إلى السيد الرئيس علي ناصر:لتكُن السياسة لصالح مواطنيك، وليس مواطنيك لمصالح السياسة

[حد من الوادي]

الكاتب : شبكة الطيف || بتاريخ : الإثنين 14-09-2009

عنوان النص :

إلى السيد الرئيس علي ناصر:لتكُن السياسة لصالح مواطنيك، وليس مواطنيك لمصالح السياسة
:
الطيف - خاص - بقلم عاشق الجنوب

بداية حبذا التنويه إلى أن توجيه النقد الهادف مهما كان لاذعاً لأي شخصية تمارس السياسة علناً يُعتبر عملاً مباحاً ومطلوباً، مع الالتزام باللياقة الأدبية وعدم القذف والتجريح.

العصبية تهاوت

لعلكم سيادة الرئيس والقراء الكرام قرأوا كتابات محلية وإقليمية ودولية راهنة نوَّه كثير من الكتاب فيها إلى أن نظام الحكم المنخور لعلي صالح - بعد قتل الوحدة مع سبق الإصرار والترصد وما تلا هذه الجريمة من الضعف التدريجي الذي خلخل عصبيته القبلية الذي يستند إليها في حكمه، وأصابها في مقتل – لم يعد قادراً إلا على إنتاج الأزمات. وإن على زعيم مافيا الفساد الرحيل طلباً للنجاة، قبل أن يهرول لمصير الرئيس الروماني، الذي هب ضده شعبه وحكم عليه بالإعدام علناً بعد يوم واحد من وصوله من إيران في عام 1989. وقبل مدة ليست بالطويلة كتب آخرون - للتدليل على تهاوي عصبية الحكم العسكري القبلي المتخلف بصنعاء - أن الحاكم العضوض لشعوره بضعف عصبيته وموقعه تناومَ في القصر الجمهوري يوم مجزرة زنجبار (23/7/2009) المصادف لذكرى ثورة يوليو المصرية* ليركن معالجة تداعيات تلك المذبحة على رقبة نائبه غير المعين، حتى يحمله مسؤولية جزء من مسلسل الإبادة الجماعية المنظمة لأبناء الجنوب باعتبار منصور هادئ جنوبي أبيني، لا بل وفضلي (من باب دق إسفين مرة أخرى بين أهالي الجنوب كعادة صالح، لأن الشيخ الفضلي نظم ورعا حراك زنجبار السلمي ذلك اليوم الدامي للإفراج عن الرهائن في المعتقلات).



ثم أخيراً كتب الكتاب ونبه السياسيون إلى أن الضباط والجنود الجنوبيين سيكونون، وهم كذلك الآن حطب وقتلى وأسرى للحرب الفوضوية الدائرة الآن بين الجيش اليمني القبلي الدموي وبين جيش صعدة - الذي يشكل بصورة أو بأخرى جزءاً من جيش تيس الضباط تسليحاً وعقيدة بعد أن "يخلس" أفراده الدريس العسكري الرسمي، ويذهبون في كل اتجاه كل واحد لحماية قبيلته – وهذه عادة طبيعية في ذلك المجتمع الفسيفسائي القبلي في غياب الدولة الحديثة.



حوار أو خوار؟


...ثم بعد كل هذه التداعيات المتصارعة نفاجأ نحن الجنوبيون المدنيون الذين أمسكنا منذ عشرات السنين بناصية المجتمع المدني ودخلنا إليه من أوسع أبوابه، ومارسنا خيراته ونظامه وقانونه، وبفضل الوحدة الارتجالية تقهقرنا حتى عصر الجاهلية، نعم فوجئنا بأن السيد الرئيس على ناصر وفي شهر رمضان المبارك الجاري، وفي خضم السقوط الحتمي للحكم العضوض، عاد ليتكلم بنفس عجيب ومزاج وحدوي غريب داعياً إلى حوار بيزنطة بين سلطة قرن وسطية وسلطة الحراك الجنوبي تحت مسمى سقف الوحدة الذي أكلته أرضة سليمان! فأي حوار وأي خوار يريد أبو جمال؟ لأن نقطة تضعها على حرف هنا أو تأخذها من فوق حرف هناك تغير الكلمات العربية لتخرجـــها من مـــعنى لمـــعنى* أهو خوار وحدوي ممجوج، بعد أن احترقت قرية "اموزنه" مسقط رأس الرئيس علي ناصر بمديرية موديه، وعادت أوضاعها الحياتية إلى عصر الجاهلية، لتجد القرية الجميلة ذات يوم نفسها خلال الخمسة عشر سنة الأخيرة وقد رجعت ثقافياً في الأساس (ريوس) حيث طيرتها صنعاء بقصد ونية مبيتة وبسرعة الضوء إلى ما قبل القرن السابع بالعصور الوسطى هي وكافة مدن وقرى الجنوب!



إعادة عصر الجاهلية


حادثة جاهلية أخرى مهما اختلفنا في الحكم عليها، هي المأساة العائلية التي روعت الرأي العام بالجنوب، والتي ارتكبها أب بقتل بناته العشر قبل أسبوع برمضان الجاري في العاصمة عدن، هي خير دليل على إعادة الجاهلية لبلادنا العربية الجنوبية بكل صفاتها ومظاهرها السيئة والتي حرمها الإسلام في القرآن الكريم والسنة النبوية...، قتلهن أبوهن المدقع في الفقر بتفجير دبة غاز " خشية إملاق = فقر" أو خوف عليهن من أن "تلطش بهن الدنيا" = خوفه على شرفهن - حسب قول الأب لزوجته المصابة بالسرطان القاتل في مستشفى بعدن قبل أن يلفظ آخر أنفاسه – إن هذه المأساة المروعة، وغيرها تجري بأشكال وصور مختلفة يومياً في الجنوب، مأساة لم يرتكب مثلها أي جنوبي قبل إقحامه بدون إذنه في شرور كان في غناء عنها بعد سنة 1990، مأساة تستدعي دراسة نفسية واجتماعية معمقة من المختصين لكشف الحقائق المرة التي ابتلينا بها بفضل وحدة الخوار، وأوصلت بلادنا أرضاً وإنساناً لهذا المستوى المزري لتضاف إلى بقية الملفات وتقديمها لمجلس الأمن، الذي لا نشك سينفذ قراريه ذات الصلة، بأن لا وحدة ولو على صحن من ذهب بالقوة العسكرية .



أعمل محلياً...


سيادة الرئيس... هل من العقل أن نكتب ووراءنا وقدامنا أمنيون من الحكومة يراقبوا ويحصوا علينا الأنفاس ويدقوا لصنعاء الأجراس؟ فنحن عكس سيادتكم الذين يعيشون منفيون في دولة متطورة نسبياً بالشام، فيها نظام وقانون، توحدت مع مصر، ثم راجعت نفسها، وعادت مستقلة بعد ثلاث سنين فقط من التجربة الفاشلة، ولم نسمع أن الرئيس جمال عبد الناصر قام ليحارب سوريا ليبقيها تحت الاحتلال المصري. نحن عكسكم لا نملك ولن نملك من الوســـــائل والمــــال ما يجعلنا نشتري أرخص أجهزة الكمبيوتر لنشغلها على فانوس، أما دفع رسوم شهرية لربط شبكة الانترنت لبيوتنا الذي بعنا حتى ستائرها وأخشابها بسبب الفقر المادي والإفقار الفكري الحضاري، فذلك من عاشر المستحلات في ظل التخلف الفكري والسياسي المجبولة عليه صنعاء!!! ما بقي معنا سوى مقاهي الأنترنت المحاصرة وهي قليلة...فهل حرية التعبير لا تهمكم ويمكن ترحيلها لوحدة وهمية أخرى كما ترون؟



... هل السيد الرئيس مقتنع حقاً وهو يدلي بأقواله الصحفية للجرائد التي تنقلها بعد ذلك المواقع الالكترونية الجنوبية والعربية، ويتعيش بها ومنها إعلام النظام الهش بصنعاء لخلق البلبلة والتخبط العملي والفكري بين أوساط الحراك الجنوبي كلما اشتد عوده؟
...هل يعلم بأن قريته ومسقط رأسه لا توجد فيها أبسط مقومات الحياة الأساسية؟ فلا علم ولا حاضر ولا مستقبل ولا ثقافة ولا كرامة، تصحو على هم وتنام على غم وطواقم عسكرية، ولا تستسلم فهي منتظرة وليدها للمساهمة مع غيره من مواطني الجنوب الأحرار في لملمة جراحها، والتعجيل باستقلالها ...لتستعيد عافيتها! فإذا به يحلق بعيداً بعيداً خارج سربها... مثلاً لقد نقصت حتى عدد الحصص الأسبوعية لتلاميذها من ست في عهد الدولة الجنوبية التقدمية المعاصرة، إلى ثلاث حصص فارغة من كل محتوى علمي في اليوم الدراسي منذ عام 1993 بسبب واقع الاحتلال الأمي الرهيب؟؟؟ وقس بنفس المقياس في كافة مدارس الجنوب من المهرة حتى سقطره وباب المندب ومكيراس وكرش حتى خرز، حيث أصبح الجهل والأمية الصفة المصاحبة لحياتنا، يقودان البلاد الجنوبية وجيلها الصغير والبالغ إلى الجاهلية الأولى، وأنعم وأكرم بالحوار والحواريين!!!!



السيد الرئيس، يرجوك محبوك بأن لا تجعل الآخر المغاير مرة أخرى يسقطك وشعبك بين كرسيين (1986- 1990) و لا تجعله يحلق بتاريخك النضالي خارج السرب، سرب مواطنيك في الجنوب الذين أجمعوا وعزموا على العيش بكرامة في أرضهم ودولة النظام والقانون القادمة بالاستقلال الثاني الناجز...وقد قال أنصار الشعوب والبيئة: "لكي تكون مواطناً صالحاً أعمل محلياً أولاً، وفكر عالمياً ثانياً".



لذا نرجو سيادتكم بوضوح وشفافية القرن الواحد والعشرين أن تتذكروا دائماً القول الشريف: من أراد منكم أن يتكلم فليقل خيراً أو ليصمت! فلتكن السياسة لخدمة شعب الحراك السلمي، وليس شعب الحراك لمصالح السياسة!


حبذا الرد، ودمتم بخير.


عاشق الجنوب – عدن
22 رمضان 1430