الأزمة الوطنية لن تحل بالاتكاء على الدعم الخارجي فقط - المحــــرر السيــــاسي صحيفة الوسط
--------------------------------------------------------------------------------
الأربعاء - 06/05/2009 - 10:52:55 مساء
الأزمة الوطنية لن تحل بالاتكاء على الدعم الخارجي فقط - المحــــرر السيــــاسي صحيفة الوسط
شبكة شبوة برس - بدلا من مواجهة الأزمة المتفاقمة في محافظات الجنوب من خلال الاعتراف بها والبحث عن حلول واقعية سعت قوى داخل السلطة إلى افتعال أزمة أخرى هذه المرة مع الصحف المستقلة وفتح جبهة أخرى غُيِّب فيها القانون وحضر العسكر كأداة تنفيذ لتوجيهات لا تصدر إلا عن سلطة تحكم تحت مظلة أحكام عرفية.
الصراعات عادة ما تخلق انتهازيين يحولون الأزمة إلى فرصة للاستفادة الشخصية أو لتصفية حسابات قديمة، وحالة الضبابية وانعدام الرؤية تجعل من هؤلاء فاعلين وأكثر من ذلك موجهين وصناع قرارات عادة ما تكون سببا في تفاقم الأزمات واستفحالها.
الوحدة يراد لها أن تصبح صنما يعبد بدلا من كونها إنجازاً بشرياً الهدف منه تحقيق مصالح الناس لا إيذائهم وهو ما بشرت به.
لقد حملت الوحدة حينما أصبحت واقعا رسائل دلت أولا على حقيقة انعتاق اليمن بشطريه من هيمنة الخارج بشقيه الإقليمي والدولي حيث تحققت بمساندة جماهيرية واسعة.
وقد عادت اليوم إلى واجهة الاهتمام الإقليمي والعربي والدولي ولكن هذه المرة من باب الخوف عليها لا محاولة إجهاضها حينما كانت ما زالت مشروعا ظن البعض بإمكانية الحؤول دون تحقيقه.
صحيفتا الرياض والوطن السعوديتان احتلت هذه القضية صدارة اهتمامهما وبالذات الأولى التي دعت إلى ضرورة مساعدة اليمن على تجاوز أزمته إلا أنها بالمقابل -وربما بحسن نية دافعها الخوف على البلد- دعت إلى إخراج الأزمة من كونها يمنية خالصة لتصبح تحت المظلة الخليجية.
وفي ماله علاقة بهذا الموضوع جاء في الافتتاحية "اجتماع القيادات الخليجية مع الرئيس اليمني وكل أطراف النزاع ربما بطرح الحلول لأن اليمن أهم نافذة على الخليج ويشكل استقراره ضمانة أمن دولنا وشعوبنا وقبل أن تحدث الكارثة هل نرى ونسمع استجابات سريعة وعلى أعلى المستويات".
الدعوة السعودية -على أهميتها- حددت الرئيس شخصيا بالاجتماع مع أطراف النزاع الذين حتى الآن يصعب تحديد من هم شمالا وجنوبا .. بمعنى ترك الأمور مفتوحة لكل صاحب لافتة، ابتداء من شحتور جنوبا وحتى أقل شيخ شأنا في شمال الشمال لكي يجلس على نفس الطاولة.
نعم يتوجب الاعتراف اليوم أن الأزمة اليمنية -وبالذات في الجنوب- لم تعد شأنا محليا خالصا بعد أن قصرت السلطة في حلها حينما كانت قضية حقوقية خاصة بعد أن أصدرت السلطات الأمريكية بيانا بهذا الخصوص بدا أكثر تحديدا وحرصا على مسألة الوحدة اليمنية باعتبارها شأنا داخليا يتوجب التعاطي مع أزمتها وفقا للمبادئ التي انطلقت منها على أساس ضمان المساواة بين جميع المواطنين وفقا للقانون والحصول على فرص المشاركة المتساوية في الحياة السياسية والاقتصادية ووفق هذه الأسس دعت السفارة الأمريكية جميع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين اليمنيين إلى المشاركة في حوار يحدد ويعالج الشكاوى الشرعية وهو ما كنا في هذا الحيز تمنينا تحقيقه منذ أكثر من عام، من خلال تبني الرئيس الدعوة لحوار وطني شامل لا يستثني يمنياً واحداً في الداخل أو الخارج ليتم الاتفاق على تشخيص الأزمة والخروج بحلول وطنية لها.
كان موقف الاتحاد الأوروبي داعما للوحدة ودعا لمساعدة اليمن للخروج من دائرة الصراع مما يؤكد حساسية تفاقم الصراع بالنسبة لأمريكا والاتحاد الأوروبي ودول الجوار.
النظام السياسي يبالغ في الاتكاء على مؤازرة كهذه باعتبار أهمية موقع اليمن الاستراتيجي لمصالح هذه الدول.
إلا أن الاكتفاء فقط بمثل هذه المواقف الداعمة للاستقرار لا يمكن الركون عليها باعتبار أن الواقع له أحكامه التي لا يمكن القفز عليها أو تجاوزها، وهو ما يجعل الكرة في مرمى الرئيس الذي يتوجب عليه التعامل مع ما يجري وفق المصلحة الوطنية وتجربته التي جعلته متمرسا في اعتراك مثل هذه القضايا التي لا يمكن حلها بقوة السلاح وإنما بعلاج أسبابها.
في العادة وحين تصبح الأزمة مستحكمة حلقاتها بفعل غفلة السلطة ينتظر الناس من مؤسسات الدولة وبالذات التشريعية والاستشارية منها موقفاً ليس بالضرورة أن يكون مواجها ولكن على الأقل ناصحا وموضحا ومانعا من سقوط الدولة، إلا أن مجلسينا النيابي والشوروي كلاهما غير فاعلين وإن بالقدر الأقل من الذي يخوله لهما الدستور والقانون.
بل إن الأدعى للأسى أن مجلس النواب -وهو ممثل الشعب- يمدد جلساته لمتابعة قضية عضو في المجلس بينما -ويا للمفارقة- يرفعها والبلاد تموج بالفتن وأرواح تزهق مدنية وعسكرية في أكثر من منطقة داخل اليمن وليس خارجها.
عودنا مجلس النواب على تحضير غيابه في كل أزمة حقيقية تواجه البلاد، حيث لم يُسجل له موقف واحد طوال سنواته الشرعية والمغتصبة قدر فيه على مواجهة اختلالات بنيوية كانت السلطة طرفا فيها.
مؤشرات الوقائع تحكي عن تصعيد قادم وليس تهدئة، وهذا التصعيد سيطال شكل الحياة السياسية برمتها .
شبكة شبوة برس
--------------------------------------------------------------------------------
المحرر : شبكة شبوة برس - الوسط