صنعاء مهمة مجور الأخيرة لإنقاذ نظام صالح

[حد من الوادي]

مهمة مجور الأخيرة لإنقاذ نظام صالح

2011/05/09 الساعة 22:11:25 احمد الزرقة

استباقا لاجتماع قادة دول مجلس التعاون الخليجي على مستوى القمة الذي تقرر عقده في العاشر من مايو الجاري في الرياض قرر الرئيس علي عبد الله صالح أمس الأحد تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور علي محمد مجور ليقوم بجولة لدول الخليج باستثناء دولة قطر،محملا برسائل صالح لقادة دول المجلس.

الخبر الرسمي لتلك الزيارة قال إن رسائل صالح الى قادة هذه الدول تتعلق "بالتأكيد " على حرص الحكومة اليمنية على إنجاح المبادرة الخليجية لحل الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد".

غير أن التفاصيل غير المعلنة تقول أن هناك جوانب إقتصادية إلى جانب السياسية وراء جولة مجور في هذا التوقيت الذي يسبق القمة الخليجية التي تعقد لأول مرة على هذا المستوى منذ انطلاق موجة الثورات الشعبية المطالبة بالتغيير في عدد من الدول العربية،ستخصص لمناقشة الاوضاع الراهنة في البحرين وليبيا وسوريا واليمن وغيرها من الدول العربية.

كما ان هذه القمة ستناقش بشكل مستفيض جهود ومحاولات وزراء خارجية دول المجلس لإقناع الرئيس صالح بالتوقيع على خطة تنفيذ المبادرة الخليجية لتسوية النزاع الداخلي في اليمن.

العنوان العريض والاهم لهذه القمة هو مناقشة توصيات لجنة التعاون المالي والاقتصادي لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في اجتماعيها الـ 89، والـ 90 يومي السبت والاحد الماضيين في أبوظبي، والذي أقترح آليات تنفيذ برنامج تنمية دول المجلس الذي أعلن عن تأسيسه في اجتماع المجلس الوزاري لدول المجلس الذي عقد يوم 10 مارس 2011 والإطار التنظيمي له.

وبالنظر للأزمة الاقتصادية الخانقة التي تمر بها اليمن منذ عدة أسابيع في ظل تنامي الثورة الشعبية المطالبة برحيل صالح ومحاكمته وكافة رموز نظامه،والتي كشف عنها بوضوح السبت الماضي أمام مجلس النواب وزير النفط أمير العيدروس الذي حذر من انهيار اقتصادي وشيك في البلاد نتيجة تفجير أنبوب النفط في وادي عبيدة بمحافظة مأرب شمالي شرق اليمن منذ منتصف شهر مارس الماضي، وتداعياته التي أدت لتوقف تدفق النفط من الأنبوب تسبب في تراجع ثقة الشركات النفطية في اليمن وانسحاب عدد منها، إلى جانب توقف مصافي عدن منذ أسبوع عن إنتاج مختلف المشتقات النفطية.

كما إن التداعيات الاقتصادية للثورة الشعبية التي ستدخل شهرها الرابع جعلت الرئيس ونظامه،أدت لإنفاق مبالغ مالية باهظة في الجانب الامني والعسكري وشراء الو لاءات لمواجهة الاحتجاجات الشعبية المتزايدة، وكما لجأ الرئيس صالح لاقحام المملكة العربية السعودية ومن خلفها دول مجلس التعاون لمحاولة انقاذه من الثورة الشعبية وهو ما تمخض عن مبادرة خليجية تم تعديلها اربع مرات بناء على طلب من صالح،ومع ذلك لم تفلح الجهود التي بذلها أمين عام مجلس دول التعاون ومن خلفه وزراء خارجية دول المجلس في اقناعه على التوقيع عليها، ويبدو ان صالح يسعى للحصول على مساعدات اقتصادية لمواجهة الازمة التي تمر بها البلاد كورقة يلوح بها من أجل التوقيع على المبادرة الخليجية.

الرئيس صالح لا يرى في دول الخليج الا باعتبارها خزانة ضخمة عليها ان تدفع له الاموال لمواجهة إخفاقاته السياسية والاقتصادية في إدارة شئون اليمن، مستخدما فزاعة الفوضى التي قد تنجم عن سقوط نظامه وانعكاساته على الامن والا ستقرار في البوابة الجنوبية للخليج .

هذا الاسلوب تعزز منذ مؤتمر المانحين في نوفمبر 2006م وتوالى ذلك خلال السنوات التالية وصولا لتعهدات مؤتمر اصدقاء اليمن ، وكان عنوانه الكبير الحرب على القاعدة وحروب صعده، والحراك الجنوبي ،في الأيام الأولى للثورة الشعبية أوفد وزير الخارجية ابو بكر القربي لحضور اجتماع لوزراء خارجية دول المجلس التعاون وطلب خلالها القربي من دول الخليج مبلغ ستة مليارات دولار لمواجهة الاحتجاجات الشعبية في اليمن والقضاء عليها، مؤكدا على ان المشكلة في اليمن هي مشكلة اقتصادية وليست سياسية، غير ان ذلك الطلب ووجه بالتجاهل والرفض من قبل وزراء خارجية دول التعاون.

ويبدو أن موقف دول الخليج الذي انحاز لجانب الرئيس صالح متجليا في المبادرة الخليجية التي تجاهلت المطالب الثورية للشعب اليمني المطالبة بالتغيير وإسقاط النظام وتعاملت مع ما تمر به اليمن باعتباره أزمة سياسية وليس ثورة شعبية،ذلك الأداء الخليجي جعل صالح يقرر المضي حتى النهاية في طريق عدم الاعتراف بالثورة الشعبية والتهرب من توقيع المبادرة واختلاق الأزمات وافتعال الأعذار التي تضمن عدم توقيعه على المبادرة، فمنذ الإعلان عن المبادرة في نسختها الاولى في 3 ابريل الماضي يحاول صالح استعادة زمام الأمور وكسب وقتا طويلا في مواجهة الاحتجاجات الشعبية ليبدأ في مهاجمة الشباب في ساحات الاعتصامات واللقاء المشترك وبقية الاطراف السياسية.

مازال صالح واعوانه لديهم أمل في ان حصوله على اموال خليجية ستمكنه من اخماد الثورة الشعبية،وانها ستمنحه وقتا أطول للصمود في وجه الثورة، التي يعتقد ان الشباب ومكونات الثورة الاخرى سيصابوا بالملل واليأس وتفتر مطالبهم ولن يصمدوا طويلا خاصة في ظل اعتماده سياسية الافقار والتجويع وافتعال الازمات الاقتصادية المتمثلة في ازمات الوقود والغاز والمواد الغذائيه الاخرى.

يرى صالح ان على رئيس الوزراء علي مجور ان يمارس دور الوسيط ومحاولة لعب دور في اخراجه من مأزق الثورة المتفجر في وجه النظام، واسناد هذا الدور لمجور هو بالونة إختبار يضعها صالح أمام دول مجلس التعاون يجب عليه النجاح فيه ويتوجب على دول الخليج أن تتعامل معه، باعتباره الرجل المرشح من قبل صالح لمنصب نائب الرئيس في حال المضي قدما في المبادرة الخليجية والتوقيع عليها.

جولة مجور الخليجية التي تم استثناء دولة قطر منها بعد اتهامها من قبل الرئيس صالح بأنها من تمول الفوضى في اليمن وفي بعض البلدان العربية، في ظل تصلب موقف صالح من التوقيع على المبادرة،ماهي الا استمرار لمسلسل ابتزاز صالح للمحيط الاقليمي والمجتمع الدولي لانقاذ نظامه في مقابل عدم قيامه بنعريض حياة شعبه للعقاب الجماعي من قبله، وهي رسالة يرى أنه مالم تتم الاستجابه لها فإنه سيلجأ لتفجير الوضع الامني والعسكري في البلاد.

[email protected]