المحضار مرآة عصره (( رياض باشراحيل ))مركز تحميل سقيفة الشباميحملة الشبامي لنصرة الحبيب صلى الله عليه وسلم
مكتبة الشباميسقيفة الشبامي في الفيس بوكقناة تلفزيون الشبامي

العودة   سقيفة الشبامي > الدين والحياه > سقيفة الحوار الإسلامي
سقيفة الحوار الإسلامي حيث الحوار الهادئ والهادف ، لا للخلاف نعم للإختلاف في وجهات النظر المثري للحوار !!
التعليمـــات روابط مفيدة Community التقويم مشاركات اليوم البحث


اليمن: بداية الشرخ بين الرئيس والاسلاميين

سقيفة الحوار الإسلامي


إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-22-2002, 12:41 AM   #1
ابن حضرموت
حال نشيط

افتراضي اليمن: بداية الشرخ بين الرئيس والاسلاميين

أثبتت الأحداث التاريخية, التي جمعت الرئيس اليمني علي عبد الله صالح والحركة الإسلامية في اليمن، والتي يمثلها التجمع اليمني للإصلاح، أن ثمة خصوصية في هذه العلاقة تقوم على أساس الثقة المتبادلة والحرص المشترك على حماية الثوابت الدينية والوطنية، الأمر الذي يجعل خصومهما في حالة ترقب وقلق كلما التقيا في موقف أو منعطف تاريخي.

ويسعى هؤلاء الخصوم عقب إلى تدمير عوامل الثقة ونقاط الالتقاء التي تجمع الرئيس عبد الله صالح بالتجمع اليمني للاصلاح. وابرز مثال على ذلك ما حدث عقب الانتخابات الرئاسية, التي أعلن الإصلاح أن الرئيس علي عبد الله صالح هو مرشح الحزب فيها, والتشكيك في التصريحات الواضحة, التي أطلقها الرئيس صالح في آب (أغسطس) عام 1999 بأن العلاقة التي تربطه بالإصلاح ليست استراتيجية فحسب بل مصيرية أيضا.

محطات الالتقاء بين الحركة الإسلامية والسلطة

كانت البداية الجادة في التقاء نظام الحكم في صنعاء مع الحركة الإسلامية عند تحالفهما لمواجهة المعارضة اليسارية المسلحة, والتي ضمت الماركسيين والبعثيين الموالين لسوريا والناصريين الذين كانوا يتحركون من خلال واجهة الجبهة الوطنية الديمقراطية في المناطق الوسطى منذ عام 1979 حتى نهاية عام 1981.

وأسهم التحالف الإسلامي مع السلطة في صنعاء آنذاك واقترابه من رموزها في تسهيل التعرف على أفكار القائمين على الحكم وأهدافهم, وسهل على الحركة الإسلامية أن تكون شبكة واسعة من العلاقات الإيجابية مع الرموز القبلية, التي يستمد النظام منها أسباب ثباته وقوته.


الشد والجذب مع قيادة الاصلاح
وحقق هذا التحالف إنجازات ملموسة على الميدان العسكري, وتمكن من دحر المليشيات اليسارية المدعومة من النظام الماركسي في عدن آنذاك, ومن ليبيا وسوريا وألمانيا الشرقية وموسكو.

ثم كانت المحطة الثانية في تاريخ العمل المشترك هي عمليات التحضير والإعداد لصيغة الميثاق الوطني وتأسيس المؤتمر الشعبي العام كإطار تنظيمي واسع يستوعب مختلف ألوان الطيف السياسي والحزبي في اليمن. وامتدت فترة الالتقاء هذه منذ عام 1981 وحتى عام 1983. وتركزت على الإجراءات المتعلقة بإنجاح المؤتمر الشعبي العام, وإخراج الميثاق الوطني ليكون الوثيقة الوطنية التي تجمع عليها مختلف القوى والتوجهات السياسية.

واستطاع الإسلاميون، مستفيدين من المحطة الأولى، طرح الرؤية الإسلامية في الميثاق الوطني المنسجمة مع رؤى وتطلعات غالبية الشعب, ولا زالت تمثل حتى اليوم أهم الملامح الفكرية المشتركة بين المؤتمر الشعبي (الحزب الحاكم) والتجمع اليمني للإصلاح. ونجحوا في إلزام بقية القوى العلمانية اليسارية والقومية والليبرالية بأن يكون الميثاق الوطني هو الدليل النظري لليمنيين.

ثم كانت المحطة الثالثة عندما أعلن الرئيس علي عبد الله صالح نيته الانسحاب من الحكم في شباط (فبراير) 1983, فقام الإسلاميون بتحريك أنصارهم والأعضاء المنتمين إلى الحركة الإسلامية الإخوانية مطالبين بإعادة انتخابه لرئاسة الجمهورية لدورة جديدة. وما زال يذكر طلاب الثانوية في مدرسة عبود بمنطقة دار سعد في جنوب اليمن حديث رئيس ما كان يسمى باليمن الجنوبية علي ناصر محمد, الذي اتسم بالتذمر من التأييد الإسلامي لإعادة انتخاب الرئيس صالح لفترة جديدة.

وقال بالحرف "إن الذين يخرجون في شوارع صنعاء وتعز والحديدة ليسوا هم غالبية أبناء الشعب, إنما هم تجمعات الإخوان المسلمين, الذين لا يريدون الوحدة اليمنية". ومن المعروف أن المسيرات الشعبية أثمرت إعادة انتخاب الرئيس صالح في 23 أيار (مايو) 1983.

واستمرت المسيرة المشتركة بين الجانبين وتعمقت عندما تعرضت الوحدة اليمنية للخطر، وبدأت قيادات الحزب الاشتراكي اليمني, التي كانت في ذات الوقت تتربع في هياكل الدولة, تطرح خيارات بديلة عن الوحدة مثل الكونفدرالية والفيدرالية وغيرها من المشاريع، فدخلت الحركة الإسلامية في تحالف مع الرئيس صالح للدفاع عن الوحدة اليمنية, وتمكن الطرفان بعد معارك دامية من دحر المحاولة الانفصالية.

وعقب هذا التماسك الشديد بين الجبهتين أعلنت هيئات التجمع اليمني للإصلاح في منتصف عام 1999 اعتبار الرئيس صالح مرشح التجمع اليمني للإصلاح للانتخابات الرئاسية, التي جرت لأول مرة في اليمن في أيلول (سبتمبر) 1999. ففي هذه الانتخابات خاض الإصلاح حملته الانتخابية مع الحزب الحاكم بصورة مشتركة. لكن هذه الخطوة لم تحظ بالقبول من بعض الأطراف السياسية داخل الحزب الحاكم, وأبرزها التيار الليبرالي, والعناصر التي ارتبطت تاريخيا بأحزاب مناوئة للتيار الإسلامي في اليمن وتحمل مواقف عدائية قديمة ضد الإصلاح.

بداية الافتراق بين الجبهتين

يلحظ المراقبون المهتمون بملف علاقة الحركة الإسلامية بالسلطة في اليمن أن كل محطة لقاء تعقبها مرحلة توتر وشبه افتراق. فبعد إلحاق الهزيمة العسكرية بصفوف المعارضة اليسارية المسلحة في شمال اليمن أوائل الثمانينات, نتيجة تحالف النظام الحاكم مع الحركة الإسلامية, تعرضت الحركة لمحاولة انشقاق قادها عدد من الشخصيات داخلها, بدعم من أطراف في السلطة. وكان على رأس تلك الشخصيات نائب المراقب العام عبد الملك منصور الذي قام بمحاولة انقلاب هادئة ضد المراقب العام ياسين عبد العزيز, بإبعاده إلى الولايات المتحدة كملحق ثقافي من دون رغبته، وكان ذلك على خلفية محاولة حل الحركة الإسلامية ودمج كوادرها في إطار المؤتمر الشعبي. لكن المحاولة فشلت تماما واستطاعت الحركة تجاوز المأزق وفصل الأشخاص المنشقون, الذين تم استيعابهم في إطار السلطة ومنحهم مواقع قيادية في الحكومة والمؤتمر الشعبي.

ثم لجأت أطراف في السلطة إلى عملية أخرى لتوتير الأجواء بين الإسلاميين والرئيس صالح من خلال طرح موضوع المعاهد العلمية مطلع العام 1985, بعد أن قام الرئيس بإجراء تعديل وزاري في حكومة عبد العزيز عبد الغني (رئيس مجلس الشورى حاليا). وتمثل التعديل في استبدال الدكتور عبد الله حسين العمري بالدكتور عبد الواحد الزنداني في وزارة التربية والتعليم, وصدور قرار بتشكيل المجلس الأعلى لتوحيد المناهج التعليمية برئاسة الوزير الجديد الدكتور العمري, وعضوية 15 شخصا.

ودخلت الحركة الإسلامية في معركة إعلامية وقضائية وسياسية للدفاع عن المعاهد العلمية التي تعتبرها من إنجازات الثورة اليمنية في تحقيق وحدة فكرية لدى الشعب اليمني بعد ان مزقته ثقافة العهد الإمامي إلى مزق مذهبية وطائفية.

واستجابت الحكومة وجمدت المشروع نتيجة انفجار الأحداث الدامية في جنوب اليمن مطلع كانون ثاني (يناير) 1986.

كانت الدولة حريصة على تقليص نفوذ الحركة الإسلامية خلال تلك الفترة، وقد تميز عام 1985 بالتوجه الرسمي نحو إصدار القرارات الجمهورية لإنشاء وتأسيس الاتحادات والجمعيات والهيئات المختلفة, على طريق بناء مؤسسات للدولة، كما شهد هذا العام حدثا بارزا تمثل في انتخاب ممثلي المجالس المحلية, وتوسعة عضوية المؤتمر الشعبي في 16 تموز (يوليو) 1985, وتمكنت الحركة الإسلامية اليمنية من إحراز نتائج إيجابية, وسجلت حضورا قويا لفت انتباه عدد من المراقبين الغربيين, إذ اعتبر روبرت دي باروز الباحث في مركز هاكوب كيفوركيان بجامعة نيويورك ذلك بروزا واضحا للحركة, فقد كتب يومها يقول "إن حركة الإخوان المسلمين في اليمن ظهرت بوضوح أثناء إجراء الانتخابات لجمعيات التنمية المحلية". وقد أثار النجاح الانتخابي للحركة الإسلامية في المجالس المحلية حنق وغضب أوساط نافذة في الدولة والحكومة..

وبحلول عام 1988 كانت البلاد على موعد مع إجراء انتخابات مجلس الشورى. ولأول مرة برزت التوجهات الحزبية المتباينة لتتنافس على مقاعد مجلس الشورى, وفاجأت الحركة الإسلامية العالم بحصولها على أكثر دوائر العاصمة تقريبا, إضافة إلى دوائر بعض المحافظات الشمالية والغربية, التي كانت تسمى الجمهورية العربية اليمنية، الأمر الذي أثار قلق بعض صناع القرار في الدولة.

وقد اعتبر مراقبون سياسيون يمنيون وعرب وأجانب هذه الانتخابات الأكثر نزاهة ونظافة مقارنة بما تبعها من انتخابات في عهد الوحدة والتعددية والعلنية.

وقد تسارعت الخطوات الرامية لتوحيد شطري اليمن مع نهاية عام 1989, وبدأ الرئيس صالح يواجه قيادات الحزب الاشتراكي الحاكم في جنوب اليمن بعدد من الخيارات الوحدوية المختلفة مستفيدا من انهيار ما كان يسمى بالاتحاد السوفيتي والكتلة الاشتراكية.

ولم تتردد الحركة الإسلامية في إعلان موقفها الصريح تجاه التطورات الجديدة, إذ رحبت بالوحدة اليمنية، ورفضت عددا من مواد مشروع الدستور المطروح للاستفتاء, واعتبرتها موادا تكرس التوجه الشمولي والعلماني لدولة الوحدة، ودفعت الحركة الإسلامية ثمن هذا الموقف بتعرضها لحملات إعلامية قوية من وسائل إعلام الحزبين الحاكمين في صنعاء وعدن، واندفع خصومها في جهاز الحكم بصنعاء للتشهير والتشنيع برموز الحركة الإسلامية.

وبلغت الازمة ذروتها عند زيارة الرئيس صالح ونائبه حينذاك علي سالم البيض مكة المكرمة لتأدية العمرة, وتم طرح فكرة تسليم الشيخ عبد المجيد الزنداني رئيس مجلس الشورى للإصلاح للسلطات بتهمة التحريض ضد مشروع الدستور. وفي 21 أيار (مايو) 1990, اجتمع برلمانا الشطرين كلا على حدة, وأقرا مشروع دستور دولة الوحدة, وانسحب ممثلو الحركة الإسلامية من مجلس الشورى, احتجاجا على عدم الاستجابة لتعديل بعض نصوص مشروع الدستور, غير أنهم في الوقت ذاته أرسلوا ممثلين عنهم للمشاركة في احتفالات إعلان الوحدة اليمنية, وقيام الجمهورية اليمنية, وكانوا بذلك الموقف يؤكدون موقفهم المؤيد لقيام الوحدة اليمنية والداعم لها, ولكن على قواعد دستورية راسخة ومتينة على حد تعبير قياداتهم، وهي نقطة الخلاف التي كانت بينهم وبين الرئيس صالح, الذي كان يرى أن ذلك يمكن تحقيقه في وقت لاحق ومن خلال المؤسسات الدستورية لدولة الوحدة الوليدة.

ويمكن القول إن المرحلة, التي امتدت من نهاية الثمانينات, وحتى العام الأول من قيام دولة الوحدة, قد شهدت توترا ملحوظا بين الرئيس صالح والحركة الإسلامية, نتيجة تباين رؤية كل منهما إزاء التعامل مع مستجدات الأوضاع, التي أفرزتها أحداث كانون ثاني (يناير) 1986 في جنوب اليمن, وانتخابات المجالس المحلية والبرلمانية في 1985 و1988 على التوالي, واندفاع الرئيس نحو تحقيق الوحدة دون الالتفات للتحفظات على بعض الإجراءات, التي أعلنها الإسلاميون وتيارات أخرى, واعتبروها نواقص وثغرات تتيح للمتربصين وأعداء وحدة اليمن الدخول من خلالها. وعلى الرغم من التوتر السياسي بين الإسلاميين والرئيس صالح فإن ذلك كان يعني أن ثمة سقفا محددا للاختلاف والتباين، وأن ليس مسموحا لأي منهما بتجاوز الخطوط الحمراء.

البيئة الداخلية والخارجية للصراع السياسي الراهن

الخلاف الناشب بين التجمع اليمني للإصلاح (الحركة الإسلامية) والمؤتمر الشعبي العام حاليا, ليس على خلفية المعاهد العلمية (الدينية) فحسب, ولكن ثمة استحقاقات محلية وإقليمية ودولية تدفع بصناع القرار في البلاد لأن يدخلوا في مواجهة سياسية ضد الإصلاح. فلقد تأخر موعد تطبيق قانون التعليم أكثر من ثمان سنوات, وهو القانون الذي قضى بدمج المعاهد العلمية ماليا وإداريا وفنيا, بسبب عدم رغبة الرئيس صالح بتنفيذه يومئذ, ربما لوجود عدد من الملفات الداخلية والخارجية العالقة التي هي في حاجة لإنجازها قبل الدخول في مواجهة سياسية وإعلامية مع أنصار المعاهد.

لقد فرغت الحكومة اليمنية الآن من عدد من الملفات, التي كانت تشكل لها قلقا كبيرا. فعلى الصعيد الداخلي نجحت تماما في إضعاف المعارضة, وخاصة الحزب الاشتراكي, الذي تم تجريده من عوامل القوة، وفرض برنامج الإصلاحات الاقتصادية, وتحرير كثير من السلع الأساسية, والاستجابة لشروط الصندوق والبنك الدوليين، والتسلل الآمن إلى مواقع قوى المعارضة المتبقية, وتجفيف منابعها, وافتعال صراعات داخلية.

وعلى صعيد العلاقات الخارجية استطاعت الحكومة الانتهاء من الملفات الشائكة, التي كانت تسبب توترا مع دول الجوار, لا سيما تلك الملفات المتعلقة في القضايا الحدودية، وبالتالي تحسين العلاقات مع دول الجوار.

فقد أنهت اليمن الأزمة الحدودية مع المملكة العربية السعودية بترسيمها, والتي ظلت عالقة لسنين طويلة جدا، كما خرجت من المشكلة ذاتها مع سلطنة عمان وإريتريا، وبالتالي أصبحت اليمن لا تعاني من المشاكل الحدودية، ومن ثم سعت إلى تكييف نفسها لتكون منسجمة مع المنظومة السياسية لدول المحيط الإقليمي.

وفي المقابل اعترى العلاقات اليمنية مع بغداد فتور بعد استئناف نشاط صندوق التنمية الكويتي في اليمن.

وانعكس ذلك سلبا على أوضاع المعارضة اليمنية الخارجية, التي تعتمد على غطاء خليجي، إذ أوقفت السعودية مساعداتها عن المعارضة, التي نزحت قبل وبعد حرب صيف العام 1994، وبدأت جموع ما يسمى بـ"موج" تتأهب للعودة إلى صنعاء من القاهرة ولندن والرياض والإمارات المتحدة وغيرها, بعد تقديم ضمانات بتأمين أوضاعهم المعيشية, مقابل "حسن السيرة والسلوك"، كما بدأت اليمن تطويع التجربة الديمقراطية, بحيث لا تسبب إحراجا مع دول الجوار.

توقيت إلغاء المعاهد

إن إلغاء المعاهد بحسب كثير من المراقبين في هذا التوقيت بالذات, يجيء منسجما مع المتغيرات الجديدة، وشعور السلطة بانتفاء مبرر وجودها، وخاصة أن تلك الظروف التي كانت تمنحها البقاء قد زالت. كما أن نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة أشعرت السلطة أن الحزب الحاكم لا يستطيع تحقيق نتائج أفضل مستقبلا ما لم يتم تجفيف منابع منافسه الرئيسي، المتمثل في تجمع الإصلاح, بعد أن حقق الأخير انتصارا في هذه الانتخابات التي رافقتها أعمال عنف متبادلة.

غير أن الرد المؤتمري كان سريعا وحازما، إذ رحب مصدر مسؤول بإعلان وفاة التحالف, وكشف عن تخلي الحزب الحاكم عن التزاماته التاريخية تجاه الإصلاح. وتساءل مراقبون عن طبيعة تلك الالتزامات، غير أن المهتمون بالعلاقة بين الحزبين لم يترددوا في القول إن أهم مظهر لتلك الالتزامات هي رعاية الدولة للمعاهد العلمية.

لكن لماذا أبدى المؤتمر الشعبي الحاكم حماسة كبيرة لقطع تحالفه مع الإصلاح؟ ليس ثمة إجابة محددة, لكن سياسيين يعتقدون أن الأخبار, التي ترددت مؤخرا عن مساعي ومشاورات تجري بشأن تشكيل حزب مواز للمؤتمر, يقوده ليبراليون وبعض أبناء مسؤولين كبار في الدولة, يكون بديلا عن الحزب الحاكم, ويتسم بالتوجه الغربي, ويقطع علاقاته مع حلفاء الأمس ما يساعد في تحديد الإجابة.

فقد كانت صحيفة محلية قريبة من بعض أركان السلطة قد أكدت أن عملية الانضمام, إلى ما أسمته بالحزب الليبرالي الجديد, ستكون مقتصرة على قيادات سياسية تتوفر فيها الشروط والمواصفات المحددة من قبل الموجهين لنشاط الحزب. وقالت صحيفة الشموع إن من بينهم قيادات سياسية تبوأت مواقع كبيرة في السلطة وغادرت تلك المواقع لأسباب متعددة.

ولعل هذه الأخبار والتسريبات دفعت بعدد من قيادات الحزب الحاكم إلى السعي لسحب البساط من أي توجه يسعى لإيجاد حزب ليبرالي, يتكيف مع متطلبات توسع النفوذ الأمريكي في المنطقة، من خلال مواقف حادة وصارمة مع التوجه الإسلامي, وتقديم براهين عملية على جدارة الحزب الحاكم على أن يكون هو الحزب القادر على تحجيم النشاط الإسلامي، وإنجاز مشاريع تنسجم مع تطلع قوى ما يسمى بالحداثة.

ولذلك كان المؤتمر الشعبي يروّج بأنه استطاع تحقيق أهم مشروع يتمثل في تأسيس شرطة نسائية لأول مرة في تاريخ اليمن، وهو بذلك, حسب سياسيين يمنيين, يقطع الطريق على الذين يروجون أنفسهم أمام القوى المؤثرة دوليا, باعتبارهم البديل الجاهز لتحقيق شروط النظام الدولي الجديد.

وبغض النظر عن صحة الأخبار بشأن الحزب الليبرالي البديل, إلا أن الدلائل الواقعية تشير إلى نجاح التيار، الذي يطلق عليه خصومه وصف العلماني في السيطرة على مواقع القرار والوصول بالعلاقة بين الحليفين المؤتمر والإصلاح إلى النقطة الحرجة.

مستقبل غامض

من المبكر الحديث عن مستقبل العلاقة بين الرئيس صالح والإصلاح، لكن الأمر المؤكد أن حالة التأزم ستظل عند مستوى الشد والجذب، إلى نهاية العام الحالي, إذ ستدخل البلاد مرحلة الاستعدادات للانتخابات المحلية والنيابية, التي ستكون متزامنة في نيسان (أبريل) 2003. وستتيح لكليهما أن يلعب بأوراق جديدة.

ولعل الرغبة الرئاسية في إعادة النظر في النظام الانتخابي, والتي أعلن عنها بوضوح الرئيس صالح في أول اجتماع مشترك مع أعضاء الحكومة الجديدة، وكشف عن نيته جعل اللجنة العليا للانتخابات من دون تمثيل حزبي، تؤشر إلى أي مدى يمكن أن تصل العلاقات بين الجانبين على وجه أخص, وعلى العلاقة مع بقية أحزاب المعارضة الأخرى.

إذ لا يستبعد مراقبون سياسيون أن تلحق الحكومة اليمنية اللجنة العليا للانتخابات بوزارة الداخلية كما هو قائم في عدد من الدول العربية. وهو ما يرفضه التجمع اليمني للإصلاح وجميع أحزاب المعارضة، وتعده خطوة ارتدادية عن الهامش المتبقي من النهج الديمقراطي
  رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رؤيا حول القضية الجنوبية - مجموعة عمر بن عبدالعزيز اللجنة التحضيرية سقيفة الحوار السياسي 0 11-30-2011 10:13 AM
اليمن صنعاء بعيون الصحافة العربية والدولية حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 39 10-16-2011 12:17 AM
دراسة: اليمن بين مطرقة النظام البرلماني وسندان الفيدرالية حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 07-22-2011 01:18 AM
اليمن الزنداني ..هذا ما دار بيني وبين الرئيس علي عبد الله صالح حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 07-18-2011 12:24 AM
2010م اليمن في قبضة الوصاية الدولية وأزماته للتدويل حد من الوادي سقيفة الأخبار السياسيه 0 01-04-2011 05:33 PM


Loading...


Powered by vBulletin® Version 3.8.9, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

new notificatio by 9adq_ala7sas