02-21-2021, 02:43 AM | #1 | |||||
حال جديد
|
خلل مفهوم الاستغاثة عند أبو بكر العدني المشهور
تكررت الاستغاثات بغير الله تعالى في مؤلفات ابو بكر العدني ، دون نكير أو تأويل لها ، أو أن يصنف ذلك من الإفراط الذي نعاه على الصوفية في بعض المواضع من نتاجه المسموع والمقروء ؛ ولعل السبب في ذلك راجع الى بيئته الفكرية التي نشا فيها ، أو أن الرجل كان يمتهن التقية في نكيره على الإفراط الذي لم يكشف النقاب عن مفهمومه ولا كنهه ، أويضرب له مثلا !
فهذه الاستغاثات الصريحة بغير رب الارض والسماوات إن لم تدرج في باب الغلو والإ فراط ؛ فياترى في أي باب يمكن أن تدرج !؟ نماذج من الاستغاثات بغير الله في مؤلفات أبو بكر العدني وفي هذه الفقرة - إن شاء الله ! - سنذكر بعض النماذج التي انطوت على استغاثات صريحة بغير الله تعالى كالآتي : النموذج الأول : أثبت ابو بكر العدني مقطوعة شعرية لشيخه عبد القادر السقاف - عند أن وفد الى المدينة النبوية زار فيها قبر النبي صلى الله عليه وسلم - فألقى تلك القصيدة التي حملت في تضاعيفها جملة من الندآءت والاستغثات برسول الله صلوات الله وسلامه عليه ، طلب منه في قصيدته مالايجوز طلبه الا من الخالق جل جلاله وتعالت عظمته ، وخلع عليه صفات الربوبية والألوهية وجعل منه ندا لرب الارض والسموات عياذا ولياذا بالله رب العالمين ! فقال فيها مناديا رسول الله صلى الله عليه وسلم : يارسول الله إنا عصبة من بينكم وبكم نستصر قد أتيناك وفودا نشتكي عنت الدهر بما يستنكر فلقد جاوز فينا حده باللأذى حتى تمادى الضرر مالنا إلاك ياخير الورى ملجأ نقصده أو وزر فاعطنا الآمال وارحم ضعفنا واحمنا من كل شئ تحذر جني القطاف ص 301 كما أثبت مقطوعة أخرى على شاكلة الأولى : ( رفع فيها الشكاية بما حل بالبلاد والعباد ، صدرها بقوله : هذه جاءت من عفو الخاطر عندما تذكرت الحالة بالبلاد وماحل بالناس ، شكاية الى الحبيب صلى الله عليه وسلم ، ورجاء لتدارك الحال والدين بواسطته صلى الله عليه وسلم ) أما جاءكم أنا غزينا بدارنا وانا سلبنا مالدينا من الوفر أما جاءكم انا بعقر بيوتنا أخذنا وجاءتنا البلايا على الأثر اما جاءكم ان السجون مليئة وان الدماء تجري من القتل والغدر جني القطاف ص 303 قلت : وهذه الشكاية التي رفعها عبد القادر السقاف الى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصيدة ، وروج لها ابو بكر العدني في كتابه ، من الامور المبتدعة المفضية الى الغلو المذموم في جناب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، تكشف لنا مدى الخلل الذي نشاء عليه الناظم لهاتين المقطوعتين -ومن على شاكلته - في فهمه للتوحيد الذي هو حق الله على العبيد ، ومدى غلبة الهوى والجهل الذي عشعش في عقولهم ، حتى تساهلوا في إطلاق الندآءت والاستغاثات لمن و بمن شآءوا من الخلق بلا استثناء ، ودون أي اعتبار لنصوص الوحي التي تنهى عن ذلك الأمر، وتعده شركا بالله ، كقوله تعالى : { إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين } وقوله : {أَيُشْرِكُونَ مَا لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ أموات غير احياء ومايشعرون أيان يبعثون } وقوله : { وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا سْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ } وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فراجعه في بعض الكلام فقال: ما شاء الله وشئت! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أجعلتني لله ندًّا بل ما شاء الله وحده» رواه الإمام أحمد في المسند: 1 / 214، وبنحوه ابن ماجه في السنن برقم (2117) وعن عبد الله بن مسعود.سئل عليه الصلاة والسلام أي الذنب أعظم عند الله؟ فقال: "أن تجعل لله ندا وهو خلقك " أخرجه البخاري: كتاب الأدب 10/433 والأدلة في هذا الباب كثيرة وصريحة الدلالة ، وأكثر من أن تحصى وحسبنا منها ماأفاء بالغرض ! فلو كان بث الشكاية لرسول الله صلى الله عليه وسلم بُعيد وفاته وعند قبره مستساغ أو مشروع لكان أبوبكرالصديق رضي الله عنه أولى يبثه الشكاية مما لقيه من أهل الردة ! ولكان عمر الفاروق رضوان الله عليه كذلك في ما حل بالمسلمين من القحط والجوع في زمنه (عام الرمادة ) ! ولاشتكى إلية ذو النورين رضوان الله عليه مما لاقاه من الخوارج يوم الدار! ولجاء اليه أبا الحسنين رضي الله عنه شاكيا إليه مالقيه من اختلاف عليه في الخلافة ! ولعكف الصحابة عند قبرة يبثون اليه حاجاتهم ، ويطلعونه على مانزل بهم من خطوب ومدلهمات ! كما قال ابن قيم الجوزية عليه رحمة الله ! : ( فلو كان الدعاء عند القبور ، والصلاة عندها ، والتبرك بها فضيلة ؛ لنصب المهاجرون والأنصار هذا القبر – يعني قبر رسول الله – علما لذلك ، ودعوا عنده ) إغاثة اللهفان ج1 ص 319 |
|||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
|