوم بدون خسائر عاد ورجع في اليوم التالي برفقة فرقة مؤلفة من الجيش والحرس الاتحادي وتعرضت هذه الفرقة لنيران فريقين من رجال العصابات كانا يطلقان النار من مراكز تقع في الجانب الجبلي ويتألفان من 8 و30 رجلا على التوالي وكان هؤلاء بقيادة قائد رجال العصابات الرجعي والمفسد من جبل ردفان وهو راجح غالب لبوزة الذي عاد مؤخرًا من اليمن".

ثم يوضح البيان نتيجة تبادل إطلاق النار بالآتي :

"وقد خسر رجال العصابات اثنين منهم كان أحدهما راجح غالب نفسه بينما أُصيب أربعة آخرون ولم تصب القوات الاتحادية بأية خسائر".

ملاحظة : البيان المذكور لحكومة الإتحاد نشر برقم 1061 / 63 باللغتين العربية والإنجليزية في نشرة "خدمة صحافة الجنوب العربي" التي تصدرها وزارة الإرشاد القومي والإعلام بعدن.

وهكذا, فإنه بعد أن نشرت هنا ذلك الجزء من البيان, يصير بإمكان القارئ الكريم إذا وجد من يزعم بأن لبوزة فجَّر أو قاد ثورة 14 أكتوبر المجيدة أن يضع أصابعه في عينيه ويقول له "أنت كذاب أو جاهل فلبوزة قتل قبل أن تبدأ ثورة 14 أكتوبر".

إثبات أن مراسلات "ميلن" / لبوزة مختلقة

في مقال سابق نشرت نص رسالة يزعم البعض أن الضابط السياسي البريطاني بالضالع المدعو "ميلن" وجهها إلى راجح غالب لبوزة في 16 أغسطس 1963م يطالبه فيها ومجموعته بتسليم أسلحتهم ودفع مبلغ، وهي الرسالة التي يزعم نفس البعض أن لبوزة رد عليها برسالة يرفض فيها تسليم السلاح أو دفع غرامة وأضافوا بأنـه وضع طلقة رصاص بجانب الرسالة في الظرف كتحدٍ للسلطات البريطانية ومن ثم هاجمته القوات البريطانية فاستشهد في المعركة في 14 أكتوبر 1963م لتبدأ بذلك حرب التحرير ... إلى آخر كل تلك الخرافات التي لا أساس لها من الصحة.

وقد وعدت القراء في ذلك المقال عندما نشرت رسالة "ميلن" إلى لبوزة بأن أثبت لهم لاحقاً أن تلك الرسالة مختلقة أي لم يكن لها وجود في الواقع، وكتبت بأن القارئ المطلع على حقائق تاريخنا الوطني يستطيع أن يكتشف في الرسالة (6 أخطاء) يثبت كل منها أنـها مختلقة (أي لم يكن لها وجود بالواقع) أما القارئ غير المطلع على حقائق ذلك التاريخ فيستطيع إذا ما دقق في الرسالة أن يكتشف وجود خطأين يثبت كل منهما أنها رسالة مختلقة.

وفيما يلي أفي بوعدي وسأقدم للقراء الخطأين بل إنـه يكفي أن أقدِّم واحد منهما ما دام يثبت اختلاق الرسالة ومع ذلك سأبين الخطأين، وإكرامـًا للقراء سأتبعهما بخطأ ثالث، وسأحتفظ لنفسي ببقية الأخطاء لتنشر بكتابي المزمع صدورة قريبـًا بإذن الله.

إن الأخطاء الثلاثة تكمن كلها في "توقيع" الرسالة بالآتي "المستر / ميلن" على اعتبار أن هذا هو اسم الضابط السياسي البريطاني الذي وجه الرسالة إلى لبوزة، إن كلمة "مستر" بها خطأ جسيم، وكلمة "ميلن" بها خطأين فادحين وكالآتي :

أولاً : يمكن ملاحظة أن أول خطأ في ذلك التوقيع يتصل بكلمة "مستر" فهذه كلمة إنجليزية شهيرة تعني "السيد" وبالتالي ليس معقولاً أبدًا أن يصف الشخص نفسه بها, وإنـما يستخدمها الآخرون ليصفونه بها في المكاتبات والمحادثات من باب الاحترام. ولكن لأن عامة الناس في الضالع وردفان كانوا ينادون المدعو "ميلن" بـ "مستر ميلن" لذلك فإن من اختلق الرسالة المذكورة قام عن جهل مضحك بتوقيعها باسم "المستر ميلن" وهو ما يستحيل أن يصدر عن المدعو "ميلن" أو أي إنسان عاقل في الدنيا !

ثانيـًا : والخطأ الثاني الواضح يكمن في كلمة "ميلن" فهذا اسم مفرد وليس هناك إنسان في الدنيا يوجه رسالة إلى جهةٍ ما فيوقعها باسمه المفرد فما بالنا أن تكون هذه المكاتبة رسمية وصادرة عن مسؤول سياسي بريطاني! فالناس عادة يوقعون الرسائل باسمهم الثلاثي، أو الثنائي وهذا أضعف الإيمان، ولكن هذه الرسالة التي تهمنا هنا تحمل توقيعـًا باسم مفرد!! وذلك لأن من فبركوا (أي اختلقوا) الرسالة ونسبوها للمدعو ميلن هم أُناس في منتهى الجهل لأنـهم لا يعرفون من اسم الرجل غير "ميلن" وهو لقبه ولا يعرفون أن اسمه الأول هو "جودفري" وإلا لكتبوه في التوقيع .. وهذه هي نتيجة التزوير عن جهل! قلك "ميلن"! بل ويسبقه صفة "مستر"! فما هذا الجهل المقترن بالغباء فمن الغباء جداً عدم البحث عن الأسم الثلاثي أو الثنائي للمدعو ميلن والإكتفاء بتوقيع الرسالة المفبركة باسم ميلن فقط؟

ثالثـًا : الخطأين السابقين كان بإمكان القارئ غير المطلع على حقائق التاريخ أن يلاحظهما، وسأضيف هنا خطأ ثالث ويتصل أيضـًا بكلمة "ميلن" ولم يكن متيسراً على القارئ العادي الوقوف عليه، فما لم يعرفه الجهلة الذين لفقوا الرسائل المتبادلة بين "ميلن" ولبوزة هو أن ذلك الضابط السياسي البريطاني لم يكن لقبه الحقيقي هو "ميلن" بل هو "مينيل" (جودفري مينيل)، لكن لصعوبة نطق كلمة "مينيل" لدى أبناء المنطقة العرب (الضالع وردفان) فإنهم أخذوا ينطقونه "ميلن"، وهناك كلمات إنجليزية كثيرة كان الناس في عدن وعموم أرجاء الجنوب – ولا يزالون – ينطقونها بشكل مغاير للنطق السليم وهذا طبيعي ولا غبار عليه، وحتى عندما يقولون "ميلن" بدلاً عن "مينيل" فهذا أيضـًا لا غبار عليه, لكن يستحيل ثم يستحيل ثم يستحيل ألف مرة أن تصدر مكاتبة عن المستر جودفري مينيل فيوقعها ليس فقط باسمه المفرد ولكن فوق ذلك باسم خطأ هو "ميلن" بدلاً عن اسمه السليم!! إنه والله تزوير عن جهل وغباء لا أظن بأنه لهما نظير في عالم التزوير!

إن ما تقدم يثبت بشكل قاطع أن رسالة المدعو "ميلن" إلى لبوزة يستحيل أن تكون قد صدرت عن المستر جودفري مينيل, وترقبوا بقية الأخطاء في كتابي إضافة لتبيان الأخطاء العديدة التي حفلت بها الرسالة الأخرى المزعوم أنـها كانت ردًا من لبوزة على المدعو "ميلن" رغم أن الأمر لا يستدعي أبداً ذلك التبيان فطالما أنه لا وجود حقيقي لرسالة ميلن إلى لبوزة فبالتالي يستحيل أن يكون هناك رد حقيقي عليها من لبوزة.

لقد تعرض تاريخنا للتزوير (المقرف) بغية تعظيم شخص من أبناء الجنوب وإلصاق عنتريات خرافية به وذلك لجعله بديلاً عن الجبهة القومية في تفجير وقيادة ثورة 14 أكتوبر المجيدة بل ولإثبات أنـه فجرها باتفاق مع السلطة بصنعاء وقادها بدعم منها (بينما هي رفضت أن تقدم لثورة 14 أكتوبر أي دعم عسكري أو مالي! وأما هو فقد غادر الحياة قبل انطلاق هذه الثورة العظيمة !).

عن تونس وأحداثها
لم أكتب عن أحداث تونس, لأفسح المجال للأخوة الكتاب الآخرين فقد أصابهم إسهال سريع للكتابة عن ذلك حتى أن بعض المواقع الإخبارية اليمنية الهامة تضمنت 9 مقالات عن تونس من بين كل 10 مقالات بالموقع! وبصراحة فإن المقالات "معظمها" إنشائي و "كلها" متشابهة فهي تتمحور حول موضوعين اولهما القول بأن أوضاع الشعب اليمني أسوأ من أوضاع الشعب التونسي (وهذا معروف, فعلى الأقل ليس لديهم مواطنين درجة أولى ومواطنين درجة ثانية, كما أن جنوب تونس لم يتحول في عهد بن علي إلى عزبة لخولاني يشطح وينطح فيها كيفما يحب, ويهين الجنوبيين وكأنهم خدماً لديه! والجعبة فيها الكثير) أما الموضوع الثاني الذي ركز عليه كتاب المقالات فهو إسداء النصح للرئيس علي عبد الله صالح لسرعة إصلاح الأوضاع قبل أن يتكرر باليمن ما حدث في تونس وعلى نحو أسوأ كون الشعب اليمني مسلح (وهذا تعبير عن أمنيات أكثر مما هو تعبير عن الواقع!).. ومع أن إسقاط طاغية تونس بن علي هو بلا شك مكسب لشعب تونس, لكن يجب عدم الإغراق في التفاؤل بإصلاحات جذرية سياسية وإجتماعية ستجنيها تونس فالإنتفاضات الشعبية تحمل في طياتها عوامل إنتكاستها بل وفنائها, وهو ما سأبينه بإذن الله في الأسبوع القادم.


الساعة الآن 06:33 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas