05-11-2011, 04:22 PM | #1 | ||||||
شخصيات هامه
|
سـَـــفـر خـيــــــر ........!!
في حضرموت وبين سكانها تسود اعتقادات قديمة عن القوى الخارقة للطبيعة تتحدث من خلال الشعراء وأن الشاعر الموهوب في مقدوره أن يروي أسرار الماضي والمستقبل ( متنبي ) وربما بعض الشعراء يملكون موهبة الاستشعار او الاستبصار ( الفال ) بصورة جيده ولكن لا يعني ان لديهم خاصية التنبوء المزعوم للمستقبل الآتي ، وربما يفسر البعض تلك المواهب في الشعر على انها جملة من ( الرموز او الايماء والاشارة ) التي تنبأ عن نبوءة قذفت في فؤاد الشاعر ، فعبر عنها بالشعر فلابد من استقراء المستقل ومعرفة الآتي القريب من خلال حلحلت معانيها، أو كنحو التنبأ بمعرفة قدوم السيل أو المسافر ، أو مقتل فلان أو موت علان ، أوزحف جيش غازي . ويبالغ البعض كثيرا في تفسير تلك الرموز والاشارات ، بالرغم أني قرأت معظم دواوين شعراء العصر الجاهلي والإسلامي والعصر العباسي والأموي وقرأت لشعراء كثر من العصر الحديث ، فلم التمس في شعرهم مثل تلك المزاعم عن التنبوء بالمستقبل كما يزعم الزاعمون من المتحمسين للشعر الشعبي الحضرمي بأن الله قد حبا شعر حضرموت وشعراءهم بهذه المزية المزعومة . أفتتن بعض المتحرشين بالتراث والشعر ، من الذين ترسخت في ذاكرتهم الصغيرة ( قصص السحرة والمشعوذين في شرق أفريقيا ) الذين يزعمون قراءة الطوالع ومعرفة الأسرار ومستقبل الناس ، فتوهموا أن الشعر في حضرموت ليس كما قالت العرب ( أعذبه أكذبه ) ، وإنما رأوا فيه ( أعذبه تطلمسه ) .. ومثل تلك النظرة السقيمة والقاصرة تسئ الى الشعر والى روح الشاعر المبدع ، وتلوي عنق الأبيات ليا نحو تفسيرات ربما ليست هي المقصودة وليست ( بيت القصيد ) . على العموم ( بيت القصيد ) أن اضع هذه المساجلة للمهتمين بشعر الشبواني ، مساجلة جرت في المكلا في السبعينيات من القرن الماضي بين شاعرين كبيرين ومشهورين ( سعيد باحريز ، وناجي ) والمساجلة من التسجيلات النادرة . أخص بها سقيفة الشبامي ، أخترت هذه المساجلة لكم وأخترت التعليق على مفردة واحدة جاءت ضمن بيت للشاعر باحريز في المساجلة حين قال:
ياليلة الرحمن ما الليله ياساري سرا =السفر في يمنتي ولاّيب على قلبي يلوب ما هو جمل لي ما يبيض وجه مولى المعصره= لكن عسا ربك يعبرها على وجهي دبوب فما هو ( السفر ) ؟ ضمن تخريجات الكلمة لغة : سفر هو الوضوح والشروق ويقال ( أسفر الصبح أي أضاء وأشرق )... !! ولو توسعنا قليلا حول تحليل مدلول هذه الكلمة وإلى ماذا تحيلنا ، و لماذا ربط الحضارم ذلك التفاءل الطيب المتمثل في تلك الحكة في راحة اليد أو في القدم أو على أرنبة الأنف بالفال الطيب ، بسفور الصبح وطلوع الشمس ، ربما قد نستنتج أن من ذلك أن تلك الكلمة ( سفر ) تسربت إلينا من مورثنا العقائدي القديم حيث كان الحضرميون يعبدون الشمس ضمن معبوداتهم وكانت تسمى ( ذات حميم ) وهي رمز النور ( السفر ) . ربما تسربت كلمة ( سفر ) في الإعتقاد ات الشعبية لتحيلنا إلى الفأل الطيب ومجئ الخير ، فالسفر تسبقه اشارات يشعر بها الآنسان تلامس جزء من جسده ، منها الحكة التي تأتي غالبا في راحة اليد ، أو في أسفل القدم ، أو في طرف أرنبة الأنف ، وتلك الحكة هي غير حكة الأمراض الجلدية أو أمراض التحسس ، وإنما تأتي فجأة وبشكل عابر ، فإذا ما أحس الشخص بتلك الحكة قال : ( سفر خير ) ، وقد وضع الناس تفسيرات وتأويلات بسيطة لمدلولات نلك الحكة منها على سبيل الأمثال: - حكة اسفل القدم ( قدوم سيل في القريب ، أو تطأ الرجل ماء السيل ). - حكة راحة اليد ( مصافحة غريب ، أو مسافر ، أوشخص عزيز غاب مدة ، أواستلام فلوس ، أوهدية ونحوها ) . - حكة أرنبة الأنف ، ( حضور افراح عرس ، أكل وجبة دسمة ، تعرض الرجل الى لطمة ، ) . بقي نشير الى رفة جفني العين فهي في الاعتقاد الشعبي نذير شؤم عند البعض إذ تنبأ بسماع بنبأ وفاة . مساجلة الشاعر ناجي وباحريز مع ملاحظة أن صاحب الصوت ذو النبرة الحادة هو صوت سعيد باحريز . . |
||||||
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
|