صنعاء"الرئيس في مواجهة العاصفة؟ لم يعد الوقت يتسع للخطب أو المبادرات الرئاسية

[حد من الوادي]

الرئيس في مواجهة العاصفة

2011/03/10 الساعة 20:31:10 محمد علي محسن

لم يعد الوقت يتسع للخطب أو المبادرات الرئاسية فمثل هذه الخطابة والمبادرة التي سمعناها اليوم كان أن تأت أُكلها لو أنها جاءت في غير هذا الوقت المتأزم ، فالمطلب الأول للتغيير بات رهن تخلي الرئيس عن السلطة كشرطية ينبغي البناء عليها .

لا خلاف حول مبادرة الرئيس التي هي نابعة في الأصل من مطالبة سياسية وشعبية ووطنية لم يتم قبولها والاستجابة لها خلال الأعوام المنصرمة أنما الخلاف يكمن في أن الثقة مفقودة ، فكون قائلها وحاملها هو رئيس الجمهورية ونظامه فهذا وحده كفيل برفضها على اعتبار أن من يرفعها ليس جدير بثقة الثائرين المطالبين برحيله ، فالمسألة هنا لا تتعلق بما يقوله ويقدمه الرئيس من حلول ومبادرات وإنما المسألة لها صلة بما يفعله وينفذه الرئيس في الواقع .

وإذا كان الرؤساء مبارك وبن علي والقذافي قد استخدموا ذات المنطق العقيم القائل بخطر الحركة الإسلامية على دولهم الثلاث وعلى أمريكا وأوربا فأن الرئيس لم يستفد من أخطاءهم بل وعلى العكس راح يكرر نفس فزاعة – الأصولية الإسلامية المتطرفة – بل ويزيد اليها ورقة التجزئة التي يتوافق مع ألقذافي حولها .

يبدو أن الرئيس صالح لم يستفد من أخطاء الرؤساء الثلاثة الذين سبق لهم استخدام لغة القوة والعنف كوسيلة سرعان ما ثبت فشلها في مواجهة ثورة الشباب ، استخدام لغة الهبات والعطايا والمكرمات والرشاوى كوسيلة ثبت نجاعتها في شراء النخبة وحشد المناصرين إلى الميادين ، أنه يقترف الخطأ الذي وقع به أسلافه الثلاثة ، أنه يمضي على منهجهم ذاته الذي عجَّل وقرَّب بلحظة السقوط للنظام السياسي في هذه الدول الشقيقة .

لا جديد في فعل الرئيس ، فالخطاب هو الخطاب التقليدي المنافح من أجل البقاء والاستمرار في الحُكم ، القوة المفرطة والقتل والترويع والشعارات القديمة وحشد الموالين والأنصار وتحريضهم على مناوئيه واستخدام المؤسستين العسكرية والأمنية والخزينة العامة وووالخ من الأشياء كل هذه الأدوات يتم استخدامها في مواجهة الشارع المنتفض في اليمن وكأن ما حدث في مصر وتونس وليبيا ليس إلا صورة تم تكرار نسخها لليمن .

بإعلانه في الأمس القريب التخلي عن التمديد والتوريث و الانتخابات النيابية كان الرئيس قد أستبق عاصفة التظاهرات الشعبية المزمعة في اليوم التالي لخطابه ومع ذلك لم تفلح بوقف التظاهرات .

اليوم يطلق الرئيس مبادرته أخرى المتمثلة بدستور جديد يؤسس لمرحلة جديدة عنوانها النظام البرلماني والسلطة المحلية الكاملة وحكومة وحدة وطنية في مدة لا تتجاوز مطلع العام القادم ناهيك عن قانون انتخابات ، مبادرته تأتي قبل يوم واحد على جمعة التظاهر ظهر الرئيس وكأنه أكثر مرونة وذكاء وموضوعية من نظرائه مبارك وبن علي والقذافي .

لقد أراد احتوى الغضب الشعبي بمبادرة ثانية كهذه التي سبق وأن تم رفضها حين قدمت من المعارضة قبل سنوات لكنها اليوم لم تعد تجد في الوضعية الراهنة ، فالمشكلة ليست بمضمون المبادرة بل بإجراءات التنفيذ لها خاصة من الرئيس ذاته الذي بات هو المشكلة الوائدة لكل توجه صادق وعملي ولكل عملية إيراد بها الإصلاح والتغيير .

كان على الرئيس أن يكون أكثر ديناميكية وفعالية سياسية فلو أنه تعاطي مع الأزمة السياسية بتنازلات فعلية ذات قيمة وجدوى وبأدوات مختلفة غير معتادة لكان قد جنب البلد كله مثالب الغضب والعنف والخوف والدم والقتل ، لكنه للأسف يحاول جاهداً مواجهة العاصفة بالانحناء لها قليلاً ريثما تمر وتهدأ الأجواء فيعود ثانية وكأن شيء لم يقع .هذه المرة بالذات لن يجد الانحناء للعاصفة ، فمثل هذه الحيلة ما عاد تنفع أمام عاصفة تغيير لا تبرح المكان إلا بعد أن تبدل وجهه .