الموضوع: الوحدة
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-16-2005, 04:47 AM   #11
الدكتور أحمد باذيب
حال قيادي
 
الصورة الرمزية الدكتور أحمد باذيب


الدولة :  المكلا حضرموت اليمن
هواياتي :  الكتابة
الدكتور أحمد باذيب is on a distinguished road
الدكتور أحمد باذيب غير متواجد حالياً
افتراضي هل يوجد استقرار بدون وحدة وطنية ؟!

هموم اول القرن:هل يوجد استقرار بدون وحدة وطنية ؟!
بقلم/ نصر طه مصطفى

مهما كانت المنغصات التي حاولت إفساد ذكرى قيام الجمهورية اليمنية ... العظيمة فإنها لن ترقى إلى النيل من هذا الحدث التاريخي، الذي أعاد لليمن اعتباره ومكانته بين الأمم والشعوب ... فهذا الشعب لا يعرف إلا أنه شعب واحد حتى في ظل التشطير ، فهو يمني في صنعاء ويمني في عدن ويمني في المهرة ويمني في صعدة ... والعالم كله لم يكن لديه رأي آخر في هذه المسألة فلم يعرف عن دولة أو نظام أو مؤرخ أو باحث أو سياسي القول إن اليمنيين ليسوا شعباً واحداً ... فما بال أقوام اليوم يتحدثون بمنطق غريب بعيداً عن العقل والمنطق وحقائق التاريخ والجغرافيا ؟! إن العصبيات إذا غزت وعششت في شعب من الشعوب فإنها لا تتركه حتى تتركه هباءً منثوراً وأشلاء ممزقة ... ذلك أن العصبية لا تنتهي عند حد لأنها كالسرطان إذا أوغل في جسم تركه جثة هامدة !!فمن سيقول لكم اليوم إنه يريد تصحيح مسار الوحدة أو أنه يريد تحرير الجنوب سيرفع غداً شعار (عدن للعدنيين) ثم سينادي بعد غد بفصل حضرموت وذلك كان مخططهم في عام 1994م ، والله يعلم ماذا بعد وقد نجد أمامنا السلطنات القديمة كلها لأن أمراض التجزئة ليس لها حدود ....
ومن سيقول لكم اليوم إن (المذهب الهادوي) هو هوية اليمن – وقد قالوها في يوم من الأيام فعلاً – ستجده منادياً بالحكم للمذهب ثم سيقول إن الحكم ليس من حق كل أتباع المذهب والمفروض أن ينحصر في (آل البيت) ثم ستجده يمنع أحفاد (العباس بن علي بن أبي طالب) من الحكم لأنهم ليسوا من البطنين ... ثم ستجده يمنع أحفاد (الحسين بن علي بن أبي طالب) من الحكم لأنهم ينتمون للمذهب الشافعي ... وهكذا عصبية داخل عصبية داخل عصبية داخل عصبية ظلمات بعضها فوق بعض وتجزئة لا نهاية لها !!
نعلم أن هناك أناساً لن يهدأ لهم بال ولن يقر لهم قرار حتى يدمروا هذا البلد ويحطموه ويحولوه إلى عشرات من الكانتونات القبلية والمذهبية و المناطقية ... لكني لا يخامرني الشك لحظة واحدة أن مخططاتهم هذه لن ترى النور ، وأنه كلما نشأت أجيال جديدة في ظل هذه الدولة الواحدة الموحدة كلما زال خطر دعاة التمزيق والتجزئة ... وبالتأكيد ستنجح الأجيال القادمة في معالجة كل مخلفات الفساد والتخلف بالحكمة اليمانية وفي إطار نظام ديمقراطي واحد وليس بمنطق مرضى النفوس الذين يدعون أنهم يريدون معالجة الفساد والتخلف وسوء الإدارة بالتجزئة والتمزيق وبث روح الفرقة والعصبية !
لقد حاول هؤلاء أن ينغصوا العيد الوطني الخامس عشر بأحداث (الحوثي الأب) في رزامات صعدة ، وبالموقف المخجل للسفير السابق (أحمد الحسني) لأنهم أرادوا أن يقولوا للعالم إن النظام في اليمن يضطهد أبناءه من صعدة شمالاً حتى عدن جنوباً ... لكن هيهات من ذا الذي سيصدق هذا الهراء وسفراء الدول الشقيقة والصديقة يجولون في اليمن من أقصاه إلى أقصاه، ويشاهدون بأعينهم ما يجري فيه من بناء وتنمية ويعيشون يومياً بين أجواء صحف المعارضة التي لم تعد تبقي ولا تذر وتجعل من الحبة قبه ثم لا يمسها ضرر ولا أذى ؟!
ليس وطنياً ولا صادقاً ولا مخلصاً من يرى الأخطاء والفساد والإختلالات والمساوئ ثم يدافع عنها أو يصمت ولا ينتقدها ... ليس ذلك محل جدال لكننا لا نقبل أن تتحول تلك المظاهر السيئة إلى (قميص عثمان) يحملها البعض لإسقاط النظام وطعن الوحدة الوطنية وبث العصبيات المذهبية والسلالية والمناطقية بين المواطنين لأن من يفعل ذلك هو الآخر ليس وطنياً ولا صادقاً ولا مخلصاً !
لقد صدم الملايين الذين تابعوا يوم السبت الماضي لقاء الرئيس مع جمعية العلماء والذي تحدث فيه وزير الداخلية كاشفاً بعض وثائق مخطط الحوثي وأعوانه ... وهي مرعبة بكل المقاييس وتكشف عن خطورة مثل هذه العقول المتحجرة التي تريد أن تعيدنا إلى مرحلة ما قبل التاريخ ... وهي في ذلك تمثل الوجه الآخر لتيارات العنف الجهادي والقاعدي والسلفي حيث ليس هناك مفر أمام الحكومة من وضع استراتيجية فكرية ثقافية وطنية لإعادة تأهيل تلك العناصر من ناحية، ووضع المعالجات الاستباقية الكفيلة بمنع تكرار بروز تلك الظواهر بهذا الحجم – على الأقل – حيث لا يمكن في نهاية المطاف أن يكون هناك مجتمع في الدنيا لا يوجد فيه متطرفون ... فلولا هؤلاء لما عرفنا قيمة الإعتدال والوسطية !
خمسة عشر عاماً مرت ليست بالكثيرة في عمر الشعوب – كما يقال – لكنها بالنسبة لشعبنا كبيرة لأنها أعادتنا إلى المسار الصحيح ومن ثم فقد بدونا وكأنه لم يكن هناك إنفصال أساساً في تاريخنا المعاصر لأن حالة الإندماج الإجتماعي والسياسي والإقتصادي ترسخت بصورة سريعة ومذهلة لسبب بسيط هو أنها كانت قائمة في النفوس ... ولو لم ننجح في استعادة وحدتنا عام 90م ولو لم ننجح في افشال الإنفصال عام 94م لكنا الآن في أحوال أسوأ مما كان عليه الأمر قبل 22 مايو 1990م ولنا أن نتخيل ذلك ... فالاستقرار في اليمن هو رديف الوحدة ، وأعتقد أن هذه هي أهم الحقائق التي يجب أن ندركها وعلى ضوئها سندرك ونفهم تلقائياً كيف يجب أن نتعامل مع دعاة التجزئة والتمزيق واثارة النعرات وإحياء العصبيات !!

[email protected]
  رد مع اقتباس