عرض مشاركة واحدة
قديم 01-23-2008, 11:12 AM   #87
الدكتور أحمد باذيب
حال قيادي
 
الصورة الرمزية الدكتور أحمد باذيب


الدولة :  المكلا حضرموت اليمن
هواياتي :  الكتابة
الدكتور أحمد باذيب is on a distinguished road
الدكتور أحمد باذيب غير متواجد حالياً
افتراضي

د/ سعيد الجريري يشاركنا الحملة
مفارقات القات و القوت في تظاهرة حضرموت


المكلا اليوم /كتب/د سعيد الجريري

2008/1/10

كتبت قبل بضع سنوات مقالة في ( الأيام :العدد -3650 : 26/8/ 2002 ) عنونتها بـ ( تنظيم القاعدة أم تنظيم القات ؟ ) ، على خلفية خبر نشر في الأيام ( العدد: 3641 ) مفاده أن السلطة المحلية أمرت بنقل سوق القات حفاظاً على نقاء الكورنيش ومظهره .


وخلصت في تلك المقالة إلى أن المسألة لا تكمن في نقل السوق ومظهر الكورنيش ، ولكنها تتمثل في الجرأة على منع القات ، أو تقنينه – إن كان ولا بد – حفاظاً على أغلى ثروة وطنية ( الإنسان ) من وبال فيروس القات الوبائي. و هانحن اليوم نقرأ في ( الأيام : العدد- 5013- الأحد : 11/2/2007) خبراً عن تظاهرة حرّكها موردو القات وبائعوه في المكلا ، احتجاجاً على ارتفاع الضريبة


واللافت في هذه التظاهرة (النوعية) أنها تتقدم بأقدام ثابتة في الأرض ، في تجمع كبير، فتغلق طرقات ( الناس ) ، وليس ذلك فحسب بل تبيع القات في مسار التظاهرة على مرمى حجر من ديوان المحافظة ، بدلاً من بيعه في المكان المعهود المغلوب على أمره( حي الغليلة)!! ، ويرفع المتظاهرون عقائرهم عالياً مطالبين السلطة المحلية ( برفع الظلم عنهم ) ويرون أن ( ما يحدث من تعسف في ضرائب القات أمر لا يجب السكوت عنه ) !! الله أكبر.


وفي خط موازٍ ضجت مدينة المكلا بأصداء هذه التظاهرة ( التاريخية ) المستفزة لمشاعر الناس ، والدالة – من جانب معين – على أن ثمة فرقاً في التعامل مع المتظاهرين . وتساءل كثير من أبناء حضرموت الخير والهدوء والسكينة : ماذا كان سيحدث لو أن تجمعاً كبيراً من مواطني حضرموت الذين يسحقهم الغلاء والقات والبطالة وأخواتها ، خرج في تظاهرة ، وأغلق الطرقات ، ورفع المظلمات ، وطالب برفع الظلم ، أياً كان شكله, وأياً كان مصدره ، وعبر عن رأيه بأن ما يحدث من تعسف بالغلاء والتخدير بالقات والبطالة والإفقار وعسكرة الحياة المدنية وإفسادها ...إلخ ،( أمر لا يجب السكوت عنه ) بتعبير المقاوتة ؟ هل ستمر التظاهرة بسلام – وهي تظاهرة حق – كما مرت تظاهرة المقاوتة على مافيها من تجاوز ببيع القات في غير المكان المعهود المغلوب على أمره ؟!


لسنا نكره لأحد أن يشق طريقه بالطريقة التي تناسبه ، لكننا نلفت الانتباه – وهذه ليست وجهة نظر – إلى أن للقات تاريخاً في اليمن ، لكنه طارئ وطارئ جداً جداً على حضرموت ( لم يكن له وجود حقيقي قبل 1990) ، ولم يدخل في نسيج العادات والتقاليد الحضرمية ، لكن هناك من يعمل على نشر أسواقه سرطانياً بعمل مؤسسي وتنظيمي – فياللمفارقة


و الغريب أن من يمثلون المواطن في مجالس المنافع و مؤسسات المجتمع الشعبية والدينية والعلمية والأكاديمية والتربوية والثقافية ، يتواطأون ضد المستقبل والإنسان ، بالصمت حيناً وبالتسويغ الكسيح حيناً ثانياً ، وبالإقبال على تعاطي القات في المجالس والمنتديات والمناسبات الوطنية حيناً ثالثاً، فيدخلون في دوامات العلاقات غير البريئة ( فساداً وإفساداً ) ، إلى درجة أن الأسر والعوائل التي بات أمنها الاجتماعي والاقتصادي والأخلاقي مهدداً بالقات، أصبحت تخشى أن يناقش أولئك الممثلون إشكالية القات في حضرموت ، فيصدر عنهم تسويغ برلماني أو محلي أو رسمي أو أكاديمي أو تربوي أو ثقافي أو ديني ، يجعل الأمر ضغثاً على إبالة ! .
كتب الزبيري – قبل نصف قرن ، قبل الثورة – مقالة في مجلة (العربي) الكويتية عن القات ، فوصفه بـ( الحاكم الأول لليمن ) ، ويومئذ لم يكن للقات سلطة غاشمة كالتي هي له اليوم في الألفية الثالثة ، إذ اتسع نفوذه ( الفاحش ) باتساع الخارطة الجغرافية ، وأصبح أشبه بثابت من الثوابت ( الوطنية ) أو هدفاً من أهداف الثورة، التى لا يتناطح فيها( مولعيان ) من موالعة هذا الزمان ! وكتب عبدالله باذيب في صحافة عدن أيام الاحتلال البريطاني عن القات ، ومن ذلك مقالته المعنونة بـ ( القات لا تحاربوه ) التي أكد فيها أن من مصلحة المحتل أن يظل الشعب مخدراً ، في عمى عن قضاياه و مصالحه الوطنية .

وكتب د. عبدالله باحاج كتاب ( القات في حضرموت بين الفرض والرفض ، دراسات عن القات وخطورته على التنمية المحلية والوطنية ) ، وكتب كثيرون في السياق نفسه كثيراً من الآراء والمواقف الجادة .

لكن المرء يتساءل اليوم : إن كان من مصلحة الإمام الكهنوتي أن يظل شعبه في غيبوبة ، وإن كان من مصلحة المحتل الأجنبي أن يظل الشعب مخدراً ، لا يعي قضاياه ولا يدرك ما يجري من حوله ويحاك له ، فما وجه المصلحة في العهد الجديد ، عهد الديمقراطية والشفافية والتنمية المستدامة ؟!


و يتساءل آخرون : إن كانت حضرموت ترفد الوطن بما لا يقل عن 70% من الموازنة العامة ، فهل ( كارثة القات ) هي الرافد الذي يقدمه الوطن لحضرموت (المنزوعة القات) - برحمة من االرحمن الرحيم - فتدفع حضرموت الثمن مرتين : مرة بسيادية النفط الوطنية مع ندرة المستفيدين من أبنائها من التوظيف والتأهيل في المجال النفطي- وهي المحافظة النفطية الأولى- ومرة أخرى بما ترفد به جيوب وشوالات وأرصدة منتجي القات ومورديه من ملايين يومياً، وهم جميعاً لا يأتون من خارج الحدود طبعاً حتى يضبطهم خفر السواحل والمنافذ والبراري ، ولكنهم مواطنون يمنيون ينشرون – بتجارتهم الطفيلية -آفة اجتماعية واقتصادية وصحية وأخلاقية ودينية وثقافية في حضرموت جهارأ نهاراً ، وتحت مظلة الإباحة الوطنية والصمت الرهيب ، (ويتظاهرون أيضاً!!). أية مفارقة هذه التي أفاقت على نشازها مدينة المكلا ؟ .. وماالمفارقات القادمة ؟ ثم ماذا لو خرجت تظاهرة ( للقوت ) بدلاً من ( القات ) ؟


علق أحد كبار السن بعد أن نفض عمامته متبرماً من تظاهرة المقاوتة : ( سكتنا له ، دخل بحماره !! ) ، مشيراً إلى أن صمتنا عن كارثة القات ، برر لأولئك أن يتظاهروا ضدنا وضد مستقبل أحفادنا .. وأين ؟! في قلب المكلا ! .. الله أكبر ! متى تفيقون أيها السادرون ؟ ومتى نسمي الأشياء بأسمائها فيصبح القات كالأفيون ، فنثور عليه كما ثار شعب حي استحق الحياة بجدارة في بلاد اسمها( الصين ) ؟ .. إنما : لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
  رد مع اقتباس