عرض مشاركة واحدة
قديم 07-09-2010, 02:24 PM   #7
عليان الكندي
حال نشيط
 
الصورة الرمزية عليان الكندي


هواياتي :  الجنوب العربي عدن
عليان الكندي is on a distinguished road
عليان الكندي غير متواجد حالياً
افتراضي هذا رد احد اصدقائي من ابناء عدن المعلاء_ عاصمة الجنوب العربي

قال نجيب(( في 19 يناير 1839، أحتلت بريطانيا عدن بعد أن هزمت بقانون القوة (1)المدافعين عن عدن من أبناء لحج
(2)(وكانت عدن من قرى السلطنة العبدلية أي سلطنة لحج))




[COLOR="Sienn[SIZE="3"]a"]ومافيش حد من أبناء هذه القرية دافع عن قريته للاحتمالات الأتية:
1- لأنهم جبناء
2- لأنهم هنود وصومال وهذي مش قريتهم
3- لأنهم حجريين وساعدوا البريطانيين أصلا على احتلال القرية
4- لأن هذه القرية خاوية على عروشها ومافيهاش أبناء
5- لأن رجال هذه القرية راحوا يدرسوا في الخارج ومابقوش غير الحريم

أما عن جعل عدن قرية فهذا مصيبة اذا كان نجيب صادقا فكل المؤرخين والرحالة وصفوا عدن كمدينة عظيمة وهذا يعني أن السلطنة العبدلية جعلت عدن قرية بعدما كانت مدينة عالمية منذ قديم الزمان....

ولكن بالتأكيد نجيب يكذب وهذا الدليل:
ثــــراء عـــــدن

ويصف الكاتب والباحث شوقي عبد القوي عثمان أهمية عدن التجارية بقوله : “ فقد حظيت ( عدن ) بما لم تحظ به موانئ كثيرة غيرها . ويرجع ذلك إلى موقعها على مدخل الخليج الذي يعتبر الحد الفاصل بين سير عابرات المحيط الضخمة المحملة بالتوابل ، والأعشاب الطبية ، والحرارير واللبان الجاوي ، وصمغ اللك ، وأخشاب الصندل ، وإلى غير ذلك من السلع . . . فهي مجمع تجارات عالمي (المحيط الهندي والبحر المتوسط) “ . ويذكر شوقي عثمان عن ثراء مدينة عدن جراء نشاطها التجاري الدائم ، فيقول : “ دليل ثراء من يعمل بالتجارة أن أحدهم خاطب المقدس ( الرحال الجغرافي المسلم) بقوله : “ أخشى إنّ دخلت عدن ، فسمعت أنّ رجلا ً ذهب بألف درهم فرجع بألف دينار ، وأخر دخل بمائة دينار فرجع بخمسمائة . . . “ .

عـــــدن والأسطـــورة


وعلى الرغم من شهرة أسواق عدن وازدهار مينائها العريض فإنّ المؤرخين القدامى صبغوها بالكثير من الأساطير . وفي هذا الصدد ، يقول عبد الله محيرز: “ ويضفي ابن المجاور ـــ المعاصر للهمداني ـــ على عدن جواً أسطورياً. ويجعل من معالمها خوارق قامت بصنعها الجن ، وعباقرة البشر . . . “ وإنّ ما ذكره ابن المجاور إلى أن معالمها قامت بصنعها الجن يدل على مدى ما وصلت إليه عدن من أتساع وازدهار في العمران بصورة جذبت إليها أنظار كل من زاروه . وأشار مؤرخنا محيرز بأنّ ابن المجاور ذكر حياة عدن الاقتصادية والتجارية بصورة مسهبة وتفصيلية ودقيقة ، فيقول: “ فعدن ابن المجاور هي عدن الأسواق المزدحمة ، بالبيع ، والشراء ، والمزاد ، وعدن الفرضة ، والبحر، والسفن ونواخيذها ، وتجار الكارميــــــــــــة ( العنبر ) ، وسماسرة الرقيق “ . يضيف محيرز، : “ ويعطي ( أي ابن المجاور ) صورة فريدة عن إدارة الميناء، ومراسيم استقبال السفن ، وتدقيق موظفي الجمارك ، وأنواع السلع الواردة ، ونسبة العشور عليها ، ويعدد موارد المياه فيها كالآبار والصهاريج ، ويقدم بذلك دليلاً اقتصادياً لعدن أيام الرسوليين غاية في التقصي والاستيعاب “ .

عــــدن والصوفيــــة

ومثلما تطرق عبد الله محيرز إلى ابن المجاور وتناوله الحياة الاقتصادية في مدينة عدن ، فإنه أيضاً تطرق إلى صاحب (( تاريخ ثغر عدن )) بامخرمة المتوفى ( 947 هـ / 1540 م ) الذي سلط أضواء قوية على الحياة الاجتماعية والثقافية التي كانت تموج بها المدينة ، فقد كان ، فيقول : “ فهي عدن العلماء والفقهاء ، ورجال السياسة والحرب ، مدينة زخرت بالمدارس ، والجوامع ومجالس الأدب والعلم ، يُعدّد من وفد إليها من طلاب المعرفة والرزق “ . ويذكر الدكتور عبد الرحمن عبد الواحد الشجاع بأنّ الفترة الذي عاشها بامخرمة ، كانت الثقافة الصوفية تحتل مساحة واسعة في حياة عدن الثقافية بصورة خاصة واليمن وخارجه من البلدان بصورة عامة. وفي هذا الصدد ، يقول : “ ولعل با مخرمة لم يخرج عمّا ساد وشاع من تصوف سواء في اليمن أو خارج اليمن ، فقد صار الانتساب للتصوف جزءا ً من شخصية الأمراء والوجهاء والعلماء “ . والحقيقة عندما يكتب المؤرخون القدامى بأنّ عدن كانت مليئة بالعلماء والفقهاء ، فإنهم كانوا يقصدون شيوخ وأقطاب الصوفية الذين انتشروا في طول وعرض المدينة . والجدير بالذكر ، أن ألقى العديد من شيوخ الصوفية القادمين من مناطق تهامة وتحديدًا المناطق الساحلية ألقوا عصاهم في عدن ، وصار لهم الكثير من المريدين والأتباع حتى يوم الناس هذا . أمثال الشيخ أحمد الصياد المتوفى سنة ( 613 هـ / 1217 م ) ، الفقيه الصوفي الكبير بدر الدين الحسين بن الصديق بن الحسين بن عبد الرحمن الأهدل المتوفى ( 903 هـ / 1489 م ) . والذي دفن في بندر عدن ـــ كما قيل ـــ الصوفي الكبير وقطب أقطاب الصوفية في عدن محيي الدين عبد القادر بن شيخ بن عبد الله العيدروس ــــ .

عدن والإمبراطور الصيني

وشهدت عدن وميناؤها قدوم الأسطول الإمبراطوري الصيني في عهد أعظم سلاطين الدولة الرسولية حينئذ وهو السلطان الملك الناصر أحمد بن الأشرف إسماعيل المتوفى ( 827هـ / 1424م ) والذي دام حكمه قرابة 24 عامًا . وكانت مدينة عدن وميناؤها في عهده مزدهرين ازدهارًا كبيرًا . ويذكر مؤرخنا عبد الله محيرز بانّ الأسطول الإمبراطوري الصيني ، كان من القوة والكثرة أنّ غطى أفق سماء المحيط الهندي وخليج عدن ، وظن الناس أنّ ذلك الأسطول قادمًا لغزو المدينة وليس للتجارة . وفي هذا الصدد ، يقول محيرز : “ . . . فإن بعثة ( أي الأسطول الصيني الإمبراطوري ) كهذه تصل عدد سفنها إلى أكثر من ثلاثمائة ، وقوامها حشد يبلغ تعداده أكثر من 37000 خليق بأنّ يلقي الرعب والهيبة في قلوب من تتوجه إليهم أو أنّ يساء فهم هدفها على أقل تقدير “ . ويتطرق محيرز مثله مثل المؤرخين القدامى أو المعاصرين لزيارة الأسطول الإمبراطورية الصيني للمدينة إلى ثراء عدن ومينائها المتمثـــــل بالبضائع والسلع النفيسة والنادرة والمتنوعة التي خلبت عقول الصينيين ، فقاموا بشرائها لأبن السماء الإمبراطور الصيني ، وينقل محيرز على لسان أحد كبار البحارة الصينيين ، عن البضائع والسلع النادرة والنفيسة والقيمة التي جلبوها معهم إلى بلاد الصين من عدن ، فيقول : “ بعد أنّ تمت قراءة المرسوم الإمبراطوري ، أرسل الملك ( الناصر أحمد ) مناديًا في الناس أنه يسمح فقط لمن لديه أغراض ثمينة أنّ يبيع أو يقايض التجار الصينيين . وبذا أمكن شراء جواهر كبيرة الحجم . . . وكافة أنواع الياقوت وغيرها من الأحجار النادرة ، واللؤلؤ الكبير ، وبعض جذوع من شجر المرجان ــــ مازال الكلام على لسان أحد كبار البحارة الصينيين ــــ كما اشترينا عدة صناديق من شعاب المرجان وأشياء أخرى مثل الكهرمان ، وماء الورد والزراف ، والأسود ، وحمر الوحوش ، والفهود ، والنعام ، والحمام الأبيض ، وكل ذلك حملناه إلى بلادنا “ . ونستخلص من ذلك أنّ سوق أو أسواق عدن كانت محطة تتجمع فيها السلع القادمة من شرق أفريقيا ومصر والشرق الآسيوي ـــ كما ذكرنا في السابق .

عدن ودار المسكوكات

والحقيقة أنّ المسكوكات أو النقود المختلفة كالدينار الذهبي والفضي التي ضربت في دار المسكوكات في عدن اكتسبت شهرة واسعة من الأمانة والنزاهة بسبب نقاوتها وأوزانها السليمة . وهذا ما دفع تجار البندقية ، وجنوه ، وفلورنسا وغيرهم من المدن الإيطالية المشهورة إلى التعامل فقط مع النقود الصادرة من دار مسكوكات عدن وشهدت أيضًا أسواقها الدينار الذهبي الشرفي المصري وهذا إنّ دل على شيء فإنما يدل على حركة التجارة الرائع فيها من ناحية وثقة التجار بها من ناحية أخرى . حقيقة أنّ المدن اليمنية الأخرى مثل زبيد ، وتعز ، كان بها دور ضرب ولكن أهمها كانت دار المسكوكات في عدن بسبب موقعها التجاري المهم حيث كانت نقطة التقاء السلع والبضائع المتنوعة القادمة من مختلف بلدان المعمورة من مصر ، شرق أفريقيا ، الصين الهند وجزر شرق آسيا ،بذلك وصارت عدن ـــ بحق ـــ مدينة الأعمال والمال , وجراء ذلك انتشرت في طول وعرض عدن دكاكين الصرافة فأثرت تأثيرًا إيجابيًا في ازدهار نشاط حركة البيع والشراء في المدينة وأيضًا تداول العملات . وهذا ما أكده الدكتور محمد صالح بلعفير ، قائلا ً : “ وهكذا فقد تحولت مدينة عدن ليس فقط إلى ميناء ومرسى للسفن ومركز تجاري عالمي ، بل مدينة للأعمال والمال وانتشرت في أسواقها حوانيت الصرافة التي كان لها ، دون شك الأثر الكبير في انتعاش التجارة وحركة التداول النقدي , فقد عرفت تلك الأسواق المعاملات المالية والتداول النقدي للعملات الوطنية وبخاصة النقود الفضية التي كانت أساسا ً للتداول والتي وصفها ابن الديبع بأنها نقد البلد ، وكذلك التداول بعملات الأقطار الإسلامية الأخرى كالدينار الذهب الأشرفي المصري . . . وفضلا ً عن ذلك عرفت حوانيت الصرافة بعدن التعامل بنقود المدن الإيطالية ، وكذلك ممالك الهند والسند وفارس وعُمان وهي أقطار ارتبطت مع مدينة عدن بعلاقات تجارية لم تبخل علينا المصادر التاريخية والجغرافية من وصفها أو الإشارة إليها “ .

تعز وابن بطوطة

وفي ظل تلك الأجواء الاقتصادية والتجارية الزاهية والرائعة في عدن وطئت قدما ابن بطوطة المدينة . وقبل الوصول إليها زار تعز عاصمة الدولة الرسولية ( 626 ـــ 858 هـ / 1228 ــــ 1454م ) السياسية وحاضرة اليمن والتي كانت من أعظم الدول التي ظهرت على خريطة اليمن في العصور الإسلامية وإنّ لم تكن أعظمها على الإطلاق . ويصفها المؤرخ القاضي إسماعيـــــل بن علي الأكوع ، فيقول : “ وكان أبرز دول اليمن الحضارية ، وأخلدها ذكرًا، وأبعدها صيتا ً ، وأغزرها ثراء ، وأوسعها كرمًا وأنفاقا ً هى الدولة الرسولية . . . يعتبر عصرها غرة شادخة في مفرق جبين اليمن في عصرها الإسلامي ، ذلك لأن عصرها كان أخصب عصور اليمن ازدهاراً بالمعارف المتنوعة ، وأكثرها إشراقا ً بالفنون المتعددة ، وأغزرها إنتاجًا بثمرات الأفكار اليانعة في شتى ميادين المعرفة ، وما ذاك إلاّ لأنّ سلاطين وملوك الدولة الرسولية كانوا علماء فاهتموا بنشر العلم في ربوع اليمن على نطاق واســــع”. والجدير بالذكر ، أنّ زيارة إبن بطوطة إلى تعز كانت في حكم السلطان الملك المجاهد علي ابن المؤيــــــد بن داود المتوفى سنة ( 764 هـ / 1363م ) ، وتذكر الروايات التاريخية بأنه تولى الحكم سنة ( 721هـ / 1321م ) وكان عمره خمس عشرة سنة , وقيل اثنتي عشرة سنة . وتذكر الروايات بأنّ عهده اتسم بالاضطرابات ، والقلاقل ، والفتن , وأنه توفى بدار الكوكب في عدن ، ونقل جثمانه إلى تعز فدفن في مدرسته المجاهدية . وكيفما كان الأمر ، فإنّ الرحــــالة ابن بطوطة يذكر في رحلته إلى تعز المراسيم الخاصة بالسلطان ( المجاهد) وكيف التقى به في اليوم الرابع من وصوله إلى تعز , وتحدث ابن بطوطة ً عن مراسيم مأدبةالطعام التي أقامها السلطان الملك المجاهد على شرفه ، ويذكر إبن بطوطة أنّ تلك المراسيم ربما تم أخذها من ملوك بلاد الهند أو الآخرين أخذوها من سلاطين بني رسول . ويشير ابن بطوطة ، كيف احتفى به السلطان المجاهد الرسولي إحتفاءًا كبيرًا ، فيقول : “ وأقمت في ضيافة سلطان اليمن ( أي المجاهد ) أيامًا وأحسن إليّ وأركبني ، وانصرفت مسافرًا إلى مدينة صنعاء “ .

صنعاء وابن بطوطة

ويرسم ابن بطوطة صورة مشرقة وجميلة عن مدينة صنعاء في عصر الدولة الرسولية ، ملقيًا أضواءً على أحوالها العمرانية ، والاجتماعية منذ أكثر من ستمائة سنة خلت ، وكيف كانت صنعاء مدينة تحفها الحدائق الغناء ، وتنبع منها المياه الصافية الرقراقة والأمطار المتدفقة تغسل وجه المدينة . وكيف كان الجمال يغازلها . وفي هذا الصدد ، يقول “ وهي مدينة قاعدة بلاد اليمن الأولى . مدينة كبيرة حسنة العمارة بناؤها بالآجر والجص ، كثيرة الأشجار والفواكه والزرع ، معتدلة الهواء طيبة الماء ومن الغريب أن المطر ببلاد الهند واليمن والحبشة إنما ينزل في أيام القيظ وأكثر ما يكون نزوله بعد الظهر من كل يوم في ذلك الأوان “ . ويمضي في حديثه : “ فالمسافرون عند الزوال لئلا يصيبهم المطر وأهل المدينة ينصرفون إلى منازلهم لأن أمطارها وابلة متدفقة والمدينة مفروشة كلها . فإذا نزل المطر غسل جميع أزقتها وأنفاقها ، وجامع صنعاء من أحسن الجوامع ـــ يقصد الجامع الكبير القابع في قلب صنعاء القديمة حتى يوم الناس هذا ـــــ “ .

السفر إلى عــــــدن

من خلال ما دونه ابن بطوطة في مؤلفه المسمى (( تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار )) عن مدينة عدن ومينائها ذائع الصيت في مختلف بلدان المعمورة نخرج بعدد من الملاحظات أولا ً: ذكر أهمية الميناء بأنه نقطة التقاء التجار والتجارة من مختلف بلدان الشرق والغرب, وصف جغرافية المدينة بأنّ الجبال تحفها من كل مكان ، وأنها لا ماء ولا زرع ، ولا ضرع ، وذكر أيضًا مناخها الحار في القيظ . والصهاريج الضخمة المنتشرة فيها . وتحدث ثانيًا عن (( العقبة )) أو باب عدن. أو المدخل الوحيد للمدينة عبر البر . و أشار إلى نشاط أهل عدن المتنوع ، وكذلك تطرق إلى طبيعة سكان المدينة ، ثالثا ً : ذكر الجاليات المختلفة الساكنة في عدن من الهنود والمصريين وغيرهم من الجاليات الأخرى التي جذبتها الحياة التجارية المتوهجة في مينائها , رابعًا : تحدث عن ثراء تجارها العريض . وخامسًا : ذكر أنّ المدينة كانت تمتلئ بالعلماء الإجلاء والفقهاء الكبار , ونظرًا لأهمية ما ذكره الرحال ابن بطوط عن مدينة عدن منذ أكثر من ستمائة سنة مضت نورده كما جاء في النص ، مع توضيح عدد من المشاهد والصور التي تحدث عنها عن مدينة عدن :

أعجوبة الزمان

عدن “ مرسى بلاد اليمن ، على ساحل البحر الأعظم البحر العربي ( المحيط الهندي ) ، والجبال تحف بها ، ولا مدخل إليها إلا ّ من جانب واحد ـــ ويقصد باب عدن أو العقبة ــــ وهي مدينة كبيرة ، ولا زرع بها ولا شجر ولا ماء ، وبها صهاريج يجتمع فيها الماء أيام المطر . والماء على بعد منها ، فربما منعته العرب ( يقصد القبائل ) وحالوا بين أهل المدينة وبينه حتى يصانعوهم بالمال والثياب وهي شديدة الحر “ . من الأشياء التي شاهدها ابن بطوطة في عدن هي العقبة. وتروي الروايات التاريخية أنّ العقبة باب عدن ، كانت المدخل الوحيد للمدينة ناحية البر التي تدخل منه المحملة بالبضائع والسلع المختلفة القادمة من داخل المدن اليمنية وبعبارة أخرى تعد العقبة أو باب عدن المفتاح الحقيقي والمتحكم في مدخل المدينة جهة البر ، وكان عليه حراسة شديــــــدة . ويسهب مؤرخنا عبد الله محيرز في وصف الباب أو العقبة ، قائلا ً : “ يقع الباب في ثنايا العقبة . ممر منخفض من سلسلة جبلية تحيط بالمدينة إحاطة كاملة . . . وقد ظل لزمن طويل المنفذ الوحيد للمدينة ، والصلة التي ربطت عدن ببقية أجزاء اليمن “ . وأمّا الرحال الجغرافي المسلم المقدسي فيصف باب عدن أو العقبة بأنه أعجوبة الزمان . وفي هذا الصدد يقول عبد الله محيرز : “ اشتهر الباب منذ زمن طويل . وعدّه بعضهم أعجوبة معمارية أكثر من كونه ممرًا عاديًا للدواب والناس . فقد قامت عليه حراسة ، وركبت عليه بوابات تنظم حركة المرور عبره . ونقلا عن الجغرافي المقدسي ، يقول عبد الله محيرز : ــــ الذي كان معاصرًا للهمداني ـــ : “ وقد شق فيه طريق في الصخر عجيب وجعل عليه باب حديد . كما وصفه الهمداني نفسه ضمن الأبواب المشهورة في اليمن يطلب الأذن في دخولها بل وعده من عجائب اليمن التي لا مثيل لها في الدنيا “ .

الصهاريـــــج

ومن الصور المهمة التي التقطتها عدسة إبن بطوطة عن مدينة عدن هي الصهاريج حيث ، يقول عنها : “ . . . وبها صهاريج يجتمع فيها الماء أيام المطر . والماء على بعد منها ، فربما منعته العرب وحالوا بين أهل المدينة وبينه حتى يصانعوهم بالمال والثياب “ . والحقيقة أنّ صهاريج عدن شابها الكثير من الاضطراب حول من شيدها ، روايات تقول بأنّ صهاريج عدن شيدت في عصر اليمنيين القدامى ، وروايات أخرى تقول أنها شيدت في عهد الأبناء أي أبناء الفرس الذين قدموا مع الحملة الفارسية لمساعدة سيف بن يزن في إخراج الأحباش الموالين للدولة البيزنطية والذين استقروا في عدن , وصار أبناؤهم جزء لا يتجزأ من نسيج أهلها . والبعض الآخر يرى أنّ تلك الصهاريج بنيت في عهد الدولة الرسولية وسارت على نهجها الدولة الطاهرية بالعناية بها . ويعدد مؤرخنا عبد الله محيرز الأسباب المباشرة التي جعلت الصهاريج تطفو على سطح مدينة عدن بصورة كبيرة في عصر الدولة الرسولية ،كالتالي : فمدينة عدن بلا ماء , ولا ضرع , ولا زرع ، ومناخها شديد الحــــــرارة في الصيف فضلا ًعن الصراعات الحادة التي كانت تندلع بين سلاطين بني رسول في عدن بين الحين والأخرى . كل تلك العوامل والأسباب دفعت المدينة إلى الإكثار من تشييد الصهاريج . وفي هذا الصدد ، يقول محيرز عن الأوضاع السياسية التي كانت تعيشها عدن أثناء زيارة رحلة ابن بطوطة لها ، : “ إلا ّ أنّ فترة زيارة إبن بطوطة لعدن كانت فترة موثقة توثيقا ً جيدًا ، يمكن استخلاص سبب آخر لكثرة الصهاريج في هذه الفترة . فقد وصل إبن بطوطة إلى عدن بعد أنّ حوصرت حصارًا شديدًا مستمرًا منذ سبع سنوات. وهي الفترة التي كان الصراع فيها على أشده بين الملك المجاهد الرسولي ، وأبن عمه وأخطر منافسيه على الحكم ؛ . الملك الظاهر من سنة 722 هـ / 1322م إلى 728 هـ / 1328م. وصمم المجاهد على استعادة المدينة طيلة هذه الفترة التي بقيت تحت يد الظاهر ، أو معاونيه” ويمضي محيرز في حديثه ، قائلا ً : “ واقتضت إستراتيجية الحصار أنّ يقيم بعض الجند في مكان ما من حوض وادي لحج بمنع أي إمداد إلى عدن . وبعضهم في المباه ( * ) تحت باب عدن ، وتجري بينهم وعسكر الظافر معارك يومية يخرجون إليهم في حرب دامت سجالا ً طيلة هذه الفترة . وفي ظروف كهذه تحتم خزن الماء على نطاق واسع من مصادر داخل المدينة أو من مياه الأمطار ، فضاعف عدد هذه الصهاريج “ .

عـــــدن والمصريون

وتحدث ابن بطوطة عن موقع ميناء عدن والذي تتجمع فيه السفن الضخمة من بلاد الهند ، ومصر ــــ كما قلنا سابقا ً ــــ . وتناول بالتفصيل الدقيق اسماء المدن الساحلية الهندية التي كانت تنطلق منها قوافل السفن إلى عدن . وتطرق إلى الأجناس العديدة التي مكثت واستقرت كالهندية والمصرية وغيرهم في مدينة عدن . وتحدث كذلك إلى نشاطات مختلفة زاولها أهلها إلى جانب التجارة ، وذكر ثراء تجار عدن الكبير وسمو أخلاقهم . وفي هذا الصدد ، يقول إبن بطوطة : “ وهي ( أي عدن ) مرسى أهل الهند ، تأتي إليها المراكب العظيمة من كنبايت ، وتانه ، وكولم ، وقالقوط ، وفندراينه ، والشاليات ومجرور ، وفاكنور ، وهنور ، وسندابور وغيرها ، وتجار الهند ساكنون بها ، وتجار مصر أيضًـــــا . وفي هذا السياق ، يقول الدكتور محمد الشمري عن سكان عدن : “ لما كانت عدن ، قد تمتعت بنشاط تجاري متميز ، فقد أدى ذلك إلى اجتذاب العمال والصناع ورجال الأعمال إليها من مختلف أنحاء العالم ، ولكونها مدينة تجارية وميناءً مشهورًا ، فقد كانت الحاجة إلى أيد عاملة فرضت عليها تنوعًا في السكان “ . ويزيد الشمري في توضيح نوعية الأجناس التي سكنت عدن : “ بأنهم خليط من أهل الإسكندرية والقاهرة والصعيد ومن الأعاجم وأهل فارس ، والصومال وهو دلالة على نشاط العمل التجاري بعدن والذي جذب رجال الأعمال إليها من مختلف الأرجاء فجنوا الثروات الطائلة ، كما أنّ الحاجة إلى الأيدي العاملة في الميناء في مختلف مجالات العمل التجاري أدت إلى الاستعانة بأجناس متعددة لاستخدامها في تلك الخدمات سواء في الميناء أو مجالات العمل التجاري داخل مدينة عدن “ . وفي نفس السياق ، يقول محيرز : “ كان تعدد الأجناس التي تعايشت في عدن عبر تاريخها سمة من سماتها لفتت انتباه من زاروها وكتبوا عنها كدليل على ازدهارها وغناهـــا .

كتب بن فضل العمري في كتابه مسلك الأبصار في ممالك الأمصار راويًا عن إبن البرهان : “ وإليها مجمع الرفاق ، وموضع سفر الآفاق . يحيط بها من الصين ، والهند ، والسند ، والعراق, وعُمان ، والبحرين ، ومصر ، والزنج ، والحبشة ، ولا يخلوا أسبوع بها من عدة تجار ، وسفن ، وواردين وبضائع شتى ، ومتاجر متنوعة . ولمقيم بها في مكاسب وافرة ، وتجارة مربحة ، لا يبالي ما يغرمه بالنسبة إلى الفائدة ، ولا يفكر في سوء المقام لكثرة الأموال النامية “ .

دار الســعــــــادة

ويذكر مؤرخنا عبد الله محيرز عن قصرِ فخم وضخم بناه أحد التجار المصريين الأثرياء الذين استقروا في عدن المسمى ( دار السعادة ) الواقع بالقرب من جبل حقات المطل على البحر . وينقل محيرز عن بامخرمة عن مشيد تلك الدار أو القصر ، قائلا ً “ يرى بامخرمة ربما بنتها عائلة مصرية ــــ مجهولة يدعون ببني الخطباء ـــ ثم تملكها طغتكين ابن أيوب المتوفى سنـــة ( 593 هـ / 1197 م ) في أواخر القرن السادس الهجري ( القرن 12 م ) , وجددها المجاهد الرسولي في منتصف القرن الثامن الهجري ( القرن 14 م ) “ . ويقول محيرز عن روعة وجمال عمارة دار السعادة التي قيل بأنّ بانيها أحد التجار المصريين الأثرياء : “ وتصف المصادر المتأخرة روعة هذه الدار , وحسن بنائها ، فقد كانت دار الإمارة في عدن يقيم فيها حكامها ، وينزل بها ملوك اليمن إذا زاروها . وزيدت عليها إضافات “ . ونستخلص من ذلك أنّ الجالية المصرية ، كانت من الجاليات الضخمة التي استقرت في عدن بسبب أنّ مصر تقع في شمال البحر الأحمر واليمن في جنوبه . وفي هذا الصدد يقول الدكتور سيد مصطفى سالم : “ وهذا ما يؤكد رسوخ العلاقات المصريــــة ـــ اليمنيـة وكأنها قدر مكتوب ، أو أنها استجابة لعبقرية المكان لكل من البلدين ، إذ تقع مصر عند شمال البحر الأحمر واليمن عند جنوبه “ .

صفات أهلها

وفي موضع آخر ذكر إبن بطوطة نشاط سكان عدن ، قائلا : “ وأهل عــــدن ما بين تجار ، وحمالين ، وصادين للسمك “ . والحقيقة أنّ البحر والجبل ،وقسوة الطقس أثرت تأثيرًا عميقا ًفي نشاط سكان المدينة وأيضًا في سلوكيات ومزاج أهلها. وفي هذا الصدد ، يقول عبد الله محيرز : “ وأهل عدن هم أهل جبل وبحر . . هم مع الجبل ( جبل شمسان أو التعكر) ـــ كما كان يذكر ، قديمًـــا ــــ في صبحهم والمساء . ومع البحر بكرة ً وعشية ً . كان الجبل حصن المدينة ودرعها ضد غزاتها والطامعين فيها . وكان البحر مصدر رزقها بصيده ، وخلجانه التي صارت بنادرها ومراسيها ، سبب شهرتها ومكانتها كثغر اليمن المحروس “ . ويمضي في حديثه : “ وأضفت صلابة الجبل ، وقسوة الطقس ، وعنف أمواج البحر على أهلها صلابة ومرونة في آن واحد حصنتهم . . . بالحكمة والصبر الجميل “ . ويثني الرحال إبن بطوطة ثناءً كبيراً على التجار في عدن ، فيقول : “ . . . فهم أهل دين وتواضع ، وصلاح ومكارم أخلاق ، يحسنون إلى الغريب ، ويؤثرون الفقير ويعطون حق الله من الزكاة على ما يجب “ . ويضيف إبن بطوطة عن ثراء تجار عدن الواسع ، فيقول : “ وللتجار منهم أموال عريضة ، وربما يكون لأحدهم المركب العظيم بجميع ما فيـه لا يشاركه غيره لسعة ما بين يديه من الأموال “ .


وفي الأخير لا يسعني الا أن أذكر نجيب بأن التاريخ الذي كتبته الجبهة القومية وحزبها الأسود لعدن قد أصبح هشيما تذروه الرياح وأن الحقيقة التي خبأها من هم مثله قد بانت لأن التاريخ لم يعد حكرا على القنوات ا
[/SI
ZE]لحزبية[/COLOR]
التوقيع :
حــتـى وأن تــغــيــر ألـتــاريــخ فــالـهــــويــــة لأتــتــغـــيــر
والهــويـــة الجــنـــوبـيـــــة مـعـــصــوبـــة في الـحــامــض الـنـــووي
  رد مع اقتباس