من كتاب شقران عن الحشرات الضّارة والنافعة
سالم زين العطاس
اقتباس :
|
من كتاب شقران عن الحشرات الضّارة والنافعة ، المنقول عن الأدب القديم ، ننقل قصّة الصرصار وباجعاله.
إجتمعت الحشرات حول مياه تشوبها زرقة ، وتحدّث العنكبوت ، مطالبا بوضع حد للتصغير من شأنه والتحقير من منزله وغادر المكان ، وهو يردد:
إن لم تنصفوني فسأظلّ أخيف أطفال بني البشر.
أعطيت الكلمة لباجعالة ، وهذا أيضا احتجّ على الذين يستهزئون به وهو يدفع بمؤخّرته بمادة تزكم الأنوف في شكل كرة تكون أحيانا أكبر منه ، متسائلا:
أليس من حقّي التجول في الأرض والدّفع بكرتي في جميع الإتجاهات؟
ثم أعطيت الكلمة للذّباب ، الذي قاطعه رئيس الجلسة عندما طالب بمكبر الصوت ، مدّعيا إن الآدمي لم يعد يكترث بطنينه وهو يدور حول أذني ابن آدم ، فلعل مكبّر الصّوت يعيد له أمجاده.
وعلى حين غرّة أطل عليهم الصرصار من فتحة المرعاض ، ثم نزل إليهم في سرعة صغار الصراصير ، فوقف جانب المنصّة والحشرات جميعها صامتة وأخذ يحرك قرنا الاستشعار ، ناظرا إلى اليمين وإلى الشمال ، ثم اعتلى المنصّة وقال:
حديثي سأوجهه إلى باجعاله الذي أساء السمعة لعل وعسى يعرف نفسه . المذكور يدحرج كرة أكبر منه ويريد أن يصعد بها في صخرة ملساء ، وسبق وأن حذّرت بأن هذه الصخرة أدمت قرن الوعل فكيف الا بك أنت يا بجعاله .
يا إخواني: هذه با جعاله كان نزهة الأطفال عندما يمر منكس الرأس يدفع بكرته في اتجاه الخلف ، ولما عرف الأطفال مادّة الكرة تأففوا منه وبقي المغرور يدفع بكرته وكأنّها عنبر. ثمّ اتجه إلى رئيس الجلسة ( بامحْقبْ ) وقال:
يا سيادة الرئيس ، إننا إن تعرضنا للإبادة فهي بسبب باجعاله . أصبح ممقوت ولا ينظرون إليه حتى الأطفال ، وأريد ولا فخر يا سيادة الرئيس أن أطلعكم على سلوكي اليومي:
بالطبع كل منكم يعرف منازلي ، ولكن قصري المفضل هو ذاك الذي يزاحمني فيه الإنسان ، ولكنني تحايلت عليه ، فكلّما دخل اختبأت وعندما يخرج أطلع من الحفرة أو الشق وآخذ حرّيتي ، غير أن باجعاله أحيانا يدحرج كرته في الإسفلت فيعرّض حياته للخطر
|