عرض مشاركة واحدة
قديم 07-06-2009, 04:44 PM   #43
شاهين
حال نشيط

افتراضي

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هدير الرعد [ مشاهدة المشاركة ]
تشكل الأحزاب السياسية في أي مكان في العالم المحور الأساسي في العملية الديمقراطية، ومن دونها فانه لا يمكن الحديث ابداً عن وجود ديمقراطية أو شبه ديمقراطية، فأما ديمقراطية كاملة أو ديكتاتورية شاملة ولا حلول وسط بينهما.

ودائماً ما يرتبط مصطلح الإصلاح السياسي بالأحزاب السياسية والدور المناط بها لتحقيق هذا الإصلاح أو على الأقل وجود دور لها في عملية تحقيقه بدءا بوضع الأسس الراسخة لقيام المجتمع الديمقراطي المبني على التعددية وصولاً إلى مبدأ تداول السلطة السلمي بين الأحزاب أو التيارات المختلفة كما هو سائد الآن في العالم الغربي الديمقراطي.

لكن في البلدان العربية قاطبة نجد أن الأحزاب السياسية فيها تعمل في ظل بيئة مُحبطة نوعاً ما. فما تزال الأمية منتشرة على نطاق واسع، والوعي السياسي لدى الجماهير في هذه المنطقة لم يصل بعد إلى الدرجة التي تمكن هذه الأحزاب من ممارسة دورها المطلوب في المجتمع، بل أن هذه الأحزاب نفسها ما تزال تفتقر في ممارساتها العملية إلى الأساليب الديمقراطية في إدارة أنشطتها وتدوير المناصب القيادية بين كوادرها.

وعلى كل حال؛ يذهب البعض إلى القول بأن الإصلاح السياسي في ظل بيئة مثل هذه، يبدا أولا بإقرار القوانين الناظمة للحريات، وفي مقدمتها قانون الانتخاب وقانون الأحزاب السياسية والقوانين الخاصة بالصحافة والمطبوعات والاجتماعات العامة وغيرها من القوانين التي تحكم عمل النقابات على سبيل المثال والمؤسسات ذات التأثير في المجتمع. ومن ثم فأنه من خلال تكرار ممارسة الأنشطة السياسية لهذه المؤسسات وللمواطن العادي وفق هذه الآليات والقوانين سيتطور الوعي السياسي لدى المجتمع وتتعمق الممارسات والتقاليد الديمقراطية بالإضافة إلى ترسيخ وتعميق دور الأحزاب السياسية.

ولدينا في اليمن تجربة رائدة في هذا المجال، فلدينا القوانين والتشريعات المنظمة لعمل هذه الأحزاب، ولدينا قانون للانتخابات ، ولدينا تجارب انتخابية عديدة أفضت إلى تغيير أعضاء وأحزاب في البرلمان، كما أفضت إلى وصول أحزاب سياسية من قوى المعارضة إلى المشاركة في الحكومة حتى 1997م. وإلى تشكيل المجالس المحلية في المحافظات، وهذه التجربة أضافت دون شك الكثير من المفاهيم والوعي السياسي للناس، وأسهمت في ترسيخ القيم والتقاليد الديمقراطية.

مثل هذه الأمور لا ينبغي علينا أن نغفلها ونحن نبحث عن حلول لمشكلاتنا الراهنة، فالتغيير المنشود لا يأتي من خلال تقسيم أوصال البلاد ليتربع عليها فلان أو علان، كما يحاول البعض الآن تصويره لنا.
التغيير المنشود الآن هو أن نعمل على تغيير دور هذه المؤسسات حتى يتحقق مبدأ حكم الشعب نفسه بنفسه.

تطوير عمل الأحزاب السياسية وآلية الانتخابات، وتحقيق مبدأ التداول السلمي للسلطة وصنع القرار في السلطة وفي الأطر الحزبية هو ما ينبغي التركيز عليه في الوقت الراهن على ما أعتقد. ولا أظن على الإطلاق أن ثقافة المناطقية، زرفض هذ المؤسسات هو الذي سيحقق العدل والمساواه والتنمية للبلاد، بل أن هذه الثقافة هي أحد ابرز أسباب تخلفنا، وهي بيئة خصبة للأنظمة الفاسدة للاستمرار في فسادها بمعزل عن يد الإصلاح والتطور الحقيقي..

مع المادة كما هي
  رد مع اقتباس