12-13-2009, 04:10 PM
|
#6
|
حال نشيط
|
المعارضة
النموذج الأول:
ينطلق من حقيقة أن مفهوم الدولة غير ثابت ويتغير مع تطور المجتمعات البشرية وحاجاتها ومصالحها، وبالتالي فأن هناك حركة مستمرة تعمل على التغيير على المدى البعيد وليس القصير. تؤثر هذه الحركة وتتأثر بكل التغيرات المستمرة. هذه الحركة غير مرئية و يقودها المفكرون والفلاسفة (ومن امثلتها ابن خلدون) ويؤثر في مجراها ومدى قبولها باقي أعضاء المجتمع. وهو ما يمكن أن نسميه التطور الإنساني.
النموذج الثاني:
والذي لا نراه إلا في الدول ذات النظام الديمقراطي في الحكم، وهنا المعارضة ليس لديها مشكلة من حيث المبدأ بوجود آخرين في السلطة (حالياً) بل تقوم بدور المتابع والمراقب لأفعال القائمين على السلطات الثلاث أو أحدها، بحسب نظام الحكم، وتحاكمه معنوياً أو فعلياً على مدى التزامه بقانون مؤسسة الدولة ومدى تحقيقه لمصالح باقي أعضاء المجتمع.
النموذج الثالث:
يفترض أن تعمل المعارضة في هذه الحالة على إحداث تغيير في النظام العام، مباشر وسريع .هذا النظام الذي قامت السلطة الحالية بتعديله لصالح الحفاظ على مواقعها. أي أنها تعمل على إعادة الأمور إلى نصابها، من خلال الفصل بين السلطة القائمة والدولة، وصياغة نظام عام جديد يكون مقبولاً من قبل أعضاء المجتمع المنتمي لهذه الدولة لتعيد لها دورها الفعلي في تحقيق مصالح جميع الفئات وليس الفئة أو الفرد الحاكم فقط. وطبيعة النظام السياسي تحدد شكل المعارضة ووظيفتها، أهي تعمل في مقابل سلطة آنية في إطار تداول السلطة، أم تعمل لتغيير النظام السياسي العام الذي يحكم العلاقات السياسية. لكن طبيعة الحكم لا يجب أن تنعكس على ممارسات المعارضة، أي إن كان نظام الحكم شمولي لا يجب أن تكون المعارضة شمولية…الخ.
عندما يوجه نقد ما إلى معارضة في ظل نظام ديكتاتوري، فهو لا يجب أن يوجه لشكلها ووظيفتها، لأن الواقع فرض عليها هذا، لكن يوجه إلى كيفية ممارستها للمعارضة. فهل هذه المعارضة ديمقراطية حقاً لنقبل منها الدعوة إلى تداول السلطة، أم المشكلة بالنسبة لها هي الوجوه والأشخاص، وإبعادها عن السلطة؟ في هذه النقطة بالتحديد يجب أن نكون جداً دقيقين وحذرين عندما نتعامل مع معارضة محددة.
فلا يجب أن نخلط بين شكلها ووظيفتها التي تحدد بشكل نظام الحكم وبين ممارساتها التي تكشف وعيها لذاتها. فإن كانت ممارساتها تنم عن فكر شمولي إلغائي للاخر فعندها لا نستطيع إلا أن نراها هي والنظام الحاكم وجهان لعملة واحدة. وإن كانت لا تقوم سوى بالانتقاد والتجريح بالنظام الحاكم وتحديداً بأشخاصه فعندها يمكننا أن نقول أنها لم تشكل وعيها الخاص بذاتها، بل إن سلوكها هو مجرد رد فعل على ما وقع عليها من ظلم أي أنها تعي ذاتها فقط على أنها نقيض نظام الحكم، وبذلك يكون وعيها الذاتي مزيفاً وذو نزعة انتقامية.
من الطبيعي أن نجد هذه الممارسات في أي معارضة ضد نظام حكم ديكتاتوري، إلى أن تتعلم المعارضة من أخطائها وتستطيع صياغة مشروع تغيير حقيقي تعمل على أساسه بغض النظر عن الممارسات القمعية التي تتعرض لها، عندها فقط نستطيع أن نتحدث عن معارضة قادرة وفاعلة وواعية لذاتها.
|
|
|
|
|