عرض مشاركة واحدة
قديم 11-24-2009, 08:04 PM   #1
حد من الوادي
مشرف سقيفة الأخبار السياسيه

يا أهل الجنوب .. دقيقة سكوت لله


يا أهل الجنوب .. دقيقة سكوت لله

العميد / عوض علي حيدرة -

"الحقيقة تبدو غالباً قاسية ومريرة.. وغالباً ما يكون قبول الحقيقة والتعايش معها أمراً صعباً، وإن كانت الحقيقة صادقة، لكن ذلك ليس كافياً لنعرف عنها العكس، بل لا بد من مواجهتها".

د/ رفعت السيد

- إذن- الزمن لا يعود للوراء.. والتاريخ أيضاً لا يعود.. أما ذاكرة التاريخ، فإنها ستبقى في قلوب وعقول الناس، نبراساً يضئ مسيرة الشعوب، وليس معياراً، لان لكل مرحلة من مراحل التاريخ الإنساني ظروفها وأهدافها.


1- شاءت الأقدار، أن يعيش جيلي الشقي، مرحلة الآمال والأحلام الكبيرة، وهو الجيل الذي عاصر وشاهد وشارك في الأحداث والوقائع التاريخية العاصفة، في ستينيات وسبعينيات القرن المنصرم.. وهو الجيل الذي – ينفرط عقده ويرحل واحداً بعد الآخر اليوم – قد شاخ وهزم وضيع كل شئ على مستوى الجنوب.. أنه شاهد وشهيد في آن واحد. وما تبقى منه – يعيشوا يتامى- بجميع المفاهيم، ونودع ما تبقى من أعمارنا بحسرة، مسلوخي الايدي والاقدام، منهوكي القوى، بسبب المسافة الطويلة، والتي قطعناها وسط ربع خالي، فيه قتلت أحلامنا وآمالنا، أو وئدت هكذا أمام عيوننا، بلا أي هوادة ولا أي شفقة.

فقد فشلنا فشلاً ذريعاً، ليس في الحفاظ على الوحدة الوطنية على مستوى الجنوب، وإنما فشلنا في عدم الحفاظ على الوطن، إذ تسرب الوطن من بين إيدينا، كما يتسرب الماء، لأننا لم نكن في مستوى مسؤولية حمايته والدفاع عنه والموت فيه، بحيث فضلنا طريق السلامة على طريق التضحية، في الوقت الذي كان لدينا من القوة ما يكفي: مما صرنا موضوعياً لتندَر شعبنا لنا، اللهم لا شماته.

يقيناً، نكاد نكون ( كليتنا ) ساهمنا، بوعي أو بدون وعي – والأرجح بوعي – في بيع وطننا أو التخلي عنه، كل حسب درجة مركزه ونفوذه.. ومن يبيع وطنه أو يتخلى عنه، يتخلى عنه التاريخ، ويضعه في الدرك الأسفل، ولن يكون له غد فيه، ولن تكون له جنة بعده.. أعني إجمالاً، لو حاولنا صادقين ( لوجه الله ) وتعرينا، وظهرنا على حقيقتنا، هل تبقى لنا حرمه أو إحترام في عين أنفسنا؟ ولا نقول في أعين الناس.

لكن شر البلية ما يضحك، فقد إنضحك علينا في 22 مايو 1990م، وقلنا يومها ( وحدة لا يغلبها غلاب )، وفي نفس الوقت إنضحك علينا في 7 يوليو 1994م، وقالوا حينها قضيتنا على الإنفصال والخونة، ورغم ذلك لم نستفد من الدروس والعبر، للأسف لازلنا نتغذّى من هذياننا البائس، ولم نتعلم من التجارب ما يكفي، والذي لا يستفيد من تجاربه الماضية، محكوم عليه بتكرارها والفشل مرة أخرى، وربنا يستر من القادم.


2- على صعيد معارفنا السياسية والثقافية، لا زلنا نجترح معارف قديمة ومصرّين على أنها جديدة، ولا زلنا في مد وجزر، بين تحالفات وعلاقات قديمة، أساسها مناطقي، عفا عليها الزمن، بإعتبارها كانت السبب الأساسي في هزيمتنا، بينما نجد اليوم من يوظفها لخدمة أهداف جديدة، والقائمين عليها يدركوا ذلك. وبين عدم الإعتراف بشجاعة، بأن ما وصلنا اليه من صنع أيدينا، والنتيجة كما يقول العرب: " الطبع يغلب التطبّع". وتلك حالتنا بالامس وتلك حالتنا اليوم.

نعيش في وعينا وممارساتنا ونفسياتنا، صراع الماضي المتداخل المتشابك المعقد، مع أنواع أخرى من الصراعات الذاتية، التي يشهدها حاضرنا كجنوبيين، مما جعل البعض عاجز وغير قادر على التمييز، بين العمل الوطني من السيلسي، أو الحزبي من المناطقي.

لم يعد لنا ما نقول، سوى تأكيد المؤكد لانفسنا. كثيراً ما نتكلم في كل شئ، الى درجة نوهم أنفسنا، فيها شئ من الأسى والحزن، وأحياناً جلد الذات مع شئ من الواقعية في الكلام - وليس في الأعمال- ولا نسكت، ولا نجد أثر لما نستعرضه على الأرض، وفي نفس الوقت، نفتي في الثورة كما يقول الكاتب محمد عبدالحليم ذياب: " إنتهت في الواقع ولم يبق منها الا الحلم". والكاتب يعني ثورة 23 يوليو 1952م، وهذا القول ينطبق علينا في الجنوب. نعم لم يستطع الزمن محو من ذاكرتنا زمن الرجولة ومراحل العزة والكرامة، وبالذات آبان الكفاح المسلح، لكن هذا الحلم يحتم علينا القول لمن كان له موقف من الثورة، ومسك المعول في هدمها ويحاول ونجح أن يهيل عليها التراب في ظروف مختلفة، فهو معذور، لانها مسته وتضرر منها وقضت على نفوذه، وبالتالي الذي لا نحمل فيه ذرة من الإحترام والتقدير نحو ممن إستفادوا من الثورة وجنوا ثمارها ثم إستداروا عليها تامراً، وهؤلاء معروفين كانوا على رأس السلطة التنفيذية والحزبية، ويدعون الماركسية في الجنوب، بينما هم رأسماليين في الشمال.

كما إننا نفتي في الوطنية، فيما نعرف وما لا نعرف، في حين نمارس عكس ذلك على الواقع، في ما ضينا وحاضرنا، علاوة على ذلك، يفهم كل واحد الأمور على طريقته، ويطبخ الأمور على طريقته، ويحاول أيضاً – بعناد الجاهل – يحل الأمور على طريقته.



3- لقد ضاعت أقدامنا بالامس ولازالت الطريق، وتعوذنا بالله من الشيطان الرجيم، وتوضأنا لنصلي لله فضاعت القبلة والإمام، بل الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، وجد كل واحد منا يفتي وإتخذ له قبله، بما يتفق وذوقه ومصالحه، ليمارس طقوس عبادته. فلم يعد لنا ما نحترمه في إطارنا، وها نحن نعيش الآن على خلفية مشاهد لا نشاهد من يحركها، تتراقص أمامنا كالاشباح، وتضع الزيت على النار، بالرغم من عقد التصالح والتسامح والتضامن، إلا أننا بفعل فاعل، عاد البعض منا الى قواعده القديمة سالم.. نشرنا غسيلنا القذر على بعضنا بعض، تارة بأسماء واضحة، وتارة أخرى بأسماء مستعارة، حتى صفينا حساباتنا مع أنفسنا ومع التاريخ، ولم يعد لنا تاريخ كهوية تميّزنا وندافع عنها، وإنما ثمة وطن محتل وقيادات مهزومة، صفت حساباتها في الماضي مع بعضها البعض، ولم تتفق الى غاية الآن على موقف موحد، ولسان العرب يقول: " ما تموت العرب إلا متوافية".



4- هكذا تبرعنا عن قناعة قومية، وطيبة خاطر جنوبية، وسلمنا وطننا وشعبنا ودولتنا ورقابنا للرئيس اليمني صالح، الذي لا يرحم ولا يريد لرحمة ربنا تنزل على عباده.. هادم الآمال والتطلعات ومفرق الجماعات.. سلمنا أمرنا في 22 مايو 1990م، دون مقابل ودون شروط، أو حتى شهود من الخارج، ليؤكد بالبرهان العملي على أفراطنا في الكرم، ولم يقابلنا الرئيس بكرم مماثل بل بعكسه، رغم أننا ( فكينا زنقته )، ولكن لعب مع القيادات الجنوبية من أول يوم لإعلان 22 مايو 1990م، لعبة الحواة سميت يومها بـ( الحكولة ). وهكذا جاءت الجرادة الى فم الوحري – الوحري نوع من السحالي ويخرج أيام الحر من جحره، ويذهب الى أعلى مرتفع من بيته ويفتح فمه نتيحة الحر، وتأتي الجرادة في سبيلها وتفع في فمه صدفة – ها نحن اليوم نضرب أخماس في أسداس، وقد ورد في الأثر ليس أتعس ممن يشيع جنازة مجده بيده.



5- عشنا غيبوبة طويلة في ماضينا، ولما عاد وعينا بعد أمر قد قضى، فاتنا القطار بسبب تركنا الملعب للدبابير، تلعب فيه والغربان تنعق فيه، وما فعله ولازال يفعله الرئيس اليمني في الجنوب منذ (15) سنة، يعجز إبليس الرجيم أن يفعل مثله، وهذا من حقه، لان الارض لمن يحميها، وليس لمن يتركها و( جابها الملب ) براً وبحراً وجواً، ومع ذلك نجد للأسف بعض الجنوبيين في الخارج، كل واحد يغني على ليلاه، وبالتالي والأدهى من ذلك، نجد من يدعي البطولة، بينما هو مهزوم. كما نجد من يحاول بقدرة قادر يقنعنا بأن لديه الخبر اليقين في كيفية إستعادة الوطن بطريقته (مبروك يا جدعان)، والله زمن يا سلاحي، أشتقت لك في كفاحي.

لذلك، نتمنى صادقين للجيل الذي يحمل بعدنا الراية، أن يهبط على أرض الجنوب، كالمظليين أو هواة (الغوص من السماء)، داعين الله أن يقف على أقدامه سالم غانم، وأن يكون أكثر قدرة وتوفيقاً في تحقيق ما تسببنا في خرابه، وما عجزنا عن تحقيقه حتى يتمكن من الوصول الى الهدف المنشود، بالوسيلة التي يراها مناسبة، بعدما فشلنا في الثبات في الميدان، للدفاع عن الوطن وحمايته من القراصنة الجدد.

كما نبتهل لله سبحانه وتعالى ونرفع أيدينا للسماء، وندعوا أن يطيل أعمارنا حتى نشاهد اليوم الذي سوف يرفرف علم الجنوب فوق صيرة خفاقاً، ليتسنى لنا التعبير عن فرحتنا بهذا اليوم، ثم نجهش بالبكاء، كما فعل سود أمريكا، وعلى رأسهم (جيسي جاكسون) عندما أُعلن عن فوز باراك أوباما برئاسة أمريكا

نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلةنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
التوقيع :

عندما يكون السكوت من ذهب
قالوا سكت وقد خوصمت؟ قلت لهم ... إن الجواب لباب الشر مفتاح
والصمت عن جاهل أو أحمق شرف ... وفيه أيضا لصون العرض إصلاح
أما ترى الأسد تخشى وهي صامتة ... والكلب يخسى- لعمري- وهو نباح
  رد مع اقتباس