الموضوع: غضب وأدب
عرض مشاركة واحدة
قديم 12-12-2012, 05:44 AM   #53
سالم علي الجرو
شخصيات هامه
 
الصورة الرمزية سالم علي الجرو

افتراضي

في الرّد رقم 12 كتب العبد لله التالي:
(( لسنا في مقام المحلفين لنقرر ونجيز ونمنع ، نحن قرّاء وثمّة متعة في القراءة إذا كان الموضوع المقروء يعبر عن عمق ومعنى ، ذلك العمق المتأصل بالماضي وذلك المعنى المتصل بالعادة والعرف )).

تحددت اثنتان:
الأولى: (لسنا في مقام المحلفين ) .
الثانية: (نحن قرّاء وثمّة متعة في القراءة )
العبد لله نفي عن نفسه صفة الحكم والمقرر ويؤكد أنه من القراء الذين يقرأون القول فيتمتعون بأحسنه . إلى هؤلاء القراء يجب أن نخاطب ونحتكم ، فمالنا نقرأ في بعض الردود نزعة الملكية وكأن صاحبها شاعر مجيد ويجب أن يبقى شاعر في كل نظم موزون شاعر مجيد ، الشاعر الأخير رمز للشاعرية .
لا نزال نؤكد أننا في حقل الأدب ( القسم الشعري ، المصنف بعذب القوافي ) ، وهذا يتطلب أن يكون الجو أدبي والقول: عذب بما تشير إليه العذوبة من جمال وسحر وذائقة . لا مكان للحساسية أو أخذ المناقشة إلى ساحة المرافعات بوجود محامين ومؤيّدين لهذا الطرف أو ذاك . نحن أمام كلمة ليست ككل كلمة ، إنها الكلمة الشعرية وسلطانها الشاعر فدعوا النقاش في نطاق الكلمة الشعرية وسلطانها .
الشاعر حنطبة أتى بأبيات ـ مشكورا ـ للشاعر جمال العطاس من الشعر الرائع الخالد كونه استوعب مشهد ظرف وفسره فأجاد وعبر عنه فأحسن واستقرأ ووفق .
مولى الكنيسة خالف اللاهوت ===وأحبارهـم مـرّة مـع الرهـبـان
آيات مُلكِـهْ جـات فـي التابـوت ===لكـنّـهـم تـبـعــوك ياالـشـيـطـان
داؤد ذاك الـلـي قـتــل جـالــوت ===وأعطاه ربي المُلك والسلطان
شفها حِكَم في عالـم الملكـوت ===وعِلمهـا مـا هـو لـكـل إنـسـان
هاروت ما يسحرك يا مـاروت ===وفرعون ما يحكم على هامان
لاتحـسـب اليورانـيـوم بــاروت ===ياصـاحـبـي أو قنـبـلـة دخّــــان
وبعـد بكـره فـي وسـط بـيـروت ===الذيب با يرهـب قطيـع الضـان
من القصيدة نستخلص التالي:
1- ثقافة الشاعر القرآنية .
2- الإلمام بأحداث الساعة .
3- الرمزية الموفقة:
وبعـد بكـره فـي وسـط بـيـروت ===الذيب با يرهـب قطيـع الضـان
ومن منا لا يعرف مهابة الذئب وتوازن الرعب هذه الساعة وغداً ....
شعر عذب وتاريخ موثق وموثوق به .
ونحن أمام أبيات جميلة لجمال يحق لنا أن نتساءل: هل اكتفى الشاعر بالموهبة وقال ما يريد أم صقلها وأخذ من التجارب بتجرد من مخاطبة الذات ونزعة الأنا؟ ، وهنا نصل إلى: خلفية الشاعر الثقافية الناجمة عن القراءة والمتابعة وهذا ما طالبنا به ونطالب: محاكاة الذات لن تعطي ابداع إذ ينبغي القراةء ثم القراءة ثم القراة ، وهذه للأسف معدومة في كثير من أوساط الشعراء الشعبيين المعتمدين على مديح الأصقاء والأقارب إذ لا زالت كل عائلة تفتخر بشاعرها ومن الحب ما قتل ، والدليل: إتجاه البعض إلى الموزون الخالي من الكيمياء الشعرية .
التوقيع :
  رد مع اقتباس