اقتباس :
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سالم علي الجرو
[ مشاهدة المشاركة ]
|
ريتني مطـرب ودق العود وعزف على الربابه
باجمع صحابي صحاب الغيل وصحاب الرباب إلى سؤاله: من متى ياذيب يا المسكين شليـت الذيابـهْ
وانت لاتسرح ولاتاوي مـع هأتـك الذيـاب؟
أيضا الخبر عند أستاذنا
|
قال بوناصر سرحت اليوم يافتّاح بابه = واستعنت الله رب العرش يفتح كل باب
من دعى ربه وهو مظلوم بايلقى إجابه = ربنا يسمع دعاء عبده وبايرد الجواب
واسمع الحنّات حن القلب من داخل حجابه (1) = وش معك يالقلب ذي حنّيت من تحت الحجاب
شي معك فرحه على العادات أو جبت الغلابه = لو معك فرحه على العادات زيّدها هباب
في نصيف الليل حن القلب وتذكّر شبابه = ريتني بارجع في العشرين في حسن الشباب
ريتني صاهر بن المقبوع (2) ولا بن غرابه (3) = والهديّه باتجي بكره بزنقوب الغراب
ريتني مطرب ودق العود وأعزف عالربابه = باجمع أصحابي صحاب الغيل وأصحاب الرباب (4)
قل لذي جالس على الخزنه يرويني كتابه = با ثنين سطور يتبدّون من ذي في الكتاب
لا تبدّو لي اثنين سطور بانعرف حسابه = وانت جالس على الخزنه ولا تعرف حساب
صاحبي هذا يعاتبي وزيّد في عتابه = لا تعاتبني وأنا مخلوق ما عندي عتاب
عاتب الرجّال ذي عالباب قد طوّل شنابه = شف خراب الهرج بايجيكم من أطوال الشناب
بدعي صحابي وبن عثمان (5) بايدعي صحابه = لا أتفقنا واقتسمنا الشور بانصبح صحاب
بزقر (6) السكان (7) حق الميل (8) ذي تعلق قصابه = در بنا في البحر ياذا الميل بو اربع قصاب (9)
صاحبي حبه وحب الشخص ذي يعرف صوابه = حب ذي يعرف وذي يخرج كلامه في الصواب
والجمل لا حمل على الجمّال باينتخ (10) نيابه (11) = ياجمل توكّل خرج حكمك بنتّاخ النياب
من متى يالذيب يالمسكين شلّيت الذيابه = وانت لا تسرح ولا تأوي مع تاك الذياب
صلبوك الناس وألقو جم في عظمك صلابه = وأصبحت تعمل لك الثيران عوجان الرقاب
السماء نجم وأنا قد كنت متسهّن سحابه = وابشروا بالسيل يالحرثان (12) لا شفتوا السحاب
بالمطر بايفرح البدوي وبتخضّر شعابه = وأطلبوا سعفي يجينا سيل من روس الشعاب
يابن الحامد (13) لبا بن عمرو (14) يتزوّج ضبابه = هكذا من حل في عرما يصاهر بن ضباب
قصيدة يافتّاح بابه من القصائد التي اشتهرت في أوساط الناس وخصوصا لدى الهواة لأشعار باسرده ، ويقال أنها من آخر قصائده وقد كتبها في سجنه بميفعه ، ولتوضيح معانيها ومراميها يحتم علينا البحث اللجوء إلى المرجع سالف الذكر لــــ بدر بامحرز لننقل منه بإقتضاب ما يخدم غايتنا ويجلي غموض القصيدة وسنضيف إليه ما أغفله بامحرز :
صوّر الشاعر في الأبيات الأولى من هذه القصيدة ألم ومعاناة مالحق به من ظلم في مختلف مراحل حياته واستعان بالمولى وتوجه إليه بالدعاء لرفع الظلم عنه :
من دعى ربه وهو مظلوم بايلقى إجابه = ربنا يسمع دعاء عبده وبيرد الجواب
يشير في البيتين الثالث والرابع ما يراوده من أمل في العثور على فرج جديد وذلك عندما يستمع إلى نبضات قلبه ودقاته وحنينه التي استشعرها واشارإليها :
واسمع الحنّات حن القلب من داخل حجابه = وش معك يالقلب ذي حنّيت من تحت الحجاب
شي معك فرحه على العادات أو جبت الغلابه = لو معك فرحه على العادات زيّدها هباب
يلفت الشاعر النظر في البيت الخامس من القصيدة إلى أن من بين الأسباب التي جعلت قلبه يحن بذلك الشكل هو تذكرّه لماضيه الذي انصرم وسنوات شبابه وأمانيه في العوده إلى ايامالصبا والشباب بالإضافة إلى أمنياته الأخرى ... وتتجسد أمنياته في المفردة التي كررها عدة مرات في هذه القصيدة ( ريتني ) ريتني بارجع في العشرين في حسن الشباب ... أما البعد السياسي فيتمثل في البيات التالية :
قل لذي جالس على الخزنه يرويني كتابه = با ثنين سطور يتبدّون من ذي في الكتاب
لا تبدّو لي اثنين سطور بانعرف حسابه = وانت جالس على الخزنه ولا تعرف حساب
ارد الشاعر من خلال هذين البيتين القول أن الستور الذي اتخذته الجبهة القومية وتحديدا بعد خطوة 22 يونيو التصحيحية 1969 التي انقلب فيها التيار اليساري على التيار اليميني ومجموعة العقود دستورا غير مقبول من وجهة نظره لما فيه من مخالفة للقيم الوطنية والقومية والإسلامية التي يعتمد عليها الشعب وذلك لوجود بعض المواد المخالفة لتلك القيم مخالفة صريحة في الدستور كالعلمانية والنهج الإشتراكي ويطالب بإلغاء تلك المواد من الدستور بل ويعتبر ذلك شرطا لأي اتفاق أو موافقة على بقاء النظام في قوله : با ثنين سطور يتبدون من ذي في الكتاب ثم يضيف لا تبدوا ثنين سطور بانعرف حسابه ، وكلمة تبدّوا ( بتشديد الدال ) معناها ابعدوا ، ورمز للدستور بالكتاب وإلى بعض مواده بالأسطر وكأننا به يقول : أن الدستور مستورد ولم يكتب محليا أو يقر من الشعب وان القائمين على الحكم لم يتأملوا فيه جيدا وبالشكل المطلوب ليعرفوا مالهم وماعليهم ، ويرى البعد السياسي كذلك في الأبيات التالية :
من متى يالذيب يالمسكين شلّيت الذيابه = وانت لا تسرح ولا تأوي مع تاك الذياب
صلبوك الناس وألقو جم في عظمك صلابه = وأصبحت تعمل لك الثيران عوجان الرقاب
هذه الأبيات تحمل رمزية رائعة في ما شهده المجتمع من إفرازات وتغييرات هامة نتيجة للمنهج السياسي الذي نهجه النظام وخصوصا فيما يتعلّق بفهمه وتطبيقاته لمقولة الصراع الطبقي التي روّج لها وقام بتطبيقها تطبيقا تعسفيا وما اسفر عنها من نتصيب لقيادات غير مؤهلة لتكون في موقع القرار وتحمل تلك المسؤلية الجمية في إدارة شؤون المجتمعات المحلّية ، والمقصود بذلك الذئب المسكين الذي توجه إليه الشاعر بالسؤآل عن الذيابه هي الأسس والعادات والشجاعة والقيم التي كان يحملها الكرماء والصناديد من الرجال وما هي أسباب تلك القوة التي يستشعرها ذلك الذئب المسكين وأن يكون رمزا لتلك القيادات التي جلبها الصراع الطبقي وخصوصا من كانوا ينتمون إلى ما يسمى بالطبقات الرثة آنذاك ، ومنتقدا لمن يمارسون النفاق لتلك القيادات غير المؤهلة وأعتبرهم مسؤلون عن الإستبداد الذي تمارسه تلك القيادات وجبروتها وطغيانها على الشعب وخصوصا الرجال الشرفاء حتى غدت تعمل له ثيرانا رقابها معوجّة
، ونرى البعد السياسي أيضا في الأبيات الأخيرة من القصيدة :
السماء نجم وأنا قد كنت متسهّن سحابه = وابشروا بالسيل يالحرثان لا شفتوا السحاب
بالمطر بايفرح البدوي وبتخضّر شعابه = وأطلبوا سعفي يجينا سيل من روس الشعاب
يرمز فيه إلى ما يتكنف الواقع السياسي السائد آنذاك من اشكاليات وصراع سياسي وإجتماعي وثقافي متعدد الأطراف والمصالح وما قد يسفر عنه ذلك الواقع من أحداث أو ثورة شعبية ( وقد حصلت الأحداث فعلا )


ولكنها لم تغير واقعا بل زادت في التشدد ....
أهمل بدر بامحرز الإشارة إلى البيت الأخير أو سرد معناه وها أنذا أشرح الغاية منه :
يابن الحامد لبا بن عمرو يتزوّج ضبابه = هكذا من حل في عرما يصاهر بن ضباب
وضع الشاعر باسرده حلا لإشكالية جنوب اليمن وطلب من القوى القبلية والروحية النافذة في المجتمع التكاتف فهو قد طالب بمصاهرة القبموع وبن غرابه وطلب من بن عثمان دعوة أصحابه للإتفاق واقتسام المشورة ، وقبيلة آل عمرو وبموجب ما نعلم ورغم قلة عدد أفرادها مقارنة بالقبائل الأخرى المنضوية تحت حلف بلعبيد القبلي تعد من أشرس قبائل بلعبيد وضعها رمزا وإلى جانبها قبيلة آل ضباب الهلالية وبارك أي تقارب بين القبائل ، فوديان عرما وجردان متجاوران ، ومن سكن في عرما يصاهر جاره بن ضباب بمعني أن يقوي أواصر القربى معه للوقوف في وجه نظام حكم جائر ..... الغريب والعجيب أن ذلك النظام الذي حارب القبيلة وهمشها وابرز الطبقات الرثة قد صفى بعضه بعضا في حرب يناير 1986 تصفية جهوية مناطقية قبلية قال عنها المفكر البحريني الدكتور محمد جابر الأنصاري : أن تصفية الحسابات في جنوب اليمن جراء حرب يناير قبليا ومناطقيا أربكت المراقبين الذين تصوروا أن جنوب اليمن قد قضت على سطوة القبيلة وعصبيتها وإذا بالأحداث تنفجر على ذلك الأساس .
رحم الله الشاعر محمد صالح باسرده وغيره ممن قضوا نتيجة مواقفهم السياسية .
نهدي التالي إلى روح الشاعر الشهيد محمد صالح باسرده :
تحياتي .
(1) الحجاب : حجاب القلب
(2) بن المقبوع : شخص من أهل المنطقة
(3) بن غرابه : شخص آخر من أهل المنطقة
(4) الرباب : الأرض التي تروى بمياه الأمطار والسيول
(5) بن عثمان : شخصية من أهل المنطقة
(6) السكّان : الاداة التي تستخدم في قيادة السفينه
(7) بزقر : سأقبض وهي مفردة دراجة في بعض مناطق شبوه وأبين ولحج وعدن
(8) الميل : المركب أو السفينه
(9) القصاب : مداخن السفينة
(10) باينتخ : سيقلع
(11) نيابه : الأنياب
(12 ) الحرثان : جمع حرث وهم المزارعون .
(13) سعفي : رفاقي أو جماعتي
(14) ابن الحامد : هم آل الحامد ... سادة يقطنون في أعلى منطقة جردان .
(15) بن عمرو : المقصود به آل عمرو وهم قبيلة معروفة من الفرع الحياني في قبائل بلعبيد وتقطن في وديان عرما ودهر .
(16) بن ضباب : آل ضباب وهم قبيلة هلالية معروفة من النماره وتقطن بوادي جردان