[قمران]

تعد مختبرا طبيعيا وتشهد تكاثر الأنواع المهددة بالانقراض




الطائف: طارق الثقفي

دخلت محازة الصيد، (160 كلم شرق الطائف)، حيز الاستثمار الاقتصادي والتجاري في بادرةٍ هي الأولى من نوعها على مستوى المملكة.

وركزت الهيئة العليا لحماية الحياة الفطرية وإنمائها على رجال الأعمال والمستثمرين، في ظل حملتها ضد أصحاب البنادق والصقور الجارحة، لتدخل محازة الصيد منعطفاً جديدا في الرؤية الاستراتيجية لحماية الحيوانات المنقرضة والحد من نفوقها، وهو ما أكده الأمير بندر بن سعود الأمين العام للهيئة العامة للحياة الفطرية وإنمائها حينما افصح عن نية الهيئة فتح باب الاستثمارات داخل محمية محازة الصيد، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على المناطق المحيطة بالمحمية اقتصادياً وتجارياً.

وتعتبر محازة الصيد ثاني أكبر محمية مسيجة في العالم، وتمثل بيئة نادرة، حيث تحوي حيوانات مهددة بالانقراض منها الغزال والمها العربي، وحافظت المحمية كذلك على الحيوانات من سيارات الدفع الرباعي والبنادق النارية التي صوبها الإنسان من باب البذخ تارة والتجارة تارةً أخرى.

وأوضح أحمد البوق رئيس المركز الوطني لأبحاث الحياة الفطرية وإنمائها في الطائف لـ«الشرق الأوسط» أن طيور الحبارى في محازة الصيد بين الخرمة والموية، سجلت تأقلماً كبيراً داخل المحمية وتم تسجيل تعشيشها وتفريخها كما أن النعام منذ انطلاقته الأولى بـ 20 نعامة وصل إلى 200 رأس وقد تم أيضاً تسجيل تعشيشها وتفريخها، مبيناً أن «الهدف هو تكوين مجموعة قادرة على الاستمرار والديمومة دون تدخل بشري».

وأشار أحمد البوق الى أن تفضيل أمير منطقة مكة المكرمة للإقامة في محازة الصيد هو لتوسطها المحافظات الشرقية في منطقة مكة المكرمة حيث تم عمل مخيم له أطلق بنهاية زيارته مجموعة من طيور الحبارى وغزلان الريم المثبتة عليها الأجهزة اللاسلكية للمتابعة عن بعد في برنامج الدراسات الحيوية والسلوكية في المحازة.




جانب من محمية محازة الصيد

وابان رئيس المركز الوطني لأبحاث الحياة الفطرية وإنمائها الى أن محمية محازة الصيد هي المحمية الوحيدة المسيجة في المملكة وهي تابعة للهيئة العليا لحماية الحياة الفطرية وإنمائها وتعتبر مسيجةً من بين 16 منطقة محمية في المملكة، ومساحة المحمية 2240 كلم وطول السياج يتجاوز 255 كلم، قائلاً في ذات السياق «تعتبر المحمية مختبراً نظرياً ضخماً لإعادة توطين بعض الأنواع المهددة بالانقراض في المملكة وهي طيور الحبارى وطيور النعام والمها العربي».

وأضاف أحمد البوق أن الأمير سلطان بن عبد العزيز رئيس مجلس إدارة الهيئة العليا لحماية الحياة الفطرية وإنمائها أطلق عام 1989 مجموعةً من غزلان الريم وطيور الريم والمها العربي ومرحلة الإطلاق الأولى وصلت إلى 72 رأسا من المها العربي وتكاثرت بشكل طبيعي ليصل عددها إلى 600 رأس أما غزلان الريم فتم إطلاق حوالي 30 رأساً منها وصلت إلى أعلى درجات التكاثر بحوالي 2000 رأس. وعن طيور الحبارى هناك برنامج سنوي لإطلاق الطيور التي يتم تكاثرها في المركز الوطني لأبحاث الحياة الفطرية وإنمائها.

وذكر مدير المركز الوطني أنه يوجد حالياً داخل المحمية 350 طائراً من طيور الحبارى يتم متابعتها عبر أجهزة لاسلكية عن بعد تعطي ذبذبات معينة بتردد معين لا تزيد من 3-5 في المائة من وزن الطائر توضع على ظهر الطائر شبيهة بالسرج على ظهر الخيل لكن بوزن أخف يتزامن مع وجود جهاز استقبال لالتقاط الذبذبات لتحديد مواقع الحركة والثبات التي تستخدمها، وتحديد نوعية الغذاء.

وتعتبر المحمية ثاني أكبر محمية مسيجة في العالم، حيث يبلغ طول السياج حوالي 255كم، وتبلغ مساحتها حوالي 2244 كم مربع واسم المحمية «محازة الصيد» هو مسمى لمنطقة تقع شمال المحمية في نفس منطقة الموية الجديد، وقد سميت هذه المنطقة بهذا الاسم لتجمع الغزلان بها في أوقات معينة من العام.

الدكتور محمد شبراق الباحث البيئي قال «بدأت رحلتي مع محمية محازة الصيد منذ أكثر من عشر سنوات أي منذ إنشائها عام 1989م، فقد كنت أقطع المسافة من مقر عملي بمركز أبحاث الحياة الفطرية بالطائف إلى المحمية على طريق الطائف السريع والتي تصل إلى 160كم مرة كل أسبوع تقريباً». وخلال السنوات العشر الماضية من عمر المحمية وبحسب الدكتور شبراق فقد زاد التنوع الإحيائي في المحمية واستعادت المنطقة كثيرا من رونقها وجمالها وزادت أنواع النباتات بالمحمية من 59 نوعاً إلى 176 نوعا، كما أن عدد أنواع الحشرات التي تم تسجيلها بالمحمية حوالي 300 نوع من الحشرات و170 نوعاً من الطيور معظمها مهاجر، كما زاد عدد أعشاش الطيور بالمحمية فمثلاً النسر الوردي أو نسر الأذون والذي سجل له أربعة أعشاش داخل المحمية عند إنشائها يوجد له الآن قرابة 37 عشاً.

وللزيادة في حماية هذا التنوع الحيوي وإعادة ما فقدته المنطقة من حيوانات برية كانت تصول وتجول بالمنطقة أكد أن الهيئة قامت بإعادة توطين بعض الحيوانات البرية في المحمية مثل المها العربي والغزال الريم وغزال الإدمي والحبارى والأرنب العربي والنعام أحمر الرقبة وفق خطة إدارية بعيدة المدى لتصبح بحق واحة الحياة الفطرية بالسعودية.

ومن الحيوانات التي تم إعادة توطينها حسب رواية الباحث البيئي المها العربي، وهو أحد الحيوانات المميزة للجزيرة العربية والتي انقرضت منها بسبب الصيد الجائر وتدهور المواطنة الطبيعية، وقد تم إطلاق 76 رأساً من المها العربي بين عامين 1989 و 1994 بالمحمية، وقد بلغ عدد المها حسب آخر الإحصائيات بالمحمية حوالي 600 رأس يعيش بشكل طبيعي وبدون تدخل من الإنسان. ويعتبر هذا القطيع هو الأكبر والأنقى جينياً من بين قطعان المها العربي بالجزيرة العربية. وللاستفادة من هذا القطيع في عودة هذه القطعان لصحارى المملكة فقد تم نقل مجموعة من هذا القطيع لمحمية عروق بني معارض على الطرف الغربي لمنطقة الربع الخالي آخر معاقل هذه الحيوانات البرية، لتضع المملكة في الصفوف الأولى للدول المهتمة بالبيئة والحياة الفطرية.

ولفت الدكتور شبراق أن من برامج التوطين الأخرى في محمية محازة الصيد برنامج إعادة توطين غزال الريم مشيراً الى أنه تم إطلاق حوالي 300 حبارى في المحمية ويوجد منها الآن حوالي 100 حبارى مقيمة بالمحمية. ومن المشاريع القائمة يروي أنه جرى إعادة التوطين بالمحمية لإعادة النعام الأحمر الرقبة، وهناك خطط لتوطين أحياء أخرى سوف يبدأ العمل بها بعد تحسن الأوضاع بالمحمية كمشروع إعادة توطين الأرانب البرية.

وحول عدد الأبحاث والتقارير العلمية لهذه الدراسات أوضح أنها بلغت أكثر من 300 بحث وتقرير وتعاونت الهيئة من أجل ذلك مع مراكز علمية وجامعات داخلية وخارجية وحتى منظمات دولية وقد تركزت هذه الأبحاث على طرق إعادة التوطين، تكيف الحيوانات الصحراوية، بيلوجية الطيور والثدييات والزواحف، الدراسات الجينية للحيوانات المعاد توطينها والحيوانات الموجودة بالمحمية، الدراسات الخاصة بالغطاء النباتي وتوزيعه بالمحمية وأخيراً الدراسات الخاصة بالتعرف على القدرة التحملية لمحمية محازة الصيد.

الاثنيـن 16 شعبـان 1429 هـ 18 اغسطس 2008 العدد 10856
صحيفة الشرق الأوسط السعودية

http://www.asharqalawsat.com/details...83244&feature=