عرض مشاركة واحدة
قديم 05-16-2005, 10:50 AM   #1
باشراحيل
مشرف قسم الأدب والفن ورئيس لجنة المسابقة الشعر يه

افتراضي تجربة الغربة عند{ابوبكر سالم بلفقيه}

"دراسة فنية "

تجربة الغربة .. عند {ابوبكر سالم بلفقيه} ..

الوطن .. والتراث.. والأهل في :

جلسة من الذكريات


جدة : رياض عوض باشراحيل

الحلقة الأولى


خمسون عاماً من الإبداع والعطاء الفني المتميز في عالم الأغنية في الجزيرة والخليج .. غواص ماهر في بحار الفن .. فهو مطرب وشاعر وملحن في آن معاً .. صوت جميل تفيض بها حنجرته يؤثر في المستمع ويحرك وجدانه وعواطفه .. ويأسر به الأذن التواقة إلى الفن والجمال .. يمتلك أسلوباً مميزاً في أداء الأغنية ممثلاً لمعاني الكلمات التي يغنيها ومعبراً بحنجرته وموسيقاه عن روحها , موحياً بالخصائص النفسية والعاطفية التي تتحدث عنها الأغنية.
قدم الفنان أبو بكر سالم بلفقيه خلال مسيرته الفنية الحافلة بالعطاء الأغنية الحضرمية والعدنية والصنعانية والخليجية وبعض ألوان الغناء العربي الأخرى , إلا أنه تفرد في أداء الأغنية الحضرمية على وجه الخصوص , هذه الأغنية التي نبت من أرضها وترعرع في أحضانها وتشربت روحه الفنية من معينها .. حمل الفنان على كاهله رسالة الأغنية الحضرمية , وأضحى حديثها البؤرة المركزية لحواراته الفنية في مختلف وسائل الاعلام , رفع لواءها عالياً وساهم في تقديمها بأصوات عربية متألقة كما دفع ابنه أصيل إلى ميدان الفن من بوابة أغنيتهما المشتركة (يا ريحة أهلي) وفاء للتربة والأهل .. كسر أسوارها الضيقة وعبر بها خارج الحدود الجغرافية المحلية ليحلق بها آفاقاً رحبة في سماء الأغنية العربية من المحيط إلى الخليج .. راسماً بصماته على إيقاعاتها محدثاً لها في رحلة تسجيلاته تطويراً شاملاً في الكلمة واللحن والموسيقى والأداء انطلق به من محطة بيروت في الخمسينات ثم استقر به العطاء في القاهرة (عاصمة الفن العربي) ليسابق بها غيرها في ميدان الأغنية العربية الفسيح.

جلسة من الذكريات

في شريطه الجديد الموسوم بـ(جلسة من الذكريات) نهج الفنان أبو بكر سالم فيه منهجاً غير مسبوق من غير جانب خلال مسيرته الفنية .. فقد عهد جمهوره أن يجد في كل جديد يصدره وجبة فنية متنوعة المصادر متعددة الألوان من حيث مضامين الأغنيات وموضوعاتها وأسلوب تقديمها وإيقاعاتها , إلا أنه في هذه الجلسة قصر أغنيات الشريط الست على لون غنائي واحد هو اللون الحضرمي منتقياً ألحاناً استقاها من معين تراثه المعطاء تمثل طائفة من أجود ألحان الدان والرقصات الشعبية الموروثة والتي لا تزال تمارس هناك حتى يومنا هذا في مختلف المواسم والمناسبات كالأفراح والأعياد والرحلات السنوية ومواسم الحصاد وغيرها .. كما اختار لتلك الألحان الشعبية طائفة من الأشعار الغنائية التي تعبر عن موضوع الغربة وأحاسيس المفارق والأشواق والحنين إلى الوطن , مثل تلك الأغنيات التي سكبها في هذا الشريط كنا لا نجدها إلا لماماً في أشرطته السابقة .. فجعل من الشريط وعاء فنياً أكد فيه ارتباطه الوثيق بالأهل والتراث والتصاقه بالتربة مردداً أنغاماً في الأفق البعيد , معيداً تشكيل تراثه الغنائي وعرضه بلمسات عصرية جديدة في الشكل أضفت إليه مزيداً من البهاء والجمال دون المساس بروح الأغنية التراثية ومضمونها.
وسائل تراثية

لقد أجاد الفنان مزج موسيقى الأغنيات بإيقاعات وآلات ووسائل نغمية متنوعة من صميم التراث استقاها من حضرموت كالهاجر والمرواس والمزمار والخلخال وادخل (الصفقة) بالأيدي وما يسمى هناك (بالرزحة) وهي الصوت الذي ينطلق عند الضرب بالرجل أو الرجلين على الأرض لدى تأدية بعض الرقصات كالهبيش والغياضى والغيّه والعدّه والشوّانى والمشقاصى .. وغيرها من الحركات البدنية الراقصة بإشرافه وبالاستفادة من فرقة الرقص الشعبي التي استقدمها من حضرموت إلى القاهرة لتسجيل تلك الأعمال بالصوت والصورة حتى يضفي عليها المذاق الحضرمي الصرف والنكهة الأصيلة .. تلك الفرقة التي قامت أيضاً بتركيب إيقاعات هذا الشريط قادها مبدع مسكون بروح الفن , عني بخدمة فنه فمنحه جل اهتمامه نقش اسمه في ذاكرة فن الغناء والرقص الشعبي هناك .. إنه الفنان (علي سعيد علي) قائد فرقة الشحر للتراث البحري .. لقد عمل الفنان أبو بكر سالم على تسخير ثقافته العالية وإمكاناته الفنية المتميزة في حركة لا تنقطع وجهد لا يكل لخدمة تراثه وفنه.

(شكرا لمتابعتكم .. والى الملتقى في الحلقة الثانية)
التوقيع :
نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
  رد مع اقتباس