تمنيت فكّه من مكّه تنهي عذابـي علـى خيـر

[أبوعوض الشبامي]

دخلت سقيفة القوافي وعذب الشعر وكلام الشعراء أطوف فيها بعد غيبة طويلة عنها ، فوجدت القوم في خلاف حول شطر من بيت كتبه شاعر السقيفة السيد عبدالقادر فدعق ، يقول فيه (( تمنيت فكّه من مكه تنهي عذابي على خير ))...!!
ليس هنا محل نقاشنا القصيدة وما حوته من طرافة مستحبة عند الشعراء في زمن الهموم والأوجاع ، ولكن ما يهمنا نقاش جزئية اقتبست من مثل شعبي دارج على السنة الناس في حضرموت خاصة وفي الجنوب عامة ، وهذا المثل يقول (( فكه من مكه )) وهناك مثل آخر يقول (( إذا سعفت لش يامكه مككينا )) او كما يقول البعض (( إن جيت لش يامكه مككينا )) وهذا المثل الأخير قال عنه الاستاذ محمد عبدالقادر بامطرف في كتابه (( معجم الامثال والاصطلاحات العامية المتداولة في حضرموت ص 26 (( يقضي العوام الليالي الطوال في اسمارهم يفسرون الفعل (( مكّك )) دون ان يخرجوا طبعا طائل من محاولاتهم ولكنهم يفهمون أن المثل هو (( أنني إذا لم احترز فيما أقبل من التعرض للأمر الضار فإنني أكون مستحقا لكل ما يجرّه عليّ إهمالي من أذى )) أنتهى ..
ولكن ما حكاية المثلين (( فكه من مكه )) و (( إذا سعفت لش يامكه مككينا )) ؟؟
بعيدا عن مزايدات البعض ورفع راية الادعاء في حرصهم وحدهم للمقدسات تعالوا معا نطوف في المراجع التاريخية ونقف وقفة المتفحص المتمعن لمعنى كلمة (( مكة )) كما جاءت في النقوش العربية الجنوبية القديمة ، ولو تتبعنا عبادة القمر المنتشرة قديما في جنوب الجزيرة العربية لوقفنا عند عبادة السبئيين لعبادة القمر أو كما يعتقد البعض أنهم يطلقون عليه إله (( المقة )) ويرجح البعض أن (( مقة )) هو اسم موضع مقدس كانت تذبح فيه القرابين وتعبد الالهة الوثنية قديما وتقدم فيه النذور، ويقول المؤرخ ديتلف نلسون في كتابه (( الديانة في العربية الجنوبية )) أن النقوش المكتشفة في جنوب الجزيرة العربية ورد فيها إسم (( المقة )) أكثر من الف مرة ...!!
وكلنا يدرك ويلاحظ بأن بعض من أهل اليمن كانوا ولا زالوا يقلبون حرف القاف الى (( كاف ))، لهذا ليس من المستبعد أبداً أن يكون هناك علاقة بين اسم (( مكة )) وبين (( المقة )) على فرضية أن (( المقة )) معبوداً كانت تقدم له القرابين في حضارات العربية الجنوبية .
ويبدو أن المثل (( فكة من مكة )) و(( إذا سعفت لش يامكه مككينا )) من الأمثال القديمة جدا وتسربت من تلك العصور وبقيت عالقة في الذاكرة الشعبية ولا يستبعد ان تكون صيغة المثل على النحو الآتي : (( فكة من مقة )) و (( إذا سعفت لش يا(( المقة )) مققينا ))...!!على اعتبار أن بعض اليمنيين يحولون القاف كافا تحول اسم (( المقة )) الى مكة ...!!
لهذا نأخذ شطر بيت شاعرنا عبدالقادر فدعق على محمل أنه (( تمنيت فكه من ( مقه )) تنهي عذابي على خير ))
وهنا يأتي المعنى من خلال سياق شرحنا لمعنى (( مكة )) في الأمثال الحضرمية ...!!
وحتى لا نقضي أسمارنا في جدال كما وصف ذلك بامطرف وقال في كتابه المذكور (( يقضي العوام الليالي الطوال في اسمارهم يفسرون الفعل (( مكّك )) دون ان يخرجوا طبعا طائل من محاولاتهم ولكنهم يفهمون أن المثل هو (( أنني إذا لم احترز فيما أقبل من التعرض للأمر الضار فإنني أكون مستحقا لكل ما يجرّه عليّ إهمالي من أذى ))..!!
فعلينا أن نأخذ بتفسير المثل كما شرحه الأستاذ محمد عبدالقادر بامطرف ونبتعد عن الجدال الذي لا طائل منه!!

.



.


.

[عبدالقادر صالح فدعق]

عمنا ابوعوض ..

حقيقة موضوع جميل وأزال الغبار عن بعض ماكان خافي ( دون قصد ) عن البعض وهو بكل أمانة موضوع هام يضاف الى رصيدك الجميل ..

لك التحية والتقدير دومآ ...

.

[أبوعوض الشبامي]

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالقادر صالح فدعق [ مشاهدة المشاركة ]

عمنا ابوعوض .. حقيقة موضوع جميل وأزال الغبار عن بعض ماكان خافي ( دون قصد ) عن البعض وهو بكل أمانة موضوع هام يضاف الى رصيدك الجميل .. لك التحية والتقدير دومآ ... .

شكرا لك على المرور ..
وهذا الموضو ع جاء ضمن محاولة متواضعة في فهم ودراسة تراثنا، وليس النظر نحوه نظرة سطحية تفتقر
الى الدراسة والبحث والتقصي لمدلولاته ، وكثير من انصاف المتعلمين والمدعين بالاهتمام بتراثنا تكاد ان تكون نظرتهم لهذا التراث لا تتعدى حدود (( خشومهم )) كما يقال ... أي يمتازون بالقصور عن فهمه ، والخلل ليس في الموروث ، ولكن الخلل في عدم فهمنا واستيعابنا لهذا الموروث الهائل الذي تركه الأولون لنا ...!!



.

[احمد شهاب]

استاذى الكريم / ابو عوض الشبامى. بخصوص المثل اوالمثل الدارج مثل مايقولون ( فكه من عكا) وليس من مكه . والله اعلم . تحياتى

[أبوعوض الشبامي]

اقتباس : المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد شهاب [ مشاهدة المشاركة ]

استاذى الكريم / ابو عوض الشبامى. بخصوص المثل اوالمثل الدارج مثل مايقولون ( فكه من عكا) وليس من مكه . والله اعلم . تحياتى

شكرا على المرور ومع احترامي لرأيك إلا ان المثل الحضرمي يقول (( فكه من مكه )) وقد جاء ضمن المصادر الحضرمية التي تناولت الامثال منها على سبيل المثال كتاب (( 2000 مثل من حضرموت )) لحسن بن احمد بن طالب العامري طبع سنة 2001م انظر المثل في ص 147 ...!!



.

[جابرعثرات الكرام]

أتصل بي أحد الأخوة المتابعين لسقيفة الشبامي ..وأثنى على وجهتي النظر لأبي عوض ولوجهة نظري حول فكة من مكة...ولكنه أظاف أن هذه ليس الحقيقة وبما أنه أكبر سنا مننا أصر أصرارا أن العلم اليقين عنده وحده وقال: كان رجلا متزوج من أمراءة أسمها مكه وكانت هذه المراءة طويلة اللسان كثيرة المشاكل مع زوجها ومع الجيران...وحدثت ذات يوما مشكلة بينها وبين زوجها في الشارع وتجمع الجيران حولهما مستمعين وتطور الخلاف الي أن وصل للطلاق فطلق صاحبنا مكة وغادرت مكه الحارة وقال أهل الحارة أفتكينا من مكة (فكه من مكه)..لهذا وجب التنويه وانتشر هذا وسار مثلا.

[احمد شهاب]

اشكرك جزيل الشكر على المعلومة القيمة.. تحياتى

[الماسه*]

أستاذي الفاضل ابو عوض الشبامي حفظك الله

عودة جميله وموضوع دسم من العيار الثقيل جاء في وقته تماما ليخدم الجميع في التعرف على تراثهم العظيم الذي يحمل دلالات كبيره وهو ليس حكرا على فئة معينه وخاصة الامثال الشعبية التي تتناقلها الاجيال جيلا بعد جيل بحيث تغني حياتنا بالعبر والدروس وليس بالهذر الفارغ وسد فراغ الكلمات والجمل!!..وانما لها دور تربوي اساسي في المجتمع...
في رأيي الشخصي ان المسأله في فهم النصوص غالبا ليس هو الجهل فقط ولكنه ايضا الاستمتاع بتسقط الهفوات للآخر ومحاولة افتعال المهاترات بين الفينة والاخرى لتصفية حسابات قديمه كانت ام جديده!!...هذا مجرد شعور خالجني بعد متابعاتي لما دار في سقيفة عذب القوافي..وادعاء البعض بامتلاكهم الحقيقة المطلقه هي اس المشكلة وعمادها!!..والحكم على مافي الضمائر شيء خطير جدا!!
ولو اننا اعتمدنا حسن الظن في ذمام الناس قدر المستطاع لوجدنا ان المسائل تهون حتى وان بدت خلافا في النهج..فليس كل مانراه بالمطلق يكون كما يبدو امامنا ولكن كما يقول الشاعر:
عين الرضا عن كل عيب كليلة= ولكن عين السخط تبدي المساوئا!!!
تقبل منتهى احترامي وتقديري لشخصك الكريم.