10-03-2023, 08:01 PM | #1 | ||||||
مشرف قسم تاريخ وتراث
|
ما حقيقة الرق والعبودية في تاريخ حضرموت الحديث والمعاصر؟!
منشورات وابحاث في تاريخ وجغرافية حضرموت
كتبها وأعدها الأستاذ أبو صلاح الحضرمي الأستاذ الباحث /حسين صالح بن عيسى بن عمر بن سلمان ما حقيقة الرق والعبودية في تاريخ حضرموت الحديث والمعاصر إن الفرق بين الرق والاسترقاق الذي خضع بعض له بعض الناس هو : أن الاسترقاق هو: (ضرب الرق على الآدمي الحر ) وأما الرق: ( ضرب الرق على أسرى الحرب أو السبي )- أنظر معجم لغة الفقهاء حول الاسترقاق. تفيد بعض المصادر كما في الشامل في تاريخ حضرموت : ( للحداد علوي بن طاهر ) ، و ابن عبيد الله السقاف في" إدامة القوت " وبامؤمن في "الفكر والمجتمع ذكروا " قصصاً واقعية حدثت في حضرموت هي سرقة الأطفال والشباب والنساء من أبناء حضرموت الأحرار ، تمت عن عمليات اختطافهم من القرى والمدن والمزارع ، والطرقات ، و بيعهم في أسواق كانت توجد في أطراف حضرموت الغربية كالقطن ، ومحافظات أخرى التي مارسها بعض الأفراد من الجماعات القبلية الشاذة في ظلمها ، وبعدها عن دين الله تعالى ، في زمن الفوضى القبلية والاضطراب القبلي التي شهدته حضرموت ، في عصر حكم السلطنات الماضية الكثيرية واليافعية الماضية . وبهذه الطريق تم استرقاق النبي يوسف عليه السلام قال تعالى الله تعالى : {وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَرَاهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكَانُواْ فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ }يوسف20 (وشروه) باعوه منهم (بثمن بخس) ناقص (دراهم معدودة) عشرين أو اثنين وعشرين (وكانوا) أي إخوته (فيه من الزاهدين) فجاءت به السيَّارة إلى مصر فباعه الذي اشتراه بعشرين ديناراً وزوجي نعل وثوبين كما ذكر أهل التفسير . كذلك قصصاً كثيرة حدثت مثل ذلك منها : اختطاف زيد بن حارثة بن شراحيل بن كعب بن رفيدة الكلبي والذي بيع قبل الإسلام في مكة وهو صغير ، وهو مولى رسول الله من أبويه، وكان يسمى: (حب رسول الله صلى الله عليه وسلم .) وتبناه قبل تحريم التبني فيقال له زيد ابن محمد وكان زوج زينب بنت جحش القرشية الهاشمية ، وهي ابنة عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي التي تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد زيد. وذكره الله في كتابه باسمه دون أحد من الصحابة رضي الله عنهم 0 في سورة الأحزاب آية 37 : (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا ) وبهذه الطريقة أيضا أسترق ثوبان الحضرمي وصهيب الرومي العربي الأصل من عرب الحيرة وسلمان الفارسي ابن أكاسرة الفرس. ومن ارتكب جريمة سرقة أو اختطاف مسلماً حراً ، وباعه فإن وعيد الله عليه عظيم والله خصمه ليس أهلوه ، فقد جاء في الحديث القدسي الذي رواه البخاري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قال الله تعالى : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة : رجل أعطى بي ثم غدر ورجل باع حرا فأكل ثمنه ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره " . ففيه الشدة والتغليظ في العقوبة لمن باع حراً وقبض ثمنه والزجر عن ذلك الفعل الخسيس . ومن ابناء حضرموت الأحرار من تم اختطافه وبيعه في المملكة العربية السعودية بالعشرات تروى قصصهم ولم يتم حتى اليوم جمعها وتأليف كتاب عنها كعلامة بارزة لسوء الأوضاع السياسية والقبلية والاقتصادية والمجاعات في تلك الفترة ، ولم تقتصر السرقة والاختطاف فقط لأبناء الفلاحين بل لغيرهم من ابناء القبائل الاخرى كأبناء العلويين في حضرموت ، وقد ذكرت إحدى المصادر النجدية حادثة استرقاق بعنوان (صك الحكم الشرعي في قضية الغلام ) ويقصد به ( سعيد بن حسن بن حسين بن جعفر الحداد ) الذي ذكر المصدر السالف الذكر أنه اختطف من مدينة شبام في سنة 1362 هـ حين تواجد كبقية الناس الفقراء طالبين وجبة الإغاثة التي تقدم للناس في زمان المجاعة بشبام واختطف من أفراد من قبيلة معينة في حضرموت وبيع في القطن ومن ثم انتقل إلى السعودية . فقضت المحكمة بعد أن ادعى عبد الله بن عمر باعبد الله بالنيابة عن الغلام المذكور أن الغلام حراً من جهة الوالدين ، وشهد من الشهود قضت المحكمة بحريته. بينما ظل العشرات من هولاء الذين لم يتم التعرف على قضاياهم رهن العبودية وهذا مثال للاسترقاق الذي شهدته أحوال حضرموت في تاريخها الماضي. وأما الرق: الكامل هو ( القّن وجمعها أقنان ) والرق في اللغة: الضعف .. ، وفي عرف الفقهاء: عبارة عن عجز حكمي شرع في الأصل جزاءً عن الكفر. أما أنه عجز، فلأنه لا يملك ما يملكه الحر من الشهادة والقضاء وغيرهما، وأما أنه حكمي، فلأن العبد قد يكون أقوى في الأعمال من الحر حسًّا. (التعريفات للجرجاني 1/ 36 ) و اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ آدَمَ وَذُرِّيَّتَهُ أَحْرَارًا ، وَإِنَّمَا الرِّقُّ لِعَارِضٍ ، فَإِذَا لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ الْعَارِضُ ، فَلَهُ حُكْمُ الْأَصْلِ وهو الحرية . وأما بشأن الرق والرقيق والعبودية وما يطلق عليه في حضرموت بالعبيد فقد ارسل بعض من جماعة الإرشاد قبل مئة سنة في جاوة بأسئلة حكم الأرقاء في حضرموت إلى السيد محمد رشيد رضا في مصر. يستفسرون فيها عن حكم الأرقاء أو العبيد في حضرموت وكان سؤالهم كما جاء على النحو التالي ؟ - ما حكم عبيد حضرموت, هل هم عبيد حقيقيون أي تمشي عليهم أحكام العبيد في الإسلام؟ مع العلم أن العبيد في الشريعة هم أسرى الكفار لا غير. والذي نحن بصددهم خلاف ذلك , ولا أخالكم تجهلون الطريقة في استعبادهم. فكان جوابه على النحو التالي : (الحق إنني ليس عندي علم خاص بطريقة استعباد الناس في حضرموت, وقد بينت في المنار من قبل أن المعروف من طرق الاسترقاق للسودانيين في أفريقية وللبيض في بلاد القوقاس وغيرها كله غير شرعي فإن الرق الشرعي المعروف لا مجال له في تلك البلاد ولا في حضرموت قطعاً فليس هنالك حرب دينية ولا إمام يسترق السبايا إذا وجد ذلك من المصلحة العامة, وإنما قد يتصور على بعد أن يوجد رقيق موروث التوالد فإن كان يوجد عند المستعبدين لهؤلاء الأحرار فيما نعتقد حجة على استرقاقهم لا نعلمها أو رقيق موروث فليبينوا ذلك لنا لرفع التهم الكثيرة عنهم.) ومن الثابت تاريخياً أنه تم نقل آلاف من البشر بطريقة قسرية ، وبعضها بهجرات قسرية أيضا من قارة افريقيا في نقل الرقيق والاسترقاق عن طريق بيعه أو شراءه بواسطة السفن العمانية وغيرها التي نقلت بحراً وبراً المئات من شرق وجنوب القارة الإفريقية وجنوب مصر والسودان إلى الموانئ والأسواق في اليمن وحضرموت والسعودية والخليج العربي ، عبر البحر الأحمر والبحر العربي قبل منع تجارة الرقيق دولياً ، التي نصت عليها معاهدة إلغاء الرقيق التي جاء فيها : (بالنظر إلى الدوافع الإنسانية والى الرغبة في اقتفاء المبادئ التي سارت عليها الحكومة البريطانية العظمى ،فقد استمعنا إلى مقترحات صديقنا المخلص البريجاديير ويليام ماركوس كوجلان حاكم عدن بأن نعاهده على إلغاء ومنع توريد وتصدير الرقيق من والى أي جزء من منطقتنا أو إلى أي مكان في إفريقيا أو أسيا أو غيرهما) وفي نهاية الوثيقة للمعاهدة التي ألزمت سلاطين حضرموت وحكامها بذلك ولها أي المعاهدة ملحقات مع مختلف الأمراء والسلاطين من آل الكسادي وآل بريك حكام الشحر والسلطان عوض بن عمر القعيطي وألزموا به بعد ذلك سلاطين آل كثير في سيئون في وقت متأخر عن هذا التاريخ [ انظر قيام السلطنة القعيطية د0 محمد عبد الكريم عكاشة ص 264 إل 271 ماهي العبودية الحقيقية ؟ وماهي عبودية الرق ؟ يقول النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا تُطْرُونِي كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ فَقُولُوا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ } وَلِهَذَا حَقَّقَ اللَّهُ لَهُ نَعْتَ الْعُبُودِيَّةِ فِي أَرْفَعِ مَقَامَاتِهِ حَيْثُ قَالَ : { سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا } . وَقَالَ تَعَالَى : { فَأَوْحَى إلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى } . وَقَالَ تَعَالَى : { وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا }أنظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية باب الابتداع في العبادات } ومن فتاوي أهل العلم قولهم : في العبودية هي الخضوع والتذلل والانقياد لله تعالى بطاعة أوامره وترك نواهيه، والوقوف عند حدوده؛ تقربًا إليه سبحانه، ورغبة في ثوابه، وحذرًا من غضبه وعقابه، فهذه هي العبودية الحقة ولا تكون إلا لله. وأما عبودية الرق فهي عبودية طارئة لأسباب كثيرة، أصلها تلبس الشخص بالكفر فيسبى من الكفار بالجهاد الشرعي. أما كيف يتحرر العبد من سيده؟ فلذلك أسباب أوضحها العلماء في كتاب العتق، منها: أن يعتقه سيده على سبيل التقرب إلى الله سبحانه، ومنها أن يعتقه عن كفارة قتل أو ظهار أو نحوهما. وأما الرق بغير السبب الشرعي فإنه ظلم كما تقدم في الاسترقاق . قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : مَنِ أراد السعادة الأبدية فليلزم عَتَبَة العبودية . وذلك أن الإنسان لا ينفكّ عن العبودية ، فهو عبدٌ شاء أو أبى . فإما أن يكون عبداً لله ، وهي عُبودية فخر وعزّ وشرف وإما أن يكون عبداً لهواه وشهوته ،، قال بامؤمن رحمه الله (... وكان البعض منهم يتحررون من ربق العبودية ويلحقون بعبودية أخرى لخدمة بعض المناصب والأسر العلوية )[ الفكر والمجتمع في حضرموت ص 60] الحقوق الأدبية محفوظة |
||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
|