سيكلوجية صالح المزمنة
لدى صانع القرار اليمني إشكالية عميقة ، لازمته ربما منذ صغره ، أو تكوينا نفسيا جبل عليه ، فما أن يكون على مسار نظري صحيح يتحدث عنه في خطاباته ، حتى يقفز إلى مربع آخر سلبي، في استحضار عميق يجسد مدى تأثير تلك السيكولوجية على قدرته والحد من وثباته الناهضة..
فالرجل بالرغم من أن له إيجابيات ما ، قادرة على جعله ينمو معرفيا حتى وإن تقادمت به الأيام ، يجد ذاته محاطا بلفيف من \"سيكولوجيات\" تستبطن هي الأخرى ذات سيكولوجيته ، لتكون بمثابة حافز لتثاقله ، حين تبدو قراراته وطنية ، أو تصب في مصلحة الوطن وتقدمه تنمويا وديمقراطيا وعلى كافة الاصعدة .
لو أن الرجل غادر مربع القديم ، أيا كان فكرا وسلوكا ، ونظرة ورؤية ، لا ستطاع أن يحقق الحد المطلوب مما وعد به ، أو يردده في خطاباته ن فمكنة الناحية الخطابية تتجلى عظمة فارعة ، وسامقة ، من الانجازات النظرية ، التي يخجل أوباما ذاته على أن يعد بها شعب أميركا الحر
إشكالية صانع القرار انه لا يستطيع أن يخلق لديه رغبة ذاتية في تخطي تكوينه \"السيكولوجي\" ، ولو قرر يوما بجدية فإن ما تيسر له من حكم، يمكن ان يحقق من خلاله نقلة نوعية في البلاد ، لعل الذاكرة تحتفظ له بمتحف أنيق فيها، وهي تكتب عن حقبة حكم دامت 30 عاما مجدبة من إنجاز ملموس ، يمكن أن يستفيد منه الشعب عمليا ، وليس نظريا.
يتهمك البعض هنا في اليمن ، بالحقد وأنت تكتب عن حقائق ما فيها ، وسلوك صناع القرار ، لكن الأمر ليس كذلك بقدر ما هو احتراق داخلي يأكل أعصابك ويمتص دمك ، إحساسا بالوطن ، بل ألما وأنت ترى أن ميراث جيل برمته يدمر تماما، فالجيل القادم سيأتي على وطن مداميك أسسه مرتخية ، وبالتالي يجد ذاته أمام وضع لا يؤهله لأن يواصل مشوار ما ناهض ، بل لا بداية صحيحة يمكن ان يمضي على خطاها ، الميراث الذي سيلتقطه مع الأسف هو هذا العفن من الفساد والاستبداد ، والتخلف ، وعلى خطى من ساروا سيمضي .
آباؤنا ،وأولهم الرئيس صالح ، لا يفكرون البتة بمستقبلنا ..كمجموع ..كجيل..كوطن ، وما يجب أن يكون عليه وضعنا مستقبلا ، هم فقط يفكرون في أوضاعهم الخاصة ، ووضع أسرهم ، هذا تفكير أناني مدمر ، التمحور حول الذات يجعلك تتخطى ممكنات النهوض لتؤسس وجودك ولو على أسس غير صحيحة ، وما بني على أسس غير صحيحة ينهار ، ولا يؤهل لأن تبنى عليه أسس التقدم والنهوض، ولن يكون ميراثا إيجابيا.
أنا هنا كيمني ومن الجيل الجديد أتحدث ، وفي أعماقي ما يشبه الاحتراق ، صدقوني لو أردت أن أبحث لي عن وجود لوجدته ، لكن وجودي أراه من هنا ، من خلال هذا الوخز الذي ربما سيحيي من كان له قلب ، نحن جيل يجب أن لا نسمح للسادرين بضياع مستقبلنا ، جيل يريد أن لا يرتد إلى نحر بعضه ، لأنه ورث التناحر عنكم .
وطني نيوز:30/6/2009 ـ رداد السلامي
--------------------------------------------------------
هنيئا له نظارته السحرية.!
رداد السلامي التاريخ: 17/6/2009
في اليمن لسان حال من لا يرى حقيقة الوضع :"كل شيء بخير " تماما كما هو لسان حال السلطة .
على أن الذي يرى حقيقة الأمور ، كما هي ، لن يقول سوى أن كل شيء سيء، والكل متطرف، وإن كان كل شيء سيء ، فإن الأسوأ هو أن نحيا على توقع الأسوأ دائما .
حياتنا كيمنيين تصاغ بطريقة غير سوية ، ونحن في وطن قل فيه القادة الأسوياء ، ولم يتبقى إلا مرضى وأنانيين وجشعين ، وكائنات رديئة ، تعتاش على فن التلميع والمكيجة ، ومسحوق "كل شيء تمام وبخير ".
مساحيق الحبر الرخيص منتشرة ، تماما كما هي مساحيق الألسن المتحركة بالتمجيد والتحميد لصانع الخير وباني نهضة اليمن الجديد .
والحقيقة التي توصلت إليها أننا هنا في اليمن ، بحاجة إلى عملية تجميلية ، تجرى في الذات ، قبل أن نرش مساحيق التجميل الخادعة .
ليس كل شيء بخير وتمام ، كما أنه ليس من المنطق القول أن كل شيء سيء ، غير أن السوء هو الغالبة التي استوجبت تعميم الحكم ، فالسيئة كما يقال تعم والحسنة تخص، ووفقا لمعايير الديمقراطية ، فالأغلبية تقر أن كل شيء سيء، وأن الأمور تزداد سوء ، على نحو مخيف ، لكن سرعان ما نجد في واقع الاختيار أن الغالبية تختار السوء ، وهنا يكمن الخلل ..!!
الأمر الذي يؤكد حقيقة أهمية ما أشرت إليه من ضرورة إجراء عملية تجميلية للذات .
الأسوياء يعون ما يدركون ، وعلى ضوء ذلك يتحدد حسن اختيارهم .
كثيرا ما يردد صانع القرار أنه كي نرى منجزاته ومعجزاته ، يجب أن نخلع النضارة السوداء ، ونلبس البيضاء ، ومع أننا شعب جله لايرتدي نضارات أيا كان لونها ، فإننا متفقون أن الأمور تزداد سوء ، تماما كنظارة صالح السوداء ، وبما أن الرجل غالبا ما يرى على الشاشات والجرائد مرتديا نظارة سوداء ، إلا أنه يرى الأمور بيضاء دائما ، هنيئا له نظارته السحرية التي تجعل كل شيء أبيض ..!!