المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > سياسة وإقتصاد وقضايا المجتمع > سقيفة الحوار السياسي
سقيفة الحوار السياسي جميع الآراء والأفكار المطروحه هنا لاتُمثّل السقيفه ومالكيها وإدارييها بل تقع مسؤوليتها القانونيه والأخلاقيه على كاتبيها !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


محاولة للرد على كل ما قيل حول الوحدة اليمنية الجزء الثاني

سقيفة الحوار السياسي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-17-2006, 01:36 PM   #1
فؤاد ناصر البداي
حال جديد

افتراضي محاولة للرد على كل ما قيل حول الوحدة اليمنية الجزء الثاني

الوحدة اليمنية - الظروف والتحديات.
يقصد بالظروف في هذا المقام العوامل والمتغيرات البيئية الداخلية والخارجية لكلا الشطرين والتي يعتقد الباحث أنها قد أثرت بشكل فعال في إتمام عملية الوحدة وساعدت على تحقيقها وينبغي الإشارة هنا إلى أنه سيتم التركيز فقط على أبرز هذه العوامل خصوصاً تلك التي برزت خلال الفترة من 1980 – 1990م. بينما ينصرف مفهومنا للتحديات إلى المتغيرات البيئية الداخلية والخارجية التي واجهتها دولة الوحدة بعد قيامها في عام 1990م. وبالتالي يمكن تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين يتناول الأول منها الظروف البيئة للوحدة، ويختص المطلب الثاني بالتحديات التي عاصرتها.
الظروف البيئية التي ساعدت على قيام الوحدة.
أولاً: الظروف البيئية الداخلية.
يمكننا الحديث عن هذه الظروف بتقسيمها إلى فئتان من العوامل والمتغيرات تمثل الأولى العوامل والمتغيرات السياسية، والثانية تمثل العوامل والمتغيرات الاقتصادية.
1) العوامل والمتغيرات السياسية الداخلية في كلا الشطرين.
لعل أبرز هذه العوامل والمتغيرات تتركز فيما يلي:-
1-1) التحولات السياسية في كلا الشطرين.
أتاح الاستقرار النسبي لنظام الحكم في الجنوب خلال فترة حكم الرئيس "علي ناصر محمد" منذ أبريل 1980م وحتى 13 يناير 1986م، وكذلك التوجهات السياسية الجديدة للنظام خلال هذه الفترة، التي اتسمت بالانفتاح على دول الجوار والرغبة في تحسين العلاقات معها، الفرصة لاستمرار العمل الوحدوي لمدة قاربت ست سنوات من العمل المتواصل سمحت بتحقيق العديد من الخطوات الهامة التي مهدت السبيل لإعادة تحقيق الوحدة، وكان من أهمها اتفاق قيادتي الشطرين على تخلي كل طرف عن دعمه لقوى المعارضة التي كانت تعمل ضد الطرف الآخر، وكان لهذا الحدث تداعياته الإيجابية في توفير البيئة المناسبة لتطوير العمل الوحدوي المشترك وقد انعكست تلك التداعيات بتوقيع العديد من الاتفاقيات الوحدوية الهامة، فخلال هذه الفترة تم إنجاز مشروع دستور دولة الوحدة، وتم توقيع العديد من الاتفاقيات التي وضعت أسساً للتكامل الاقتصادي بين الشطرين، كما تم إنشاء العديد من الآليات المشتركة التي كان لها دور بارز وأساسي في إتمام عملية الوحدة، ومن أبرز تلك الآليات المجلس اليمني الأعلى، واللجان الوزارية المشتركة بمختلف تخصصاتها.
وعلى الرغم من التغير الذي طرأ على النظام السياسي في الجنوب بعد أحداث 13 يناير 1986 وتوقف العمل الوحدوي لفترة زادت عن العامين تقريباً، إلا أن عوامل أخرى محلية ودولية قد أحدثت تأثيرات إيجابية دفعت بجهود الوحدة قدماً نحو الأمام وأسهمت بفعالية في تحقيقها. فقد أفرزت نتائج الصراع الدامي بين أقطاب الحكم في الجنوب في 13 يناير 1986 وما خلفه ذلك الصراع من دمار شامل طال كل ألبُنا التحتية للدولة، جملة من التأثيرات التي قادت إلى حدوث مراجعة نقدية ذاتية شاملة للتجربة الحزبية والسياسية طوال العقدين المنصرمين في الجنوب، ذلك "فضلاً عن أن التأثيرات المعنوية والسياسية لعملية المراجعة الشاملة التي جرت في الاتحاد السوفيتي – الحليف الرئيسي للشطر الجنوبي- ومنظومة البلدان الاشتراكية السابقة، التي تزامنت مع مراجعة تجربة الشطر الجنوبي، قد وفرت بدورها غطاء فكرياً ومعنوياً وأيديولوجياً ذا صفة دولية لعملية المراجعة الذاتية" .
أدت عملية المراجعة الشاملة للحزب الاشتراكي اليمني إلى إعادة صياغة تجربة الشطر الجنوبي على صعيدي الحزب والدولة، وطرح مفاهيم وولوج سياسات داخلية وخارجية كان يصعب تماماً تصور حدوثها من قبل. فمنذ يوليو 1987م جرت داخل مؤسسات الحزب عدة نقاشات دارت حول بعض المشاريع الناقدة لتجربة الحكم في الجنوب منذ استقلاله عام 1967 وكان أبرز ما تضمنته تلك المشاريع لإصلاح الوضع السياسي والاقتصادي الشامل، الدعوة إلى تبني الديمقراطية المقرونة بالاعتراف بتعددية سياسية واجتماعية واقتصادية، وإفساح المجال أمام التعددية للتعبير عن نفسها سلمياً، وقد وجدَت بعض تلك الدعوات طريقها إلى الواقع العملي حيث سُمح بالفعل بقدر من حرية التعبير في الأدوات الإعلامية المختلفة، كما تم تحرير عمل المنظمات الجماهيرية والشعبية المختلفة، وبدأ قدر من التمايز بين أجهزة الدولة وأجهزة الحزب. كما تم تنشيط عمل مجلس الشعب الأعلى، حيث سُمح فيه بتوجيه الانتقادات للإجراءات ومشروعات القوانين كافة التي تعرض عليه، وتحريره من الهيمنة الجامدة والمباشرة للحزب. وترافق مع هذه الإصلاحات تزايد حجم المطالبات من قبل بعض القوى من تيارات سياسية ومستقلة بضرورة السماح لها بالإعلان عن نفسها كأحزاب فاعلة في المجتمع، والاعتراف بأن جوهر الديمقراطية يعني التعددية الحزبية وحرية التنظيم، فولّدت تلك المطالب التي عبرت عن نفسها سواء داخل الحزب وأجهزته المختلفة أو في وسائل الإعلام ضغوطاً قوية على الحزب، وترافقت هذه الضغوط زمنياً مع تداعيات سياسات الإصلاح والعلانية في الاتحاد السوفيتي، التي تمثلت آنذاك في إعلان موسكو تخليها عن مبدأ قمع أية حركات إصلاح سياسي في بلدان أوربا الشرقية، وتركها تواجه خياراتها المستقبلية بناء على رغبات شعوبها، الأمر الذي ساهم في تخلص تلك البلدان من الهيمنة السوفيتية في البداية، ثم من قبضة الأحزاب الشيوعية المحلية، وبالتالي التمهيد لانهيار حكم الأحزاب الشيوعية فيها وإزاء تلك التطورات الدولية، وتزايد حدة المطالب الداخلية الهادفة إلى إحداث تغيير في الأوضاع السياسية والاقتصادية، واستعادة الوحدة اليمنية، فقد كانت الوحدة وكما عبر عن ذلك الرئيس "علي عبد الله صالح" خياراً لا بد منه لقادة الجنوب لإنقاذ أنفسهم من المصير الذي لقيه نظام حكم الرئيس الروماني "نيكولاي تشاوسيسكو" الذي انتهى بإعدامه مع زوجته عام 1989 . ذلك فضلاً عن أن فشل قادة الحزب الاشتراكي في تحسين علاقاتهم الخارجية مع الكثير من دول العالم بعد أحداث 13 يناير، قد أسهم في تضييق الخناق عليهم من الخارج بشكل جعلهم أكثر استجابة لنداءات الوحدة.
أما فيما يتعلق بالتحولات السياسية في الشطر الشمالي فقد سمح الاستقرار النسبي للنظام السياسي الحاكم طوال عقد الثمانينيات، بأن تمكنت السلطة من تحقيق تقدم ملموس في مختلف المجالات تقريباً وخاصة الاقتصادية والاجتماعية منها، وتمكنت من بناء قوات مسلحة قوية وعلى أسس حديثة، كما تمكنت صنعاء من تحسين علاقاتها مع الكثير من الدول الإقليمية والعالمية، وكان لتلك التطورات تأثيرها على عملية إعادة الوحدة اليمنية، حيث أصبحت صنعاء الطرف الأقوى في طرح قضية الوحدة، ولم يعد بوسع قادة الحزب الاشتراكي الحاكم في الجنوب فرض شروطهم الخاصة لإتمام عملية الوحدة وفق رؤاهم المتمثلة بضرورة أن تكون دولة الوحدة ذات مضمون تقدمي واشتراكي. ولما كانت المحاولات الوحدوية السابقة منذ عام 1972 قد فشلت في استعادة الوحدة اليمنية بسبب التباين في المنطلقات الأيديولوجية لكلا النظامين في الشطرين، وكذلك الطريقة التي تم إتباعها خلال تلك المحاولات لتحقيق الوحدة عبر وسائل الضم والإلحاق باستخدام القوة العسكرية، فكان لابد من إيجاد خيارات أخرى تلتقي عندها رؤية كل طرف للحد الأدنى على الأقل من المرتكزات الأساسية التي ينبغي أن تقوم عليها دولة الوحدة كشرط لابد منه لإحراز تقدم ملموس على صعيد الخطوات العملية لاستعادة الوحدة. وكان الخيار ألتعددي الديمقراطي كمرتكز أساس للدولة الجديدة يمثل الحل الواقعي لقبول الطرفان بإقامة الوحدة.
وإزاء تلك المتطلبات الضرورية لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية خصوصاً في ظل نظرة النظام في الجنوب لنظيره في الشمال بأنه نظام رجعي قبلي متخلف، فقد كانت التجربة السياسية في الشطر الشمالي وفي ظل ما توفر لها من استقرار سياسي خلال عقد الثمانينيات، قد تمكنت من إحداث تحولات سياسية جوهرية في المؤسسات السياسية، ومن ذلك أن تم تأسيس مجلس شورى منتخب، كبديل لمجلس الشعب التأسيسي المعين، وأُجريت أول انتخابات عامة في 5 يوليو 1988م، لانتخاب أعضاء المجلس الجديد المكون من 159 عضواً، وبالرغم من أن الانتخابات قد قامت على أساس فردي وليس على أساس تمثيل تيارات سياسية معينة إلا أنها قد بلورت وجود كبرى التيارات السياسية في الواقع السياسي اليمني. وعلى مستوى المنظمات الجماهيرية فقد شهدت البلاد توسعاً كبيراً في إنشاء تلك المنظمات وبنهاية عام 1989 كان عددها يتجاوز 300 منظمة في مجالات متعددة .
لقد مثلت تلك الخطوات وغيرها من قبل النظام في الشطر الشمالي نقطة التقاء مع الخطوات المشابهة لها من قبل الشطر الجنوبي في كون الاتجاه نحو الديمقراطية قد وفر قاعدة مشتركة للحوار السلمي حول إتمام مشروع الوحدة، وقدم رؤية مشتركة لأسس قيام الدولة الجديدة وفي مقدمتها حرية التعددية السياسية والحزبية.
وعلى المستوى الخارجي أتاح ذلك القدر من الاستقرار السياسي الداخلي للنظام السياسي في الشطر الشمالي بأن يطور علاقاته مع العديد من دول المنطقة والعالم، بشكل أمكنه من كسب تأييد تلك الدول لقيام الوحدة اليمنية، فعلى المستوى الإقليمي تمكنت صنعاء من الإبقاء على علاقاتها المتميزة مع دول الخليج العربي، ودخلت عضواً مؤسساً في مجلس التعاون العربي إلى جانب العراق ومصر والأردن، كما حافظت على توازن علاقاتها بالكتلتين الشرقية والغربية، واستطاعت إقناع موسكو بالتخلي عن دعم المعارضة اليسارية، وطلبت منها الضغط على بعض الدول العربية التي كانت تدعم تلك المعارضة. وأدى اكتشاف النفط في مأرب من قبل شركة هنت الأمريكية، بكميات تجارية، واحتمال وجوده في مناطق أخرى، إلى إحداث تحول في علاقات واشنطن بصنعاء، وفي 1986 قام نائب الرئيس الأمريكي "جورج بوش" بزيارة للشطر الشمالي للمشاركة في افتتاح مصفاة النفط في مأرب، وأكد بوش لصنعاء أن علاقاتها مع بلاده ستكون مباشرة وليس عبر الرياض، وانه سيبذل كل جهد لتقويتها، وحين تم انتخابه رئيساً للولايات المتحدة عام 1989 وجه دعوة للرئيس "علي عبد الله صالح" لزيارة واشنطن . وكان لهذه الزيارة التي تمت في 22 يناير 1989م، أهميتها في إقناع الأمريكيين بتأييد قيام الوحدة، إذ كان نظام عدن حينها ما يزال موضوع على لائحة الإرهاب الأمريكية، وكانت واشنطن تريد من صنعاء تقديم ضمانات بالحد من إرهاب النظام الاشتراكي في عدن وهو ما حصلت عليه بالفعل من الرئيس "صالح" خلال تلك الزيارات ومن ذلك قوله للأمريكيين: "أنا أضمن أن كل أنواع الإرهاب من النظام في الشطر الجنوبي ستنتهي عند إعلان الوحدة" بعدها أعلنت الإدارة الأمريكية تأييدها للوحدة اليمنية .
2-1) التداعيات السياسية لأحداث 13 يناير 1989 وموقف صنعاء من الأزمة.
أحدثت الخسائر المادية والبشرية الفادحة الناجمة عن انقلاب 13 يناير ضد الرئيس "علي ناصر محمد" وما رافقها من أعمال تصفية وعنف ضد بعض أنصار الطرف المنهزم في الحرب، ردود أفعال عكسية لدى قادة الحزب الاشتراكي تمثلت في الخوف من ردة الفعل والانتقام خاصة وإن الرئيس "علي ناصر محمد" ومعه عشرات الألوف من أنصاره ليسوا ببعيدين عنهم، وظلوا في معسكراتهم في الشطر الشمالي متحينين الفرصة للثأر من أعدائهم، وإذا ما أخذنا في الاعتبار المتغير القبلي والمناطقي الذي كان يقوم على أساسه ولاء المواطنين وتأييدهم لأقطاب النظام الحاكم في الجنوب، فإن محافظتين على الأقل (محافظة أبين التي ينتمي إليها الرئيس علي ناصر محمد، ومحافظة شبوة التي ينتمي إليها بعض أنصاره) من بين المحافظات الجنوبية الست كانت ضد النظام الجديد في الجنوب، ذلك فضلاً عن "نشوء توتر في العلاقات الداخلية الحزبية كان مرشحاً للتطور بسبب الخلاف حول توزيع بعض المناصب في الدولة" . وإذا ما أخذنا في الاعتبار أيضا الخسارة الكبرى التي مني بها الحزب في الحرب بفقدان معظم قادته البارزين، وفي مقدمتهم عبد الفتاح إسماعيل، وعلي عنتر، وصالح مصلح قاسم، وعلي شايع، وربما كان "علي سالم البيض" هو الناجي الوحيد من بين تلك القيادات التي درج بعض الكتاب والباحثين على تصنيفها تحت مسمى قيادات الصف الأول داخل الحزب، فقد أصبحت سيطرت الحزب على الأوضاع الداخلية في ظل تلك التحديات شبه مستحيلة، خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار الظروف الدولية السلبية المحيطة والتي تزامنت مع تلك التغيرات. وبالتالي فإن عوامل عدم استقرار النظام في الجنوب كانت هي الأكثر وضوحاً، فكان لا بد للنظام من البحث عن طريق للنجاة وكانت الوحدة هي ذلك السبيل، خصوصاً أنها لم تكن توفر لقادة النظام الملجأ من المصير الدموي الذي كان ينتظرهم فحسب وإنما أيضاً تمكنهم من تحقيق هدف وطني وقومي عظيم يعيد ثقة الشعب بهم.
من ناحية أخرى، فقد كان لموقف صنعاء المحايد من الصراع الدموي الذي دار بين قيادات الحزب الاشتراكي الحاكم في الجنوب في 13 يناير 1989م، تداعياته الإيجابية على عودة الحوار بين قيادتي الشطرين في عام 1988، وذلك بعد أن تأكد للسلطة الجديدة في عدن عدم تورط صنعاء في الصراع، فبالرغم من أن صنعاء قد استقبلت الطرف المهزوم في تلك الحرب المتمثل في الرئيس "علي ناصر محمد" وأعداد كبيرة من أنصاره، للإقامة في الشطر الشمالي كونهم يمنيون ولهم الحق في الإقامة في الشطر الآخر من بلادهم، فقد أثبتت صنعاء حرصها على الحياد بين طرفي الصراع وبذلت جهوداً للوساطة بينهما وحثهم على تسوية خلافاتهم، "وقامت بمنع حدوث أي أعمال عسكرية من قبل العناصر التابعة للرئيس "علي ناصر محمد" ضد النظام في الجنوب انطلاقاً من أراضي الشطر الشمالي، وذكر الرئيس "علي عبد الله صالح" أن الرئيس "علي ناصر محمد" كان قد طلب منه بعد ستة أيام من اندلاع الحرب، التدخل وأنه سيعلن الوحدة معه على الفور، وبعد هزيمته وخروجه من عدن إلى صنعاء طلب منه إعلان الوحدة من صنعاء، وأنه (أي الرئيس صالح) قد رفض تلك المطالب . وبالرغم من أن موقف صنعاء من عدم التدخل كان مبنياً في أحد دوافعه على اعتبارات خارجية، تتمثل في رفض الاتحاد السوفيتي الذي وجه إنذاراً لصنعاء بعدم التدخل في الجنوب إلا أن الموقف في مُجملة قد شكل خطوة هامة في تعزيز الثقة بين الجانبين وأسهم في عودة الحوار بين الطرفين وفي ترسيخ قواعد الحوار السلمي لإنجاز الوحدة.
3-1) الزخم الجماهيري المؤيد لقيام الوحدة.
ذكرنا من قبل أن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية كانت هدفاُ وطنياً وقومياً لكل اليمنيون الذين رأوا في تحقيقه ضرورة لابد منها لتحقيق أمنهم واستقرارهم، ومطلباً مُلحاً لتعظيم قوتهم ورفاهيتهم، وبالتالي فإن الجهود السياسية التي بذلت لاستعادة الوحدة بما في ذلك الاتفاقيات التي وقعت من قبل قيادتي الشطرين لتحقيق هذا الهدف، لم تكن بمعزل عن ضغوط الشارع اليمني بمختلف توجهاته وتكويناته، ولعل ما يمكن ذكره في هذا المقام هو ما حدث في التاسع والعشرين من نوفمبر 1989 عندما قام الرئيس "علي عبد الله صالح" بزيارة إلى عدن للمشاركة في احتفالات عيد الاستقلال للشطر الجنوبي، حاملاً معه مشروع دستور دولة الوحدة، فقبل وصوله إلى عدن عن طريق البر كان قد التقاء بالعديد من أبناء محافظات ذمار، وإب، وتعز، الذين قاموا بتنظيم العديد من المهرجانات الجماهيرية، وفيها بشرهم بقرب تحقيق الوحدة، وبحسب ما عبر عنه الرئيس "صالح" "فقد كانت الجماهير تهتف بحماس منقطع النظير مطالبة بتحقيق الوحدة، وخلق كل ذلك أجواء وطنية حماسية لا مثيل لها لدى المواطنين في الشطرين لصالح الوحدة وسرعة إنجازها" وأضاف بأنه على طول الطريق الممتد من تعز إلى عدن كانت الجماهير تخرج وهي تهتف بحماس مطالبة بالوحدة، وعند وصوله عدن تدافعت الجماهير المطالبة بالوحدة على السيارة التي كان يستقلها وبطريقة أحرجت قادة النظام في الجنوب الذين كانوا معه على نفس السيارة وعلى رأسهم "علي سالم البيض" و "حيدر أبو بكر العطاس" و "سالم صالح محمد"، وأن تلك التظاهرات قد خلقت مناخاً ضاغطاً على قادة الحزب الاشتراكي ورسمت أمامهم مخاوف التعرض لبطش الجماهير إذا ما نكصت تلك القيادات عن الوحدة، وذلك بحسب تعبير الرئيس . "واستجابة للضغوط الجماهيرية المطالبة بالوحدة وحاجة اليمنيين الملحة إلى الاستقرار، فقد أُجبرت القيادتين في الشطرين على التوقيع على مشروع دستور دولة الوحدة" وإحالته إلى المؤسستين التشريعيتين في الشطرين للمصادقة عليه في الثلاثين من نوفمبر 1989م.
وكان لاتفاق الطرفين على حرية تنقل المواطنين بين الشطرين تأثير كبير في زيادة الضغوط الشعبية على قيادتي الشطرين وخصوصاً قادة الجنوب حيث سمحت تلك الخطوة التي تم تطبيقها في أعقاب الاتفاق مباشرة للمواطنين في الشطر الجنوبي بالإطلاع عن كثب عن حقيقة الأوضاع الاقتصادي والاجتماعية المتميزة التي كان يعيشها إخوانهم في الشمال من حيث توفر السلع المتوفرة لديهم وتحسن مستواهم المعيشي، مع توفر قدر كبير من حرية التملك وحرية العمل، وكان لتلك الأمور دورها في تحفيز أبناء الجنوب في الضغط باتجاه الوحدة للاستفادة من تلك المزايا.
4-1) الإرادة السياسية.
رغم فشل القيادات السياسية الوطنية التي قادت النضال ضد الإمامة في الشمال، وضد الاحتلال البريطاني في الجنوب في تحقيق الوحدة اليمنية في عام 1967م كما كان متوقعاً لها في أعقاب خروج البريطانيين من عدن، وذلك بسبب مجموعة عوامل ومتغيرات داخلية وخارجية أوضحناها سابقاً، فقد ظلت الوحدة هدفاً استراتيجياً عملت على تحقيقه جميع القيادات السياسية التي تولت الحكم في شطري اليمن منذ قيام النظام الجمهوري في الشمال عام 1962م، واستقلال الجنوب عام 1967م، فمن خلال مراجعة أدبيات الوحدة اليمنية يتبين أن جميع تلك القيادات قد أسهمت بشكل أو بآخر في بناء مشروع الوحدة، بل أن بعضها لم يتردد في استخدام القوة العسكرية بما يحمله هذا الخيار من تبعات ومخاطر كبيرة، كوسيلة لتحقيق الوحدة، وكانت الحروب التي خاضها الشطرين في عامي 1972 و 1979 تعبيراً عن تلك الإرادة.
لقد كان التناقض الأيديولوجي الذي حكم العلاقة بين النظامين في الشطرين، وتدخلات بعض القوى الخارجية ضد قيام الوحدة اليمنية خلال العقود الثلاثة السابقة لقيامها، من أبرز العوامل التي عرقلت مسيرة الوحدة وأدت إلى تأخرها، وعندما بدأت هذه العوامل في التراجع منذ منتصف الثمانينيات أثبتت الإرادة السياسية مقدرتها على تحقيق الوحدة المنشودة، وقد لعبة شخصية كلا من الرئيس "علي عبد الله صالح" و "علي سالم البيض" الذي كان يشغل منصب الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، دوراً أساسياً في إنجاحها، فبالنسبة للرئيس "صالح" فقد مكنته خبرته السياسية التي أكتسبها من تجربته الطويلة في الحكم، بالإضافة إلى إيمانه العميق بالوحدة اليمنية ، "من الإحساس باللحظة التاريخية التي ينبغي استكمالها لإحياء مساعي الوحدة" وكان إصراره على ضرورة الانتهاء من التوقيع على دستور دولة الوحدة وإحالته للسلطتين التشريعيتين في الشطرين خلال زيارته التاريخية لـ "عدن" في نوفمبر 1989، نابعاً من إدراكه بأهمية تلك اللحظة التي توفرت فيها مجموعة ظروف محلية وإقليمية لصالح جهود الوحدة، وكان ذلك بالرغم من وجود تحفظات من قبل بعض قوى المعارضة في الشطر الشمالي على المادة الثالثة من الدستور والتي كانت تنص على اعتبار الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وليس مصدر التشريعات كافة كما كانت ترغب هذه القوى، وعندما أبدى بعض قادة الحزب الاشتراكي الغير متحمسون للوحدة، رغبتهم في عدم تحقيق الوحدة بادعائهم "أن دول الخليج العربي وعلى رأسها السعودية لن تقبل بالوحدة، وأن معظم دول العالم ستعارض هذه الخطوة" فإن ذلك لم يقلل من عزيمة الرئيس "صالح" في تحقيق الهدف الأساسي لتلك الزيارة، وعندما أخبروه "بأن السعودية ستتآمر عليه وقتله، وإنهم قلقون من مؤامرة دولية قد تسفر عن قتل جميع المشتركين في المشروع الوحدوي، فقد رد عليهم بالقول: لنحقق الوحدة ولنمت حتى لو عشنا في ظل الوحدة فترة قصيرة... لقد توقعنا أن نموت بعد الثورة وعشنا حتى الآن" وفي كلمته التي ألقاها خلال الاجتماع الذي جرى بين قيادتي الشطرين بعد ظهر يوم 29 نوفمبر 1989، أعلن عن قبوله بكل شروط قادة الحزب الاشتراكي لإتمام الوحدة بقوله: "أننا جئنا نهنئ أبناء وطننا بعيد الاستقلال ونطرح مشروع دستور دولة الوحدة لإحالته على المؤسستين التشريعيتين، وليس لدينا أي تحفظ حول الوحدة، ونحن نقبل بكل الشروط" .
أما بالنسبة لـ"علي سالم البيض" صاحب الثقل السياسي الأقوى في الحزب والسلطة في الجنوب بعد أحداث يناير 1986، وعلى خلفية الدوافع التي سبق وأن تحدثنا عن بعضها سابقاً والتي دفعت بالنظام في الجنوب بالتراجع عن رؤيته المتمثلة في ضرورة أن تكون دولة الوحدة ذات محتوى تقدمي والتي كان يصر عليها في السابق كشرط لقيام الوحدة، فقد كان مُصراً على التوقيع على دستور دولة الوحدة خلال الاجتماع العاصف الذي انعقد بين قيادات الحزب الاشتراكي اليمني يوم التاسع والعشرون من نوفمبر 1989 والذين انقسموا بين مؤيد للوحدة ومعارض لها، وذهب بعض أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي (سعيد صالح) خلال ذلك الاجتماع إلى التهديد بقتلهم إن هم وافقوا على الوحدة، ومع ذلك فقد حسم "علي سالم البيض" الموقف لصالح الوحدة بأن وقع في الثلاثين من نوفمبر 1989 على اتفاقية عدن التاريخية التي تضمنت الاتفاق على مشروع الدستور .
5-1) النهج السلمي التدرجي في تنفيذ خطوات الوحدة.
المقصود بالنهج السلمي في هذا المقام، هو الخيار السلمي القائم على الحوار السياسي والتفاوض الدبلوماسي لحل قضية الوحدة كخيار بديل عن الخيار العسكري القائم على أساليب الضم والإلحاق القسري لتحقيق الوحدة وهو الأسلوب الذي تم تجريبه مرتين وفشل في تحقيقها إبان عقد السبعينيات، ومعنى أنه تدرجي فذلك يعني عدم الاقتصار على توقيع الاتفاقيات وإنما البدء بالتطبيق العملي لها بالتدريج من خلال إنشاء بعض المشاريع الاستثمارية المشتركة، والعمل على زيادة الروابط بين الشطرين من خلال الطرق وحرية انتقال المواطنين، ومتابعة أعمال اللجان الوحدوية الوزارية المشتركة المكلفة بالإشراف على تنفيذ المشاريع المشتركة التي تضمنتها الاتفاقيات الموقعة بين الشطرين، وضمان التنسيق بين خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الشطرين وصولاً إلى تحقيق الوحدة الشاملة بينهما.
ويمكن القول أن النهج السلمي الذي اتبعته قيادتا الشطرين في تنفيذ خطوات الوحدة منذ مطلع الثمانينيات، وهو النهج الذي كان نتيجة تعلم القيادتين من تجارب السبعينيات التي أثبتت صعوبة إن لم يكن استحالة تحقيق الوحدة بالوسائل العسكرية، قد أسهم في تعزيز فرص الحوار بين الطرفين لحل قضايا الوحدة، وأضفى عليها أساساً من الشرعية جعلها تحضا بالرضا والتأييد لدى عموم الشعب اليمني بشطريه، وأكسبها كذلك تأييد إقليمي ودولي، وأسهم الأسلوب التدريجي الهادئ الذي اتبعه الطرفان في تنفيذ الخطوات العملية للوحدة في عدم استثارة القوى المعادية لها لعمل ما يمكن أن يعوق مسيرتها، وبالتالي فقد نجح هذا الأسلوب إلى حد ما في التخفيف من حجم الضغوط الداخلية والخارجية على صناع القرار في الشطرين والتي كانت تهدف إلى عرقلة جهودهم الوحدوية.
2) العوامل والمتغيرات الاقتصادية الداخلية لكلا الشطرين.
1-2) العوامل والمتغيرات الاقتصادية الداخلية للشطر الجنوبي.
خلال النصف الثاني من عقد الثمانينيات أُصيب النظام الاشتراكي الحاكم في الجنوب بأزمة اقتصادية بالغة التعقيد بفعل مجموعة عوامل داخلية وخارجية كادت أن تودي به إلى حافة الانهيار، فقد أفرزت حرب يناير نتائج كارثية على الوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، حيث تسببت في قتل وتهجير معظم الكوادر البشرية ذات الكفاءات العالية التي كانت تُسّير معظم شئون الدولة ، كما تسببت في إحداث خسائر مادية ضخمة قدرت بنحو سبعة مليار دولار، أضف إلى ذلك أن قام السوفيت وبالتزامن مع تلك الظروف بقطع المساعدات الاقتصادية والعسكرية التي كان يقدمها للنظام والتي كانت تقدر بحوالي مليار دولار سنوياً ، ذلك في حين شهدت المديونية الخارجية ارتفاعاً متواصلاً حيث بلغت في عام 1987 إلى 2,1 مليار دولار، ووصلت في مارس 1990 إلى أكثر من الضعف حيث بلغت 4,366 .
لقد أوجدت تلك العوامل تحديات ضخمة كان على النظام مواجهتها، فقد كان عليه أن يعيد ما دمرته الحرب، وأن يعيد بناء الجيش والحزب، وأن يعوض ما فقده بسبب الحرب من الكوادر البشرية لإدارة الشئون الإدارية والمالية في معظم مرافق الدولة، وأن يلبي ما وعد الشعب به بتوفير حياة أفضل من تلك التي كان يعيشها في عهد النظام السابق. وبالنظر إلى مجمل العوامل التي أحاطت بالنظام في الجنوب خلال تلك الفترة فإنه يمكن الجزم بأن الوحدة مع الشطر الشمالي الذي كان يتميز عن نظيره في الجنوب بكثير من الاستقرار والتطور المتنامي، كانت الخيار الأفضل إن لم تكن الخيار الوحيد للنجاة من كارثة مدمرة، وعزز اكتشاف النفط في مناطق مشتركة بين الشطرين من تعظيم هذا الخيار حيث أن فرص استغلال تلك الثروات الطبيعية لإنقاذ النظام من محنته ما كانت لتتم من دون قيام الوحدة.
2-2) العوامل والمتغيرات الاقتصادية الداخلية للشطر الشمالي.
على عكس النظام الاقتصادي في الجنوب كان النظام في الشمال أفضل بكثير إذ كانت البلاد تشهد توسعاً مستمراً في بناء المشاريع التنموية في جميع المجالات، وبحلول عام 1987 كانت قد بدأت بتصدير النفط بكميات جيدة بلغت حصيلتها الإجمالية في عام 1989 نحو 450 مليون دولار وبرغم الكثافة البشرية في الشمالي عنها في الجنوب فلم تتجاوز الديون الخارجية في مارس 1990، 2,890 مليار دولار . ومع ذلك فقد كان النظام يعاني من مشكلات اقتصادية تمثلت في انخفاض عائدات المغتربين التي شهدت تراجعاً حاداً حيث تراجعت إلى 355 مليون دولار في عام 1989 بعد أن كانت قد وصلت إلى 1,2 مليار دولار في عام 1982 ، ومثلت فرص استغلال الثروات النفطية المكتشفة على الحدود مع الشطر الجنوبي دافعاً أيضاً للنظام في الشمال بالسعي نحو الوحدة لتعظيم المكاسب الاقتصادية.
ثانياً: الظروف البيئية الخارجية.
1) الظروف البيئية الإقليمية.
تميزت البيئة العربية في السنوات الخمس الأولى من الثمانينيات، بأنها امتداد لحالة الانقسام السياسي الذي شهده العامان الأخيران من عقد السبعينيات، الذي نجم عن توقيع مصر معاهدة سلام مع إسرائيل في مارس 1979، وقد تبلورت ملامح الانقسام العربي في عدم فاعلية جهود جبهة الصمود والتصدي التي كان من بين أعضائها اليمن الجنوبي، ثم اندلاع الحرب العراقية – الإيرانية التي أفرزت بدورها انقسامات عربية جديدة نتيجة تباين مواقف الدول العربية من الحرب وإدانة أو تأييد الموقف العراقي. وكان نتيجة تلك الانقسامات مزيد من التدهور العربي الذي بدت مظاهره في قصف إسرائيل للمفاعل النووي العراقي في يونيو 1981، ثم العدوان الإسرائيلي على لبنان في يونيو 1982. إلا انه وبالرغم من تلك الحالة من الانقسامات، فإن عملية الوحدة اليمنية في تلك المرحلة استطاعت أن توجد لنفسها قوة دفع خاصة بها، ويرجع بعض الباحثين ذلك إلى أن هناك عامل نفسي كان وراء تلك المفارقة اليمنية التي تتناقض ظاهرياً مع مجمل عناصر البيئة العربية والدولية التي كانت هي الأخرى تعج بمصادر التوتر. وهو العامل الذي يمكن إرجاعه إلى قناعة قيادتي الشطرين باستحالة تحقق الوحدة بالوسائل العسكرية بعد تجربتيهما المريرة خلال مرحلة السبعينيات، وأن الأسلوب السلمي التطوري عن طريق الحوار هو الخيار البديل والوحيد لحل قضية الوحدة . أضف إلى ذلك أن رفض دول مجلس التعاون الخليجي دخول أي من شطري اليمن لعضوية المجلس عند إنشائه في عام 1982 قد أحدث ردود فعل في نفوس القادة اليمنيين بضرورة الاعتماد على أنفسهم وتحقيق وحدتهم الخاصة بهم.
وخلال النصف الثاني من عقد الثمانينيات شهدت البيئة العربية تحولات ايجابية عديدة، كانت بمثابة خروج من عنق الزجاجة الذي عرفته خلال النصف الأول منه. وقد تبلورت أهم مظاهر تلك التحولات في وقف حالة التدهور العربي، والتمهيد لشيوع بعض مظاهر النهوض العربي الشعبي والمؤسسي، حيث برزت بعض النتائج الإيجابية لعملية تنقية الأجواء العربية، والتخلص من بعض أسباب التوتر والتدهور العربي، فبحلول عام 1987 كان قد بدا أن هناك درجة أكبر من السيطرة على الصراعات العربية المزمنة كالأزمة اللبنانية وأزمة الصحراء الغربية والحرب الأهلية في جنوب السودان. وأتت جهود المصالحة العربية نتائجها ولاسيما بين العراق وليبيا، وبين منظمة التحرير الفلسطينية وكلاً من سوريا والأردن، وقدمت قمة عمّان الطارئة التي انعقدت في نوفمبر 1987، تأكيداً على وجود قوة دفع عربية ذاتية كافية لوقف التدهور والشلل الذي أصاب مؤسسات النظام العربي، ومهدت قرارات القمة الطريق لعودة مصر إلى الصف العربي والتي تمت بالفعل في قمة الدار البيضاء في مايو 1989م. كما شهدت هذه الفترة تفجر الانتفاضة الفلسطينية التي انبثقت بمبادرة داخلية ومساندة مادية ومعنوية خارجية، والتي ولدت شعوراً عربياً عاماً بإمكانية التصدي للعدو الصهيوني، وقد زاد من درجة هذا الشعور العربي العام مع تمكن العراق من تحقيق بعض الانتصارات العسكرية ضد إيران في عام 1987 وقبول إيران بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 598 حول وقف الحرب. كما شهدت هذه الفترة بعض مظاهر التكامل الوظيفي الإقليمي العربي، التي تمثلت في قيام إتحادين عربيين هما مجلس التعاون العرب، واتحاد دول المغرب العربي .
أوجدت كل تلك العوامل التي أسهمت في تعظيم قيم العمل العربي المشترك على كافة الصعد الجماعية والإقليمية والثنائية، مناخاً مواتياً للتقدم بالسير قدما نحو الوحدة. ذلك فضلاً عن المساندة التي حظيت به قضية الوحدة اليمنية من معظم الدول العربية بما فيها دول الخليج العربي عدى السعودية، وقد تميزت الكويت عن باقي دول مجلس التعاون الخليجي في أن أحد أبرز اتفاقيات الوحدة قد تم التوقيع عليها في أراضيها عام 1979م، وبذلت حكومة الكويت جهوداً أخوية صادقة ومثمرة في تقريب وجهات النظر بين قيادتي الشطرين خلال فترة التشطير.
2) الظروف البيئية الدولية.
تعتبر الإصلاحات التي أُدخلت على النظام السوفيتي منذ مارس 1985م حين تولى "ميخائيل غورباتشوف" السلطة في الكرملين، والمعروفة بسياستي البيروسترويكا (إعادة البناء)، والغلاسنوست (الشفافية)، أبرز المتغيرات الخارجية التي أثرت بشكل مباشر في إتمام عملية الوحدة اليمنية، فبالإضافة إلى أن نتائج تلك السياسات قد أدت إلى زوال الفيتو السوفيتي الذي كان يحول دون قيامها في السابق، فقد أثمرت كذلك في تحديد خيارات قادة النظام الاشتراكي الحاكم في الجنوب تجاه الوحدة، فبعد رفع الاتحاد السوفيتي وصايته السياسية والفكرية والعسكرية عن العديد من النظم الاشتراكية في العالم ومن بينها النظام الحاكم في الشطر الجنوبي لليمن، "وتركها تواجه خياراتها المستقبلية بناء على ما تراه من معايير وموازين القوة الداخلية" . تم تصفية العديد من تلك الأنظمة وقد تراوحت أعمال بعض تلك التصفيات ما بين الوسائل السلمية كما حدث في بولندا، وبين وسائل العنف التي أودت بحياة قادة اشتراكيين بارزين كما حدث في رومانيا، ولم يكن النظام في الجنوب في منأى عن تأثيرات تلك التغيرات خصوصاً وأن اقتصاد البلاد كان معتمداً اعتماداً شبه كلي على ما كان يقدمه الاتحاد السوفيتي ومنظومة الدول الاشتراكية من دعم في هذا المجال، وخروج النظام من حرب داخلية ألحقت الدمار والخراب في كل البنا التحتية والمرافق الحيوية للدولة، وتردي الحالة المعيشية للسكان وتصاعد حدة الغضب العام ضد النظام.
لقد دفعت تلك التطورات بقادة النظام في الجنوب إلى السعي نحو الوحدة كسبيل وحيد للخروج من الواقع المُر الذي أُجبروا على قبوله، والذي كان يحمل في ثناياه تباشير مستقبل مظلم.
التحديات المعاصرة لقيام دولة الوحدة.
واجهت دولة الوحدة اليمنية خلال السنوات الأولى من إعلان قيامها العديد من التحديات منها ما كان داخليا ومنها ما كان خارجيا، وقد ذكرنا وشرحنا بعض جوانب هذه التحديات في مواضع سابقة والبعض الآخر سوف نتطرق له لاحقاً في موضعه، لذا وتجنباً للتكرار أو التوسع المُخل لأمور لا تعد دراستها هدفاً أساسياً في هذه الدراسة، فسوف نكتفي هنا بالتطرق إلى أبرز هذه التحديات بإيجاز على النحو التالي:-
1) التحديات الاقتصادية.
ورثت دولة الوحدة وضعاً اقتصادياً مترياً، بسبب مجموعة من العوامل، أبرزها ما كان متعلق بالاختلالات الهيكلية السياسية والاقتصادية التي ورثتها الدولة الجديدة من الحقبة التشطيرية السابقة، والتي تأتي في طليعتها افتقار الاقتصاد لمقومات الإنتاج الذاتي وتدهور ما كان متوافر منها نتيجة الفساد الذي أصاب المؤسسات العامة للدولة، وعدم كفاية استثمارات القطاع الخاص، ذلك فضلاً عن الانعكاسات السلبية الناجمة عن الاختلافات في النظم الاقتصادية للشطرين قبل الوحدة والتي أسهمت في رفع تكلفة عملية دمج المؤسسات وتوحيد الكادر الإداري للدولة. يضاف إلى ذلك تفجر أزمة الخليج الثانية بعد نحو شهرين فقط من تاريخ إعلان قيام الوحدة اليمنية، وهو عامل أثقلت تداعياته كاهل الاقتصاد اليمني بالمزيد من الأعباء الاقتصادية الكبيرة وتسببت في إلحاق أضرار فادحة به، ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد بل تدخلت عومل ومتغيرات أخرى زادت من حدة الاختناقات الاقتصادية لليمن تمثلت تلك العوامل في "تدهور الأوضاع في القرن الأفريقي ( إثيوبيا والصومال) مع مطلع العام 1991، حيث رافقها عودة كثير من المغتربين اليمنيين في هذين البلدين إلى اليمن، وقُدر عدد هؤلاء بحوالي 220 ألف يمني" ذلك فضلاً عن هروب مئات الآلاف من اللاجئين الصوماليين إلى اليمن لتتحمل الدولة أعباء اقتصادية وأمنية إضافية لمواجهة تلك الأزمة، وكأن ذلك لم يكن كافيا لإنهاك اقتصاد الدولة اليمنية الوليدة لتدخل البلاد في أزمة سياسية داخلية انتهت بحرب طاحنة عام 1994م تسببت في إلحاق خسائر بشرية ومادية فادحة، ذلك في الوقت الذي كانت فيه البلاد تعاني من ارتفاع حجم الديون الخارجية التي بلغت أكثر من سبعة مليار دولار في عام 1990م.
لقد مثلت الأزمات الاقتصادية المتتالية التي مرت بها دولة الوحدة خلال السنوات الأولى من قيامها تحديات لا يمكن التقليل من حجم مخاطرها على استقرار الوضع الداخلي لليمن وتماسك وحدته الوطنية خلال تلك الفترة، وكانت أحداث الشغب التي عمت الكثير من المحافظات الشمالية على وجه الخصوص، في ديسمبر عام 1992، بسبب تردي الوضع الاقتصادي، مؤشراً أولياً على مدى تردي الوضع الأمني للبلاد، وما زاد من تأجيج الموقف في تلك الفترة هو أن هذا الوضع قد نشاء في الوقت الذي كانت فيه صحف المعارضة تطالع المواطنون اليمنيون العاديون بأخبار اكتشافات بترولية جديدة، الأمر الذي جعلهم يعبرون بصوت عال عن استغرابهم من تدهور ظروفهم المعيشية بدلاً من تحسنها. وربما رأت بعض دول الجوار المعادية للوحدة فرصة لها للنيل منها وإعادة تقسيم اليمن فعملت من خلال عملائها داخل اليمن على التشكيك في جدوى الوحدة وكأن الوحدة قد جاءت بالفقر على المواطن اليمني، غير أنه وعلى ما يبدوا فإن الشعب اليمني الذي انتظر تحقيق وحدته وناضل من أجلها زمنا طويلاً كان أكثر مقدرة في مقاومة تلك الضغوط وأظهر أن لديه استعداداً عالياً لتحمل أعبائها وأبدى استعداداً للتمسك بوحدته والدفاع عنها بكل بسالة رغم مرارة تلك الظروف التي كان يمر بها، وبذلك تمكنت الحكومة من التغلب على تلك التحديات وتجاوز أثارها السلبية بفضل وقوف الشعب إلى جانبها. لكن التحدي الاقتصادي ظل يمثل هاجساً مزعجاً للحكومة لم تتمكن من التخفيف من وطأته إلا بحلول أواخر عقد التسعينيات من القرن المنصرم.
2) تفجر الأزمة السياسية بين أعضاء الائتلاف الحاكم.
لعل أبرز التحديات التي واجهتها الوحدة والذي هدد بقاءها كان يتمثل في الحرب الأهلية التي شهدتها البلاد عام 1994م، وإعلان بعض قادة الحزب الاشتراكي بقيادة "علي سالم البيض" بعد أسبوعين من بدء الحرب، عن انفصال الجنوب وقيام جمهورية باسم جمهورية اليمن الديمقراطية في ذلك الجزء من اليمن، وقد حظي قرار الانفصال بدعم بعض القوى الإقليمية خصوصاً الكويت والسعودية وهو أمر سوف نقوم بالتطرق إليه في موضع لاحق، وما ينبغي التذكير به هنا هو أن الجيش الحكومي الذي انتفض مدعوماً بالشرعية الدستورية وبتأييد شعبي عارم ظهر في مشاركة قطاعات واسعة من المواطنين في المجهود الحربي بدأ من تقديم الدعم المعنوي، والمادي، واللوجستي لقوات الجيش النظامي على طول جبهات القتال، وانتهاء بالمشاركة الفعلية من قبل بعض رجال القبائل في القتال جنباً إلى جنب مع القوات النظامية للدفاع من الوحدة، قد أحبط تلك المحاولة، وبعد أنتها الحرب بهزيمة حركة التمرد والانفصال وتثبيت الوحدة، برزت أمام الحكومة المركزية تحديات أخرى تمثلت في استيعاب الآثار السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها الحرب، وكذلك إعادة بناء الجيش ودمجه وتمكينه من القدرة على الدفاع عن الوحدة ضد أي أخطار محتمله، ذلك فضلاً عن ترميم العلاقات مع دول الجوار كي تتقي شرها مستقبلاً، وقد نجحت القيادة إلى حد كبير في مواجهة تلك التحديات فبالنسبة للآثار السياسية فقد أبقت على الحزب الاشتراكي اليمني ممثلاً في الساحة، وأصدرت عفواً عاماً شاملاً عن كل الذين شاركوا في عملية التمرد، باستثناء قادة الانفصال وعددهم ستة عشر (تم إعفائهم مؤخراً بمبادرة من رئيس الجمهورية في 22 مايو 2003)، وفي البيان الذي صدر عن مجلس الرئاسة بمناسبة الإعلان عن انتهاء العمليات العسكرية في السابع من يوليو 1994، أكدت القيادة التزامها بالنهج الديمقراطي والتعددية السياسية والحزبية وضمان حرية الصحافة وحرية حقوق الإنسان، واعتماد مبدأ الحوار في ظل الشرعية الدستورية لحل الخلافات السياسية، وتوسيع المشاركة الشعبية في السلطة وإيجاد نظام للحكم المحلي لضمان صلاحيات واسعة للوحدات الإدارية . وعلى المستوى الاقتصادي سارعت القيادة في تطبيق برنامج للإصلاح الاقتصادي الشامل، وعملت على تخفيف الديون وحققت نجاحات بالشكل الذي بيناه سابقاً، كذلك سعت في تطبيع علاقاتها مع دول الجوار وتمكنت من حل مشكلات الحدود بالطرق السلمية وقد حققت نجاحات في هذا المجال أيضاً.
3) تحديات إقليمية.
تعد أزمة الخليج الثانية وما نجم عنها من تداعيات سلبية خطيرة ليس على اليمن فحسب وإنما على النظام العربي بأكمله، أبرز التحديات الخارجية التي واجهتها دولة الوحدة، وتمثلت أبرز مظاهرها في العقوبات التي فرضت على اليمن نتيجة موقفه من الأزمة، وذلك بفرض حضر اقتصادي غير معلن من قبل دول الجوار والولايات المتحدة وبعض الدول الغربية، وطرد أكثر من مليون مغترب يمني من دول الخليج، وبدافع الانتقام من الموقف اليمني سعت دول خليجية لاستغلال الأزمة السياسية في اليمن فعملت على تأجيجها ورمت بكل ثقلها باتجاه إعادة تشطير اليمن من خلال توفير الدعم المادي والسياسي والمعنوي لصالح مشروع الانفصال. كذلك كان من ضمن تلك التحديات التي واجهتها الوحدة في هذه الفترة انهيار منظومة مجلس التعاون العربي الذي كانت اليمن أحد أعضائه إلى جانب مصر، والعراق، والأردن، ومثل ذلك فقدان اليمن تحالفاً إقليمياً وفر مساندة قوية للوحدة وكانت اليمن في أمس الحاجة إليه لمساندتها في مواجهة الظروف العصيبة التي كانت تمر بها في تلك الفترة.
الحرب الأهلية في اليمن عام 1994.
أولاً: الأزمة السياسية أسبابها ومراحل تطورها.
يُرجع البعض جذور الأزمة السياسية إلى الأيام الأولى للوحدة وإلى الطريقة التي تمت بها، والأسس التي قامت عليها، فبالرغم من أن الوحدة قد جاءت كنتيجة لسلسلة طويلة من الاتفاقات والمشاورات بين شطري اليمن، وكذلك لأسباب وعوامل موضوعية دفعت باتجاه تحقيقها، إلا أنها كانت أيضاً نتاج عملية مساومة سياسية بين الحزبين الحاكمين في الشطرين، قضت باتفاق الحزبين على تقاسم السلطة بينهما كشركاء متساوين في إنجاز الوحدة، والدليل على ذلك أن اتفاقية الوحدة التي تم التوقيع عليها في الثلاثين من نوفمبر 1989م، قد جاءت نتيجة مبادرات فردية أُتخذت من قبل قيادتي الشطرين خلال لقاء منفرد جمع بين الرئيس علي عبد الله صالح، وعلي سالم البيض الأمين العام للحزب الاشتراكي اليمني، تم عقده قبل يوم واحد من التوقيع على هذه الاتفاقية في عدن، وجرى خلال اللقاء الاتفاق على توزيع بعض المناصب الرئيسية في دولة الوحدة ، "وكان ذلك الاتفاق الأساس الذي قامت عليه الوحدة في الثاني والعشرين من مايو 1990م، كصفقة سياسية أو كما قال علي سالم البيض فيما بعد "إنها مساومة تاريخية" . وبالتالي يمكن القول أن العلاقة بين الحزين الحاكمين خلال السنوات الأولى للوحدة قد احتكمت إلى تفاهمات سياسة أكثر منه رغبة في الاحتكام إلى مؤسسات دستورية قوية قادرة على ضبط وتنظيم الإيقاعات السياسية بين كل القوى السياسية في الساحة اليمنية بمعايير قانونية، وبالنظر إلى وجود حالة من انعدام الثقة بين الحزبين منذ إعلان الوحدة، فقد كان كل طرف شديد الارتياب من الطرف الآخر، الأمر الذي جعل من احتمالات نشوب صراع مستقبلي على السلطة أمراً غير مستبعد من كلا الطرفين. وبحسب ما ذهبت إليه أراء بعض الباحثين الغربيين فإنه بينما "كان حزب المؤتمر الشعبي، العام الحاكم في الشمال، والحزب الاشتراكي اليمني، الحاكم في الجنوب يتفقان على صيغة المشاركة في السلطة، بنسبة 50/50 تقريباً، على الرغم من التفاوت السكاني 80/20، كانت هاتان المؤسستان تعدان استراتيجيات تراجع وخطط معدة للطوارئ تحسباً لنزاع متوقع . ومن هنا يمكن أن نتصور الأسباب التي حالت دون نجاح الحزبين في دمج الجيش وتحييده خارج إطار الصراعات الحزبية كما كان مقرراً في اتفاقات الوحدة.
وبالرغم من وجود اتفاقية للتنسيق المشترك التي كان متوقعاً لها أن تحكم علاقة الحزبين معاً فإن ذلك لم يمنع وجود تباينات بينهما حول مسائل مصيرية وهامة، تعلقت باستكمال تأسيس دولة الوحدة من ناحية، وبمستقبل الأداء الحزبي التعددي في اليمن الموحد من ناحية أخرى. وأخذت تلك التباينات تظهر في مناسبات عدة وحول صدور بعض القوانين الرئيسة مثل قانون الأحزاب وقانون الانتخابات والتقسيم الإداري وتقسيم الدوائر الانتخابية، وحول الميزانية العامة، والعائد النفطي وموقعه من الميزانية العامة للدولة، والموقف من صدور قانون تنظيم حمل الأسلحة والاتجار بها والحالة الأمنية في البلاد. إلا أن أخطر تلك التباينات تمحورت حول استكمال دمج الجيش، والموقف من إنهاء الفترة الانتقالية في موعدها المقرر طبقاً لاتفاقات الوحدة وتوقيت إجراء الانتخابات النيابية ومصير العلاقات بين الحزبين .
أفضت التباينات في وجهات النظر تجاه تلك القضايا وغيرها إلى حدوث خلافات سياسية حادة بين الرئيس علي عبد الله صالح ونائبه على سالم البيض، وسط حالة من الفوضى الأمنية جرى خلالها استهداف وتصفية عدد كبير من قادة الحزب الاشتراكي اليمني، وأدى عدم تمكن الأجهزة الأمنية من معرفة أبعاد عمليات العنف ومنفذيها في تلك الفترة إلى تصاعد حدة الغضب الشعبي تجاه السلطة، وتواترت إشاعات بأن بعض أطراف السلطة هم من يقفون وراء تلك العمليات، وذلك قبل أن يتبين "فيما بعد أن منفذيها يمنيون من المحافظات الجنوبية ينتمون إلى منظمة الجهاد الإسلامي، وأن عدداً منهم شارك في القتال في أفغانستان في عقد الثمانينيات، وقد استهدفوا توتير الأمن في البلاد والقيام بعمليات ثأر من الحزب الاشتراكي" .
وبحلول أواخر العام 1991م، كانت قد وصلت الخلافات بين الرئيس ونائبه إلى مرحلة حرجة خصوصاً عندما غادر علي سالم البيض صنعاء في يناير 1992م للاعتكاف في منزله في عدن ، وكان من بين أبرز قضايا الخلاف بين الحزبين في هذه الفترة، قضية انتهاء الفترة الانتقالية وإجراء الانتخابات التشريعية، والضمانات التي يجب أن يحصل عليها كل طرف كيلا ينفرد الطرف الآخر بالسلطة وحده أو بالاتفاق مع طرف ثالث ففي حين تبلورت رؤية المؤتمر الشعبي العام في أن يتم إجراء الانتخابات في موعدها فور انتهاء الفترة الانتقالية المحددة زمنياً في اتفاق إعلان الجمهورية اليمنية بعامين ونصف، رأى الحزب الاشتراكي أن الهدف من الفترة الانتقالية هو استكمال بناء دولة الوحدة وأسسها القانونية والنظامية، وأنه ما دامت تلك المهام لم تُنجز بعد فمن الجائز تمديد الفترة الانتقالية .
لكن البعض يرى أن الحزب الاشتراكي كان يريد تأجيل الانتخابات لأسباب تتعلق بوجود مخاوف لديه من أن تؤدي نتائجها إلى إخراجه من السلطة وفقدانه العديد من المناصب التي اكتسبها وفق صيغة التقاسم بينه وبين المؤتمر الشعبي العام "وتناقلت وسائل الإعلام حينها أن الحزب الاشتراكي تقدم بشروط تضمنت تمديد الفترة الانتقالية وإلغاء الانتخابات لمدة خمس سنوات أو توزيع الدوائر الانتخابية حسب المساحة الجغرافية وليس حسب السكان، لكن بعد مفاوضات جرت بين الحزبين وسط ضغوط من قبل أحزاب المعارضة تم الاتفاق على تأجيل الانتخابات لعدة أشهر وأن يتم إجراءها في السابع والعشرين من أبريل 1993م .
بعد التوصل إلى اتفاق بين الحزبين عاد نائب الرئيس إلى صنعاء وتم إجراء الانتخابات التشريعية في أبريل 1993م، وأسفرت عن النتائج التالية:-
المؤتمر الشعبي العام 123 مقعد بنسبة 41%، التجمع اليمني للإصلاح 62 مقعد بنسبة 21%، الحزب الاشتراكي اليمني 56 مقعد بنسبة 19%، المستقلون 47 مقعد بنسبة 15%، أحزاب أخرى 5 مقاعد بنسبة 2%.
ومن الجدول يتبين أن نتائج الانتخابات أحدثت تغيراً مهماً في التركيبة السياسية اليمنية على مستوى السلطة الحاكمة، تمثل ذلك في فوز حزب التجمع اليمني للإصلاح بالعديد من المقاعد البرلمانية مكنته من احتلال المرتبة الثانية بعد المؤتمر الشعبي العام، متقدماً بذلك على الحزب الاشتراكي اليمني الذي تراجع إلى المركز الثالث، وبذلك أصبح هناك ثلاثة شركاء في السلطة الأمر الذي يعني تقاسم المناصب الرئيسية بين أكثر من أثنين، وإذا كانت نسبة تمثيل كل حزب من الأحزاب في البرلمان تعد المعيار المفترض لصيغة التقاسم، فإن ذلك يعني تراجع حصة الاشتراكي إلى أقل من ربع ما كان لديه من تلك المناصب قبل إجراء عملية الانتخابات، ومع ذلك يبدوا أن الحزبين الفائزين بالمركزين الأول والثاني قد استشعرا مدى حساسية ذلك بالنسبة للحزب الاشتراكي، ولاعتبارات سياسية تتعلق بموازين القوى العسكرية النظامية الموالية للطرفين، وأخرى تتعلق باستكمال بناء دولة الوحدة ودمج ما تبقى من مؤسسات، تم الاتفاق على صيغة هدفت إلى تحقيق هذه المطالب وجرى تقسيم المناصب على النحو الآتي:-
بالنسبة لمجلس الرئاسة:-
المؤتمر: رئيس مجلس الرئاسة بالإضافة إلى عضو آخر في المجلس.
الاشتراكي: نائب رئيس مجلس الرئاسة بالإضافة إلى عضو آخر في المجلس.
الإصلاح: عضو واحد في هيئة الرئاسة.

بالنسبة لهيئة رئاسة مجلس النواب:-
المؤتمر: عضو واحد في هيئة الرئاسة.
الاشتراكي: عضو واحد في هيئة الرئاسة.
الإصلاح: رئاسة هيئة المجلس.
البعث: عضو واحد في هيئة الرئاسة.

بالنسبة للحكومة:-
المؤتمر: نائب رئيس وزراء إضافة إلى 14 حقيبة وزارية.
الاشتراكي: رئيس الحكومة إضافة إلى نائبين لرئيس الوزراء إضافة إلى 7 حقائب وزارية.
الاصلاح: نائب رئيس الوزراء إضافة إلى 5 حقائب وزارية.
البعث العربي الاشتراكي: نائب رئيس الوزراء.
ومن الجدول يتبين أن الحزب الاشتراكي قد حصل على عدد من المناصب الرئيسية تزيد على نسبة تمثيله في البرلمان بكثير، لكن ومع ذلك "وبالرغم من وجود نوع من الوفاق بين المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني بعد إعلان نتائج الانتخابات، إلا أن هذه النتيجة كانت ذات أثر سلبي على الحزب الاشتراكي اليمني الذي راوده الإحساس بأن دوره كشريك في السلطة قد بات عرضة للتحجيم خصوصاً في ظل التحالف الضمني الذي لاح في الأفق بين المؤتمر الشعبي العام والتجمع اليمني للإصلاح في مواجهة الحزب الاشتراكي اليمني" . وفي ضوء ذلك يبدو أن الحزب الاشتراكي رأى بأن الوحدة لم تعد تشكل مكسباً له، بل على العكس من ذلك أصبح مستقبله السياسي في خطر بعد تدني مستوى شعبيته، وصعود أحزاب أخرى لا تكن له الود إلى سدة الحكم، "فبدأ يناقش مسائل الانسحاب من الحكم ، ثم ما لبث أن عاد الخلاف من جديد، وكان بعض أسباب الخلاف هذه المرة قد تركز حول بعض التعديلات الدستورية، "وفي أغسطس 1993م، قام علي سالم البيض بزيارة الولايات المتحدة بغرض العلاج لكنه أجرى عدة لقاءات رسمية مع مستشار الأمن القومي، ثم قابل نائب الرئيس الأمريكي "آل جور" في التاسع من ذلك الشهر ولم يسمح للسفير اليمني في واشنطن (ينتمي إلى حزب المؤتمر) بحضور ذلك الاجتماع ذلك فضلاً أن تلك اللقاءات قد تمت من دون علم رئيس الجمهورية أو ألتشاور معه وأثناء وجوده في أمريكا وقعت أحزاب الائتلاف الثلاثة (المؤتمر، والاشتراكي، والإصلاح) مشروع التعديلات الدستورية، فاعترض على المشروع معتبراً ذلك تهميشا لدوره كنائب للرئيس مستقبلاً حيث أن مشروع التعديلات لم يتضمن إقامة الجمعية الوطنية التي يرئسها النائب (مجلسا البرلمان: المنتخب والمعين) ولم تشر إلى انتخابات الرئيس ونائبه بقائمة واحدة من الشعب مباشرة، بل تضمنت قيام الرئيس بتعيين نائبه، وفور عودته إلى اليمن في 19 أغسطس أعلن اعتكافه في عدن للمرة الثانية ورفض العودة إلى صنعاء وبذلك دخلت البلاد في أزمة سياسية بالغة الخطورة رافقها حملات إعلامية متبادلة بين الطرفين زادت من اشتعالها.
وفي تلك الأثناء تواترت إشاعات بأن علي سالم البيض قد يفقد منصبه، وبعد مشاورات تم الاتفاق على انتخاب مجلس رئاسة جديد على أساس اثنان من المؤتمر، اثنان من الاشتراكي، وواحد من الإصلاح، وفي الحادي عشر من أكتوبر 1993م، جرت انتخابات مجلس الرئاسة وأسفرت عن النتائج التالية :-
1. علي عبد الله صالح (مؤتمر) 263 صوتاً من مجموع 286.
2. عبد العزيز عبد الغني (مؤتمر) 244.
3. علي سالم البيض (اشتراكي) 207.
4. عبد المجيد الزنداني (إصلاح) 201.
5. سالم صالح محمد (اشتراكي) 172.
وفور إعلان النتيجة أُنتخب علي عبد الله صالح رئيساً للجمهورية، وعلي سالم البيض نائباً له، وكان الاعتقاد بأن ذلك سيرضي علي سالم البيض، لكن ذلك لم يتم ورفض علي سالم البيض العودة إلى صنعاء لأداء اليمين الدستورية وفي هذه الأثناء بُذلت عدة محاولات، محلية وعربية للوساطة بين الرئيس ونائبه، وإقناع البيض بالعودة إلى صنعاء وإنهاء اعتكافه، لكن دون جدوى، وأصر كل حزب على وجهة نظره فذهب الاشتراكي بعيدا عن دولة الوحدة باتجاه العودة إلى التشطير من خلال محاولة التنصل من نتائج الانتخابات وطرح أفكار من قبيل الفيدرالية والكونفدرالية باعتبارها الحل الأمثل للخروج من الأزمة، وهي أمور أصر حزب المؤتمر على رفضها ، وفي خطوة تصعيدية أصدر رئيس الوزراء حيدر أبو بكر العطاس (اشتراكي) قراراً بتاريخ 14/2/ 1994م، قضى بتعيين محافظ لمحافظة أبين وذلك بصورة مستقلة وفردية دون موافقة مجلس الرئاسة أو مجلس الوزراء وهو ما دفع بالرئيس علي عبد الله صالح رئيس مجلس الرئاسة إلى إصدار قرار رئاسي بإلغائه وفي إطار المحاولات الدءوبة لاحتواء الأزمة، "تشكلت لجنة للحوار الوطني في الثاني والعشرين من نوفمبر 1993م، ضمت في عضويتها ممثلين عن كل القوى السياسية بما فيها أحزاب الائتلاف، وبعد جهد طويل استمر عدة أشهر خرجت اللجنة بوثيقة العهد والاتفاق، وأصر الحزب الاشتراكي على أن يتم توقيع الوثيقة خارج البلاد وجرى التوقيع عليها في الأردن في العشرين من فبراير 1994م، وبحضور الملك حسين والرئيس ياسر عرفات، وأمين عام جامعة الدول العربية، ووزير الدولة للشئون الخارجية العُماني" .
بعد توقيع وثيقة العهد والاتفاق التي اشتملت بنودها على وضع حلول عملية لمجمل قضايا الخلاف تقريباً، كان من المقرر أن يعود قادة الحزب الاشتراكي إلى العاصمة صنعاء لمزاولة أعمالهم ومنهم النائب علي سالم البيض، لكن ما حدث لم يكن متوقعاً، فبدلاً من عودة المسولين إلى صنعاء "توجه علي سالم البيض فور مغادرته عمّان إلى الرياض مباشرة، ثم إلى مسقط، وأعلن انه لن يعود إلى صنعاء وأن الوثيقة ستكون حبراً على ورق وستظل حبيسة الأدراج، ذلك في حين توجه الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي (سالم صالح محمد) إلى الكويت ثم أبو ظبي" ، ومنذ ذلك الحين يبدو أن البيض وبعض قادة الحزب قد عقدوا العزم على تنفيذ مشروع الانفصال وشرعوا في "تحريك الدعم الإقليمي، وبشكل خاص الدعم السعودي من أجل تلك الغاية، فاستنكرت صنعاء ذلك واعتبرته تأكيداً بأن الحزب شارك في المفاوضات بسوء نية، وعدت ذلك التصرف بمثابة استمرار للتآمر على الوحدة ، خصوصاً في ضوء المواقف المعروفة بمعاداتها للوحدة من قبل بعض دول الخليج لاسيما السعودية.
وبعد نحو شهرين ونصف الشهر من توقيع وثيقة العهد، تخللتها بعض صدامات عسكرية محدودة بين بعض وحدات الجيش من الطرفين، تفجر الوضع بشكل كلي في حرب شاملة في الرابع من مايو 1994م، ولم تدم أكثر من سبعة وستين يوم، وفي اعتقادنا فقد كان صراعاً على السلطة خصوصاً من قبل بعض قادة الحزب الاشتراكي الذين رأوا بأن امتيازاتهم التي اكتسبوها بعد الوحدة أصبحت عرضة للتراجع خصوصاً في ضوء تآكل شعبية الحزب وصعود القوى الإسلامية التي كانت في صراع دائم معه إلى قمة السلطة، وبالتالي فإنهم ربما رأوا بأن العودة إلى وضع ما قبل الوحدة يعد الوضع الأنسب للحفاظ على تلك الامتيازات. خصوصاً أنهم عندما أقدموا على الوحدة كانت لديهم حسابات سرعان ما تبين لهم خطأها.
فبحسب ما ذهبت إليه تحليلات بعض الباحثين الغربيين التي تناولت دراسة الأزمة اليمنية من واقع وجهتي نظر طرفي الصراع، فإنه بالنسبة لقادة الحزب الاشتراكي اليمني فقد أقدموا على الوحدة لاعتقادهم بأنهم سيظلون على الأقل شركاء متساوين في الحكم مع المؤتمر الشعبي العام الحاكم في صنعاء، لكنهم في الوقت نفسه كانوا يخفون شكوكاً عميقة حول ما اعتبروه مؤسسة شمالية منغلقة وواقعة تحت السيطرة القبلية، وكانوا قلقين بنحو خاص من قدرات الحركة الإسلامية المتنامية، وربما فكروا أيضاً أنهم في أسوأ الأحوال يستطيعون أن يتخلصوا من تجربة الوحدة، والعودة إلى وضع ما قبل الوحدة. ومع ذلك فقد كانت لديهم توقعات بأنهم سيتمكنون في آخر الأمر من فرض النظام على شريكهما الأكبر المتمثل في حزب المؤتمر الشعبي العام، وبالتالي تحقيق التقدم والتطور اللذين كانا دائماً العقيدتين المركزيتين في أيديولوجية الحزب الاشتراكي اليمني. لكن سرعان ما أدرك قادة الحزب الاشتراكي أن حساباتهم كانت خاطئة، فلم يكتفي نظام الرئيس علي عبد الله صالح بان يثبت مناعته ضد تحديث الجنوبيين، بل أنه طبقاً لهذا الرأي بدأ مصمماً على تقليص قوة الحزب الاشتراكي بكافة الوسائل الممكنة، ولم تكن قد مرت سنة على قيام الوحدة حتى بدأت شكوك قادة الحزب الاشتراكي في نوايا الرئيس علي عبد الله صالح، ومع أن عملية تقاسم المناصب الرئيسية كانت محددة بالمناصفة بين الحزبين، إلا أن وزراء من الحزب الاشتراكي وجدوا أن القرارات الفعلية في وزاراتهم كان يتم اتخاذها من قبل المدراء العامون من أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام، ولم يكن هناك عدد كاف من أعضاء الحزب الاشتراكي أو من الموظفين المدنيين الجنوبيين في المستويات الأدنى في الوزارات في صنعاء كي يحولوا دون سيطرة البيروقراطيين الشماليين الأكثر عدداً، وساد في المؤسسات العسكرية والأمنية وضع مماثل إلى حد بعيد، وأجبرت أعمال العنف والاغتيالات التي كانت تستهدف في معظم الأحيان قادة الحزب الاشتراكي وأقربائهم، البعض منهم إلى مغادرة العاصمة صنعاء خوفاً على حياتهم وذلك كما فعلة رئيس الوزراء حيدر أبو بكر العطاس في يناير 1994م عندما لحق بالبيض في عدن، وفي ضوء ذلك كله فقد كان واضحاً من وجهة نظر هذا الرأي فإن قادة الاشتراكي كانوا مقتنعين تماماً بسوء نية الرئيس علي عبد الله صالح وأعوانه وأهدافهم العدائية تجاههم، الأمر الذي أسهم في استمرار التوتر وقاد بالأمور إلى ما جرت عليه .
أما بالنسبة لحزب المؤتمر الشعبي العام وفقاً لوجهة النظر الأنفة الذكر، فقد سيطر على قادته هاجس المؤامرة ويعتقد بعض منهم بأن التحضير لإعادة تشطير اليمن قد بدأ قبل صيف عام 1992م، ويؤكد الدكتور عبد الكريم الإرياني، رئيس الوزراء اليمني السابق، والأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي العام حالياً، أن حيدر أبو بكر العطاس خلال حضوره مؤتمر المائدة المستديرة حول التنمية في اليمن الذي انعقد في يوليو 1992م، بمدينة جنيف السويسرية، قد دشن عدداً من اللقاءات رتب لها دبلوماسي يمني جمعت حيدر العطاس مع شخصية غير يمنية معروفة باهتمامها بشئون اليمن وأن الحديث قد تركز حول فشل تجربة الوحدة وأن العودة إلى التشطير ما زالت ممكنة ، ويعتقد قادة حزب المؤتمر بأن المؤامرة بدأت تأخذ طريقها إلى التنفيذ العملي في أعقاب الانتخابات التشريعية في 27 أبريل 1993م عندما خسر الحزب الكثير من مقاعده، وأنه منذ شهر مايو 1993م، بدأ طيران اليمن الجنوبي سابقاً "اليمدا" بنقل أسلحة ومعدات عسكرية إلى عدن، وفي يناير 1994م، كُشف النقاب عن تفريغ شحنات أسلحة في ميناء عدن لصالح الحزب الاشتراكي تمهيداً للانفصال، "وعندما كانت الأزمة اليمنية قد انتقلت من السرية إلى العلن، التقى علي سالم البيض في يوليو 1993م، بالأمير بندر بن سلطان سفير المملكة لدى الولايات المتحدة" ، وكان ذلك اللقاء قد تم خلال زيارة البيض إلى الولايات المتحدة والتي تخللتها زيارات لمسئولين أمريكيين تمت بدون موافقة مجلس الرئاسة وفي إثرها مباشرة كان اعتكاف البيض في عدن وبداية الأزمة التي انتهت بالحرب. وحصلت صنعاء على معلومات من مصادر استخباراتية غربية تفيد بأن صفقة معدات عسكرية تقدر قيمتها بـ 200 مليون دولار تتم عبر رحلات جوية تشحن من بريطانيا إلى عدن، وفي السادس من يناير 1994م، استطاعت قوات الدفاع الجوي رصد إحدى تلك الطائرات وإجبارها على الهبوط في مطار الحديدة، وكانت طائرة أوغندية، تحمل شبكات اتصالات بعيدة المدى وأجهزة رصد وتنصت، ومجموعة إلكترونية لتوجيه الصواريخ مع كمية كبيرة من البطاريات اليابسة . وقد اعترف الطيار بأن تلك كانت ثامن رحلة إلى عدن. كما تبين أن الطائرة تابعة للمخابرات البريطانية. علاوة على ذلك وصلت باخرتين مليئتين بالأسلحة إلى ميناء عدن، وكانت الباخرتين تحملان العلم البلغاري جاءت عن طريق الكويت التي دفعت قيمتها البالغة 200 مليون دولار . وذكرت مصادر أخرى أن الأجهزة الأمنية اليمنية كانت قبل ذلك خلال العامين 1991 و 1992م، قد تمكنت من ضبط كميات كبيرة من الأسلحة القادمة من خارج البلاد، ومن ذلك أن تم إحباط عملية تهريب نحو 7700 مسدس مزودة بأجهزة كاتمة للصوت من جيبوتي إلى عدن، وإن الهدف من ذلك كان زعزعة الأمن في اليمن، وكما هو معروف فقد كانت الحياة اليومية في اليمن خلال تلك الفترة مليئة بأعمال العنف والاغتيالات.
ويعتقد حزب المؤتمر انه قد عمل على تجنب الحرب وقدم تنازلات للحزب من بينها إشراكه في الحكم برغم حصوله على أغلبية تمكنه من تشكيل حكومة بالاشتراك مع أي من القوى الأخرى التي كان لها تمثيل في البرلمان، ومع ذلك كان رد الاشتراكي المزيد من التصعيد بداً بالمقابلات المثيرة لـ علي سالم البيض مع المسئولين الأمريكيين، ومروراً باعتكافه في عدن ورفضه أداء اليمين الدستورية ليتسلم مهام منصبه كنائب للرئيس، وانتهاء بزياراته المثيرة أيضاً للرياض، وزاد على ذلك بأنه رجع بعد كل تلك الزيارات وبعد التوقيع على وثيقة العهد والاتفاق في الأردن إلى عدن وليس إلى صنعاء كما كان مقرراً ثم ما لبث أن حذا حذوه عدد آخر من قادة الحزب المعينين في وظائف عليا في الدولة، الأمر الذي جعل قادة المؤتمر يعتبرون ذلك السلوك محاولة تهدف إلى شل الحكومة والقضاء على الوحدة قضاء مبرماً، وإزاء ذلك كله خلص الرئيس علي عبد الله صالح وأتباعه في مرحلة ما إلى أن هناك ما هو أكثر من مجرد الخلافات السياسية مع الحزب الاشتراكي، وأن الحزب كان في الواقع يستخدم هذه الخلافات كغطاء لإخفاء نواياه الحقيقية، المتمثلة في القضاء على حكمه وإعادة تقسيم البلاد .
من كل ما سبق يمكننا الخروج بأمور عدة منها أولاً: أن العامل الأبرز في نشوب الأزمة كان في وجود حالة من انعدام الثقة بين شريكي الوحدة جعلت كل طرف منهم يتوجس من الآخر خشية أن يستولي على السلطة بمفرده أو بالتحالف مع قوى أخرى متواجدة في الساحة، ولأن التجربة الديمقراطية كانت وما زالت حديثة العهد في اليمن، وغالبية الشعب اليمني بمختلف شرائحه وتكويناته يفتقر إلى القدر الكافي من التقاليد والممارسات الديمقراطية الحديثة، حيث يتم الحرص على ممارسة الديمقراطية وفق أسس وآليات دستورية وقانونية تحضا باحترام وثقة الجماهير ويكون الغرض منها خدمة الصالح العام، بعيداً عن المصالح الشخصية والحزبية الضيقة، بالإضافة إلى فشل الحزبين معاً في دمج المؤسسات العامة للدولة وإقامة مؤسسات دستورية قادرة على ضبط الإيقاعات السياسية بين مختلف القوى السياسية ضمن الأطر القانونية، ذلك فضلاً عن فشلهما أيضاً في تحييد الوظيفة العامة والمال العام، حيث ساد الصرف العشوائي من قبل الحزبين لشراء الولاءات، في وقت كانت فيه البلاد تعاني من ظائقة مالية شديدة في أعقاب أزمة الخليج، وفي ظل ضعف فاعلية بقية أحزاب المعارضة في ممارسة ضغوط قوية على الحزبين الحاكمين لإجبارهم على الاحتكام للدستور والقانون، فقد توفرت من كل ذلك بيئة مناسبة لنشوء أزمات متتالية أساسها انعدام الثقة بين الأطراف الرئيسية في العملية السياسية. ثانياً: أسهمت حالة الانفلات الأمني وعدم قدرة الأجهزة الأمنية في ضبط الأمن والحد من الاغتيالات التي راح ضحيتها عدد من قادة الحزب الاشتراكي، في تعميق حالة فقدان الثقة بين الحزب الاشتراكي من جهة وبين بقية أحزاب الإتلاف الحاكم (المؤتمر الشعبي العام، والتجمع اليمني للإصلاح)، وربما شعر كثير من قادة الحزب الاشتراكي أنهم أصبحوا عرضة للتصفية وبالتالي رأوا بأن عودة اليمن إلى ما قبل الوحدة فيه ضمانة أكبر للحفاظ على حياتهم، "فخلال اللقاء الذي جمع بين قادة الحزب الاشتراكي، ومبعوث الأمم المتحدة الأخضر الإبراهيمي، في مدينة المُكلا في يونيو 1994م، أثناء فترة الحرب، أوضح قادة الاشتراكي أنه بعد مرور فترة وجيزة من تحقيق الوحدة عام 1990م، شنت شخصيات ذات نفوذ في قيادة الشطر الشمالي سابقاً كانت معارضة للوحدة والتطور والتحديث، حرباً غير معلنة ضدهم، وأنه بعد انتخابات 27 أبريل 1993م ازدادت الحالة اضطراباً واستمر العنف ضدهم بدون حصر" . ثالثا: بالرغم من الادعاءات المتكررة من قبل قادة الحزب الاشتراكي بأن الولاءات القبلية، وعشوائية اتخاذ القرارات السياسية من قبل القادة في الشمال، وتفشي الفساد المالي والإداري ونهب المال العام من قبل الرئيس علي عبد الله صالح وأعوانه، كانت وراء فشل خطط التطوير والتحديث التي كان يرمي إلى تحقيقها الحزب الاشتراكي في اليمن، مما حدا به بحسب بعض الآراء إلى التراجع عن الاستمرار في الوحدة. إلا أنه لا يمكن تفهُم حقيقة وجدية تلك الادعاءات في ظل مجموعة من الحقائق منها:
1) أن مشروع التحديث والتطوير الذي تغنى به الحزب ورقص منذ أوائل السبعينيات وإلى أن قامت الوحدة لم يرى النور قط، وكل ما أوجده الحزب في الجنوب على مدى عقود من الزمن شهدها حكمه في ذلك الجزء الغالي من الوطن، هو تراجع مستوى الحريات السياسية التي كانت متوفرة في زمن الاحتلال البريطاني إلى مستوى الصفر تقريباً، وتراجع في مستوى الخدمات العامة ومستوى معيشة المواطنين، وإثقال كاهل الشعب بديون هائلة ويكفي الإشارة هنا أن الديون التي كانت على الشطر الشمالي الذي كان تعداده يناهز التسعة مليون نسمة عند إعلان قيام الوحدة، كانت 1,9 مليار دولار ، ذلك في حين بلغت ديون الشطر الجنوبي الذي لم يكن عدد سكانه يتعدى 2,5 مليون نسمة، أربعة مليار دولار ، وقاد الحزب البلاد إلى حروب داخلية أبرزها أحداث يناير 1986م، وكذلك أعمال عنف واغتيالات لا حدود لها ويكفي أن نشير هنا إلى أن كل رؤساء الجنوب منذ الاستقلال قضوا جميعهم بالتصفية الجسدية.
2) أن أعمال الفساد المالي والإداري ونهب المال العام كانت عرضة للسلب والاختلاس من قبل الطرفين وربما كان الحزب الاشتراكي نفسه الفائز بحصة الأسد من تلك الأموال، ومن ذلك "تستر حيدر أبو بكر العطاس رئيس الوزراء، على مبلغ 37 مليون دولار قيمة النفط الخام لإدارة مصفاة عدن، فضلاً عن منع علي سالم البيض، وصالح منصر السيلي، توريد عائدات طيران اليمن (اليمدا) والنفط والأسماك والموارد الأخرى إلى خزينة الدولة" ، ذلك فضلاً عن قيام وزير الدفاع العميد هيثم قاسم طاهر، بترقية نحو 3500 ضابط من الحزب الاشتراكي خلافاً للقانون، فضلاً عن تستره على عمليات الفساد الإداري في المؤسسة العسكرية من خلال توفير الغطاء لجماعته، وتوزيع أراضي لبعض ضباط القوات المسلحة، لأغراض شخصية وبسبب ذلك قدم رئيس الأركان استقالته من منصبه احتجاجاً على تلك الممارسات .
3) تؤكد بعض المصادر أن تدهور الحالة الأمنية التي كان الحزب الاشتراكي يعلن تذمره منها وهو شريك في السلطة، كان الحزب نفسه قد شارك في صنعها، إذ تذكر هذه المصادر أنه "وبعد عودة علي سالم البيض، إلى صنعاء منهياً فترة اعتكافه الأول، بشهر واحد شهدت بعض المدن اليمنية (كلها شمالية) أعمال شغب في الفترة من 9 إلى 12 ديسمبر 1992م، وأن جميع التحقيقات حسب هذه المصادر، دلت على ضلوع ميليشيات الحزب الاشتراكي في تنفيذ تلك الأعمال .
وفي ضوء ما ذكر يمكننا القول أن الدافع من وراء قرار الحزب الاشتراكي بالانفصال كان خوفه من تدهور مستقبله السياسي، خصوصاً في ضوء نتائج انتخابات أبريل 1993م، التي بددت طموحاته في السيطرة على الحكم في اليمن الموحد، وأدت إلى إلغاء صيغة التقاسم التي كان الحزب مستفيداً منها بحصوله على نصف المناصب الرئيسية في الحكومة، وذلك ما دفع ببعض قادة الحزب إلى تصعيد الوضع تمهيداً لخلق الظروف المناسبة لفرض الانفصال حفاضاً على مصالحهم الشخصية، وربما كان لظهور النفط بكميات مؤهلة للتصدير في بعض المحافظات الجنوبية، دوراً في تحفيز تلك القيادات لاتخاذ ذلك القرار لما لذلك من فوائد تمكنهم من الحصول على وضع اقتصادي أفضل. ويرى بعض المراقبين المختصين بالمنطقة، "أن المواطنين العاديين في الجنوب كانوا يرون بأن الانفصال أصبح في صالحهم اقتصادياً، فالجنوب يملك ثلث مخزون النفط في اليمن، في حين لا يُمثل عدد سكانه إلا سُدس عدد سكان الجمهورية اليمنية، كما أن ميناء عدن الحر قد ازدادت حركته وأصبحت مداخيله تشكل مورداً يشجع على الاستثمار" ، ذلك فضلاً عن حصول قادة الحزب ربما على وعود اقتصادية مجزية من قبل بعض دول الخليج لتطوير اقتصاد الجنوب في حال تمكنوا من فرض الانفصال.
وبعد فشل كل المحاولات الداخلية والخارجية في التوسط بين الرئيس ونائبه لاحتواء الأزمة، وتطبيق ما التزم به الجانبين في وثيقة العهد والاتفاق، تفجر الموقف وكانت البداية عندما قامت قوات الحزب الاشتراكي التابعة للواء باصهيب التي كانت متمركزة في مدينة "ذمار" عند حوالي الساعة الثامنة والربع من مساء يوم الأربعاء بتوقيت صنعاء بإطلاق نيران مدفعيتها وراجمات الصواريخ التابعة لها، باتجاه قوات الحرس الجمهوري ومعسكر الأمن المركزي في المدينة، كما تم توجيه القصف أيضا نحو عدد من المنشآت الاقتصادية والخدمية، من بينها المحطة التحويلية للطاقة الكهربائية خارج مدينة ذمـار. وأدى تدمير تلك المحطة إلى قطع التيار الكهربائي عن العاصمة صنعاء وضواحيهـا نهائياً. ولم تمضى على ذلك القصف سوى نصف ساعة حتى باشرت القوات التابعة للحزب الاشتراكي بمدينة "عدن" بشن هجوماً ضد كتيبتين من قوات الأمن المركزي التابعة للحكومة والتي كانت متواجدة في معسكر في منطقة خور "مكسر" جوار مطار عدن. وبعد ذلك توالت الأحداث ولم يأتي صباح يوم الخميس إلا وقد كانت الحرب مشتعلة على مختلف جبهات القتال .
ومما سبق يمكن القول بأن جذور الأزمة في الأساس ترجع لعوامل وأسباب داخلية، لكن ذلك لم يمنع بعض الأطراف الإقليمية من استغلال الأزمة وتوظيف بعض عناصرها لخدمة بعض سياساتهم تجاه اليمن، وكانت الدوافع في ذلك إما انتقامية من اليمن بسبب موقفه من أزمة الخليج الثانية أو بدوافع تاريخية واستراتيجية.
مما سبق يتبين أن القوى السياسية قد فشلت في احتواء الأزمة ومعالجتها، واكتفت بالتركيز على مصالحها السياسية، ولم يكن هناك مبررات لا طائفية ولا مناطقية ولا غير ذلك لقيام الحرب، كلها إخفاقات لتلك الأحزاب دفع الشعب ثمنها غالياً، فهل من المعقول أن نقوم من جديد بتحميل الشعب مسئولية تلك المعاناة بالدعوة إلى تمزيقه، أنا من أبناء محفظة ذمار، وزميلي من محافظة عدن، وثالث من صنعاء ورابع من المحويت وخامس من حضرموت ....الخ، كلنا في الغربة نعايش الهم معاً لا يشعر أحدنا بالتميز الطائفي أو المذهبي أو المناطقي، ولا نسمع به إلا نادراً في بعض وسائل الإعلام اللأليكترونية على وجه الخصوص، فما الذي يدفع بقضية الوحدة كل حين إلى رأس قائمة المشكلات التي نعني منها، هناك سلبيات في أداء النظام السياسي القائم وكلنا الغالبية الساحقة من أبناء هذا الشعب من أقصاه إلى أقصاه نعاني منها، من الذي يقبل بالفساد المالي والإداري الحاصل، ومن الذي يقبل بالتجاوزات القانونية لهذا المسئول أو ذاك، ومن ومن ....الخ؟. لكن ما يهمنا هو البحث عن حلول ناجعة في إطار الوحدة، لا أن نصب الزيت على النار ونضاعف حجم المشكلات التي تعاني منها البلاد بإثارة النعرات القبلية والطائفية والمناطقية النابعة من المصالح الضيقة، فهذه ليست حلول بقدر ما هي عبارة عن زيادة في المشاكل.

التعديل الأخير تم بواسطة فؤاد ناصر البداي ; 06-17-2006 الساعة 02:35 PM
  رد مع اقتباس
قديم 06-20-2006, 02:58 PM   #2
عامر عبدالوهاب
حال نشيط
 
الصورة الرمزية عامر عبدالوهاب


الدولة :  جُبَن_اليمن
هواياتي :  قراءة تاريخ اليمن ، والاحداث المعاصرة
عامر عبدالوهاب is on a distinguished road
عامر عبدالوهاب غير متواجد حالياً
افتراضي

تعقيب سر يع على بعض النقاط




اقتباس :
((قد كانت الوحدة وكما عبر عن ذلك الرئيس "علي عبد الله صالح" خياراً لا بد منه لقادة الجنوب لإنقاذ أنفسهم من المصير الذي لقيه نظام حكم الرئيس الروماني "نيكولاي تشاوسيسكو" الذي انتهى بإعدامه مع زوجته عام 1989 . ذلك فضلاً عن أن فشل قادة الحزب الاشتراكي في تحسين علاقاتهم الخارجية مع الكثير من دول العالم بعد أحداث 13 يناير، قد أسهم في تضييق الخناق عليهم من الخارج بشكل جعلهم أكثر استجابة لنداءات الوحدة.))

هو يبرر حرب 94 وأن قادة الجنوب ربما يلاقون نفس المصير الذي لاقاه دكتاتور رومانيا، وأن الوحدة أتت لإنقاذهم. القادة السياسيين في كل بلد يقولون كلاما ليس من قبيل التاريخ او الحقائق ولكنه في اكثره دعاية ضد خصومهم..ربما هذا الكلام لو قيل عام 90 قد يصدقه بعض الناس، لكن الآن بعد 16 عاما من قيام الوحدة لا يمكن لأحد أن يصدقه، اذ أن ماجرى بعد 94 وما جلبته الوحدة من مشاكل لا تحصى للجنوبيين والقليل من الخير، يمكن ان يشكك ان لم نقل يدحض مثل هذه الافتراضات.وللعلم سقوط الدول يكون لاسباب عديدة منها الغزو الخارجي، والصراعات الداخلية، والفساد، والدولة في الجنوب كان السبب في سقوطها دخولهم الوحدة بتسرع، وبدون اخذ احتياطات قانونية، ومادية.والثاني هو حرب 94. اما الفساد فلم يكن موجودا أو انه مشكلة هناك.

اقتباس :
(( وبالتالي فإن عوامل عدم استقرار النظام في الجنوب كانت هي الأكثر وضوحاً، فكان لا بد للنظام من البحث عن طريق للنجاة وكانت الوحدة هي ذلك السبيل، خصوصاً أنها لم تكن توفر لقادة النظام الملجأ من المصير الدموي الذي كان ينتظرهم فحسب وإنما أيضاً تمكنهم من تحقيق هدف وطني وقومي عظيم يعيد ثقة الشعب بهم.))

الجنوبيين عاشوا من قبل بدون اليمن الشمالي، ويستطيعون ان يعيشوا بدون وحدة وبدون الشمال..! وما العلاقة بين الوحدة وقدرتهم على البقاء كدولة..؟؟ الجنوبيين عندهم امكانيات اقتصادية كبيرة لو احسن استغلالها لعاشوا في تقدم وإزدهار..وهذا تفسير مبسط، للوضع في الجنوب.

اقتباس :
((وأضاف بأنه على طول الطريق الممتد من تعز إلى عدن كانت الجماهير تخرج وهي تهتف بحماس مطالبة بالوحدة، وعند وصوله عدن تدافعت الجماهير المطالبة بالوحدة على السيارة التي كان يستقلها وبطريقة أحرجت قادة النظام في الجنوب الذين كانوا معه على نفس السيارة وعلى رأسهم "علي سالم البيض" و "حيدر أبو بكر العطاس" و "سالم صالح محمد"، وأن تلك التظاهرات قد خلقت مناخاً ضاغطاً على قادة الحزب الاشتراكي ورسمت أمامهم مخاوف التعرض لبطش الجماهير إذا ما نكصت تلك القيادات عن الوحدة، وذلك بحسب تعبير الرئيس . "واستجابة للضغوط الجماهيرية المطالبة بالوحدة وحاجة اليمنيين الملحة إلى الاستقرار، فقد أُجبرت القيادتين في الشطرين على التوقيع على مشروع دستور دولة الوحدة" وإحالته إلى المؤسستين التشريعيتين في الشطرين للمصادقة عليه في الثلاثين من نوفمبر 1989م. ))

الرئيس علي صالح برغم ضعف امكانياته الخطابية والثقافية،حتى يخطب للجماهير مباشرة، في الميادين العامة، الا انه استخدم الاسلوب هذا وهو السفر برا الى عدن، وذلك من اجل احراج القادة الجنوبيين،والذين كان البعض منهم يشك في امكانية التعايش السلمي بين اليمن الشمالي والجنوبي، ( ومشاعر الناس كل يقرأها حسب هواه ومصالحه، وربما انها كانت احد العوامل التي جعلت الرئيس صالح لا يهتم بإتفاقيات الوحدة ، او بكيفية ادارة دولة الوحدة،وحتى الان ولسان حاله يقول المهم اننا توحدنا).خاصة بعدما سمعوا اراء الجماعات الإسلامية في الوحدة، ولكن الشعب بعواطفه كان يرى في الوحدة الخير والتقدم والقوة ..الخ. بدون ما كان يدرك ما الذي سيجري بعدها ،والعامة غالبا ما تدفعهم العواطف لتأييد اشياء احيانا قد تكون ضد مصالحهم او لصالح اعدائهم .
وقد خرجت مثل هذه الحشود في 22 مايو عام 1994 حين إُعلن استقلال اليمن الجنوبي.

وهذه الجماهير نفسها خرجت لتأييد قادة حرب التحرير ضد الاستعمار، والنتيجة لم تكن مثلما توقعتها تلك الجماهير، بل كانت مخيبة للآمال، ونفس الشيء ينبطق على الوحدة، وأنا اتخيل انه لو وجدت حرية للتضاهر بدون ما يحصل عنف ضد المتضاهرين،لخرج مئات الإلوف من الجنوبيين يطالبون بالإستقلال.


اقتباس :
((رغم فشل القيادات السياسية الوطنية التي قادت النضال ضد الإمامة في الشمال، وضد الاحتلال البريطاني في الجنوب في تحقيق الوحدة اليمنية في عام 1967م كما كان متوقعاً لها في أعقاب خروج البريطانيين من عدن، وذلك بسبب مجموعة عوامل ومتغيرات داخلية وخارجية أوضحناها سابقاً، فقد ظلت الوحدة هدفاً استراتيجياً عملت على تحقيقه جميع القيادات السياسية التي تولت الحكم في شطري اليمن منذ قيام النظام الجمهوري في الشمال عام 1962م، واستقلال الجنوب عام 1967م، فمن خلال مراجعة أدبيات الوحدة اليمنية يتبين أن جميع تلك القيادات قد أسهمت بشكل أو بآخر في بناء مشروع الوحدة، بل أن بعضها لم يتردد في استخدام القوة العسكرية بما يحمله هذا الخيار من تبعات ومخاطر كبيرة، كوسيلة لتحقيق الوحدة، وكانت الحروب التي خاضها الشطرين في عامي 1972 و 1979 تعبيراً عن تلك الإرادة. ))

لا اعتقد ان الوحدة كانت هدفا استراتيجيا لا للشمال ولا للجنوب، بخاصة القادة السياسيين، ربما بعض المثقفين او المفكرين كان في ذهنه مثل هذا التفكير، لأن الاهداف الإستراتيجية تحتاج الى اناس ذو همم عالية وإلى بلد تكون قد قطعت مشوارا في مضمار التقدم والتطور، واليمن بكلا دولتيه لم يكن فيه ذلك.وقد استخدم موضوع الوحدة للمزايدات السياسية،ولكسب الانصار والشعبية، وكحلم عاطفي لم يكن يدري حتى من يدعون اليه كيف يمكن تحقيقه او كيف سيكون هذا المولود الجديد.(انظر دراستنا حول هذا الموضوع http://www.alshibami.net/saqifa/show...522#post106522)
وهذا التفكير قديم ويعود الى أيام الدولة الإيوبية والتي قامت في المنطقة الوسطى والجنوب، حيث حاولت توحيد اليمن، وبعدها اتت الدولة الرسولية، والطاهرية.وكان خصم كل تلك الدول في المناطق الشمالية بشكل اساسي ، هم الائمة.وكان الائمة يبررون مقاومتهم لتلك الدول أنها ظالمة وأنها سنية ويجب عليهم ترك بلاد الزيدية وشأنها.ولإن الزيدية لم تحكم كل المناطق التي تتبعها مذهبيا فقد كانت تحصل على تأييد بعض اتباعها.
وعندما وصلت الزيدية الى السلطة في القرن الحادي عشر الهجري 1045 =1635 اصبحت هي الدولة القوية في اليمن، وقف اهل المناطق الشرقية، والجنوبية والغربية ضد الائمة لأسباب مذهبية وسياسية.(انظر ردنا عليها في الجزء الأول ) ويمكننا القول انه لو كانت الدولة القائمة الآن تحت سيطرة اهل الجنوب او الشوافع لقامت قيامة الزيود وحاربوها بكل ما أتو من قوة ونفوذ ،ولن تعوزهم الأسباب او الذرائع.
النظام القائم الآن يتصرف مثل الانظمة القديمة كبني القاسم وغيرهم في نظرتهم للوحدة، والدولة.ونظرة الدول القديمة الى الوحدة يمكن تبريرها بقيم عصرها، اما الآن فليس هناك مبرر لجماعة كائنة ما كانت ان تدعي انها وطنية ووحدوية، وأفعالها تعاكس وتناقض اقوالها.بل انها تسئ الى نفسها والى جماعتها.الإنسان الوحدوي والوطني هو من يخدم وطنه بدون مقابل الا ما يكفيه للعيش الكريم، والإنسان الوحدوي هو من يتصرف وكأنه مواطن من شرق البلاد او غربها او شمالها او جنوبها.ومعياره هو خدمة الناس وتطبيق القانون واحترامه، بغض النظر عن مناطقهم او طوائفهم.



اقتباس :
((بالإضافة إلى إيمانه العميق بالوحدة اليمنية ، "من الإحساس باللحظة التاريخية التي ((ينبغي استكمالها لإحياء مساعي الوحدة" وكان إصراره على ضرورة الانتهاء من التوقيع على دستور دولة الوحدة وإحالته للسلطتين التشريعيتين في الشطرين خلال زيارته التاريخية لـ "عدن" في نوفمبر 1989، نابعاً من إدراكه بأهمية تلك اللحظة التي توفرت فيها مجموعة ظروف محلية وإقليمية لصالح جهود الوحدة، وكان ذلك بالرغم من وجود تحفظات من قبل بعض قوى المعارضة في الشطر الشمالي على المادة الثالثة من الدستور والتي كانت تنص على اعتبار الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وليس مصدر التشريعات كافة كما كانت ترغب هذه القوى))

اقتباس :
((لقد توقعنا أن نموت بعد الثورة وعشنا حتى الآن" وفي كلمته التي ألقاها خلال الاجتماع الذي جرى بين قيادتي الشطرين بعد ظهر يوم 29 نوفمبر 1989، أعلن عن قبوله بكل شروط قادة الحزب الاشتراكي لإتمام الوحدة بقوله: "أننا جئنا نهنئ أبناء وطننا بعيد الاستقلال ونطرح مشروع دستور دولة الوحدة لإحالته على المؤسستين التشريعيتين، وليس لدينا أي تحفظ حول الوحدة، ونحن نقبل بكل الشروط" .))

بل ان اصرار الرئيس على اتمام الوحدة قبل الموعدة المتفق عليه وهو ال 30 من نوفمبر جعل بعض المراقبين، يعتقدون انه كان على علم بغزو العراق للكويت ،وفضل اتمام الوحدة حتى لايحصل موقفين متناقضين من غزو العراق للكويت ومن ثم عدم اتمام الوحدة.واعلان التوحيد قبل موعده يعتبر واحد من الاخطاء التي وقعت لأنه يدل على الارتجال، والتسرع، وانه عمل تم خلسة وكأنما هم عصابات وليس قادة دول، يبنون كل شيئ بطريقة علنية وفي وقتها وبصورة شفافة.ويدل ايضا على النيات المبيتة والتي لم تظهر الا بعد قيام التوحيد بأيام.



اقتباس :
((ذهب بعض أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي (سعيد صالح) خلال ذلك الاجتماع إلى التهديد بقتلهم إن هم وافقوا على الوحدة، ومع ذلك فقد حسم "علي سالم البيض" الموقف لصالح الوحدة بأن وقع في الثلاثين من نوفمبر 1989 على اتفاقية عدن التاريخية التي تضمنت الاتفاق على مشروع الدستور .))

الرجل الذي كان له موقف من التوحيد الاندماجي هو صالح منصر السيلي، ولو أُستمع لرأيه لكان افضل للشمال وللجنوب، اذ كان رأيه يقوم على اساس ان يقام تعاون وتكامل بين البلدين، ومن ثم تقام دولة كونفدرالية، واخيرا دولة فدرالية، ولكن لم يكن تياره كبيرا بالقدر الذي يسمع لهم بوقف التوحيد الاندماجي، واغلب قادة الاشتراكي غلبوا العواطف على العقل.وهذا ماشاهدناه في جلسة مجلس الشعب الاعلى للتصويت على الدستور والوحدة في عدن، حيث صوت الجميع بدون اعتراض ولا حتى من شخص واحد..!!وكان الشمال افضل حيث عارضت بعض القوى والشخصيات الوحدة في مجلس الشورى، وهم من الجماعات الاسلامية، ورجال القبائل.

اقتباس :
(("فيما بعد أن منفذيها يمنيون من المحافظات الجنوبية ينتمون إلى منظمة الجهاد الإسلامي، وأن عدداً منهم شارك في القتال في أفغانستان في عقد الثمانينيات، وقد استهدفوا توتير الأمن في البلاد والقيام بعمليات ثأر من الحزب الاشتراكي" .))

نعم بعض الإغتيالات نفذها اناس من اهل الجنوب، من اصحاب على ناصر وبعض السلاطين وغيرهم، ولكن هؤلاء لم يقوموا بتلك الإغتيالات الا بتخطيط وتوجيه وحماية ومساعدة ومساندة، من حكومة الشمال.وقد رأينا بعد الحرب كيف توقفت تلك الإغتيالات لأن اهدافها قد انتهت وهو احتلال الجنوب، وضمه وتلك الإغتيالات كانت مقدمة للحرب، وأستخدمت لإرهاب اهل الجنوب حتى يخضعوا للأمر الواقع.


((
اقتباس :
ومع ذلك فقد كانت لديهم توقعات بأنهم سيتمكنون في آخر الأمر من فرض النظام على شريكهما الأكبر المتمثل في حزب المؤتمر الشعبي العام، وبالتالي تحقيق التقدم والتطور اللذين كانا دائماً العقيدتين المركزيتين في أيديولوجية الحزب الاشتراكي اليمني. لكن سرعان ما أدرك قادة الحزب الاشتراكي أن حساباتهم كانت خاطئة، فلم يكتفي نظام الرئيس علي عبد الله صالح بان يثبت مناعته ضد تحديث الجنوبيين، بل أنه طبقاً لهذا الرأي بدأ مصمماً على تقليص قوة الحزب الاشتراكي بكافة الوسائل الممكنة، ولم تكن قد مرت سنة على قيام الوحدة حتى بدأت شكوك قادة الحزب الاشتراكي في نوايا الرئيس علي عبد الله صالح، ومع أن عملية تقاسم المناصب الرئيسية كانت محددة بالمناصفة بين الحزبين، إلا أن وزراء من الحزب الاشتراكي وجدوا أن القرارات الفعلية في وزاراتهم كان يتم اتخاذها من قبل المدراء العامون من أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام، ولم يكن هناك عدد كاف من أعضاء الحزب الاشتراكي أو من الموظفين المدنيين الجنوبيين في المستويات الأدنى في الوزارات في صنعاء كي يحولوا دون سيطرة البيروقراطيين الشماليين الأكثر عدداً، وساد في المؤسسات العسكرية والأمنية وضع مماثل إلى حد بعيد، وأجبرت أعمال العنف والاغتيالات التي كانت تستهدف في معظم الأحيان قادة الحزب الاشتراكي وأقربائهم، البعض منهم إلى مغادرة العاصمة صنعاء خوفاً على حياتهم وذلك كما فعلة رئيس الوزراء حيدر أبو بكر العطاس في يناير 1994م عندما لحق بالبيض في عدن، وفي ضوء ذلك كله فقد كان واضحاً من وجهة نظر هذا الرأي فإن قادة الاشتراكي كانوا مقتنعين تماماً بسوء نية الرئيس علي عبد الله صالح وأعوانه وأهدافهم العدائية تجاههم، الأمر الذي أسهم في استمرار التوتر وقاد بالأمور إلى ما جرت عليه .))

ما يميز تجربة الحزب الإشتراكي هو اقامته لدولة نظام وقانون في الجنوب ، والذي لم تعرفها الأرياف هناك منذ قرون.واصحاب الحزب دخلوا مثلما قلنا بنية حسنة والسياسة من الخطاء الكبير اعتماد العواطف او حسن النيات مبداء لها، خاصة في بلدان ليس مرجع الناس فيها للقوانين او الدساتير، بل القوة المسلحة والمال والجاه.وهذا ماجرى لاصحاب الحزب من شريكهم،اذ عرفوا بعد مدة من الزمن انهم خدعوا وان تصوراتهم عن الوحدة والرخاء كانت وهما ان لم نقل كذبا.وانا في اعتقادي انه حتى لو كان زعماء الشمال ((طيبون)) ووطنيون ولم تحصل حتى حرب 94 فلا بد من ظهور مشاكل، ولا بد ان الطرفين او احدهما يتعرض لبعض الضيم، لأن توحيد الأمم يحتاج الى عمل ملائم ومناسب ومتدرج، وفوق هذا يجب اقامة دولة القانون والنظام وتنمية الاقتصاد حتى تكون الأمور طبيعية، لكن عندما يتوحد فقير مع فقير اشبه بجمع اصفار، او احاد لاقيمة لها.مثلا الناس المسيطرين في الشمال لم يعودوا الان يفكرون كيف يقللوا من سلبياتهم وأخطائهم وكيف ينمون ما لدى اليمن من موارد ،بل كيف ينهبون ارضا او كيف يحصلون على وضيفة يستطيعون من خلالها نهب المال العام.والفساد ازداد بعد التوحيد اضعاف مضاعفة والسبب نظرة الناس اليها على اساس انها فرصة ومجالا للنهب والسلب.

اقتباس :
((أن أعمال الفساد المالي والإداري ونهب المال العام كانت عرضة للسلب والاختلاس من قبل الطرفين وربما كان الحزب الاشتراكي نفسه الفائز بحصة الأسد من تلك الأموال، ومن ذلك "تستر حيدر أبو بكر العطاس رئيس الوزراء، على مبلغ 37 مليون دولار قيمة النفط الخام لإدارة مصفاة عدن، فضلاً عن منع علي سالم البيض، وصالح منصر السيلي، توريد عائدات طيران اليمن (اليمدا) والنفط والأسماك والموارد الأخرى إلى خزينة الدولة" ، ذلك فضلاً عن قيام وزير الدفاع العميد هيثم قاسم طاهر، بترقية نحو 3500 ضابط من الحزب الاشتراكي خلافاً للقانون، فضلاً عن تستره على عمليات الفساد الإداري في المؤسسة العسكرية من خلال توفير الغطاء لجماعته، وتوزيع أراضي لبعض ضباط القوات المسلحة، لأغراض شخصية وبسبب ذلك قدم رئيس الأركان استقالته من منصبه احتجاجاً على تلك الممارسات .))

هنا خلط فاضح وإفتاءت على الحقيقة، ومحاولة تصوير من وقفوا ضد سياسة الشمال والرئيس علي صالح، وكأنهم سرق ومختلسون وأنهم لا يختلفون عن اهل الشمال في شيئ ان لم نقل اسواء. هذه دعايات لا يصدقها احد .اولا ماهو مصدر هذه المعلومات ان وجد ؟؟ ثانيا حتى لو افترضنا انهم اخذوا من اموال النفط قبل الحرب فمن حقهم ذلك لانهم اولى بثروات بلادهم، وهل يمكن لأحدنا ان يسمح لأخيه ان يأخذ حقه فضلا ان يكون بعيدا.؟؟!!
ثالثا: حكومة الشمال القائمة الان عمرها 28 عاما،والفساد موجود فيها من عند اكبر مسئول الى اصغره، لم نسمع قط انه تم محاكمة اي مسئول لأنه اختلس، او ارتشى او قصر في عمله.اصحاب الحزب بقوا في السلطة 3 سنوات،ولم يكن لهم صلاحية ،والان بعد حرب 94 صارت السلطة بيد اهل الشمال فماذا صنعوا لإنفسهم وماذا عملوا لغيرهم.؟؟

ولا يغرن احد جرأتهم في الكذب ولي عنق الحقائق، وذلك عندما يظهر لنا مسئول كبير ويرسل تصريحات بتهم لتشويه سمعة غيره وكأنما هو ملاك، وهو الغارق في الفساد ...
  رد مع اقتباس
قديم 05-29-2009, 03:13 PM   #3
هدير الرعد
حال نشيط
 
الصورة الرمزية هدير الرعد

افتراضي

مشاركات تستحق القراءة ..... (للناقد والمنقود).
التوقيع :
إلى من يرفع شعار التسامح ويدعوا إلى الفتنة ويبذر العداء... إلى من يرفض إصلاح البلاد إلا بالانفصال... ويرى أن لا قوة إلا بالتشرذم والانقسام... وأن لا تنمية إلا بتغيير التاريخ والهوية ولعن كل ماكان من شأن يمن الإيمان... نقول بمشاعر مليئة بالثقة والاطمئنان:

من يبذر الشر بين النــاس في ظل وحدتــهم= لن يجلب الخــير إذا ما أوقـــع الإنقسـام بــهم
فمن يرنوا إلى العلياء يستحضر الناس كلهمُ= ولن يجود بالمجد من لم يسـع في مودتــــهم
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
احصا ئيات عن القران لا تفوتكم معرفتها باحرس1970 سقيفة الحوار الإسلامي 30 10-14-2012 12:40 AM
على اليمنيين السياسيين في اليمن إلى اتفاق حول نقل السلطة في صنعاء بهدف التوصل إلى حل للقضية الجنوبية حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 2 10-25-2011 06:33 PM
فضل يوم الجمعة تاج العليب فؤاد باطويح سقيفة إسلاميات 1 07-01-2011 11:11 AM
بعض الآثار الواردة في شهر محرم (( تاسوع وعاشور )) عاشق الجوهره سقيفة الحوار الإسلامي 8 12-16-2010 12:42 AM
مجلة السياسة الخارجية الأمريكية: يجب على دول الخليج أن تقبل اليمن عضواً في مجلس التعا حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 10-10-2010 01:14 AM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas